التحالف يحيّد أهدافاً حوثية في صنعاء ويحذّر من ضربات «أوسع وأشمل»

وسط تصعيد الميليشيات في مأرب وشبوة ورفضها دعوات السلام

عناصر من الجيش الوطني اليمني خلال دورية جنوب شرقي مأرب (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الوطني اليمني خلال دورية جنوب شرقي مأرب (أ.ف.ب)
TT

التحالف يحيّد أهدافاً حوثية في صنعاء ويحذّر من ضربات «أوسع وأشمل»

عناصر من الجيش الوطني اليمني خلال دورية جنوب شرقي مأرب (أ.ف.ب)
عناصر من الجيش الوطني اليمني خلال دورية جنوب شرقي مأرب (أ.ف.ب)

وسط تصعيد الميليشيات الحوثية في مأرب وشبوة واستمرارها في تجاهل الدعوات الأممية والدولية للتهدئة والانخراط في مساعي السلام، أعلن تحالف دعم الشرعية في اليمن أمس (الخميس) تحييد أهداف عسكرية في صنعاء، محذرا الحوثيين من عمليات أوسع وأشمل حال استمرارهم في استهداف الأعيان المدنية والبنية التحتية.
هذه التطورات جاءت غداة بيان لمجلس الأمن الدولي، ندد فيه الأعضاء بهجمات الحوثيين عبر الحدود ضد السعودية، كما أعربوا عن إدانتهم للهجمات على السفن المدنية والتجارية، التي تشكل خطرا كبيرا على الأمن البحري للسفن في خليج عدن والبحر الأحمر.
وأعلن المتحدث الرسمي باسم قوات تحالف دعم الشرعية العميد الركن تركي المالكي، أن قوات التحالف الجوية نفذت، مساء أمس (الخميس) عملية عسكرية ضد أهداف عسكرية مشروعة بالعاصمة اليمنية صنعاء استجابة للتهديد وتحييد خطر الهجمات الوشيكة بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المفخخة على المنشآت المدنية بالمملكة.
وأكد العميد المالكي، أن العملية العسكرية التي تم تنفيذها تتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية، وأخذت بالاعتبار الإجراءات الوقائية لتجنيب المدنيين أي أضرار جانبية.
وحذر المالكي الميليشيات الحوثية من مغبة استمرار انتهاكاتهم، وقال في بيان بثته «واس»: «في حال استمرار وتمادي الميليشيا الحوثية ومواصلة انتهاكاتها الجسيمة لاستهداف المدنيين والأعيان المدنية والبنية التحتية، فعلى الميليشيا الاستعداد لما هو أوسع وأشمل وبما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني».
وأوضح العميد المالكي أن قيادة القوات المشتركة للتحالف مارست خلال الأشهر الماضية أعلى درجات ضبط النفس أمام الانتهاكات الإنسانية الجسيمة والأعمال العدائية الوحشية المتعمدة والممنهجة من قبل الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران، بهدف دعم الجهود والمبادرات الأممية للوصول إلى حل سياسي شامل ومستدام في اليمن.
وأضاف «ومع استمرار ومواصلة سلوك الميليشيا العدائي واللامسؤول بتعمد استهداف المدنيين والأعيان المدنية كالمطارات المدنية (مطار أبها الدولي ومطار الملك عبد الله بجازان) وتعمد استهداف المسافرين من مختلف الجنسيات، وكذلك محاولة استهداف محطات توليد الطاقة الكهربائية والبنية التحتية، وأمام هذه الانتهاكات والأعمال العدائية اللامسؤولة من قبل الميليشيا ودون الرادع الدولي باعتبار الميليشيا الحوثية تهديدا وجوديا يهدد الأمن والسلم الدوليين، فقد تم تنفيذ العملية العسكرية لحماية المدنيين والأعيان المدنية من هذه الانتهاكات الجسيمة باعتبار المدنيين والأعيان المدنية خطاً أحمر».
في غضون ذلك أفادت مصادر محلية في صنعاء بأن الضربات التي استهدفت مواقع في شمال صنعاء وشرقها دمرت مستودعات تستخدمها الميليشيات لتخزين الطائرات المسيرة وقطع الصواريخ الباليستية.
إلى ذلك ذكرت مصادر ميدانية أن قوات الجيش اليمني والمقاومة الشعبية واصلت تصديها للهجمات الحوثية المكثفة في غرب مأرب وجنوبها مع تقدمها في جبهات شبوة، حيث استعادت مواقع استراتيجية في سياق سعيها لاستعادة المناطق التي سيطرت عليها الميليشيات في مديريات بيحان وعين وعسيلان.
وبحسب المصادر فإن العشرات من عناصر الميليشيات قتلوا وجرحوا في مناطق الكسارة غرب مأرب وفي الجبهات الجنوبية في أطراف مديرية الجوبة التي تحاول الجماعة السيطرة عليها بعد أن سيطرت على مديرية العبدية ونكلت بسكانها قبل أيام.
وكان الإعلام العسكري للجيش اليمني أفاد (الأربعاء) بأن القوات مسنودة بالمقاومة الشعبية، شنت هجوما عنيفا على مواقع تمركز ميليشيا الحوثي، في محور بيحان، بمحافظة شبوة، مشيرا إلى مشاركة مقاتلات تحالف دعم الشرعية، في الهجوم واستهداف مواقع وتعزيزات الميليشيات، حيث أسفر الهجوم عن مقتل وجرح العشرات وتدمير عربات قتالية.
وفي جبهات غرب مأرب حيث منطقة الكسارة أفاد الإعلام العسكري بأن قوات الجيش الوطني المسنودة بالمقاومة الشعبية كبدت الميليشيا الحوثية خسائر جديدة بعد أن ترصدت مجاميع من المسلحين حاولوا التسلل إلى بعض المواقع العسكرية وأوقعتهم بين قتيل وجريح، وتمكنت من استعادة جميع الأسلحة الخفيفة وكميات من الذخائر.
في الأثناء، جددت الحكومة اليمنية اتهام الميليشيات الحوثية بتلقي الأوامر من إيران، داعية إلى ضغط دولي لإرغام الجماعة على وقف تصعيدها ضد المدنيين في مأرب وغيرها من المناطق.
ونقلت المصادر الرسمية أن رئيس الحكومة معين عبد الملك عقد مع سفراء الدول الخمس دائمة العضوية لدى مجلس الأمن اجتماعا عبر الاتصال المرئي تناول «استمرار التصعيد العسكري لميليشيا الحوثي الانقلابية خاصة في مأرب، والضغط الدولي المطلوب لوقف عدوان الحوثي المتكرر على المدنيين والنازحين بالصواريخ الباليستية والقصف المدفعي والطائرات المسيرة، والموقف الداعم من الدول الخمس دائمة العضوية للحل السياسي في اليمن وفق المرجعيات الثلاث، وأهمية استمرار ذلك الموقف الموحد».
وطبقا لما نقلته وكالة «سبأ» الحكومية شدد عبد الملك على «أهمية الدور المعول على الدول دائمة العضوية في الضغط على ميليشيات الحوثي وداعميها لوقف العبث والمقامرة بأرواح ودماء اليمنيين، وضرورة التوقف الفوري عن استهداف المدنيين والنازحين في مأرب». وأشار إلى ضرورة أن يتم تحديد الطرف المعرقل للعملية السياسية، وكذلك وصول الفريق الأممي لتفريغ خزان «صافر» النفطي الذي يهدد بحدوث كارثة بيئية كبرى ستمتد آثارها إلى المنطقة والعالم.
يشار إلى أن مجلس الأمن الدولي ندد في بيان (الأربعاء) بهجمات الحوثيين عبر الحدود ضد السعودية، مسلطا الضوء على هجوم 8 أكتوبر (تشرين الأول) على مطار الملك عبد الله وهجمات الطائرات دون طيار التي استهدفت مطار أبها المدني.
وشدد أعضاء المجلس «على ضرورة وقف التصعيد من قبل الجميع، بما في ذلك الوقف الفوري لتصعيد الحوثيين في مأرب، معربين عن إدانتهم تجنيد الأطفال واستخدامهم في العنف الجنسي في الصراع».
وطالب الأعضاء بوقف فوري لإطلاق النار في كل اليمن، وفقاً للقرار 2565 (2021)، داعين إلى حل الخلافات من خلال الحوار الشامل ورفض العنف لتحقيق أهداف سياسية، مرحبين بإعلان السعودية في 22 مارس الذي حظي بدعم الحكومة اليمنية، مشيرين إلى التزامهم القوي بوحدة وسيادة واستقلال وسلامة أراضي اليمن.
وجدد أعضاء المجلس التأكيد على التزامهم بحل سياسي بقيادة يمنية قائم على التوافق والمشاركة الكاملة والمتساوية والهادفة للمرأة، وكذلك مشاركة الشباب، وفقاً للأحكام ذات الصلة لمجلس الأمن الدولي، وقرارات 2216 (2015)، معربين عن دعمهم الواضح لمبادئ الشمولية والمشاركة، بما في ذلك مشاركة المرأة والعدد الكامل من أصحاب المصلحة السياسيين، التي وضعها مؤتمر الحوار الوطني.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.