مظاهرات «الجمعة السوداء» ضد الجواز الصحي تربك إيطاليا

شلّت الحركة في مراكز رئيسية لتوزيع البضائع وموانئ تجارية

جانب من مظاهرات ضد الجواز الصحي في ميلانو أمس (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات ضد الجواز الصحي في ميلانو أمس (إ.ب.أ)
TT

مظاهرات «الجمعة السوداء» ضد الجواز الصحي تربك إيطاليا

جانب من مظاهرات ضد الجواز الصحي في ميلانو أمس (إ.ب.أ)
جانب من مظاهرات ضد الجواز الصحي في ميلانو أمس (إ.ب.أ)

واجهت إيطاليا، أمس، ما اصطلحت وسائل الاعلام على تسميته «الجمعة السوداء» بسبب إضرابات واحتجاجات عمّت معظم المراكز الاقتصادية الحيوية في البلاد ضد قرار الحكومة فرض «الجواز الأخضر» الذي يثبت تناول اللقاح ضد «كورونا» أو التعافي منه في جميع مراكز العمل.
وكانت هذه الإضرابات شلّت الحركة في العديد من المراكز الرئيسية لتوزيع البضائع والموانئ التجارية، مثل ميناء «تريستي» أكبر مراكز توزيع الوقود في منطقة المتوسط. ويذكر أن إيطاليا هي الدولة الأوروبية الوحيدة حتى الآن التي فرضت شهادة التلقيح الإلزامية في أماكن العمل، بعد أن كانت فرضتها لارتياد المطاعم والمقاهي ودور السينما والمسارح والمتاحف والنوادي الرياضية، مشدّدة بذلك الطوق على مناهضي اللقاحات الذين نشطوا في الأسابيع الماضية باحتجاجات واسعة ضد هذا التدبير.
ويشكّل هذا الإجراء الفريد من نوعه في الدول الغربية إلزاماً عملياً للمواطنين بتناول اللقاح كشرط لممارسة الحياة بصورة عادية، ويواجه معارضة شديدة من «إخوان إيطاليا» الحزب الوحيد الذي كان رفض الانضمام إلى الحكومة الائتلافية، والذي ترتفع شعبيته باطراد على حساب القوى اليمينية الأخرى التي قررت المشاركة فيها.
ورغم التهديد بشلّ الحركة الاقتصادية والتجارية في البلاد، تصرّ حكومة ماريو دراغي على موقفها وترفض أي مساومة أو تنازل عن هذا التدبير الذي تعتبره أساسياً لاستعادة الدورة العادية للنشاط الاقتصادي، خاصة وأن التقديرات الأخيرة لصندوق النقد الدولي تشير إلى معدّل نمو للاقتصادي الإيطالي يتجاوز معدلات الدول الأوروبية الأخرى .
وما زاد المشهد تعقيداً في الأسابيع الأخيرة هو دخول الأحزاب والقوى اليمينية المتطرفة والفاشيّة على خط الاحتجاجات، وافتعالها مواجهات مع الأجهزة الأمنية تخللتها اعتداءات وأعمال عنف ضد مراكز النقابات العمالية في العاصمة روما وعدد من المدن الأخرى.
وبمعزل عن الاستغلال السياسي لهذا الإجراء، لم يتلقّ قرابة ثلاثة ملايين عامل في إيطاليا اللقاح حتى الآن لأسباب مختلفة، إما لأنهم يعتبرونه غير ضروري للنشاط الذي يزاولونه، أو لأنهم ينتمون إلى التيّار المناهض للقاحات، أو من منطلق سياسي معارض للحكومة .
ويُخشى أن تؤدي هذه الاحتجاجات، والمتوقع استمرارها نهاية الأسبوع، إلى ترنّح الحكومة الائتلافية، خاصة وأن الوزراء الذين ينتمون الى حزب الرابطة اليميني المتطرف الذي يتنازع مع «إخوان إيطاليا» على قيادة المعسكر اليميني، ترددوا حتى اللحظة الأخيرة في تأييد الاجراء بعد أن كانوا هددوا بتعليق مشاركتهم في الحكومة.
وكان لافتاً في مظاهرات أمس إحراق صور لرئيس الوزراء ماريو دراغي الذي يحظى بشعبية غير مسبوقة وشبه إجماع على سياسته. ويواجه اليوم أول امتحان عسير لحكومته التي ولدت من رحم إفلاس القوى والأحزاب السياسية الإيطالية، وعجزها المزمن عن تشكيل حكومة تتمتّع بالحد الأدنى من الاستقرار.
وحذّر محللون من أن إصرار الحكومة على عدم التراجع أو التجاوب مع المطالب النقابية بتأجيل تنفيذ التدبير أو تقاسم تكاليف الاختبارات مع المؤسسات، يصبّ في خانة القوى المتطرفة المعارضة، وربما أدّى إلى استقالة وزراء الرابطة وإسقاط الحكومة والذهاب إلى انتخابات مبكرة غير مضمونة النتائج.
وتراهن الحكومة على البيانات الوبائية التي تضع إيطاليا في طليعة البلدان الأوروبية من حيث التغطية اللقاحية وأعداد الإصابات الجديدة والوفيّات اليومية، ما يمهّد لتخفيف القيود الاحتوائية المفروضة في الأسابيع المقبلة.
لكن تخشى وزارة الداخلية من تصعيد الاحتجاجات نهاية هذا الأسبوع، بعد أن رصدت الأجهزة الأمنية دعوات من التنظيمات الفاشية والقوى اليمينية المتطرفة لحشد المشاركين في المظاهرات المبرمجة اليوم وغداً في معظم المدن الكبرى، وذلك بعد مظاهرات الأسبوع الماضي في روما حيث وقعت أعمال عنف غير مسبوقة ومحاولات لاقتحام مقر رئاسة الحكومة والبرلمان، وتدمير المقر الرئيسي لكبرى النقابات العمالية.


مقالات ذات صلة

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

العالم تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بفيروس كورونا على نحو مطرد (أ.ف.ب)

الصحة العالمية تعلن عن حدوث تراجع مطرد في وفيات كورونا

بعد مرور نحو خمس سنوات على ظهور فيروس كورونا، تراجعت أعداد الوفيات من جراء الإصابة بهذا الفيروس على نحو مطرد، وذلك حسبما أعلنته منظمة الصحة العالمية في جنيف.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومرشحه لمنصب وزير الصحة روبرت كيندي يوم 23 أكتوبر الماضي (أ.ب)

ترمب يخطط للانسحاب مجدداً من «منظمة الصحة العالمية»

أفاد أعضاء في الفريق الانتقالي للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بأنه يدرس الانسحاب من «منظمة الصحة العالمية» في اليوم الأول لتوليه السلطة في 20 يناير.

هبة القدسي (واشنطن)
صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

«كوفيد» الطويل الأمد لا يزال يفتك بكثيرين ويعطّل حياتهم

منذ ظهور العوارض عليها في عام 2021، تمضي أندريا فانيك معظم أيامها أمام نافذة شقتها في فيينا وهي تراقب العالم الخارجي.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

البابا فرنسيس في رسالة الميلاد: «لتصمت الأسلحة»

بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)
بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)
TT

البابا فرنسيس في رسالة الميلاد: «لتصمت الأسلحة»

بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)
بابا الفاتيكان في رسالته بمناسبة عيد الميلاد بعنوان «لمدينة روما والعالم» (أ.ب)

جدَّد البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، اليوم الأربعاء، دعوته إلى وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية «حماس» في قطاع غزة، والإفراج عمن تبقّى من الرهائن الإسرائيليين.

وفي رسالته بمناسبة عيد الميلاد، تحت عنوان «لمدينة روما والعالم»، وصف البابا الوضع الإنساني في غزة بأنه «خطير جداً»، وطالب «بفتح أبواب الحوار والسلام على مصراعيها»، وفقاً لـ«رويترز».

وأصبح البابا أكثر انتقاداً للحملة العسكرية الإسرائيلية في القطاع، ووصفها، الأسبوع الماضي، بأنها «وحشية».

كما دعا إلى تسهيل إيصال المساعدات الإنسانية في السودان، حيث أكد تقرير مدعوم من الأمم المتحدة، الثلاثاء، أن المجاعة تتفشى في ظل الحرب الضارية المتواصلة منذ 20 شهراً.

وقال الحبر الأعظم، في رسالة عيد الميلاد: «ليوفقْ الله العليّ جهود المجتمع الدولي لتعزيز وصول المساعدات الإنسانية للسكان المدنيين في السودان، والشروع في مفاوضات جديدة لوقف إطلاق النار» بين الجيش وقوات «الدعم السريع».

في السياق نفسه، دعا البابا إلى وقف الحرب في «أوكرانيا المعذَّبة»، بعد نحو ثلاثة أعوام من بدء الغزو الروسي، داعياً إلى «فتح الباب» أمام التفاوض لتحقيق سلام عادل.

وقال: «لتصمتِ الأسلحة في أوكرانيا المعذبة! وليكنْ لنا الجرأة لنفتح الباب أمام التفاوض وأعمال الحوار واللقاء للوصول إلى سلام عادل ودائم»، وذلك في رسالته التي أتت بعد ساعات من هجوم صاروخي واسع النطاق شنّته روسيا، قال مسؤولون في كييف إنه استهدف، على وجه الخصوص، منشآت الطاقة.