سقوط «الكوتا النسائية» بـ«الضربة القاضية» في البرلمان اللبناني

TT

سقوط «الكوتا النسائية» بـ«الضربة القاضية» في البرلمان اللبناني

لم يخصص نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إيلي الفرزلي الذي كان يرأس جلسة اللجان المشتركة لبحث موضوع قانون الانتخاب أكثر من دقيقتين، بحسب النائبة عناية عز الدين، للنقاش بطرح إدخال كوتا نسائية إلى القانون الحالي قبل إعلان سقوطه بالتصويت، علماً بأن «معظم الكتل السياسية لا تنفك تؤكد تأييدها لتفعيل دور المرأة في مجلس النواب والحياة السياسية، وحين يحين موعد التطبيق تتهرب معظمها من التزاماتها العلنية» كما تقول عز الدين.
وقالت عز الدين لـ«الشرق الأوسط»، «قرروا البدء بالنقاش بالتعديلات التي يمكن إدخالها إلى قانون الانتخاب انطلاقاً من المادة 11، علماً بأنني كنت قد طرحت بداية الجلسة وجوب البحث بتعديل المادة 2 من القانون من خلال إدخال كوتا نسائية يتم من خلالها حجز 26 مقعداً للنساء في البرلمان من أصل 128، إضافة إلى إلزام تضمين اللوائح الانتخابية 40 في المائة؜ من النساء»، لافتة إلى أنه عند إصرارها على بحث الموضوع تم إسقاطه سريعاً بالتصويت، واحتج المعترضون على أن الكوتا لا يمكن أن تسري على الأقليات الطائفية؛ ما يؤدي برأيهم إلى خلل بالتمثيل «علماً بأننا كنا ولا نزال نؤكد استعدادنا لنقاش أي تعديل على الطرح الذي تقدمنا به».
وأضافت عز الدين «خصصوا دقيقتين فقط لبحث الموضوع... ما حصل شكلاً ومضموناً غير مقبول ومهين، وقد تركت وحيدة لخوض المعركة بعد أن كان النائبان بلال عبد الله ورلى الطبش أعلنا عند بدء الجلسة تأييدهما لطرح الكوتا». واعتبرت أن «نوايا مختلف القوى السياسية غير صافية في مقاربة هذا الملف؛ فالعقلية الذكورية هي المتحكمة بكل شيء وهم لن يقبلوا أن يتركوا 26 مقعداً للنساء».
وتعج إدراج مجلس النواب بعشرات اقتراحات القوانين لاعتماد الكوتا النسائية قدمها عدد من الكتل السياسية. وسلمت رئيسة «الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية» كلودين عون رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي مطلع الشهر الحالي، نص تعديل على قانون «انتخاب أعضاء مجلس النواب» بهدف اعتماد كوتا نسائية في الانتخابات. ويلحظ اقتراح عون تخصيص 24 مقعداً للنساء في الهيئة العامة.
ورداً على سؤال عن سبب عدم دعم نواب تكتل «لبنان القوي» لطرح النائبة عز الدين خلال جلسة اللجان، قال النائب آلان عون لـ«الشرق الأوسط»، «هذا الموضوع لم يأخذ حقه في النقاش وتمّ طرحه بشكل مقتضب وبصيغة تحتاج إلى بلورة من خلال كيفية تطبيقها وتوزيعها. فلا يكفي طرح الكوتا دون أن يتمّ تفصيل كيفية احتسابها وتوزيعها ضمن النظام الطائفي والمناطقي اللبناني والا تصبح عملية تسيء إلى الخيارات الديمقراطية للناخبين إذا لم نقرن المعيار الجندري بحد أدنى من معايير النجاح في النتائج».
وعلقت النائب رلى الطبش على ما حصل قائلة «بضربة ذكورية قاضية أسقط مجلس النواب، بالأكثرية، اقتراح قانون الكوتا النسائية في الانتخابات، مبدداً الأمل ببادرة تفتح المجال أمام مشاركة أوسع للمرأة اللبنانية في الشأن العام، وهي التي أثبتت كفاءة عالية في كل الميادين التي خاضت فيها. خسرنا جولة، لكننا سنواصل رفع لواء المرأة دائماً».
وكان تمثيل المرأة اللبنانية في الحياة السياسية شهد انتكاسة كبيرة في التشكيلة الحكومية الأخيرة مع تعيين امرأة واحدة هي نجلا رياشي وزيرة دولة لشؤون التنمية الإدارية بعدما كانت 6 نساء يستلمن وزارات أساسية في الحكومة السابقة، أبرزها الدفاع والعدل.
وفي عام 2018 قدمت 111 امرأة ترشيحهن للانتخابات النيابية، وهو ما اعتبر عندها إقبالاً نسائياً غير مسبوق على الترشح، إلا أن 6 نساء فقط وصلن إلى الندوة البرلمانية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.