ارتفاع الإصابات يهدد بانهيار القطاع الصحي شمال سوريا

نقص الأكسجين وأدوات الوقاية يفاقم تفشي الوباء

«الهلال الأحمر» الكردي يطلق حملة توعوية في مخيم للنازحين شرق الحسكة (الشرق الأوسط)
«الهلال الأحمر» الكردي يطلق حملة توعوية في مخيم للنازحين شرق الحسكة (الشرق الأوسط)
TT

ارتفاع الإصابات يهدد بانهيار القطاع الصحي شمال سوريا

«الهلال الأحمر» الكردي يطلق حملة توعوية في مخيم للنازحين شرق الحسكة (الشرق الأوسط)
«الهلال الأحمر» الكردي يطلق حملة توعوية في مخيم للنازحين شرق الحسكة (الشرق الأوسط)

حذرت منظمات إنسانية ودولية من انهيار الوضع الصحي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في شمال غربي سوريا، ودعت منظمتا «أطباء بلا حدود» و«سيف ذي تشيلدرن» (أنقذوا الأطفال)، المجتمع الدولي، إلى زيادة دعم تلك المناطق لمواجهة سرعة تفشي الفيروس، في وقت حذر مسؤول طبي في إدلب من «أن القطاع الصحي مهدد بالانهيار».
وقال مدير الصحة في إدلب سالم عبدان، في إفادة صحافية لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «هناك حاجة ماسة للأكسجين، فالكثير من المرضى لا يجدون أسرة إن كان في العناية الفائقة أو في الأقسام المخصصة لفيروس كورونا».
وتعاني إدلب ومناطق المعارضة في شمال غربي سوريا أصلاً من نقص حاد في فحوص الكشف عن الفيروس وأدوات الوقاية، حيث وثقت منظمة «أنقذوا الأطفال» ارتفاعاً ملحوظاً بالإصابات بنسبة 144 في المائة بين أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول). وسجلت تلك المناطق حتى الآن 71715 إصابة، بينها 1151 وفاة. وأوردت في بيان أنه من بين الوفيات في إدلب رضيع لم يتخط 20 يوماً وشابة حامل في الـ17 من العمر.
وقالت سونيا كوش من «أنقذوا الأطفال» إنه «من دون تمويل عاجل، سيتواصل ارتفاع الإصابات، ولن يحظى آلاف الأطفال، الذين يعيشون في ظروف تعد بين الأصعب في العالم، بالفرصة للوصول إلى خدمات أساسية نوفرها لهم».
من جانبه، قال رئيس بعثة منظمة «أطباء بلا حدود» في سوريا فرانشيسكو فيلار، في تصريحات صحافية نشرتها وكالة الصحافة الفرنسية، أمس، إن «الوضع بات خارج السيطرة وأكثر من 20 في المائة من المصابين هم من النازحين في المخيمات». وحذر المجتمع الدولي من أن الناس يواجهون وضعاً مزرياً جراء محدودية الوصول إلى المياه النظيفة، ما يفاقم انتشار الأمراض ويعيق إجراءات النظافة الأساسية في ظل ازدياد الإصابات بـ«كوفيد - 19».
في السياق ذاته، حذرت هيئة الصحة التابعة لـ«الإدارة الذاتية لشمال وشرقي» سوريا، من كارثة إنسانية وخروج السيطرة على فيروس «كورونا» بعد زيادة حالات الوفيات بمناطق نفوذها خلال الأيام الماضية، وأعلنت تمديد الإغلاق الكلي وتشديد الإجراءات والتدابير الاحترازية لمواجهة الوباء.
وبعد ارتفاع الإصابات والوفيات في مناطق نفوذها، ناشدت هيئة الصحة لدى «الإدارة الذاتية»، دول التحالف الدولي والأمم المتحدة والجهات المعنية، التدخل وتقديم يد العون في مواجهة الموجة الرابعة من فيروس «كورونا». وقال الدكتور جوان مصطفى، رئيس الهيئة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «المنطقة مقبلة على كارثة بشرية وإنسانية»، مضيفاً أن سلطات الإدارة عاجزة عن التصدي للجائحة بمفردها دون مساعدة وتعاون الجهود الدولية. وأوضح: «الوضع في المراكز الصحية مخيف للغاية، وأغلب الأسرة مشغولة، حيث إنها اقتربت من الامتلاء، فالوضع الطبي لا يبشر بالخير، وينذر بكارثة إنسانية».
ومنذ منتصف الشهر الماضي، ارتفعت معدلات الوفيات والإصابة في مناطق الإدارة، وبلغت ذروتها الخميس الماضي، حيث سجلت الطواقم الطبية وفاة 17 حالة. وارتفعت حصيلة الوفيات إلى 138 بالشهر نفسه، لتبلغ الحصيلة الإجمالية 932 وفاة. وأشار مصطفى إلى أن «الفرق الطبية أخذت 72360 مسحة لمصابين مشتبه بهم، واتضح بعد إجراء التحاليل اللازمة وجود 27845 حالة إيجابية منذ ظهور الفيروس في مارس (آذار) 2020».
ووصف رئيس هيئة الصحة شهر سبتمبر بـ«المرعب»، وقال: «لم نحصل على دعم كاف من أي جهة تذكر، سوى بعض المساعدات من شركائنا الدوليين، لكنها لا ترتقي إلى مستوى خطورة انتشار الفيروس». كما شدد مصطفى على وجود نقص كبير في أسطوانات الأكسجين في مراكز العزل، واعتبر أن بقاء الوضع على حاله «يعني عدم إمكانية استقبال حالات جديدة بالمراكز الصحية وخروج الوضع عن السيطرة».
ولمواجهة تدهور الحالة الصحية، أعلنت «الإدارة» تمديد فترة الإغلاق أسبوعاً إضافياً، وفرضت حظراً كلياً يبدأ غداً الأحد حتى 9 من الشهر الحالي. ويشمل الإغلاق مؤسسات الإدارة، بما فيها التعليمية، على أن تستثنى المستشفيات والحركة التجارية والحالات الإنسانية في المعابر. ويسمح للمحلات التي تبيع المواد والسلع الغذائية والخضار بفتح أبوابها من الساعة 8 صباحاً ولغاية الواحدة بعد الظهر، إضافة للمؤسسات والهيئات الخدمية التي تتطلب طبيعة عملها الاستمرار بالدوام.
أما في دمشق، أعلنت مديرة الرعاية الصحية بوزارة الصحة رزان طرابيشي، أن نسبة التطعيم باللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد وصلت إلى 3 في المائة فقط من عدد السكان. وذكرت في حديث إذاعي مع راديو «نينار إف إم» المحلي، أول من أمس، أن «نسبة تلقي اللقاح في مناطق سيطرة القوات الحكومية يجب أن تصل إلى مرحلة متصاعدة تعادل 60 إلى 70 في المائة من عدد السكان». كان وزير الصحة السوري حسن غباش، قد أعلن عن تلقيح 80 ألف شخص إضافي خلال شهر سبتمبر الماضي.
وسجلت وزارة الصحة 11 وفاة و293 إصابة جديدة بفيروس كورونا في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات النظامية، لتبلغ عدد الإصابات نحو 33933 إصابة مؤكدة، منها 2238 وفاة و22742 حالة تماثلت للشفاء.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».