هادي يهاجم الحوثيين ويدعو لإفشال مشروعهم الإيراني في اليمن

قال إنها «جماعة سلالية تسعى لتمجيد عرق على حساب شعب كامل»

TT

هادي يهاجم الحوثيين ويدعو لإفشال مشروعهم الإيراني في اليمن

شن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي هجوما حادا على الميليشيات الحوثية، داعيا القوى الوطنية في بلاده إلى التكاتف في سبيل إفشال المشروع الإيراني، مشددا على إنهاء «الخلافات الصغيرة» والإسراع باستكمال تنفيذ «اتفاق الرياض».
تصريحات هادي جاءت في خطاب وجهه لليمنيين عشية ذكرى ثورة «26 سبتمبر» التي أنهت عهد الحكم الإمامي الذي يسعى الحوثيون إلى استعادته في نسخته الإيرانية، وبالتزامن مع تصريحات قال فيها إن «الميليشيات الحوثية انكشفت كليا للشعب كله شمالا وجنوبا، باعتبارها أداة إيرانية خالصة، وانكشفت باعتبارها جماعة مسلحة تريد فرض نفسها بالسلاح بدلا عن الحرية والديمقراطية والتبادل السلمي للسلطة، وباعتبارها جماعة سلالية تسعى لتمجيد عرق على حساب شعب كامل، وباعتبارها جماعة دينية تعتقد بالحق الإلهي في حكم اليمن وجماعة طائفية تريد تقسيم البلد بشكل طائفي».
وأضاف «ندرك جيدا أن العصابة الحوثية التي صنعت كل هذا الخراب هي امتداد سلالي وفكري لنظام الإمامة العنصري الذي أسقطته ثورة سبتمبر المجيدة قبل 59 عاما، وأنها تعمل كأسلافها الطغاة لإعادة اليمن إلى خارج التاريخ». وفق تعبيره.
وشدد هادي على ضرورة تكاتف القوى السياسية في مواجهة الجماعة الانقلابية وقال إن «كل صوت ضد هذه الجماعة هو صوتنا، وكل يد تمتد لمقاومة الميليشيات الحوثية هي يدنا، وكل بندقية تدافع عن الوطن ضد عبث هذه الميليشيات هي بندقيتنا، وإن الخبث الذي أظهرته هذه الميليشيات الإيرانية الحاقدة يجب أن يكون دافعا نحو التوحد والتلاحم ونسيان الخلافات ونسيان الماضي والتوجه نحو الخطر الذي يريد أن يجتث الحاضر ويزور التاريخ ويدمر المستقبل، ويجب أن نتوحد لإجبارهم على الاستماع لدعوات السلام والانخراط ضمن نسيج المجتمع وهويته وثقافته ودولته».
ودعا الرئيس اليمني مواطني بلاده «إلى الوقوف في صف الدولة ومساندة جهودها في تطبيع الأوضاع ومساندة جهود الحكومة والسلطات المحلية». كما دعا المجتمع الدولي والإقليمي إلى دعم ومساندة الحكومة سياسيا واقتصاديا لتتمكن من أداء مهامها».
كما شدد على «استكمال المعركة الوطنية»، وعلى سرعة استكمال تنفيذ كافة بنود «اتفاق الرياض» والتي قال إنها «تضمن توجيه الجهود نحو مقاومة الحوثي وقيام الحكومة بواجباتها وتوفير الخدمات للناس وتخفيف تبعات التراجع الاقتصادي».
وتابع بالقول إن «اتفاق الرياض شكل خريطة طريق لتوحيد الصف، ويجب أن يكون اليوم قبل الغد باعتباره مؤشرا مهما يجمعنا جميعا على صعيد واحد لمواجهة الخطر الذي يحدق بالجميع».
تصريحات الرئيس اليمني جاءت في وقت تواصل فيه الميليشيات الحوثية هجماتها بكثافة في محافظتي مأرب وشبوة بعد أن تمكنت الأسبوع الماضي من التوغل في أربع مديريات جديدة هي بيحان وعين وعسيلان وحريب، في حين تشهد البلاد تراجعا اقتصاديا وانهيارا للعملة، مع عدم قدرة الحكومة على العودة إلى عدن بسبب المخاوف الأمنية والصراع مع «المجلس الانتقالي الجنوبي».
وعشية احتفال اليمنيين بذكرى ثورة «26 سبتمبر» لم تفوت الميليشيات المناسبة لاستهداف المحتفلين، حيث استهدفت حفلا في مديرية ميدي التابعة لمحافظة حجة (شمال غرب) بصاروخ باليستي ما تسبب في مقتل خمسة مدنيين وجرح 17 شخصا على الأقل، كما استهدفت مدينة مأرب بصاروخين على الأقل، ما تسبب في سقوط عدد من الجرحى.
وندد معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة الشرعية بالقصف، ووصفه بـ«الإرهابي» وقال إنه «يؤكد حقد ميليشيا الحوثي الدفين على الثورة والجمهورية».
وأوضح أن القصف أسفر عن مقتل خمسة مدنيين وإصابة 17 آخرين بينهم ثلاثة صحافيين بجروح متفاوتة في حصيلة غير نهائية‏، مشيرا إلى الميليشيات الحوثية تتعمد «الإيقاع بأكبر قدر من الضحايا بين المدنيين في جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية‏». بحسب تعبيره.
وطالب الإرياني من المجتمع الدولي والمبعوثين الأممي والأميركي بإدانة الاستهداف المتكرر من قبل الميليشيات للأعيان المدنية والقتل المتعمد للمدنيين، داعيا إلى تقديم المسؤولين عن الهجوم في ميدي من قيادات وعناصر الميليشيا لمحكمة الجنايات الدولية باعتبارهم «مجرمي حرب».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.