تجار صنعاء يرفضون لائحة بأسعار السلع فرضتها الجماعة الانقلابية

TT

تجار صنعاء يرفضون لائحة بأسعار السلع فرضتها الجماعة الانقلابية

أعلن تجار ورجال أعمال في صنعاء رفضهم قائمة جديدة بأسعار السلع والمواد فرضتها الميليشيات الحوثية وشرعت قبل أيام في تطبيقها، وتوعدت بإنزال أقصى العقوبات حيال المخالفين لها.
وفي هذا السياق، كشفت مصادر اقتصادية بصنعاء عن لجوء الجماعة عقب فشل مساعيها السابقة بتشكيل ما سمي بـ«مجلس اقتصادي أعلى» مع قيادة الغرفة التجارية في العاصمة بهدف فرض السيطرة على ما تبقى من القطاع الخاص، إلى حيلة أخرى لاستهداف التجار والانتقام منهم بعد رفضهم الانخراط في المجلس المقترح.
المصادر ذاتها أكدت أن الميليشيات أقرت قبل نحو أسبوع ما يسمى بـ«قائمة محدثة لأسعار السلع الغذائية والخبز» وأطلقت تطبيقاً إلكترونياً يتضمن خدمة الإبلاغ عن المخالفين.
في غضون ذلك، أعلنت الغرفة التجارية في صنعاء رفضها للقائمة الحوثية. وقال بيان صادر عنها إن الأسعار التي فرضتها الجماعة مطلع الأسبوع المنصرم مرفوضة وإن من شأنها أن تدمر النشاط الاقتصادي.
وأكد تجار منتسبون للغرفة أن القائمة السعرية «لا تخدم المستهلك ولا التاجر على حد سواء بل جاءت خدمة لأهداف ومخططات الجماعة وهو أمير الفساد المنتمين لها».
وقالت الغرفة التجارية إنها عقدت اجتماعاً مع عدد من التجار في صنعاء، الذين أبدوا رفضهم للتسعيرة الحوثية، مؤكدين أن الهدف منها تدمير أموالهم وتجارتهم لفرض السيطرة الحوثية الكاملة على ما تبقى من مكونات القطاع التجاري والاقتصادي الخاص وإحلال أخرى مكانها تابعة للجماعة.
وطبقاً للبيان، فإن الأسعار التي وضعتها الجماعة بسياق قائمتها المكونة من 20 صفحة تجاهلت مجموعة كبيرة من التكاليف وأنشطة التشغيل، ووعدت الغرفة التجار بالدفاع عنهم واستمرارها بمقارعة الميليشيات وصولاً إلى إلغاء تلك القائمة.
وكانت وزارة الصناعة بحكومة الميليشيات غير المعترف بها أعلنت عن تحديث قائمة الأسعار بالاتفاق مع التجار وإطلاق تطبيق إلكتروني لتلقي الشكاوي، الأمر الذي نفاه عدد من التجار الذين نفوا مزاعم اتفاقهم مع الجماعة على تحديث القائمة.
وأثار الإعلان الحوثي موجة جدل واستياء واسعة بين أوساط التجار والناشطين، الذين طالبوا الحكومة الشرعية بسرعة التفاعل مع هموم المواطنين خصوصاً القابعين في مناطق سيطرة الجماعة.
وفي تعليق له، قال عضو البرلمان عبده بشر وهو من النواب الخاضعين للجماعة في صنعاء «إن أسعار التجار أرحم بكثير من الأسعار المعلنة في القائمة الحوثية».
ورغم تحجج الجماعة الحوثية بأنها تسعى من وراء ذلك الإجراء إلى حماية السكان من الاستغلال، فإن تقارير محلية عدة تتهم الميليشيات بتعمد رفع معاناة اليمنيين بمناطق سيطرتها من خلال إقرارها منذ مطلع العام الجاري للعشرات من الجرعات السعرية في كافة السلع والخدمات الأساسية.
وأكدت بعض التقارير قيام الجماعة على سبيل المثال، لا الحصر... في الأول من يونيو (حزيران) المنصرم بفرض زيادة سعرية غير معلنة بمشتقات النفط، وإقرارها مطلع أبريل (نيسان) الماضي جرعة سعرية جديدة على مادة الغاز المنزلي.
ويأتي التعسف الحوثي الجديد في وقت تشهد فيه أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرة الجماعة ارتفاعاً متصاعداً نتيجة حملات الجباية المفروضة على التجار والباعة بالجملة والتجزئة.
وكان سكان في صنعاء شكوا في وقت سابق لـ«الشرق الأوسط» من ارتفاع الأسعار إلى أضعاف ما كانت عليه سابقاً، في ظل سياسة الجماعة التي أثقلت كاهل الجميع بالإتاوات.
وأرجع تجار كُثر في صنعاء أسباب تصاعد الأسعار إلى ارتفاع رسوم الجمارك على البضائع المستوردة وتكرار جمركتها بمناطق سيطرة الانقلابيين وفرض الجماعة من وقت لآخر إتاوات غير قانونية تحت ذرائع متعددة.



مطالب دولية بمواجهة المجاعة في اليمن ورفض ممارسات الحوثيين

الأمم المتحدة رفضت تحريض الحوثيين واتهام المنظمة باستهداف مناهج التعليم (أ.ب)
الأمم المتحدة رفضت تحريض الحوثيين واتهام المنظمة باستهداف مناهج التعليم (أ.ب)
TT

مطالب دولية بمواجهة المجاعة في اليمن ورفض ممارسات الحوثيين

الأمم المتحدة رفضت تحريض الحوثيين واتهام المنظمة باستهداف مناهج التعليم (أ.ب)
الأمم المتحدة رفضت تحريض الحوثيين واتهام المنظمة باستهداف مناهج التعليم (أ.ب)

في حين تسببت حملة الاختطافات التي شنتها الجماعة الحوثية على الموظفين الأمميين وعاملي الإغاثة بتقليص أنشطة الأمم المتحدة، طالبت عدد من المنظمات الإغاثية العاملة في اليمن إنقاذ ملايين اليمنيين من المجاعة، وإطلاق عمال الإغاثة، بينما جدد مسؤول حكومي الدعوة إلى نقل أنشطة المنظمات وتعاملاتها المالية إلى عدن.

وطالبت المنظمات في إحاطة لاجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة التاسع والسبعين بتأمين إطلاق العشرات من العاملين في قطاع الإغاثة، الذين اعتقلهم الحوثيون منذ ما يزيد على 3 أشهر، وحذّرت من أن الأزمة الحالية قد تقود ملايين اليمنيين إلى المجاعة والموت.

عجز شديد في الوصول إلى المياه والصرف الصحي يعاني منه اليمنيون خصوصاً في مناطق النزوح (أ.ف.ب)

وشكت 11 منظمة من الضغوط الهائلة التي تعرقل الوصول الإنساني والاستجابة، بما في ذلك تقييد حركة الموظفين والموظفات المحليين، والتدخلات في العمليات الداخلية واحتجاز العمال الإنسانيين من طرف الجماعة الحوثية، وعدم تمكنهم من أداء عملهم في بيئة آمنة تحترم القانون الإنساني الدولي.

ووفقاً لإحاطة، كل من «العمل من أجل الإنسانية» الدولية، و«كير» و«المجلس الدنماركي للاجئين» و«دوركاس الدولية للإغاثة» و«لجنة الإنقاذ الدولية»، و«إنترسوس» و«ماري ستوبس الدولية» و«ميرسي كوربس» و«المجلس النرويجي للاجئين» و«أوكسفام» و«إنقاذ الطفولة الدولية» للأمم المتحدة؛ فإن الفيضانات الأخيرة أثرت على أكثر من 56 ألف أسرة في 20 محافظة، وشردت أكثر من 1000 أسرة.

وشملت مطالب المنظمات تقديم تمويل إنساني متعلق بالمناخ لدعم مرونة المجتمع ومواجهة الطوارئ المناخية، وإعادة إنشاء حدث تعهد سنوي مخصص لليمن، وتكثيف الاستثمار التنموي لتعزيز الاستقرار الاقتصادي وإيجاد حلول دائمة للنازحين، وتحسين الوصول وخلوه من التدخلات التشغيلية.

وبينت أن التصعيد الإقليمي للصراع، مع آثاره المترابطة التي تظهر في دول مثل اليمن، قد يؤدي إلى مستوى غير مسبوق من الكارثة الإنسانية في جميع أنحاء المنطقة.

تحرير الأنشطة والأموال

في مواجهة الانتهاكات الحوثية للعمل الإنساني واختطاف العاملين الإغاثيين والموظفين الأمميين، وجّه جمال بلفقيه، رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية دعوة للأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الإغاثية الدولية إلى نقل أنشطتها إلى المناطق المحررة، وتحويل الأموال التي تخصّ المنظمات إلى البنك المركزي في عدن.

طفلة يمنية في مخيم للنازحين في محافظة مأرب (الأمم المتحدة)

ولفت بلفقيه في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العملية الإنسانية في اليمن شهدت تغيّرات كبيرة خلال السنوات الأخيرة بفعل عوامل عدة أدت إلى انخفاض الدعم ونقص التمويل، مثل الممارسات الحوثية داخلياً أو في طرق الملاحة والإمدادات، ما زاد من التدهور المعيشي وصولاً إلى المجاعة.

وبحسب بلفقيه، فإن الحل الأمثل لهذه الأزمة هو نقل أنشطة المنظمات إلى المناطق المحررة، وتحويل تعاملاتها المالية إلى البنك المركزي في عدن، ما سينتج عنه التخفف من الممارسات الحوثية، وتقديم خدمات إغاثية أفضل.

وتوقعت المنظمات أن تكون أرقام الوضع الإنساني المتدهور أعلى في المحافظات الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، حيث يقيم نحو 70 في المائة من السكان، والتي لم يتم تقديم تقييمات للوضع فيها نظراً للقيود المفروضة على الوصول إلى السكان، والحصول على البيانات.

ويكشف الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار لـ«الشرق الأوسط» أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن خلال العام الحالي حسب بيانات الأمم المتحدة تبلغ 4 مليارات دولار، بينما الاحتياج الفعلي لا يقل عن 10 مليارات دولار، ويفسر ذلك بتراكم الأزمات في اليمن بسبب العجز المتوالي في توفير الدعم المطلوب للاحتياجات خلال السنوات السابقة.

بعد اعتقال الحوثيين الموظفين الأمميين وعاملي الإغاثة لجأت الأمم المتحدة إلى تقليص مساعداتها (أ.ف.ب)

وبالمقارنة بين أرقام الاحتياجات الإنسانية في اليمن خلال الأعوام الماضية وصولاً إلى العام الحالي، يوضح النجار أن هناك تراكماً للفجوات بين الأزمات الإنسانية والتمويل الموجه لها، حيث كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الاثني عشر عاماً الماضية، تزيد على 33 مليار دولار، بينما تم تحصيل أقل من 20 مليار دولار، أي أن حجم الفجوة يصل إلى 42 في المائة.

وينفي النجار حدوث تراجع في متطلبات الاستجابة الإنسانية أو تعافٍ اقتصادي في اليمن، منوهاً بالأزمات التي ظهرت في العالم والمنطقة، نتج عنها تراجع الاهتمام بالوضع الإنساني في اليمن، وتوجيه الاهتمام والدعم لمناطق هذه الأزمات.

وانتقد سياسات ونهج المنظمات الأممية والدولية الذي وصفه بالفاسد، مذكّراً برفضها الاستجابة لطلبات الحكومة اليمنية بنقل تعاملاتها المالية عبر البنك المركزي اليمني في عدن، ما جعل التمويلات تصب في صالح الجماعة الحوثية التي لم تتورع عن ممارسة الانتهاكات ضد المنظمات وموظفيها.

تدهور مطرد

كشفت مسؤولة أممية أن التدخل المباشر من الجماعة الحوثية في الأنشطة الإنسانية في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام كان مسؤولاً عن 217 حادثة أعيق فيها وصول المساعدات.

وذكرت القائمة بأعمال رئيسة الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة جويس مسويا أن حوادث هذا العام شهدت زيادة كبيرة عن 169 حادثة تم الإبلاغ عنها، العام الماضي.

وأبلغت مسويا مجلس الأمن أن الأمم المتحدة اتخذت خطوات «للحد من تعرض الموظفين للخطر في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون»، وركزت أعمالها على «الأنشطة الأساسية المنقذة للحياة والمستدامة».

عناصر حوثيون في صنعاء حيث تفرض الجماعة الحوثية رقابة مشددة على أعمال الإغاثة (إ.ب.أ)

وأعربت عن رفض الأمم المتحدة الشديد لـ«الادعاءات الكاذبة» التي أطلقتها الجماعة الحوثية ضد العاملين في المجال الإنساني، بما في ذلك الادعاءات الأخيرة بتدخل الأمم المتحدة في النظام التعليمي في اليمن، منوهة بأن ذلك يهدد سلامة الموظفين، ويعوق قدرة الأمم المتحدة وشركائها على خدمة الشعب اليمني.

ويتدهور الوضع الإنساني في اليمن باطراد طبقاً لتعبير مسويا التي نقلت عن 62 في المائة من الأسر شملها استطلاع للأمم المتحدة أنها لا تملك ما يكفي من الطعام، وعدّت تلك النسبة «مرتفعة تاريخياً».

وتواجه 3 مناطق، اثنتان في الحديدة وواحدة في تعز، مستويات حرجة للغاية من سوء التغذية، وهي المرحلة الخامسة من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، حيث توجد مجاعة، بحسب مسويا التي قالت إن من المتوقع أن تصل 4 مناطق أخرى إلى هذا المستوى بحلول أكتوبر (تشرين الأول) المقبل.

ولفتت إلى أن نداء الأمم المتحدة الإنساني لجمع 2.7 مليار دولار لليمن هذا العام جرى تمويله بنسبة 28 في المائة فقط.