الظروف الاقتصادية تدفع اللبنانيات إلى الاستغناء عن العاملات الأجنبيات

انهيار قيمة الليرة يحرمهن من «الرفاهية»

TT
20

الظروف الاقتصادية تدفع اللبنانيات إلى الاستغناء عن العاملات الأجنبيات

تضرب السيدة نهى (67 سنة) كفاً بكف منذ أخبرتها عاملة المنزل مريم (من الجنسية البنغلادشية) بأنها تريد العودة إلى بلادها، أواخر الشهر الحالي. تقول نهى لـ«الشرق الأوسط»، «مريم تراعينا وتتقاضى 25 ألف ليرة لبنانية على الساعة (حوالي دولارين على سعر صرف السوق السوداء)، كل العاملات يتقاضين أجراً أعلى بكثير».
وانعكس غياب الدولار من الأسواق اللبنانية على قطاعات كثيرة، ولم يستثن العاملات الأجنبيات في المنازل اللواتي يحولن عادة أموالهن إلى الخارج بالدولار. وفي ظل عدم توفره وانخفاض سعر الصرف قررت عاملات كثيرات العودة إلى بلادهن.
وتساعد مريم السيدة نهى في تنظيف منزلها القائم في منطقة البسطة (بيروت) منذ حوالي عشر سنوات. وقبل استفحال الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان كانت تسعيرة ساعة العمل للعاملات الأجنبيات تتراوح بين الخمسة والستة دولارات على سعر الصرف الرسمي (1500 ليرة) للدولار.
ويشهد لبنان منذ صيف 2019 انهياراً اقتصادياً متسارعاً هو الأسوأ في تاريخ البلاد، وخلال أقل من عامين، خسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءاً من رواتبهم، وتراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار بنسبة 90 في المائة، وبات 80 في المائة من السكان تحت خط الفقر، وارتفع معدل البطالة.
ومع بدء فقدان العملة اللبنانية قيمتها بدأت العاملات الأجنبيات برفع التسعيرة كالكثير من الخدمات في البلاد، لتتراوح في بادئ الأمر بين الـ10 آلاف والـ15 ألف ليرة عندما كان سعر الصرف في السوق السوداء في حدود 8 آلاف ليرة لبنانية للدولار الواحد العام الماضي، لكن مع الانخفاض الإضافي لسعر الصرف الذي لامس 21 ألف ليرة للدولار أحياناً هذا العام، وصل بدل ساعة العمل لعاملات المنازل إلى 30 ألف ليرة لبنانية وما فوق.
«ربما سأضطر لتنظيف البيت بنفسي من الآن فصاعداً» تشكو نهى، وتضيف: «مريم عشرة عمر، وأمينة، وكانت تراعيني في كل مرة ترفع فيها أجرتها، لكنها لم تعد تستطيع البقاء في لبنان وتريد العودة إلى بلدها... معها كل الحق هذا البلد ما عاد يصلح للعيش».
ولا تستطيع نهى دفع «المبلغ الطائل» على حد تعبيرها، الذي تطلبه عاملات المنازل، رغم حاجتها الشديدة للمساعدة في هذا المجال، خصوصاً أن أعمال التنظيف ترهقها. وعن الحل البديل تقول «لا حلول... أقوم بأعمال التنظيف في المنزل على قدر طاقتي».
ومع تفشي جائحة «كورونا»، وارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان العام الماضي، اضطر بعض اللبنانيين إلى تسريح خادمات المنازل الأجنبيات، بعد عجز مستقدميهم عن دفع أجورهن بالعملة الصعبة. وتروي سميرة لـ«الشرق الأوسط»، أنها كانت العام الماضي أمام خيارين، «إما تسريح العاملة الأجنبية هيروت (من الجنسية الإثيوبية) وردها إلى مكتب استقدام العاملات، أو حرمانها من مستحقاتها» بعدما أصبح راتبها الشهري يعادل راتب هيروت الذي يساوي 250 دولاراً في الشهر الواحد.
وتقول سميرة وهي موظفة في أحد المصارف وزوجة وأم لولدين: «رغم حاجتي الكبيرة لمدبرة منزل، خصوصاً مع اضطراري لترك البيت من الصباح الباكر وحتى الخامسة من بعد الظهر، إلا أن ظروف الحياة حتمت الاستغناء عن راحتنا ورفاهيتنا، ووضعتنا أمام خيارات صعبة».
وفي حين شكلت العاملات الأجنبيات دعماً كبيراً للكثير من الأسر اللبنانية في السابق، وجد العديد منها الحل البديل بالاستعانة بعاملات من الجنسية السورية، وأحياناً اللبنانية، بحكم أن أجرة ساعة العمل لديهن أقل من الأجنبيات.
وتستعين سميرة بعاملة تنظيف من الجنسية السورية مرتين في الأسبوع بأجرة 15 ألف ليرة في الساعة، لكنها تؤكد أن هذا الأمر رغم أنه يحل بعض المشكلة، لكنه لا يخفف الكثير من متاعب المرأة العاملة بدوام كامل والأم في آن... «ولكن هذا هو النمط الذي يجب أن نعتاد عليه من الآن فصاعداً».
وفي لبنان، جرت العادة أن تستعين ربات المنازل بشركات تنظيف للراغبات بالحصول على الخدمة من دون الاضطرار إلى استقدام العاملات للمكوث في بيوتهن، ورغم اضطرار بعض تلك الشركات إلى الإغلاق، وإعادة العاملات إلى بلادهن، بسبب تعذر تأمين رواتبهن بالعملة الصعبة، يقول صاحب إحدى الشركات في منطقة بشامون (قضاء عاليه) فيصل التيماني لـ«الشرق الأوسط»، إن شركته ما زالت مستمرة بتقديم خدمة التنظيف المنزلي رغم الظروف الاقتصادية الصعبة.
لكن تيماني يشرح أن «هذه الخدمة توجهت من كونها متاحة للأغلبية في لبنان لتصبح موجهة أكثر إلى طبقة معينة، من الذين يتقاضون رواتب بالدولار، أو الذين لديهم أقرباء في الخارج، ويرسلون لهم العملة الصعبة، أو الذين يعملون لساعات طويلة وليس لديهم الوقت للقيام بالأعمال المنزلية».
وكانت الشركات تقدم الخدمة عادة مقابل 20 دولاراً لكل أربع ساعات عندما كان سعر الصرف الرسمي ما زال 1500 ليرة لبنانية للدولار، ولكن وحسب تيماني «ارتفعت الأسعار بالنسبة للعملة اللبنانية، وذلك لارتباطها مباشرة بأجرة اليد العاملة الأجنبية، وبأجرة وصيانة سيارات النقل، والزيادة الطارئة على أسعار المحروقات»، موضحاً أن بدل الأربع ساعات أصبح 8 دولارات حالياً (حوالي 150 ألف ليرة لبنانية أي بفارق 120 ألف ليرة لعدد الساعات نفسه).
ويؤكد أن عدد العاملات الأجنبيات لديه انخفض إلى النصف تقريباً، وذلك بطلب من بعضهن، خصوصاً من الجنسية الإثيوبية اللواتي طلبن العودة إلى بلادهن، ويقول: «بعد دراسة شاملة بدأنا بالتوجه إلى الاستعانة بيد عاملة من جنسيات مختلفة مثل نيجيريا وسيراليون».
وعن المصاعب، يروي أن «صيانة السيارات ودفع الرواتب بالعملة الصعبة هي أكثر المشاكل التي نواجهها، بحيث إن راتب العاملة الأجنبية يساوي أضعاف راتب الموظف المحلي، كما أن تأمين الدولار أصبح شبه معدوم، ناهيك عن غلاء وصعوبة تأمين مادة البنزين».



جماعة «الحوثي» تعلن إطلاق صاروخين على إسرائيل

صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (أرشيفية - جماعة الحوثي عبر «تلغرام»)
صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (أرشيفية - جماعة الحوثي عبر «تلغرام»)
TT
20

جماعة «الحوثي» تعلن إطلاق صاروخين على إسرائيل

صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (أرشيفية - جماعة الحوثي عبر «تلغرام»)
صورة لما تقول عنه جماعة «الحوثي» اليمنية إنه إطلاق لصاروخ فرط صوتي من طراز «فلسطين 2» باتجاه إسرائيل (أرشيفية - جماعة الحوثي عبر «تلغرام»)

أعلنت جماعة «الحوثي» اليمنية، اليوم الجمعة، أن مقاتليها أطلقوا صاروخين باليستيين على هدفين في إسرائيل، أحدهما قاعدة جوية شرقي حيفا.

وذكر المتحدث العسكري للحوثيين، يحيى سريع، في بيان مقتضب، أن الجماعة استهدفت قاعدة «رامات ديفيد» الجوية وأن الصاروخ «وصل إلى هدفه».

وفي وقت لاحق، أفادت قناة «المسيرة» التابعة للحوثيين بأن الجماعة أطلقت صاروخاً باليستياً على «هدف حيوي» إسرائيلي في منطقة حيفا، وقالت إن هذا الصاروخ هو الثاني خلال ساعات.

وتشن جماعة الحوثي التي تسيطر على أجزاء واسعة من اليمن، هجمات على إسرائيل وعلى السفن في البحر الأحمر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 دعماً للفلسطينيين في غزة. وتسبّبت هجمات الحوثيين في تعطيل التجارة العالمية، ودفعت الولايات المتحدة إلى مهاجمة أهداف مرتبطة بالجماعة.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أمر في 15 مارس (آذار) ببدء حملة عسكرية ضد جماعة الحوثي، متوعداً إياها باستخدام «قوة مميتة» و«القضاء الكامل» على قدراتها، في إطار مسعى واشنطن لوقف تهديدات الجماعة للملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن، ولردع الهجمات المتكررة التي تستهدف إسرائيل.