ثلاثة أرباع الساعة قضاها رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط مع رئيس الجمهورية الفرنسية فرنسوا هولاند في قصر الإليزيه، أول من أمس. وما يفسر لقاء كهذا يوم السبت، وهو يوم عطلة في فرنسا، هو أن الرجلين، بحسب مصدر رئاسي، «مرتبطان بصداقة قديمة منذ أيام الاشتراكية الدولية»، عندما كان هولاند سكرتير عام الحزب الاشتراكي لكثير من السنوات فيما الحزب التقدمي الذي يرأسه جنبلاط عضو قديم فيه. وأكثر من ذلك، أشار المصدر الرئاسي إلى أن «رأي جنبلاط يهم الرئيس هولاند» الذي تناول معه المسائل الإقليمية، ومنها الأوضاع في لبنان وسوريا والعراق، وتنظيم داعش.
وكان لافتا في كلام جنبلاط المختصر للصحافة، عقب انتهاء اللقاء، أنه رفض الخوض في الموضوع الرئاسي اللبناني، معتبرا أن «الجدل البيزنطي بين اللبنانيين نتناوله في لبنان»، وبالتالي، فإن الموضوع الرئاسي الذي تجهد باريس لإيجاد مخرج له عبر مساعي مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جان فرنسوا جيرو، شأن يناقش في لبنان. بيد أن هذه المساعي تبدو في الوقت الراهن مجمدة، فيما الجهود الدبلوماسية متركزة في الوقت الحاضر على الملف النووي الإيراني وما يمكن أن يسفر عنه التوصل إلى اتفاق من نتائج «إيجابية» قد تنعكس عليه. وبعد 3 جولات على المنطقة، لم ينجح جيرو في زحزحة الأطراف عن المواقف المتمسكة بها. ولذا، فإنه يبحث عن دعم أوروبي ودولي أوسع لجهوده من أجل العودة لتفعيلها.
بعد جنبلاط، سيكون الضيف اللبناني القادم في باريس البطريرك بشارة الراعي في شهر أبريل (نيسان) المقبل، الذي سيشهد أيضا زيارة لوزير الدفاع الفرنسي جان إيف لو دريان إلى بيروت. وستتزامن زيارة لو دريان مع وصول أول دفعة سلاح اشتراها لبنان من فرنسا وهي تمول من الهبة السعودية. ولم تكشف المصادر الفرنسية عن نوعية الأسلحة التي ستسلم في المرحلة الأولى. إلا أن أوساطا في وزارة الدفاع قالت لـ«الشرق الأوسط» قبل أيام إن آخر ما سيسلم للجيش اللبناني هو الطوافات والبوارج العسكرية. وينتظر أن يبدأ سريعا برنامج تدريب وتأهيل الضباط والفنيين اللبنانيين على استخدام الطوافات العسكرية والبوارج في المدارس العسكرية الفرنسية. ومن المنتظر أن يمتد برنامج التعاون الخاص بالصفقة إلى أكثر من 3 سنوات، وفق ما قاله وزير الدفاع جان إيف لو دريان لـ«الشرق الأوسط».
وفي أي حال، لم يفت جنبلاط الإشادة بالدعم الفرنسي لأمن لبنان وجيشه ولموقفها من الأزمة السورية والحرب الدائرة هناك منذ 4 أعوام. واستعان جنبلاط بالتاريخ ليقيم مقارنة بين ما فعله الألمان إبان احتلالهم لفرنسا في الحرب العالمية الثانية، وبين ما يفعله النظام السوري في بلاده. ووصف جنبلاط موقف باريس الرافض لأي حوار مع النظام السوري والرئيس الأسد بـ«الشجاع». أما بالنسبة للمستقبل، فقد عبر جنبلاط عن نظرة تشاؤمية؛ إذ قال إنه «لا يري أي انقشاعة» وإن ما يحصل حاليا في المنطقة هو «تهاوي الهلال الخصيب القديم».
وفي سياق المآسي، دعا جنبلاط إلى الاستمرار في استقبال وإيواء اللاجئين السوريين الذين «لا مكان لهم يعودون إليه»، وأن الواجب «الأخلاقي» يكمن في استقبالهم، خصوصا أن فكرة إقامة مخيمات لهم داخل الحدود السورية «عبثية»، ولأن احتمالية طردهم «غير ممكنة».
جنبلاط من باريس: الهلال الخصيب القديم يتهاوى ولا انقشاعة في الأفق
هولاند استقبله لثلاثة أرباع الساعة ورفض الحديث عن الانتخابات الرئاسية
جنبلاط من باريس: الهلال الخصيب القديم يتهاوى ولا انقشاعة في الأفق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة