غينيا... بين اختبار الانتقال السياسي و«الأطماع الدولية»

بعد الإطاحة بالرئيس ألفا كوندي

غينيا... بين اختبار الانتقال السياسي و«الأطماع الدولية»
TT

غينيا... بين اختبار الانتقال السياسي و«الأطماع الدولية»

غينيا... بين اختبار الانتقال السياسي و«الأطماع الدولية»

كانت انتخابات عام 2010 علامة مميزة في تاريخ غينيا، إذ علّق كثيرون آمالهم عليها باعتبارها نهاية لفترة الحكم السلطوي والانقلابات العسكرية في البلاد، وبداية لحكم ديمقراطي مدني. ويومذاك، فاز بالمعركة الانتخابية المرشح المعارض ألفا كوندي، وحمله انتصاره إلى سدة الحكم ليغدو أول رئيس منتخب ديمقراطياً في تاريخ المستعمرة الفرنسية السابقة. إلا أن كوندي خيّب الآمال بعدما قرر البقاء في السلطة، وعدّل الدستور كي يتاح له تولي الرئاسة لفترة أخرى، وهذا الأمر أثار موجة من العنف والمظاهرات في شوارع العاصمة كوناكري ومهّد – وفق مراقبين - لمصير كوندي «المحتوم»، الذي أطيح به قبل أيام، في انقلاب عسكري أعلنته مجموعة من الجنود خلال بيان تلفزيوني، أكدوا فيه أن «كوندي ما كان ليتخلى عن السلطة بطريقة أخرى».

صباح 5 سبتمبر (أيلول) الجاري، استيقظت جمهورية غينيا، في غرب أفريقيا، على مشهد لمجموعة من الجنود المسلحين وهم يجلسون حول طاولة، معلنين الإطاحة بالرئيس ألفا كوندي وحل الدستور. وقال قائد القوات الخاصة اللفتنانت كولونيل مامادي دومبويا: «لقد قررنا بعد القبض على الرئيس، الذي بات حالياً في أيدينا، حل الدستور الساري المفعول، ومعه حل المؤسسات الحكومة، وإغلاق الحدود البرية والجوية». وأشار دومبويا إلى أن «عملية الإطاحة بكوندي جاءت نتيجة لسوء الإدارة المالية والفقر والفساد المستشري وانتهاك حقوق المواطنين»، معلناً سعي المجموعة الانقلابية إلى «إعادة السياسة للشعب».
وبعدها ظهر كوندي في شريط فيديو بثّه قادة الانقلاب لتأكيد القبض عليه، وبدا الرئيس المطاح به في الشريط جالساً على أريكة ومرتدياً سروالاً جينز وقميصاً، ولوحظ أنه رفض الإجابة عن سؤال حول ما إذا كان قد تعرض لسوء المعاملة أم لا.
مع هذا الانقلاب تدخل غينيا، وفقاً لمراقبين، في حالة من الاضطراب السياسي والاقتصادي، قد تسرع من وتيرة الصراعات الاقتصادية الخفية بين القوى الغربية على ثروات دول القارة السمراء، وتلقي بظلالها على الغرب الأفريقي الذي يبدو أن «عدوى الانقلابات» بدأت تجتاحه، في أعقاب ما حدث في كل من مالي وتشاد.
- ردود الفعل الخارجية
لم يحظَ الانقلاب حتى الآن بقبول دولي معلن، إذ أدانت الولايات المتحدة الأميركية، الأحداث في كوناكري. وقالت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان صحافي، عقب الانقلاب، إن «العنف وأي إجراءات خارجة عن الدستور لن تؤدي إلا إلى تراجع فرص غينيا في السلام والاستقرار والازدهار، وأن هذه الإجراءات يمكن أن تحدّ من قدرة الولايات المتحدة وشركاء غينيا الدوليين الآخرين على دعم البلاد، وهي تتجه نحو الوحدة الوطنية ومستقبل أكثر إشراقاً للشعب الغيني».
بدوره، علّق الاتحاد الأفريقي، في بيان صحافي، جاء فيه أن «الرئيس الحالي للاتحاد الأفريقي فيليكس تشيسيكيدي ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد يدينان أي استيلاء على السلطة بالقوة ويدعوان إلى الإفراج الفوري عن الرئيس كوندي». وطالبت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا «إيكواس»، في بيان صحافي، بـ«عودة النظام الدستوري في غينيا، وإطلاق سراح كوندي»، مهددة بـ«فرض عقوبات على البلاد». كذلك دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى الإفراج عن الرئيس الغيني المعزول، وقال، في تغريدة عبر حسابه الرسمي على «تويتر»، إنه «يدين بشدة أي استيلاء على الحكومة بقوة السلاح».
غير أن الوضع داخل غينيا كان مختلفاً، خاصة بعد شهور من التوتر السياسي والاقتصادي في البلاد، على خلفية الانتخابات الأخيرة وتأثيرات جائحة «كوفيد – 19»، فقد تناقل الإعلام مشاهد لمواطنين في العاصمة الغينية كوناكري وهم يحتفلون بالإطاحة بكوندي، هاتفين «حرية... حرية». وأعلن سيلو دالين ديالو، رئيس الوزراء الغيني السابق، ومنافس كوندي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، عن دعم «الاتحاد الوطني للتناوب الديمقراطي»، وهو ائتلاف معارض يقوده ديالو، لما وصفه بـ«محاولة بناء ديمقراطية جديدة في غينيا». كما أعلن حزب ديالو، «اتحاد القوى الديمقراطية في غينيا»، استعادة مقره ومكاتبه في ضواحي كوناكري، التي كانت قد أغلقت عقب فوز كوندي بولاية ثالثة نهاية العام الماضي.

- تطورات الأحداث
ثمة إجماع بين المتابعين على أن الانقلاب العسكري في غينيا ما كان مفاجئاً، بل هو نتيجة طبيعية لتطورات الأحداث في هذه البلاد الغنية بثرواتها المعدنية والمنجمية، التي شهدت حالة من التوتر السياسي منذ استقلالها عن فرنسا عام 1958. فقد توالت عليها أنظمة حكم تسلطية، وشهدت صراعات دموية وقمعاً للمعارضة، بحسب تقارير المنظمات غير الحكومية، التي اتهمت نظام حكم كوندي بـ«ممارسة سياسة قمعية ضد معارضيه».
البعض فسّر الانقلاب في البداية بأنه «رد فعل على محاولة إقصاء دومبويا قائد القوات الخاصة، في أعقاب حالة من التنافس داخل القوات المسلحة الغينية». غير أن آخرين حمّلوا كوندي مسؤولية حالتي الاضطراب والتوتر في البلاد، بسبب «ممارساته القمعية ضد المعارضين وقادة المجتمع المدني، التي تكللت بافتعاله أزمة دستورية في مارس (آذار) 2020». وكذلك لـ«دعوته للاستفتاء على تعديل الدستور بحجة العمل على تحديث المؤسسات وتعزيز مكانة النساء والشباب». وهذا التعديل وصفته قوى المعارضة بـ«الانقلاب الدستوري»، بعدما سمحت بنوده - التي أقرت في استفتاء شعبي خلال مايو (أيار) 2020 - لكوندي بالترشح لفترة ولاية ثالثة. وهو ما حدث بالفعل، وتلى ذلك إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، متغلباً على منافسه ديالو وسط اتهامات بـ«قمع المعارضة وتزوير الانتخابات».
ويعتقد المراقبون أن هذه الانتخابات الأخيرة هي السبب الموضوعي للانقلاب على حكم كوندي، لكونها فاقمت «حالة الاحتقان السياسي والتوتر الشديد بين كوندي والمعارضة»، التي نتج عنها اشتباكات عنيفة على مدار الشهور الماضية، ما خلّف عشرات القتلى، وأدى إلى اعتقال المعارضين. وهنا تقول الدكتورة أماني الطويل، مديرة البرنامج الأفريقي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في مصر، لـ«الشرق الأوسط»، إن «الانقلاب نتيجة متوقعة لحالة الاضطراب السياسي في غينيا في أعقاب انقلاب كوندي على الدستور».
الشيء نفسه يؤكده وليد وفيق، الكاتب السياسي المصري المهتم بشؤون المنطقة العربية والشرق الأوسط وأفريقيا، في مقال نشره موقع «قراءات أفريقية». إذ قال وفيق: «كوندي عدّل الدستور من أجل الترشح لولاية ثالثة، وبالتالي فإن الرأي العام في البلاد يعتبره رئيساً غير شرعي، بما يهدد مبادئ الديمقراطية في تداول السلطة».
من ناحية ثانية، ترى الطويل أن الانقلاب يفتح الأفق السياسي في البلاد، منتجاً «حالة من الانفراج السياسي، بعد فترة حكم شهدت ممارسات قمعية ضد المجتمع المدني والمعارضة، هدفها تمكين كوندي من تمرير التعديلات الدستورية التي تسمح له بالبقاء في السلطة، إلا أن أفق هذه الانفراجة السياسية ما زالت غير واضحة». وفي هذا السياق، تعهّد قادة الانقلاب بإطلاق سراح المعارضين الذين اعتقلهم نظام كوندي. وقال دومبويا، الذي نصب نفسه رئيساً لـ«اللجنة الوطنية للتجمع والتنمية»، إنه «سيشكل حكومة وحدة وطنية لقيادة عملية الانتقال السياسي في البلاد»، كما تعهّد بعقد «مشاورات مع القوى الوطنية لوضع الخطوط العريضة للانتقال السياسي».
وهنا تجدر الإشارة إلى أن غينيا تصنف بين الدول الأكثر فقراً في العالم، رغم ثرواتها المعدنية واحتياطاتها المنجمية الهائلة التي تتنافس عليها دول العالم. وبجانب كونها من الدول التي تشهد مستويات عالية من الفساد، عانت غينيا في الفترة الأخيرة من تدهور اقتصادي جراء جائحة «كوفيد – 19». ويرى المراقبون أن «حالة التردي الاقتصادي كانت أحد الأسباب الدافعة للانقلاب على كوندي، وربما كانت مبرراً لفرحة الشعب ودعمه لقادة الانقلاب». وهنا يؤكد وفيق أن «غينيا شهدت حالة من التردي الاقتصادي كان لها أثر كبير في حالة السخط العام في البلاد، وتدخل السلطة في القضاء، ومحاولة السيطرة على مناحي الحياة العامة والاجتماعية، وهو ما دفع قائد الانقلاب للسيطرة على السلطة، مع وعود بتنظيم الحياة السياسية الغينية».

- تنافس دولي محموم
تاريخياً، خضعت غينيا، الواقعة في غرب أفريقيا، للاستعمار الفرنسي منذ عام 1891، وهو العام الذي أعلنت فيها فرنسا غينيا «مستعمرة مستقلة» منفصلة عن السنغال. ولكن، رغم استقلال البلاد عن فرنسا عام 1958 ما زال النفوذ الفرنسي حاضراً فيها بقوة، وفق المتابعين الذين يعتقدون أن «الانقلاب الأخير قد يكون من صنع فرنسا». وتوضح الدكتورة الطويل إن «قائد الانقلاب عسكري موالٍ لفرنسا، وهو ما يعطي انطباعاً بأن الانقلاب أُعد بهندسة فرنسية. ويبدو أن كوندي، الذي كان مدعوماً من فرنسا في السابق، استنزف دوره أخيراً وتسبب في حالة من الاحتقان السياسي في بلد مهم بالنسبة لفرنسا». ثم تشير إلى أنه «على ما يبدو، جاءت التعديلات الدستورية الأخيرة في غينيا ضد الرغبة الفرنسية، وربما لذلك حركت باريس الانقلاب لضمان وجود نخب سياسية موالية لها في الحكم».
وفي هذا السياق، يذكر وليد وفيق أنه معروف تاريخياً أن «الغرب، وتحديداً فرنسا، كان وراء العديد من الانقلابات العسكرية في أفريقيا، إذ من المستحيل حدوث انقلاب عسكري في أفريقيا من دون أن تكون هناك مساندة غربية له». وبالمناسبة، سبق لقائد الانقلاب الجديد مامادي دومبويا أن خدم في «الفيلق الأجنبي» الفرنسي لعدة سنوات، وشارك في مهمات في أفغانستان وساحل العاج وجيبوتي وجمهورية أفريقيا الوسطى، وغيرها. ثم إنه حصل على تدريب النخبة العسكرية في السنغال والغابون وفرنسا. وبعد سنوات من خدمته في «الفيلق الأجنبي» الفرنسي طلب كوندي منه العودة إلى غينيا، حيث أسس «القوات الخاصة» عام 2018.
في المقابل، يعتبر الدكتور صالح أبو بكر، أستاذ العلوم السياسية ورئيس مركز البحوث والدراسات الإقليمية في تشاد، خلال حوار مع «الشرق الأوسط»، أن «الأمر لا يقتصر على النفوذ الفرنسي في البلاد، ومحاولة باريس السيطرة على موارد غينيا الاقتصادية، إذ إن الصورة الأعم هي صورة صراع دولي على غينيا بين القوى التقليدية المهيمنة منذ زمن بعيد على القارة الأفريقية، ومنافساتها القوى العالمية الجديدة الصاعدة». ويضيف أبو بكر أن «الانقلاب الأخير هو نتاج لتنافس اقتصادي في منطقة الغرب الأفريقي بين القوى الجديدة مثل روسيا والصين، والفاعلين القدامى كفرنسا».
وبالفعل يرى كثيرون في الانقلاب العسكري – سواءً في غينيا أو غيرها من دول غرب أفريقيا - صورة من صور الصراع والمنافسة الدولية، ومحاولة لحماية المصالح الغربية في أفريقيا بوجه تزايد النفوذين الصيني والروسي. وحول هذه النقطة يوافق وليد وفيق قائلاً إن «الدول التقليدية التي تعتمد في اقتصادها على أفريقيا، حريصة على أن تضع كل ثقلها خلف ضباط يعملون لمصلحتها بين مَن تكونهم ومن ثم تعتمد عليهم... وما حدث أخيراً هو صورة من صور الصراع بين القوى التقليدية الغربية في أفريقيا، والقوى الجديدة الممثلة في روسيا والصين». وفي سياق ذي صلة، نقل موقع «روسيا اليوم» مقالة كتبتها ايكاتيرينا بوستنيكوفا في صحيفة «إزفيستيا» الروسية تحت عنوان «لماذا تشعر روسيا بالقلق من الانقلاب في غينيا؟». وفي المقالة تقول الكاتبة إن «روسيا تأمل ألا يؤثر الانقلاب العسكري في غينيا على علاقاتها معها».
في أي حال، يعتقد بعض المتابعين أن المجتمع الدولي قد يقبل بنتائج الانقلاب العسكري في غينيا، على غرار ما حدث في مالي وتشاد، خاصة مع تغيير اسم مجموعة الانقلاب ليصبح «التجمع الوطني للتنمية»، ومغازلة قادة الانقلاب للقوى المدنية في غينيا، التي سارعت بدعمه، وعلى رأسها ديالو - المنافس السابق لكوندي - إضافة إلى مغازلة الرأي العام الداخلي بالحديث عن مكافحة الفساد، واحتواء القوى الوطنية، والإفراج عن المعارضة.
ولكن في الحصيلة النهائية، لا بد من وعي حقيقة أن الصراع الاقتصادي الدولي على غينيا يتركز في ثرواتها المعدنية. إذ تمتلك غينيا ثروة تعدينية منجمية مهمة. وهي راهناً ثالث أكبر منتج للبوكسايت (خام الألومنيوم) في العالم بعد أستراليا والصين، لكنها تتصدر قائمة أكبر احتياطيات العالم منه على الإطلاق. ولقد ظهرت أهميتها الاستثنائية في أعقاب الانقلاب الأخير، حين ارتفعت أسعار الألومنيوم في الأسواق العالمية إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من 10 سنوات، وهو ما أثار مخاوف المستثمرين بشأن استقرار إمداداته عالمياً.



بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
TT

بعد ساعات من استضافة ترمب اجتماعاً للسلام... القتال يحتدم في الكونغو

ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)
ترمب متوسطاً رئيس رواندا بول كاغامي (يسار) ونظيره الكونغولي فيليكس تشيسكيدي (أ.ف.ب)

احتدم القتال في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية اليوم (الجمعة)، بعد يوم واحد من استضافة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لزعيمي الكونغو ورواندا في واشنطن لتوقيع اتفاقات جديدة تهدف إلى إنهاء سنوات من الصراع في منطقة غنية بالمعادن، حسب ما نشرت «رويترز».

وأكد الرئيس الرواندي بول كاغامي، ورئيس جمهورية الكونغو الديمقراطية فيليكس تشيسكيدي، أمس الخميس، التزامهما باتفاق السلام الذي توسطت فيه الولايات المتحدة في يونيو (حزيران) لتوطيد الاستقرار، وفتح الباب أيضاً أمام المزيد من الاستثمارات الغربية في مجال التعدين.

وقال ترمب، الذي تدخلت إدارته في سلسلة من النزاعات حول العالم لتعزيز صورته صانعاً للسلام، وكذلك لتعزيز المصالح التجارية الأميركية: «إننا نضع حلاً لحرب دائرة منذ عقود».

ولكن على أرض الواقع، استمر القتال العنيف مع تبادل الاتهامات بين الأطراف المتحاربة.

وقالت حركة «23 مارس» المدعومة من رواندا، التي استولت على أكبر مدينتين في شرق الكونغو في وقت سابق من هذا العام، وغير ملزمة باتفاق واشنطن، إن القوات الموالية للحكومة تشن هجمات واسعة النطاق.

ومن ناحيته، قال متحدث باسم جيش الكونغو الديمقراطية إن الاشتباكات مستمرة، وإن القوات الرواندية تشن هجمات قصف.

ويقول محللون إن الجهود الدبلوماسية الأميركية أوقفت تصعيد القتال في شرق الكونغو لكنها فشلت في حل القضايا الجوهرية، مشيرين إلى عدم وفاء الكونغو ورواندا بالتعهدات التي قطعها الجانبان في اتفاق يونيو (حزيران).

وأظهرت مقاطع فيديو نشرت على الإنترنت الجمعة عشرات العائلات النازحة وهي تفر سيراً على الأقدام مع أخذ الأمتعة والماشية في إقليم جنوب كيفو بشرق الكونغو.

اقرأ أيضاً


بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
TT

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)
الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب والخيانة العظمى والتجسس، في وقت يعيش فيه البلد تصاعداً في الهجمات الإرهابية التي تنفذها مجموعة مرتبطة بتنظيمي «القاعدة» و«داعش».

وأُعلن القرار في بيان صادر عقب اجتماع مجلس الوزراء، وقالت الحكومة إنها صدّقت على «مشروع قانون العقوبات»، الذي يحدد عقوبات صارمة تجاه عدد كبير من الجرائم والجنايات، ذات الطابع الأمني والاقتصادي والسياسي.

وأضافت الحكومة موضحة أن مشروع القانون «يُعيد العمل بعقوبة الإعدام لعدد من الجرائم، من بينها الخيانة العظمى، والأعمال الإرهابية، وأعمال التجسس، وغيرها».

وقال وزير العدل وحقوق الإنسان، إداسو رودريغ بايالا، في بيان الحكومة، إن اعتماد هذا المشروع «يندرج ضمن الإصلاحات الواسعة التي يشهدها القطاع، بهدف تحقيق عدالة تلبي التطلعات العميقة للشعب».

كما يتضمن مشروع القانون الجديد تجريم «الترويج والممارسات المثلية والأفعال المرتبطة بها»، وفق ما أعلنته الحكومة، علماً بأنه سبق أن اعتمدت بوركينا فاسو في سبتمبر (أيلول) الماضي قانوناً يستهدف «مرتكبي الممارسات المثلية» بعقوبات تصل إلى خمس سنوات سجناً.

غرامات وأعمال مفيدة

أوضح الوزير رودريغ بايالا أن مشروع القانون اعتمد «العمل للمصلحة العامة» بوصفه عقوبة رئيسية، وهو ما يعني إحلال عقوبة تقوم على إلزام الشخص المحكوم عليه بأداء أعمال مفيدة للمجتمع، تحت إشراف السلطات، ووفق ضوابط قانونية محددة، محل بعض العقوبات التقليدية، مثل السجن أو الغرامة.

في غضون ذلك، شهدت الغرامات المالية المرتبطة بجميع المخالفات، سواء الجنح أو الجرائم، زيادة ملحوظة في مشروع القانون الجديد؛ إذ ارتفع الحد الأدنى للغرامة من 250 ألف فرنك أفريقي (450 دولاراً أميركياً) إلى 500 ألف فرنك أفريقي (900 دولار أميركي).

لقطة من فيديو لمعسكر تدريب لمقاتلي «القاعدة» في بوركينا فاسو (تواصل اجتماعي)

وأشار الوزير إلى أن العقوبات المتعلقة بسلامة المرور «رُفعت بشكل خاص، لأننا لاحظنا أن 90 إلى 95 في المائة من حوادث السير التي تفجع الأسر البوركينابية سببها المستخدمون أنفسهم»، على حد تعبيره.

وحول الجرائم الاقتصادية، مثل الاختلاس وأعمال الفساد، يمكن أن تصل العقوبات إلى السجن المؤبد عندما تتجاوز قيمة الأموال المختلسة، أو موضوع الجريمة، 5 مليارات فرنك أفريقي (نحو 9 ملايين دولار أميركي)، حسب الوزير.

في انتظار قرار البرلمان

من أجل أن يصبح مشروع القانون الجديد ساري المفعول، لا بد من موافقة الجمعية التشريعية الانتقالية التي أنشأتها السلطة العسكرية، بوصفها بديلاً للبرلمان الذي تم حله في أعقاب الانقلاب العسكري.

ويتوقع المراقبون أن مشروع القانون الجديد لن يجد أي مشكلة أمام الجمعية التشريعية الانتقالية، حيث تتماهى هذه الجمعية مع سياسات الحكومة، ولم يسبق أن رفضت أي قانون مقترح من طرف السلطة التنفيذية.

وحسب منظمة العفو الدولية، فإن آخر تنفيذ لعقوبة الإعدام في بوركينا فاسو كان عام 1988، خلال حكم الرئيس الأسبق توماس سانكارا، وهو أيقونة التحرر الأفريقي، ويتخذ منه الرئيس الحالي إبراهيم تراوري نموذجاً.

لكن عقوبة الإعدام أُلغيت في بوركينا فاسو منذ عام 2018، في عهد الحكومة المدنية برئاسة روش مارك كريستيان كابوري الذي أُطيح به في انقلاب عسكري عام 2021، ويحكم البلاد منذ 2022 الكابتن إبراهيم تراوري، ومنذ وصوله إلى السلطة، انتهج تراوري سياسات مناهضة للغرب، وابتعد عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، في الوقت الذي عزز فيه علاقاته مع روسيا.

توسع الإرهاب

رغم التحالف مع روسيا وإعادة هيكلة الجيش في بوركينا فاسو، لا يزال الإرهاب يتوسع في البلاد، حيث تشير تقارير إلى أن الجماعات الإرهابية تسيطر على أكثر من 40 في المائة من مساحة البلد الواقع في غرب أفريقيا.

وكثفت «جماعة نصرة الإسلام والمسلمين»، التابعة لتنظيم «القاعدة»، هجماتها في شمال وشرق بوركينا فاسو خلال الأسابيع الأخيرة، وأعلنت، الخميس، أنها سيطرت على ثكنة عسكرية في قرية باكاسولوغو، في ولاية كايا، الواقعة في الوسط الشرقي من بوركينا فاسو.

كما نشرت الجماعة الإرهابية مقطع فيديو دعائياً، الجمعة، يظهر معسكر تدريب لمقاتليه في بوركينا فاسو، ويكشف الفيديو عن وجود مئات المقاتلين في المعسكر، يرتدون ملابس شبه عسكرية، ويقومون بحركات قتالية.


النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
TT

النيجر تتهم «أورانو» الفرنسية بالتسبب في تلوث إشعاعي

منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)
منجم «سومير» لليورانيوم في منطقة أرليت بالنيجر (رويترز)

اتهمت النيجر شركة «أورانو» الفرنسية للوقود النووي بـ«السلوك الاستغلالي» وارتكاب جرائم بيئية، في تصعيد جديد لنزاع محتدم حول السيطرة على مناجم اليورانيوم في الدولة الواقعة بغرب أفريقيا.

وذكرت الحكومة التي يقودها الجيش أن شركة «أورانو» يمكن أن تواجه إجراءات جنائية بتهمة ارتكاب «جرائم جماعية» بعد أن أفادت السلطات بالعثور على 400 برميل من المواد الأساسية المشعة في منطقة ماداويلة بالقرب من منطقة أرليت.

وقالت شركة «أورانو»، المملوكة بنسبة 90 بالمائة للدولة الفرنسية، إنها لم تتلقَّ أي إشعار رسمي بالإجراءات القانونية، ونفت العمل في منطقة ماداويلة.

وأضافت الشركة، في رد مكتوب على أسئلة وكالة «رويترز»، «(أورانو) لا تملك رخصة تشغيل لموقع ماداويلة، ولم تقم بأي عمليات هناك».

وقال وزير العدل أليو داوودا إن الإشعاع في المنطقة تجاوز المعدلات الطبيعية بشكل كبير؛ إذ بلغ نحو سبعة إلى عشرة ميكروسيفرت في الساعة، مقارنة بالمعدل المعتاد البالغ 0.5 ميكروسيفرت. ووجدت الفحوص مادتين مرتبطتين بمشاكل تنفسية يمكن أن تشكل ضرراً على صحة الناس.

يأتي هذا الخلاف عقب تأميم النيجر منجم «سومير» في يونيو (حزيران)، مما أدى إلى تجريد «أورانو» من حصتها البالغة 63.4 بالمائة.