هل ينجح نتنياهو في ترميم علاقته المتضررة مع الإدارة الأميركية؟

مسؤولون: أميركا لن توقف المساعدات لإسرائيل لأن ذلك سيمس بأمنها

هل ينجح نتنياهو في ترميم علاقته المتضررة مع الإدارة الأميركية؟
TT

هل ينجح نتنياهو في ترميم علاقته المتضررة مع الإدارة الأميركية؟

هل ينجح نتنياهو في ترميم علاقته المتضررة مع الإدارة الأميركية؟

أعربت مصادر مهنية في الخارجية الإسرائيلية عن القلق من رد فعل الإدارة الأميركية على تصرفات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو خلال معركته الانتخابية، مؤكدة أن الضرر الذي لحق بالعلاقات بين الطرفين يعتبر كبيرا ولا يمكن ترميمها بسهولة.
وأكدت هذه المصادر أن المحادثة التي جرت بين الرئيس باراك أوباما ونتنياهو، والتي هنأه فيها على إعادة انتخابه، كانت واحدة من الإشارات لما هو قادم، ذلك أن المحادثة كانت قصيرة للغاية، كما أن أوباما تعمد إظهار البرود في لهجته، وحرص على القول إن الولايات المتحدة ستعيد تقييم الخيارات المتاحة أمامها، لتعزيز إنشاء الدولة الفلسطينية.
وفي هذا الشأن قال المحرر السياسي لصحيفة «هآرتس»، إن «استخدام تعبير إعادة التقييم يعتبر بالغ الأهمية لأنه يلمح إلى ما فعله الرئيس جيرالد فورد عام 1975 حين قرر إعادة تقييم العلاقات مع إسرائيل بسبب رفض الحكومة الإسرائيلية في ذلك الوقت المضي قدما في عملية السلام. وقد أخرت الإدارة الأميركية في حينه وطوال 5 أشهر إرسال شحنات الأسلحة إلى إسرائيل، ورفعت الحماية الدبلوماسية التي تمنحها لإسرائيل في الأمم المتحدة».
ولفت المحرر الأنظار إلى تصريح المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إرنست، خلال حديثه مع الصحافيين، الذي أوضح فيه أن الولايات المتحدة ستراجع الدعم الذي تمنحه لإسرائيل في الأمم المتحدة. وقال إن «الخطوات التي قامت بها الولايات المتحدة في الأمم المتحدة استندت إلى فكرة أن حل الدولتين هو أفضل نتيجة، والآن قالت حليفتنا في محادثات السلام إنها لم تعد ملتزمة بهذا الحل. وهذا يعني أنه سيكون علينا إعادة النظر في موقفنا». كما لفت النظر إلى تصريحات لمسؤولين في البيت الأبيض قالوا إن الضرر الذي سببه نتنياهو لا يمكن إصلاحه.
وكانت مصادر الخارجية الإسرائيلية قد لمست أن الإدارة الأميركية غاضبة من تصريحات نتنياهو المذكورة، وخصوصا قوله لصحيفة «معاريف»، الخميس الماضي، بأنه «لن يسمح بقيام دولة فلسطينية». وكشفت أن الإدارة الأميركية توقعت أن يحاول نتنياهو التقليل من أهمية هذا التصريح، كما أن مسؤولين في اللوبي اليهودي داخل الولايات المتحدة «إيباك» عمل على ذلك خلال محادثات خاصة، إلا أن المسؤولين الأميركيين رأوا فيها «محاولة مثيرة للسخرية».
ونقلت صحيفة «معاريف» عن مصادر رفيعة في الإدارة الأميركية حديثها عن الخطوات الاستثنائية التي قامت بها في سبيل «إحباط الخطوات الفلسطينية في الأمم المتحدة. وقد قام أوباما وكيري بالضغط شخصيا على قادة العالم في هذا الشأن. لكن نتنياهو دمر بتصرفه خطواتهم. فكيف يمكنهم إقناع الدول الأخرى بأن المفاوضات هي أفضل طريق لإقامة الدولة الفلسطينية، في وقت يقول فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية إنه لن يسمح بإنشاء دولة فلسطينية؟».
وأضافت الصحيفة الإسرائيلية متسائلة: «إلى أين سيقود التقييم الجديد؟ إحدى الإمكانيات التي يجري فحصها هي ترك السلطة الفلسطينية تنهار، وترك نتنياهو يواجه النتائج الصعبة لهذا الانهيار. لقد بدأت إسرائيل في وقت سابق من هذا العام تأخير تحويل أكثر من 100 مليون دولار من الدخل الفلسطيني من الضرائب بهدف معاقبة الفلسطينيين على انضمامهم إلى محكمة الجنايات الدولية. ومنذ ذلك الوقت تقوم إدارة أوباما بجمع التبرعات من دول أوروبية وعربية في الخليج، كي تمنح السلطة مبالغ تساعدها على البقاء. وحسب تقديرات المسؤولين الأميركيين، فإنه إذا لم يتم تحويل الأموال فإن السلطة لن تتمكن من البقاء لشهر أو شهرين».
وتضيف الصحيفة موضحة: «لقد صادقت منظمة التحرير مؤخرا على وقف التنسيق الأمني مع إسرائيل، ورغم أن أبو مازن أطلق تحذيرا بهذا الشأن في السابق، فإن الإدارة الأميركية تعتقد أنه جدي هذه المرة. من ناحية أمنية هم يعتقدون في الإدارة أنه سيكون من الجنون أن يسمح نتنياهو بانهيار السلطة لأنها تشكل عمليا مقاولا ثانويا لإسرائيل في الضفة. وإذا انهارت فإنه من المتوقع عودة الإرهاب والفوضى، وسيضطر جنود إسرائيل إلى القيام بدوريات في كل قرية ومدينة فلسطينية. ومع ذلك يعتقد كبار المسؤولين في الإدارة أن نتنياهو، وخاصة في ظل الحكومة اليمينية، سيتصرف بحماقة وسيسمح بانهيار السلطة. لكن بعد نتائج الانتخابات لا يشعرون في الإدارة برغبتهم في إنقاذه من نفسه. والإمكانية الثانية التي يجري فحصها هي أن تسمح الإدارة لمجلس الأمن الدولي بتمرير قرار يشجب الاستيطان، وبعبارة أخرى، الامتناع عن فرض الفيتو الأميركي».
لكن في المقابل يقول بعض المسؤولين الأميركيين إن أميركا لن توقف المساعدات الأمنية لإسرائيل لأن ذلك سيمس بأمنها، ويقولون إن أوباما سيواصل التقاء نتنياهو. كما أن الإدارة لن تدعم جهود الفلسطينيين في المحكمة الدولية، لأن هذا سيزيد من نزع شرعية إسرائيل، لكنهم لا يشعرون بالأمر نفسه في موضوع المستوطنات، التي لا يرون أي مبرر لها، حسب الصحيفة ذاتها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».