أطراف الحوار الليبي تبدأ مناقشة تشكيل حكومة توافق وطني

ليون يندد من الصخيرات بالهجوم على طرابلس.. ويصفه بالعمل غير المسؤول

أطراف الحوار الليبي تبدأ مناقشة تشكيل حكومة توافق وطني
TT

أطراف الحوار الليبي تبدأ مناقشة تشكيل حكومة توافق وطني

أطراف الحوار الليبي تبدأ مناقشة تشكيل حكومة توافق وطني

ندد برنادينو ليون، المبعوث الأممي الخاص ورئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بشدة بالعمليات العسكرية للجيش الليبي في محيط طرابلس، ووصفها في تصريح صحافي أدلى به صباح أمس قبل انطلاق اجتماعات الحوار الليبي في مدينة الصخيرات المغربية بأنها «عمل غير مسؤول».
وقال ليون إن الأمم المتحدة تدين بقوة هذه العمليات العسكرية، التي تزامنت مع لحظات حاسمة في الحوار الوطني الليبي، مشيرا إلى أن هذه العمليات لا تهدد فقط بنسف الحوار، ولكنها تشكل أيضا تهديدا كبيرا لوحدة الليبيين حول مكافحة الإرهاب والحرب على تنظيم داعش. كما عبر ليون عن قلقه من التصعيد العسكري الأخير، وأيضا من التصعيد الذي واكبه في تصريحات بعض السياسيين، ودعا جميع الأطراف إلى التعامل بمسؤولية وحكمة، ودعم عملية السلام.
وتواصلت في منتجع الصخيرات (جنوب الرباط) أمس جلسات الحوار بين أطراف الأزمة الليبية، التي تجري على مسارين منفصلين، الأول مع مجلس النواب (طبرق) والثاني مع المؤتمر الوطني (طرابلس)، عن طريق وساطة البعثة الأممية وشخصيات ليبية مستقلة. وقالت مصادر مطلعة على تفاصيل الحوار إن «هناك تقدما في إعداد وثيقة الترتيبات الأمنية»، التي دخلت مرحلة اللمسات الأخيرة قبل التوصل إلى وثيقة واحدة يتفق عليها الجميع، كما شرع المتحاورون في مناقشة قضية تشكيل حكومة توافق وطني، والتي يرجح أن تحدد ولايتها في سنتين، وأن تشارك فيها كل الأطراف.
وتفاوتت ردود أفعال المشاركين في الحوار على العمليات العسكرية التي يقودها الجيش الليبي بقيادة اللواء خليفة حفتر حول طرابلس، إذ يرى موسى الكوني، عضو لجنة الحوار من خارج البرلمانين المتنازعين، أن «الهجوم على طرابلس يشكل دليلا واضحا على أن الهدف هو إيقاف الحوار»، مشيرا إلى تجدد القصف الجوي صباح أمس. وأضاف الكوني أن «هذه العمليات العسكرية لم تزدنا إلا إصرارا على الحوار، وتأكيدا لحاجة ليبيا إلى هذا الحوار، وإلى ضرورة التوصل إلى حل سريع للأزمة عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية لتوحيد الشعب الليبي تحت حكومة واحدة وعاصمة واحدة».
أما صالح همة، عضو مجلس النواب (برلمان طبرق)، فقال بهذا الخصوص: «الجيش الوطني الليبي معروف، ونحن نعرفه قبل 2011 بأسماء رسمية وأرقام عسكرية». وأضاف همة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش الليبي «لا يقاتل قرية أو مدينة، بل يقاتل الإرهاب والخارجين عن القانون»، مشيرا إلى أن «الجيش الليبي ليس على طاولة المفاوضات».
من جهته، قال أبو بكر بعيرة، عضو مجلس النواب (طبرق)، إن العمليات العسكرية التي جرت حول طرابلس كان لها بالفعل أثر على سير المفاوضات في الصخيرات. وأضاف موضحا: «هناك طريقان لحل القضية الليبية، إما عبر الحسم العسكري، وإما عن طريق الحوار. وحتى الآن نحن ماضون في طريق الحوار، لكن إذا تغلب الخيار العسكري فسينتهي الحوار بكل تأكيد، لأنه لن يكون هناك داعٍ للحوار في تلك الحالة». وقال بعيرة لـ«الشرق الأوسط» إن الحوار يمكن أن يتوقف في أية لحظة.
أما محمد شعيب، وهو أيضا عضو في مجلس النواب (طبرق)، فأوضح أن «الاتجاه العام مع الحوار، ومع البحث عن التوصل إلى الصلح وإلى اتفاق حول حل للأزمة وتشكيل حكومة توافقية. ولكنّ هناك أطرافا أخرى ترفض هذا الحوار. وهذه سنّة الحياة دائما، فهناك أشخاص يريدون السلام وآخرون لا يرغبون في ذلك، وهذا أمر يجب أن نتعامل معه بكل موضوعية ومن دون عقد».
ويبدو أن المتحاورين يجمعون على ضرورة التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية، إلا أن مجلس النواب (طبرق) يرفض رفضا باتا الجلوس مع الطرف الآخر (المؤتمر الوطني العام) بشكل مباشر على مائدة الحوار. وبهذا الخصوص قال همة لـ«الشرق الأوسط»: «لا جلوس مع ما تبقى من المؤتمر الوطني لأننا لا نعترف به، ولأنه مات بالإعلان الدستوري وبتصويت الشعب الليبي»، مضيفا أن الحوار لا يلزم مجلس النواب بالجلوس مع المؤتمر الوطني، غير أنه أضاف قائلا: «نحن جئنا إلى المغرب لنضع الحل السياسي لليبيا، يعني لا بد أن يكون هناك تنازل من هنا وهناك، لكن شريطة ألا يمس العمل الدستوري والعملية التشريعية في ليبيا، وعملية التداول السلمي للسلطة، مع التأكيد على أن مجلس النواب هو الجسم الشرعي الوحيد المنتخب في ليبيا».
ويرى همة أن حكومة التوافق الوطني هي الحل الوحيد للخروج من الأزمة الليبية، ولكن يجب أن يجري ذلك من دون «القفز على الإعلان الدستوري والعملية الدستورية. صحيح أن الحكومة ستخرج من رحم الحوار، ولكن يجب أن تنال الثقة من مجلس النواب، وأن يكون هو الهيئة التي تملك صلاحيات مراقبة الحكومة وسحب الثقة منها».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».