تقدم في المفاوضات مع «بدو» خان الأحمر يتيح تأجيلاً لهدم القرية الفلسطينية جنوب القدس

TT

تقدم في المفاوضات مع «بدو» خان الأحمر يتيح تأجيلاً لهدم القرية الفلسطينية جنوب القدس

كشف مصدر في الحكومة الإسرائيلية عن تقدم في المفاوضات الجارية بينها وبين بدو سكان القرية الفلسطينية خان الأحمر جنوب شرقي القدس المحتلة، يتيح مرة أخرى تأجيل تنفيذ مخطط وضعته الحكومة السابقة، برئاسة بنيامين نتنياهو، لهدم بيوت القرية.
وقالت هذه المصادر، إن حكومة نفتالي بنيت قبلت توصية جهاز الأمن العام (الشاباك)، بعدم إخلاء القرية في الوقت الحالي، على الرغم من أن وزراء اليمين بقيادة بنيت، كانوا ينتقدون نتنياهو على تأخير الهدم ويطالبونه بتنفيذ الخطة فوراً. وقررت الحكومة إبلاغ المحكمة العليا في القدس، غداً (الأحد)، بأنها تطلب تأجيل تنفيذ قرار الهدم مرة أخرى، بعد أن كانت تقدمت بطلبات تأجيل عديدة في الماضي. وأكدت المصادر، أن المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، سيقرر غداً، نقل هذه المداولات بهذا الشأن إلى هيئة مقلصة.
وذكرت الصحيفة، أن مداولات حول هذه القضية جرت في الأيام الأخيرة، وأن جهاز الأمن أوصى بعدم إخلاء خان الأحمر حالياً، وأن «تتواصل الاتصالات مع سكانها من البدو وإقناعهم بالانتقال إلى مكان آخر». وجرى البحث خلال هذه المداولات بأن تطلب السلطات من المحكمة العليا تمديد مهلة الإخلاء. وكان قضاة المحكمة قرروا في الجلسة الأخيرة التي نظروا خلالها في القضية بأن المهلة التي توشك على الانتهاء ستكون الأخيرة.
المعروف أن خان الأحمر هي قرية فلسطينية بدوية في محافظة القدس، قائمة منذ مطلع القرن السابع عشر، حيث كان التجار يستخدمون فيها الخان لاستراحتهم على الطريق التجارية بين الشمال والجنوب. ويسكنها اليوم نحو 200 نسمة من عشيرة عرب الجهالين الفلسطينية ويمتلكون فيها أراضي بمساحة 16 ألف دونم، وفقاً لمسح الأراضي والسكان في زمن الانتداب البريطاني في عام 1945.
ففي عام 1952، استقرت في الخان إحدى عائلات العشيرة، بعد قيام السلطات الإسرائيلية بترحيلهم عن أراضٍ أخرى يمتلكونها في النقب. وأصبحوا خاضعين للحكم الأردني، مثل بقية سكان الضفة الغربية. ومنذ احتلال إسرائيل سنة 1967، وهي تسعى إلى ترحيلهم ومصادرة أراضيهم، لغرض بناء سلسلة مستوطنات تقع جنوبي القدس وعلى الطريق إلى أريحا. وبالفعل، تمكنت من مصادرة غالبية أراضيهم، وأقامت عليها مدينة «معاليه أدوميم» الاستيطانية. التي تعتبرها إسرائيل «ذات أهمية استراتيجية»؛ لأنها من المناطق الفلسطينية الوحيدة المتبقية ما بين القدس وأريحا، وتخطط إسرائيل لتنفيذ مخطط معروف باسم «E1» الذي يقسم الضفة الغربية إلى نصفين وتريد منه أن يمنع التواصل الجغرافي للدولة الفلسطينية العتيدة.
من جانبها، سعت السلطة الفلسطينية، لجعل خان الأحمر قرية مركزية. وفي عام 2009، بنت فيها مدرسة تخدم خمسة تجمعات بدوية في المنطقة. بيد أنه في عام 2010 قررت حكومة بنيامين نتنياهو هدم القرية وعرضت على سكانها الانتقال إلى بلدة أبو ديس. فرفضوا. وتوجهوا إلى محكمة العدل العليا الإسرائيلية. ولكن المحكمة لم تسعفهم وقررت تبني موقف الحكومة الذي اعتبرهم «غزاة استولوا على أرض ليست لهم ويدّعون ملكيتها من دون وثائق إثبات».
وقد تمكنت السلطة الفلسطينية وعدد من الجمعيات الحقوقية في إسرائيل من تجنيد دعم دولي ضد المشروع الإسرائيلي. وحسب مصادر أمنية، فإن الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس السابق، دونالد ترمب، عارضت المشروع وطلبت من إسرائيل في يونيو (حزيران) 2019. تأجيل إخلائها وهدمها. فتوجه نتنياهو إلى المحكمة وطلب تأجيل تنفيذ قرارها، المرة تلو الأخرى. وفي حكومة نفتالي بنيت يوجد اليوم معسكران. وزير الأمن، بيني غانتس، ووزير الخارجية، يائير لبيد، يقودان المعسكر الليبرالي الذي يؤيد تأجيل الإخلاء، في حين أحزاب اليمين في الحكومة، ومن ضمنهم رئيس الحكومة، نفتالي بنيت، والوزراء إييليت شاكيد، وأفيغدور ليبرمان، وغدعون ساعر وزئيف إلكين، يؤيدون تنفيذ القرار بالإخلاء والترحيل. لكن المعسكرين متفقان على طلب مهلة جديدة من المحكمة، على أمل التوصل إلى اتفاق مع السكان، يتم بموجبه منحهم أرضاً في منطقة أخرى قريبة. وبحسب المصادر المذكورة، لوحظ وجود تقدم في المفاوضات مع السكان يتيح هذا التأجيل والتقدم نحو اتفاق مكتوب على تسوية المشكلة.
وقال الوزير لبيد، إن «قضية إخلاء خان الأحمر موجودة على طاولة (بحث) الحكومات الإسرائيلية منذ أعوام عدة... وفي عام 2018، أذِنت المحكمة العليا بإخلاء المنطقة وهدمها. إلا أنه وبسبب حسابات سياسية مختلفة، قررت الحكومات السابقة الامتناع عن إخلاء المنطقة حتى يومنا هذا. والسبب هو أن الإخلاء سيجر إلى عواقب وسيضع تحديات ثقيلة عدة على مستوى السياسة الداخلية في إسرائيل، وكذلك على المستوى الدولي».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.