دليل النجاة من الإجهاد المزمن: كيف تتعايش مع القلق والحزن؟

العديد من التحديات اليومية التي نواجهها تفاقمت بسبب الوباء وعواقبه على الاقتصاد والمجتمع (أرشيفية - رويترز)
العديد من التحديات اليومية التي نواجهها تفاقمت بسبب الوباء وعواقبه على الاقتصاد والمجتمع (أرشيفية - رويترز)
TT

دليل النجاة من الإجهاد المزمن: كيف تتعايش مع القلق والحزن؟

العديد من التحديات اليومية التي نواجهها تفاقمت بسبب الوباء وعواقبه على الاقتصاد والمجتمع (أرشيفية - رويترز)
العديد من التحديات اليومية التي نواجهها تفاقمت بسبب الوباء وعواقبه على الاقتصاد والمجتمع (أرشيفية - رويترز)

في الوقت الذي تضخمت فيه جميع تحديات الحياة بسبب وباء «كورونا»، يبدو التوتر طاغياً على غالبية الناس. بالنسبة لمعظمنا، تمر فترات الضغط هذه بسرعة نسبية. وتقول راشيل بويد، من منظمة «مايند» الخيرية للصحة العقلية، إن «المرونة العاطفية لن تحل كل شيء... بعض أسباب التوتر صعب التعامل معها للغاية، حتى عندما نشعر بأننا بخير»، وفقاً لصحيفة «الغارديان» البريطانية.
وتفاقمت العديد من التحديات اليومية التي نواجهها بسبب الوباء وعواقبه على الاقتصاد والمجتمع. وقد يشعر أولئك الذين يعيشون في ضائقة مالية أو يعانون من ظروف صحية، على وجه الخصوص، بأنه لا توجد نهاية لما يشعرون به في الأفق. ولكن حتى إذا بدا التوتر ضرورياً لظروفك ولم يكن لديك الخيار أو الموارد لتغيير واقعك، فهناك طرق يمكنك من خلالها دعم نفسك.
* تعامل مع القلق بجدية
تقول فيكتوريا زامبروني، كبيرة مسؤولي الأبحاث في مؤسسة الصحة العقلية، إن اندفاعات الإجهاد قصيرة المدى يمكن التغلب عليها دون تأثير سلبي وقد تكون منتجة.
وقالت «ولكن إذا كان التوتر شديداً حقاً، أو متكرراً، أو مزمناً، فعندئذٍ ترى أن له آثاراً غير مباشرة... وستكون العواقب مختلفة من شخص إلى آخر».
وعندما يكون وضعك صعباً للغاية، قد تبدو حماية صحتك مستحيلة أحياناً. لكن من المهم أن تتخذ أي خطوات ممكنة. يمكن أن يتسبب الإجهاد المستمر أو يؤدي إلى تفاقم العديد من المشكلات الصحية الخطيرة بما في ذلك أمراض القلب والأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم والنوبات القلبية والسكتة الدماغية. ويضعف القلق ذاكرتك وتفكيرك، وقد تم ربطه بتطور الاكتئاب وربما حتى مرض ألزهايمر.
وتقول زامبروني «الإجهاد هو تأثير جسدي مهم حقاً ويستحق أن يؤخذ على محمل الجد... إذا كان شخص ما يعاني، فعليه طلب المساعدة».

* توضيح الصورة الأكبر
تقول بويد «الإجهاد غالباً ما يكون استجابة مشروعة للظروف الصعبة، والتي لا يمكن التغلب عليها ببعض المرونة أو الرعاية الذاتية».
والكثير من الضغوط التي طال أمدها هي نتاج الفقر والصراع المالي والظروف الصحية وتتفاقم بسبب التخفيضات في المزايا وخدمات الدعم. لذا؛ فإن أي نقاش حول طرق المواجهة يجب أن يعترف بأن الحل يكمن في التغيير المجتمعي الهيكلي، مثل إصلاح الرعاية الاجتماعية، والمزيد من قوانين العمل الوقائية والمزيد من الدعم والموارد لمقدمي الرعاية.
* البحث عن الحلول التي تناسبك
أوضحت زامبيروني، أن تجربة الإجهاد تختلف من شخص إلى آخر، وأضافت «يمكن أن تختلف الضغوطات حسب بيئتك، وماضيك وحاضرك، والوضع الاجتماعي أو الاقتصادي الذي تجد نفسك فيه».
وحتى علم الوراثة هو الذي يخبرنا عن استجابتنا للضغط؛ مما يعني أن استراتيجيات الآخرين لن تساعدك بالضرورة؛ المفتاح هو ابتكار الحل الذي يناسبك. وتساعد أداة «أفري مايند ماترز» عبر الإنترنت الأشخاص على التوصل إلى «خطة ذهنية» مخصصة لهم.
* لا تستهِن بالأساسيات
نعلم جميعاً أهمية الحركة والتغذية والنوم، ولكن ليس من السهل دائماً القيام بشيء حيال ذلك. في الظروف اليائسة، قد تبدو هذه حلولاً مبسطة. لكن في الحقيقة يمكنها إما أن تفاقم تجربتك مع ظروفك أو مساعدتك على التأقلم. وتقول زامبروني «النوم الجيد ليلاً يصنع عالماً من الاختلاف، والذي يبدو وكأنه شيء عادي عندما نتحدث عنه - لكنه فعل أمر أساسي».
وتقترح بويد القيام بما يشعرك بالراحة فقط، واتخاذ خطوات صغيرة في كل مرة «اختر شيئاً أو شيئين يمكن تحقيقهما في البداية، قبل الانتقال لتجربة أفكار أخرى. يمكن أن تساهم خطوات بسيطة، مثل رعاية نبتة معينة أو عد الطيور التي تراها من نافذتك، في ذلك». كما يضيف إنشاء روتين يومي إلى الشعور بالسيطرة.

* إحاطة نفسك بالدعم
لا تقتصر عملية طلب المساعدة على تخفيف العبء فحسب، بل ستجعل وضعك أقل تعقيداً. يتم تعديل استجابة الأفراد البيولوجية للتوتر عن طريق الجينات، التي لا نسيطر عليها، لكن أيضاً عبر توافر العلاقات الداعمة، وهو ما يمكننا التحكم به.
ويقول بول غجيلبرت، وهو طبيب نفسيّ، إن الشعور بأن الآخرين يهتمون بنا ينشّط «نظام التهدئة» في الدماغ لإدارة الإجهاد. حتى لو لم يكن من الممكن أن نخرج أنفسنا من الضغوط، فلا يزال بإمكاننا الوصول إلى إحساس «بالأمان الاجتماعي» من خلال اللجوء إلى الأشخاص للحصول على المساعدة: «بدلاً من مجرد محاولة التعامل مع التهديد وحدنا».
* إدارة أفكارنا
قد لا تكون قادراً على الهرب أو تغيير وضعك، لكن يمكنك إدارة أفكارك بأنك محاصر بواقعك هذا. وقال غيلبرت، إن «الوقوع في فخ داخلي» يأتي من التفكير السلبي المتكرر والنقد الذاتي، وتشويه الإدراك وتفاقم تجربتنا مع التوتر. وتابع «ما يبدو أحياناً أنه عامل ضغط قد لا يكون كذلك».
* التحكم بالمشاعر
يمكن لمشاعر الإحباط المفهومة، مثل ارتكاب خطأ أو عدم الحصول على وظيفة، أن تتصاعد في كثير من الأحيان إلى شعور «أنا عديم الفائدة»، «لن يرغب أحد في تعييني». يقول غيلبرت «تعامل مع المشاعر دون التعرض للضربة الثانية من النقد الذاتي».
والمشاعر الثلاثة المألوفة هي الغضب والقلق والحزن. يقول جيلبرت، إن بعض التوتر قد ينتج من التغيّرات الدائمة في الحياة «إذا تعلمت التعامل مع (الثلاثة الكبار) فهذا يساعدك على التصالح مع ذاتك».
ووجدت دراسة حديثة أجريت على مستوى المملكة المتحدة حول العاملين في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية، واستكشفت عبء العمل خلال الوباء، أن أولئك الذين لديهم استراتيجيات تأقلم إيجابية لديهم مستويات أعلى من الصحة العقلية، ونوعية حياة عمل أفضل، ومعدلات أقل من الإرهاق.
* استكشف خياراتك في العمل
إذا كانت ضغوطك غير مرتبطة بالعمل - وحتى لو كانت كذلك - فقد يكون صاحب العمل قادراً على فعل المزيد للمساعدة. أكدت دراسة جامعة أولستر للعاملين في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية على الدور المهم لأصحاب العمل في دعم الموظفين خلال ضغوط الوباء ومساعدتهم على التعافي.
وإذا كان من الممكن تخفيف الضغوط في حياتك الأسرية من خلال التغييرات في أنماط عملك، فإن الأمر يستحق مناقشة ذلك مع مديرك، كما هو الحال مع توفير أي تقنية أو معدات تجعل من السهل العمل من المنزل.
في هذه الأثناء، يحتاج أصحاب العمل إلى أخذ زمام المبادرة من خلال إجراء تغييرات منهجية لدعم الموظفين لأخذ فترات راحة وعطلات، وإنشاء مسارات للمساعدة النفسية المتخصصة، وإتاحة الفرص لوقت إضافي للتعافي، إذا لزم الأمر.


مقالات ذات صلة

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

المشرق العربي فلسطيني يحمل طفلة صغيرة مصابة داخل مستشفى كمال عدوان في قطاع غزة (أ.ف.ب)

وزارة الصحة: كل مستشفيات غزة ستتوقف عن العمل خلال 48 ساعة

حذرت وزارة الصحة في قطاع غزة من توقف جميع مستشفيات القطاع عن العمل أو تقليص خدماتها خلال 48 ساعة بسبب نقص الوقود، إذ ترفض إسرائيل دخوله للقطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
صحتك سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

سمنة البطن مع وزن طبيعي للجسم... مشكلة صحية تستدعي الاهتمام

تعتمد الأوساط الطبية بالعموم في تحديد «مقدار وزن الجسم» على عدد الكيلوغرامات بوصفه «رقماً»

د. حسن محمد صندقجي (الرياض)
صحتك الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

الحياة الخاملة ترفع ضغط الدم لدى الأطفال

كشفت أحدث دراسة تناولت العوامل المؤثرة على ضغط الدم، عن الخطورة الكبيرة للحياة الخاملة الخالية من النشاط على الصحة بشكل عام، وعلى الضغط بشكل خاص.

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
صحتك الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي: خيارات العلاج المستهدف

الصداع النصفي ليس مجرد صداع عادي يعاني منه الجميع في وقتٍ ما، بل هو اضطراب عصبي معقد يمكن أن يُشعر المريض وكأن العالم قد توقف.

د. عبد الحفيظ يحيى خوجة (جدة)
صحتك استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

استشارات طبية: المغنيسيوم والنوم... وعدم تحمّل دواء خفض الكوليسترول

ما تأثير تناول المغنيسيوم الغذائي بالعموم، أو أقراص مكملات المغنيسيوم، على النوم؟

د. حسن محمد صندقجي

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
TT

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... العاصمة السعودية تحتضن «أيام بنغلاديش»

فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)
فعاليات متنوعة شهدت إقبالاً كبيراً (الشرق الأوسط)

تقام «أيام بنغلاديش» في حديقة السويدي بالعاصمة السعودية الرياض، والتي انطلقت لياليها، الثلاثاء، ضمن مبادرة تعزيز التواصل مع المقيمين التي أطلقتها وزارة الإعلام السعودية، بالشراكة مع الهيئة العامة للترفيه، تحت شعار «انسجام عالمي»، وتستمر حتى السبت، بهدف تعزيز التواصل الثقافي بين المجتمع السعودي والمقيمين، وإبراز التنوع الثقافي الغني الذي تحتضنه السعودية.

وتشهد الفعاليات عروضاً فنية متنوعة تقدمها الفرقة الشعبية، حيث تألق المشاركون بتقديم عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي، إلى جانب أغنيات مستوحاة من أعمال أبرز شعراء بنغلاديش.

عروض موسيقية واستعراضية تمثل مختلف ألوان الفلكلور البنغالي (الشرق الأوسط)

كما يضم الحدث منطقة مخصصة لعرض التراث البنغالي، حيث تُتيح للزوار فرصة استكشاف الجوانب الغنية للثقافة البنغالية عن قرب؛ إذ تشمل المنطقة معروضات للأزياء التقليدية المزينة بالزخارف اليدوية التي تعكس المهارة الحرفية والفنية المتميزة، حيث يتم عرض الساري البنغالي المصنوع من أقمشة الحرير والقطن الفاخرة، إضافة إلى الملابس التقليدية للرجال مثل البنجابي والدوتي، كما تعرض الإكسسوارات اليدوية التي تشتهر بها بنغلاديش، بما في ذلك المجوهرات التقليدية المصنوعة من المعادن والأحجار الكريمة، والحقائب والمطرزات التي تعكس ذوقاً فنياً عريقاً.

الفعاليات شملت استكشاف التراث البنغالي (الشرق الأوسط)

واشتملت الفعاليات على قسم مخصص للأطعمة من بنغلاديش؛ إذ يٌقدم للزوار فرصة تذوق أشهى الأطباق التقليدية التي تمثل المطبخ البنغالي المعروف بنكهاته الغنية وتوابله المميزة، وتشمل الأطباق المقدمة أكلات شهيرة مثل البرياني البنغالي، والداكا كاكوري كباب، وسمك الهيلشا المطهو بطرق تراثية، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من الحلويات التقليدية مثل الروشا غولا والميزان لادّو.

وتضيف هذه المنطقة بعداً مميزاً للفعالية، حيث لا تقتصر التجربة على الفنون والعروض، بل تمتد لتشمل استكشاف التراث البنغالي بشكل متكامل يعكس الحياة اليومية والعادات والتقاليد، مما يجعلها تجربة غنية تُثري التفاعل الثقافي بين الزوار.

معروضات للأزياء التقليدية (الشرق الأوسط)

وحظيت الفعاليات منذ انطلاقها بإقبال واسع من الزوار الذين عبروا عن إعجابهم بجمال الفلكلور البنغالي وتنوع العروض الفنية المقدمة، كما أبدى العديد من الحاضرين تقديرهم لهذه المبادرات التي تسهم في تعزيز التفاهم والتفاعل بين الثقافات.

وأكّد المسؤولون أن هذه المبادرة تأتي جزءاً من سلسلة برامج ثقافية تهدف إلى تعزيز المشهد الثقافي في المملكة، بما يتماشى مع «رؤية السعودية 2030» التي تدعم التنوع والانفتاح الثقافي.