دخلت شحنة مساعدات إنسانية إلى إدلب، آتية من مدينة حلب الخاضعة لسيطرة النظام السوري، لأول مرة، مقدمة من منظمة الأغذية العالمية، على دفعتين، يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين، ما أثار ردود فعل غاضبة من قبل المواطنين والناشطين في شمال غربي سوريا إزاء ما عدوه «تطوراً خطيراً يصب في مصلحة النظام وروسيا سياسياً على الساحة الدولية، وإنهما قادران على تولي المسؤوليات الإنسانية تجاه المدنيين في إدلب، والاستغناء تدريجياً عن المعابر والمنافذ الحدودية مع تركيا».
وقال محمد الأسمر، وهو ناشط ميداني في محافظة إدلب، أمس، إن «دفعتين من المساعدات الإنسانية مؤلفتين من (15 شاحنة)، محملتين بالمواد الغذائية (12 ألف حصة غذائية) المقدمة من منظمة الأغذية العالمية (WFP)، دخلتا يومي الاثنين والثلاثاء الماضيين من مناطق سيطرة النظام السوري في حلب، عبر معبر بلدة ميزناز، شمال شرقي إدلب، الفاصل بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة فصائل المعارضة السورية المسلحة، إلى منطقة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، شمال محافظة إدلب». وأضاف أن «هذا الإجراء اللافت أثار ردود فعل غاضبة في الشارع ولدى النازحين والناشطين في شمال غربي سوريا، إذ عدوه إجراءً خطيراً يصب في مصلحة النظام، وتعزيز دوره في الملف الإنساني، بدعم روسي، والتحكم في عملية توزيع المساعدات الإنسانية لاحقاً على النازحين في إدلب، والنازحين في المخيمات الحدودية، فضلاً عن محاولة النظام السوري سرقة جزء كبير من المساعدات الإنسانية الأممية لصالح قواته وميليشياته، في الوقت الذي يشهد الاقتصاد السوري انهياراً حاداً، وعجز حكومة النظام عن سد حاجة المواطنين السوريين في كثير من الخدمات، فضلاً عن توفير الغذاء والدواء». ومن جهته، أوضح الناشط عمر حاج أحمد، وهو ناشط إنساني في إدلب، أن «الهدف من إدخال المساعدات الإنسانية المقدمة من برنامج النظام الغذائي العالمي إلى إدلب والنازحين في شمال غربي سوريا عن طريق النظام، بدلاً من باب الهوى الحدودي مع تركيا، سياسي بحت، إذ يكسب النظام شرعية على الساحة الدولية، لا سيما أن هناك خطة تقضي بمشاركة الهلال الأحمر التابع للنظام في مرافقة المساعدات الإنسانية إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، ومراقبة عملية توزيعها، فضلاً عن عملية التحكم بكمية المساعدات الإنسانية ونوعها. وبالتالي، أصبح للنظام السوري مشاركة فعلية في إدارة الجانب الإنساني ضمن مناطق المعارضة في شمال غربي سوريا».
وأوضح أن هذا الإجراء «كان مطلباً أساسياً من قِبل الجانب الروسي، مقابل الموافقة على قرار مجلس الأمن المتعلق بتمديد إدخال المساعدات الإنسانية إلى سوريا عبر باب الهوى الحدودي مع تركيا لمدة 6 أشهر، وهو الذي صدر في يوليو (تموز) من العام الحالي، على أن يكون لمؤسسات النظام السوري دور في توزيع المساعدات الإنسانية في البلاد، بما في ذلك مناطق المعارضة السورية»، لافتاً إلى أن الهدف الروسي من ذلك هو «سحب الملف الإنساني من أيدي المعارضة السورية، وتوسيع دور النظام السوري على الصعيدين (الإنساني والسياسي)، في نوع من فرض الأمر الواقع، أمام المجتمع الدولي ومناطق المعارضة على حد سواء».
وفي السياق، أكدت وزارة التنمية والشؤون الإنسانية لدى «حكومة الإنقاذ»، المدعومة من «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، في بيان لها حول دخول المساعدات من مناطق النظام السوري في حلب، أن «الشاحنات تتبع لبرنامج الغذاء العالمي (WFP)، وهي 15 شاحنة تقوم بنقل 12 ألف حصة غذائية، ضمن خطة نقل مستودعات تتبع لبرنامج الغذاء العالمي من حلب إلى إدلب». وأضاف البيان أن «الحصص الغذائية المنقولة من مستودعات برنامج الغذاء العالمي إضافية تعادل 5 في المائة من الحصص التي تدخل من معبر باب الهوى الحدودي، شمال إدلب»، مشيراً إلى أن «الفعالية تضمن نقلاً لمستودعات البرنامج الغذاء العالمي، وليس فتحاً لمعبر إنساني»، مشدداً على أنه «لا علاقة للهلال الأحمر السوري بالمهمة، والشعار المرفوع على الشاحنات هو شعار برنامج الغذاء العالمي»، مؤكداً «حرص الجهات المسؤولة في شمال غربي سوريا على اتخاذ جميع الإجراءات والتدابير اللازمة التي تعود بالنفع على العمل الإنساني في المناطق المحررة».
وأعلنت الخارجية الروسية، في بيان لها يوم أمس: «في الـ30 من أغسطس (آب)، وفي إطار برنامج الأغذية العالمي، تم نقل أول شحنة من المساعدات الإنسانية (9600 سلة غذائية) من حلب إلى سرمدا في إدلب عبر خطوط التماس، ومن المقرر تسليم 27 ألفاً من هذه السلال من داخل سوريا إلى منطقة وقف التصعيد بحلول منتصف سبتمبر (أيلول)»، لافتة إلى أن هذا من شأنه أن يساعد 50 ألف مدني، وتابعت: «لا بد من الإشارة إلى أن هذا الإجراء كان أحد النتائج العملية الأولى لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2585 الذي نص على ضرورة وصول الإمدادات الإنسانية إلى مختلف المناطق السورية من دمشق عبر خطوط الاتصال»، لافتاً إلى أن «موسكو عبرت عن نجاح المرحلة الأولى من الإمدادات عبر برنامج الأغذية العالمي، وتأمل باستكمالها في الوقت المناسب».
وأوضحت الوزارة أنه «من المهم أيضاً وضع آلية موثوقة لتوزيع المساعدات بين المحتاجين من أجل منع وقوعها في أيدي إرهابيي (هيئة تحرير الشام) الذين يسيطرون في منطقة وقف التصعيد، وندعو لاستمرار الجهود الدولية المكثفة لتأمين وصول المساعدات الإنسانية إلى إدلب ومناطق أخرى في شمال سوريا عبر خطوط الاتصال».
وصول أول قافلة مساعدات أممية «عبر الخطوط» شمال سوريا
موسكو رحبت بالخطوة... ومعارضون انتقدوها
وصول أول قافلة مساعدات أممية «عبر الخطوط» شمال سوريا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة