وعود حكومية بتحسّن التغذية الكهربائية خلال أسبوعين

TT

وعود حكومية بتحسّن التغذية الكهربائية خلال أسبوعين

وعدت الحكومة اللبنانية بزيادة ساعات التغذية الكهربائية لنحو 6 ساعات إضافية في الأسبوع الثالث من شهر سبتمبر (أيلول) الحالي، بعد تسلمها للفيول المناسب لتوليد محطات الكهرباء من شركة إماراتية فازت بعقد مبادلة النفط العراقي الخام المقدم للبنان، بفيول مكرر.
ويعاني لبنان، منذ مطلع الصيف الحالي، من أسوأ أزمة تغذية كهربائية في تاريخه، حيث لا تتخطى تغذية «مؤسسة كهرباء لبنان» الساعتين يومياً في بعض المناطق، ما فرض ضغطاً على شبكة الكهرباء البديلة (المولدات) التي ينطفئ بعضها لساعات طويلة يومياً بسبب ندرة مادة المازوت في الأسواق.
ويُنظر إلى هذا التدبير على أنه حل جزئي، لن يحل أزمة انقطاع الكهرباء المتنامية، ما لم تتوفر الاعتمادات المالية لتأمين مصادر تمويل أخرى لشراء الفيول لمحطات الإنتاج. وقال رئيس لجنة الطاقة والأشغال في البرلمان اللبناني النائب نزيه نجم، إنه إذا لم تتوفر الاعتمادات، فلن يتخطى توفير التغذية الكهربائية أكثر من الساعات الست أو الأربع التي وعد بها وزير الطاقة، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أن مجلس النواب «ليس بصدد فتح اعتمادات مالية جديدة بغياب حكومة، أو بوجود خطة جدية لتوفير الكهرباء من غير تبديد أموال المودعين».
وقال نجم: «مجلس النواب حريص على أموال المودعين في المصارف الموجودة ضمن الاحتياطي الإلزامي لمصرف لبنان، وإذا قام بشيء يخالف مصلحتهم، فإنه عندئذ سيكون يستخف بحقوق الناس وأموالهم».
وأحال الرئيس اللبناني ميشال عون إلى مجلس النواب، أمس، مشروع القانون الرامي إلى طلب الموافقة على إبرام بيع مادة زيت الوقود بين حكومتي لبنان والعراق. ويحتاج إقراره إلى جلسة عامة في مجلس النواب.
وينتظر لبنان وصول الشحنة الأولى من النفط المكرر للشروع في عملية زيادة الإنتاج الكهربائي. وأعلن وزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر أن الشحنة الأولى من الفيول العراقي تصل في الأسبوع الثاني من سبتمبر الحالي، والشحنة الثانية تصل في الأسبوع الثالث منه.
وقال غجر من مجلس النواب إنه «وقّع عقداً مع العراق لشراء مليون طن من النفط الأسود واستبدال كميات ملائمة لمعامل الكهرباء به»، وأكد أن كمية الفيول العراقي «التي يمكن أن نحصل عليها يمكن أن تعطينا بين 4 و6 ساعات تغذية كهربائية يومياً». وأضاف: «نحن قادمون على فترة زمنية حيث ينخفض الطلب على الكهرباء وكمية الفيول العراقي تكفي لإعطاء نفس ساعات التغذية».
وعن النفط الإماراتي، قال: «حضرنا المناقصة وشركة إماراتية ستسلمنا شحنتين من الفيول تحتوي الأولى على 30 ألف طن»، لافتاً إلى أن موعد التسليم قد يكون بين 5 و10 سبتمبر، أما الشحنة الثانية فتصل بين 10 و20 من الشهر نفسه.
ولفت غجر إلى «أننا لا نملك المال لكي نأتي بفيول بديل عن الفيول الموجود في خزانات شركة الكهرباء، ولولا الفيول العراقي لكنا لا نملك الكهرباء».
وقال غجر إن «تأمين المحروقات والمازوت للمولدات بحاجة لفتح اعتمادات من قبل مصرف لبنان، ونأمل أن تحصل مفاوضات مع مصر والأردن وسوريا من أجل إعادة تفعيل اتفاقية الغاز».
وجاء فوز الشركة الإماراتية بعد استكمال كل التحضيرات الإدارية والتقنية بين الجانبين اللبناني والعراقي، فيما خص الاتفاق الموقّع مع دولة العراق لاستقدام مليون طن من الفيول الأسود لمدة سنة واستبداله عبر مناقصات Cargo Spot شهرية (ما بين 75 و85 ألف طن) لمؤسسة كهرباء لبنان، وبعد الموافقات من الجانب العراقي على دفتر الشروط والشركات المشاركة.
وأطلقت المديرية العامة للنفط في وزارة الطاقة والمياه المناقصة الأولى لاستبدال نحو 84 ألف طن من النفط الأسود بنحو 30 ألف طن من الفيول الثقيل B grade ونحو 33 ألف طن من الغاز أويل.
إلى ذلك، يستعد وفد وزاري لبناني لزيارة سوريا لمفاوضتها في ملف استجرار الغاز من مصر إلى لبنان عبر أراضيها إلى محطات الكهرباء. وقالت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط» إن هذا الحل، رغم أنه سيحسن التغذية الكهربائية إلى حد كبير، لكنه «لن يكون سريعاً»، موضحاً أن هناك تفاصيل تقنية متصلة بتصليح خطوط الإمداد وغيرها، وتحتاج جميعها إلى وقت، وذلك بعد الانتهاء من الاتفاقات مع الدول المعنية، وهي مصر والأردن وسوريا.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.