{شراكة استراتيجية} بين الإمارات والسودان للتحديث الحكومي

حمدوك: ستساعدنا في خلق خدمة مدنية محترفة

حمدوك خلال مشاركته في الاجتماعات الثنائية بين الإمارات والسودان (الشرق الأوسط)
حمدوك خلال مشاركته في الاجتماعات الثنائية بين الإمارات والسودان (الشرق الأوسط)
TT

{شراكة استراتيجية} بين الإمارات والسودان للتحديث الحكومي

حمدوك خلال مشاركته في الاجتماعات الثنائية بين الإمارات والسودان (الشرق الأوسط)
حمدوك خلال مشاركته في الاجتماعات الثنائية بين الإمارات والسودان (الشرق الأوسط)

أعلنت الإمارات عن شراكة استراتيجية مع السودان في التحديث الحكومي، التي تأتي ضمن الجهود المشتركة بين البلدين لتعزيز التعاون وتبادل الخبرات والمعارف في مختلف المجالات. وشارك رئيس مجلس الوزراء السوادني، عبد الله حمدوك، في جانب من الاجتماعات الثنائية، حيث أكد عمق وتميز العلاقات بين البلدين، مثمّناً وقوف دولة الإمارات مع السودان والمساهمة بقدر كبير في معالجة عودة السودان للمجتمع الدولي ولمجتمع التنمية الدولي.
جاء ذلك ضمن زيارة رسمية لوفد من حكومة دولة الإمارات إلى للسودان برئاسة وزيرة الدولة للتطوير الحكومي والمستقبل، عهود الرومي، حيث بحث الوفد خلالها مع وزير شؤون مجلس الوزراء في السودان، خالد عمر يوسف، سبل تعزيز مسيرة العلاقات الثنائية المتميزة وفرص توسيع دائرة التعاون وتبادل المعرفة والخبرات في مجالات العمل الحكومي، وشهدت توقيع اتفاقية الشراكة الاستراتيجية في التحديث الحكومي التي سيعمل الجانبان من خلالها على مشاركة الخبرات والمعارف لتطوير العمل الحكومي في مجالات متنوعة.
وعقد الوفد الإماراتي سلسلة اجتماعات مع كبار المسؤولين في الحكومة السودانية، تم خلالها استعراض آفاق التعاون في مجالات التحديث الحكومي، وبحث الفرص المستقبلية لإطلاق مشاريع مشتركة، وسبل تعزيز أطر العمل الثنائي، وتبادل الخبرات في المجالات ذات الاهتمام المشترك. وأكد حمدوك تطور العلاقات بين البلدين بشكل منتظم في كل المجالات، معرباً عن تمنياته بأن يحقق التعاون الثنائي بين البلدين ما فيه خير ومصلحة الشعبين، قائلاً: «نحن نطمح لعلاقة استراتيجية قائمة على ذلك».
وأضاف رئيس الوزراء السوداني أن بلاده تسعى للاستفادة من التجربة الإماراتية، مشيراً إلى أن الاتفاق الثنائي بين البلدين سيسهم في وضع برنامج لمساعدة الحكومة في معالجة الخدمة المدنية باعتبارها أحد أكبر تحديات مرحلة الانتقال في السودان التي تتطلب معالجات تساعد في خلق خدمة مدنية محترفة تستطيع القيام بالدور المطلوب منها في تنفيذ الخطط والبرامج بشكل علمي منهجي.
من جانبها، أكدت عهود الرومي أن الشراكة مع حكومة السودان تعكس عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، وحرصهما على الوصول بها إلى مراحل متقدمة من العمل المشترك والتعاون البناء وتبادل المعارف والخبرات، بما يخدم مصالح البلدين وشعبيهما. كما أكد وزير شؤون مجلس الوزراء في السودان أن بلاده تشهد واحدة من الخطوات العملية في طريق الانفتاح ونقل التجارب المتبادلة مع أشقائه في المنطقة عموماً، وبخاصة مع دولة الإمارات التي تمتد العلاقات معها لعدة عقود، موضحاً أن الطريق أصبحت ممهدة من أجل بناء علاقة تقوم على تبادل الخبرات والتعاون والتكامل المشترك من أجل مصلحة الشعبين.
وأعلن وزير شؤون مجلس الوزراء السوداني أن هذه الشراكة جاءت نتيجة لمرحلة طويلة من العمل المشترك بين فريقي العمل في وزراتي شؤون مجلس الوزراء في البلدين.
من جهتها، أكدت وزيرة العمل والإصلاح الإداري في السودان، تيسير النوراني، السعي للاستفادة من جميع التجارب في مجال التطوير الحكومي، ومن التجارب الحكومية المتميزة في دولة الإمارات، مشددة على أهمية التعاون في مجالات إدارة الأداء الخاص بالمؤشرات الوطنية المتعلقة بمدى تحقيق رؤية الدولة وتقييم جهود الحكومة في تحقيق الأولويات الوطنية، وإدارة الأداء الخاص بمؤشرات الممكنات الحكومية المتعلقة بالمتعاملين والموارد البشرية والمالية ومؤشرات استراتيجية الحكومة الإلكترونية والذكية. وأكدت أن الشراكة تمثل خطوة مهمة لتعزيز التعاون بين البلدين، معربة عن أملها في توقيع مزيد من مذكرات التفاهم والبرامج والخطط التنفيذية.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.