مواطنو دول عربية يترنحون بين مطرقة الموجة الحارة وسندان نقص الوقود

شاب في بيروت يحاول إصلاح مولد للكهرباء (رويترز)
شاب في بيروت يحاول إصلاح مولد للكهرباء (رويترز)
TT

مواطنو دول عربية يترنحون بين مطرقة الموجة الحارة وسندان نقص الوقود

شاب في بيروت يحاول إصلاح مولد للكهرباء (رويترز)
شاب في بيروت يحاول إصلاح مولد للكهرباء (رويترز)

حين اجتاحت موجة حارة أنحاء العالم في شهر يوليو (تموز)، وسببت حرائق غابات ودرجات حرارة مرتفعة بشكل قياسي، لم تتوفر سوى خيارات محدودة أمام سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تعاني بالفعل من أزمات كهرباء متكررة، وبلغت درجات الحرارة بها 55 درجة مئوية هذا العام، وفقاً لوكالة «رويترز» للأنباء.

وأدى نقص الوقود وانقطاع الكهرباء الذي يعزى إلى عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي في ليبيا والعراق والسودان ولبنان إلى اضطرار المواطنين، ليس فقط للتعامل مع درجات الحرارة المرتفعة، لكن أيضاً للبحث عن بدائل للطاقة من أجل تزويد سياراتهم ومنازلهم بالوقود.
ففي السودان لم يجد الطلاب الذين يستذكرون دروسهم استعداداً لامتحانات آخر العام الدراسي في يونيو (حزيران) خياراً سوى استخدام الشموع عندما كان انقطاع الكهرباء في الذروة.
ولجأ الليبيون لتبريد أجسادهم خلال موجة الحر بالسباحة في البحر المتوسط، مع وصول انقطاع التيار الكهربائي في بعض الأحيان إلى 18 ساعة في اليوم، في وقت لا يستطيع كثيرون منهم تحمل تكلفة مولدات الكهرباء.

وقال رب أسرة ليبي من مصراتة يدعى مرعي لديه خمسة أطفال: «كل الحياة في ضيق، أصبحنا متطابقين في كل شيء حتى عندما تأتي للبحر وبعدها أين ستذهب؟ هي المشكلة نفسها، حترجع للمنزل والمنزل ما فيش كهرباء وكل شي بالكهرباء. ومع ارتفاع درجات الحرارة ومع هدا الوضع، الحياة أصبحت صعبة ومملة جداً، أصبحنا في وقت لم نعد تستطيع السيطرة حتى على الطفل».
أما في العراق، حيث عادة ما يلوم الناس الحكومة لإخفاقها في تحديث شبكة الكهرباء، يعول الناس جزئياً على واردات الطاقة الآتية من إيران.
وأدت فترة انخفاض إمدادات الطاقة من إيران في يوليو، وسلسلة هجمات المتشددين المستمرة على خطوط الكهرباء، إلى تفاقم أزمة الكهرباء هذا العام.
وقال حيدر عبد الله، وهو من سكان البصرة: «الجو حار، وثاني شي ولا كهرباء ولا ماء، إلى أين نذهب؟ ليس لدينا فلوس لتذهب إلى المسابح... فيروس كورونا منتشر والناس ملّوا».

وفي لبنان، تعني الأزمات المتعددة أن زيت الوقود المستخدم لتشغيل جزء كبير من محطات توليد الكهرباء قد نفد تقريباً أيضاً مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي لفترات طويلة، وترك أثره على المدنيين والشركات والمستشفيات.
ووفقاً لتقرير حديث أصدرته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ التابعة للأمم المتحدة، سيجلب ارتفاع درجات الحرارة العديد من المشاكل، بينها نقص الغذاء والحرارة الشديدة وحرائق الغابات وارتفاع مستوى سطح البحر وأزمة لاجئين محتملة وتأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي والتنوع البيولوجي.

ومع اتجاه العالم لخفض الانبعاثات الكربونية، وتحقيق الأهداف المرجوة بالنسبة للمناخ، يريد المدنيون في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تنقضي فترة الصيف التي تعتبر صعبة في ظل انقطاع الكهرباء ونقص المياه والوقود.


مقالات ذات صلة

مزارعون بوليفيون أمام معضلة بسبب حرائق الغابات

بيئة رجل وسط مساحة محترقة في سانتا آنا دي فيلاسكو (أ.ف.ب)

مزارعون بوليفيون أمام معضلة بسبب حرائق الغابات

بعد أقل من عام على أسوأ حرائق غابات في تاريخ بوليفيا، يجد المزارعون أنفسهم أمام خيارين: إما مواصلة إشعال الحرائق لتنظيف الأراضي من أجل الزراعة، أو زرع الأشجار.

«الشرق الأوسط» (لاباز)
أوروبا لقطة جوية تظهر أثر قطع الغابات في الأمازون بالبرازيل (أرشيفية - أ.ف.ب)

دول العالم تتوصل لاتفاق على تمويل جهود حفظ الطبيعة

توصّلت دول العالم ليل الخميس، في اللحظات الأخيرة، في ختام مفاوضات شاقة في روما إلى اتفاق بشأن تمويل جهود حفظ البيئة.

«الشرق الأوسط» (روما)
يوميات الشرق طائر الكاسواري في خليج إيتي بكوينزلاند (أ.ف.ب)

ما الكائن الوحيد الذي يخشاه الأستراليون؟ إنه طائر... إليك السبب

يتمتع الأستراليون بسمعة كونهم أقوياء ولا يعرفون الخوف، في بلد يعجّ بأنواع شتى من الأفاعي والعناكب السامة، بالإضافة إلى المفترس الغامض.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك تشمل عوامل نمط الحياة التدخين وتناول الملح والزواج وظروف المعيشة (أ.ف.ب)

10 أضعاف جيناتك... بيئتك ونمط حياتك قد يهددان بموت مبكر

كشفت دراسة جديدة عن أن العوامل المرتبطة بالبيئة ونمط الحياة تلعب دوراً أكبر بنحو 10 مرات من الجينات في زيادة خطر الموت المبكر.

«الشرق الأوسط» (لندن)

السلطات اليمنية تضبط قارباً يُقل العشرات من المهاجرين الأفارقة

المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
TT

السلطات اليمنية تضبط قارباً يُقل العشرات من المهاجرين الأفارقة

المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)
المهاجرون ضحية لشبكة منظمة لتهريب البشر من القرن الأفريقي إلى اليمن (إعلام حكومي)

ضبطت دورية لقوات خفر السواحل اليمنية قارباً يُقل العشرات من المهاجرين غير الشرعيين كانوا قادمين من القرن الأفريقي، ضمن الإجراءات التي اتخذتها السلطات للحد من تدفق المهاجرين من تلك المناطق، وذلك بعد وصول أكثر من 15 ألفاً منهم إلى البلاد خلال أول شهر من العام الحالي.

الحملة الأمنية المشتركة للقوات الحكومية التي تعمل في سواحل محافظة لحج غرب عدن، ذكرت أن إحدى الدوريات التابعة لها تمكنت في اليوم الأول من شهر رمضان من ضبط أحد القوارب في المياه الإقليمية، وكان على متنه 164 من المهاجرين غير الشرعيين من القرن الأفريقي، من بينهم 37 امرأة.

وبيّنت الحملة أن العملية تمت بعد عملية رصد ومتابعة مكثفة، حيث اشتبهت الدورية البحرية بتحركات القارب الذي كان قادته يحاولون التسلل إلى الساحل اليمني.

ووفق ما أوردته الحملة، فإنه عند اقتراب الدورية من القارب وتفتيشه، تبيّن أنه يحمل عدداً كبيراً من المهاجرين غير الشرعيين، الذين تم تهريبهم في ظروف غير إنسانية، وأن هؤلاء لا يحملون أي وثائق رسمية أو تصاريح لدخول البلاد.

رغم الإجراءات الأمنية وصل إلى اليمن أكثر من 15 ألف مهاجر خلال شهر واحد (إعلام حكومي)

وأفاد البيان بأنه تم ضبط القارب وحجز المهاجرين غير الشرعيين تمهيداً لإعادتهم إلى بلادهم وفق الإجراءات القانونية المتبعة.

وألقت الدورية الحكومية القبض أيضاً على طاقم القارب المكون من 3 أشخاص، وأودعتهم السجن تمهيداً لتقديمهم للمحاكمة بتهمة المتاجرة بالبشر، وفتحت تحقيقاً موسعاً مع المهربين والضحايا للكشف عن شبكة التهريب والمتورطين في مثل هذه العمليات غير القانونية، بوزصفها خطراً يهدد الأمن والاستقرار، وفق ما جاء في بيان الحملة الأمنية.

ونبّهت قيادة الحملة الأمنية إلى أن الهجرة غير الشرعية إلى اليمن باتت تمثل تحدياً أمنياً وإنسانياً كبيراً، حيث يتم استغلال حاجة المهاجرين وظروفهم الصعبة من قِبل شبكات التهريب التي تجني أموالاً طائلة على حساب أرواحهم، دون أي حساب للمخاطر التي يواجهونها في عُرض البحر أو عند وصولهم.

وأكدت أن المهربين المقبوض عليهم سيواجهون تهماً عدة، من بينها تعريض حياة المهاجرين للخطر أثناء الرحلة عبر البحر، حيث يواجه هؤلاء ظروفاً قاسية واحتمال الغرق، إلى جانب الاشتراك في أعمال الجريمة المنظمة وشبكات التهريب التي تستغل هؤلاء الأشخاص لتحقيق مكاسب غير مشروعة. كما سيواجهون تهمة تهديد الأمن والاستقرار نتيجة محاولة الدخول إلى الأراضي اليمنية بشكل غير قانوني.

ومع تأكيد الحملة استمرارها في التصدي لعمليات التهريب وعزمها على ملاحقة شبكات التهريب، ذكرت أنها سوف تتخذ جميع الإجراءات لضبط أي محاولات مماثلة، بهدف حماية الأمن الوطني ومكافحة هذه الظاهرة التي تهدد الأمن والاستقرار.

ودعت السكان إلى الإبلاغ الفوري عن أي أنشطة مشبوهة تتعلق بتهريب البشر، لما لهذه الظاهرة من تأثيرات خطيرة في المجتمع والأمن.

وذكرت المنظمة الدولية للهجرة أن 15,400 مهاجر غير شرعي وصلوا من القرن الأفريقي إلى اليمن خلال شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، وأكدت أن هذا العدد يمثل انخفاضاً بنسبة 25 في المائة عن العدد الإجمالي المُبلَّغ عنه في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2024، حيث وصل البلاد حينها أكثر من 20 ألف مهاجر.

القوات اليمنية أغلقت سواحل محافظة لحج أمام تهريب المهاجرين من القرن الأفريقي (إعلام حكومي)

ووفق هذه البيانات، فإن غالبية المهاجرين (89 في المائة) قدموا من موانئ جيبوتي، ووصلوا إلى مديرية ذوباب بمحافظة تعز بالقرب من باب المندب، وعددهم (13,642 مهاجراً)، بينما وصل البقية (11 في المائة) إلى سواحل محافظة شبوة شرق عدن، قادمين من الموانئ الصومالية.

وطبقاً للبيانات الأممية، فقد بلغ إجمالي عدد الوافدين خلال عام 2024 نحو 76,297 مهاجراً، من بينهم 21 في المائة من الأطفال، و22 في المائة من النساء، و57 في المائة من الرجال.

وكان معظم هؤلاء من حملة الجنسية الإثيوبية بنسبة (98 في المائة)، بينما كان 2 في المائة فقط من الرعايا الصوماليين. في حين لم يتم تسجيل وصول أي مهاجرين إلى سواحل محافظة لحج خلال هذه الفترة، وأُعيد سبب ذلك إلى التدابير التي اتخذتها الحكومة اليمنية لمكافحة التهريب منذ أغسطس (آب) 2023، في سواحل المحافظة التي كانت أهم طرق تهريب المهاجرين من القرن الأفريقي خلال السنوات السابقة.