مرشح وزارة الأمن في إيران يطلع البرلمان على استراتيجيته للحفاظ على المنشآت النووية

مرشح الحكومة الإيرانية الجديدة لحقيبة الأمن إسماعيل خطيب في اجتماع مع لجنة الطاقة البرلمانية أمس (خانه ملت)
مرشح الحكومة الإيرانية الجديدة لحقيبة الأمن إسماعيل خطيب في اجتماع مع لجنة الطاقة البرلمانية أمس (خانه ملت)
TT

مرشح وزارة الأمن في إيران يطلع البرلمان على استراتيجيته للحفاظ على المنشآت النووية

مرشح الحكومة الإيرانية الجديدة لحقيبة الأمن إسماعيل خطيب في اجتماع مع لجنة الطاقة البرلمانية أمس (خانه ملت)
مرشح الحكومة الإيرانية الجديدة لحقيبة الأمن إسماعيل خطيب في اجتماع مع لجنة الطاقة البرلمانية أمس (خانه ملت)

توجه مرشح وزارة الأمن الإيرانية، إسماعيل خطيب، أمس، إلى مقر البرلمان، وشرح استراتيجيته للحفاظ على أمن العلماء والمنشآت النووية، في أول اجتماع يعقده مع لجنة برلمانية تنظر في ملفه لتولي الوزارة الذي يقترحه الرئيس الإيراني، بالتنسيق مع «المرشد» علي خامنئي.
وأفادت وكالة «مهر» الحكومية، نقلاً عن المتحدث باسم لجنة الطاقة البرلمانية مصطفى نخعي، بأن خطيب، مرشح الرئيس إبراهيم رئيسي لحقيبة المخابرات، شرح برامجه وسياساته والاستراتيجية التي يخطط لها لنواب البرلمان.
وقال المتحدث إنه «نظراً للأهمية البالغة التي تحظى بها قضية حفظ أمن المنشآت والعلماء النوويين المرتبطة باللجنة، وكذلك الاعتداءات التي حدثت سابقاً ضد المنشآت والعلماء النوويين، شدد النواب على ضرورة حفظ الأمن». ولفت النائب إلى أن وزير الاستخبارات طرح وجهة نظره وبرامجه في هذا الصدد، دون أن يقدم تفاصيل.
وكان ملف اختراق الأجهزة الأمنية، بعد تعرض منشآت للهجوم واغتيال العالم النووي محسن فخري زاده، من بين القضايا الساخنة المطروحة على هامش الانتخابات الرئاسية في يونيو (حزيران) الماضي التي فاز بها إبراهيم رئيسي، على الرغم من أنها لم تطرح بشكل كبير في المناظرات التلفزيونية بين مرشحي الرئاسة.
وتعرضت منشأة نطنز الرئيسية لهجومين في أقل من عام، ولحق بها أضرار بالغة، وسط توتر متصاعد بين إيران وإسرائيل. وكان آخر هجوم استهدف منشأة نووية إيرانية يعود إلى نهاية يونيو (حزيران) الماضي، حيث تعرضت منشأة لإنتاج أجهزة الطرد المركزي لتفجير غامض نفذته طائرة درون أقلعت على ما يبدو من موقع غير بعيد من المنشأة.
وعلى الرغم من أن إيران أكدت أن أجهزتها الأمنية أحبطت عملية تخريبية استهدفت مبنى تابعاً لمنـظمة الطاقة الذرية دون وقوع خسائر، فإن صور الأقمار الصناعية كشف عن تدمير صالة بأكملها، مع وجود آثار للحرائق في المكان الذي وصف بأنه موقع «تسا» أو «طابا» الذي يغذي منشآت إيران بأجهزة الطرد المركزي المتطورة.
وفي أبريل (نيسان) الماضي، وقع انفجار في منـشأة نطنز، وعطل الآلاف من أجهزة الطرد المركزي. وقالت السلطات إن التفجير استهدف دائرة الكهرباء في المنشأة، وألقت باللوم على إسرائيل.
وفي يوليو (تموز) 2020، هز انفجار صالة في الجزء العلوي من منشأة نطنز، حيث تتم موازنة أجهزة الطرد المركزي قبل دخولها عجلة التخصيب تحت الأرض.
ولاحقاً، في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، سقط محسن فخري زاده، نائب وزير الدفاع لشؤون الأبحاث مسؤول الملف الأمني والعسكري في البرنامج النووي الإيراني، بنيران مسلحين بينما كان في طريقه إلى طهران قادماً من مدية آبسرد في محافظة البرز (شرق العاصمة الإيرانية).
وعلى الرغم من أن الهجوم قد أثار لغطاً كبيراً حول كيفية تنفيذه، وسط تضارب الروايات المحلية والخارجية، فإن مجلة «جيويش كرونيكل» اليهودية البريطانية كشفت في فبراير (شباط) الماضي أن الهجوم نفذه 20 عميلاً إسرائيلياً وإيرانياً عملوا على مدى 8 أشهر على تهريب السلاح والمعدات.
وقبل الانتخابات السابقة، دعا مرشح الرئاسة أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام الجنرال محسن رضائي إلى «تطهير الأجهزة الإيرانية من التلوث الأمني». وقال رضائي، في أبريل (نيسان)، لموقع «جماران» التابع لمكتب الخميني إن «البلد أصيب بتلوث أمني... في أقل من عام، وقعت 3 أحداث أمنية: انفجاران (في نطنز)، واغتيال (فخري زاده)». وأضاف أنه «قبل ذلك، سرقوا مجموعة وثائقنا، كما جاءت طائرات درون (مسيرة) وقامت ببعض الأعمال».
وإشارة رضائي كانت أول تأكيد من مسؤول إيراني حول الأرشيف النووي الذي كشفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أبريل (نيسان) عام 2018، قبل نحو أسبوع من توقيع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مرسوم الانسحاب من الاتفاق النووي.
وفي نهاية يونيو (حزيران)، قال علي يونسي، وزير الأمن السابق مستشار الرئيس الحالي، لموقع «جماران»، إن «نفوذ الموساد في الجمهورية الإسلامية بلغ مستويات يتعين معها على المسؤولين الإيرانيين أن يقلقوا على حياتهم»، منتقداً العمل الموازي لأجهزة الاستخبارات الإيرانية.
وألقى يونسي على وجه خاص باللوم على الأجهزة الجديدة الموازية لوزارة المخابرات، في إشارة ضمنية إلى جهاز استخبارات «الحرس الثوري»، وكذلك دائرة الأمن في الجهاز القضائي. وقال يونسي إن تلك الأجهزة «بدلاً من مواجهة التغلغل، تعمل على ضبط ومواجهة عناصرنا الداخلية، وفتحت الساحة أمام تغلغل أجهزة التجسس في العالم. اليوم، يحق لنا أن نكون قلقين على كل مكان وأي حدث».
وكان مرشح رئيسي لوزارة الأمن يشغل منصب دائرة الأمن في الجهاز القضائي التي توسع نطاق عملها من الإشراف على سلوك الموظفين في أجهزة القضاء إلى القضايا الأمنية العامة، وبرزت بصفتها جهازاً استخباراتياً جديداً، إلى جانب الأجهزة التابعة لوزارة الأمن والقوات العسكرية.
وبعد إعلان ترشيح خطيب، كشفت وسائل إعلام إصلاحية عن ضغوط تعرض لها رئيسي للتراجع عن تسمية خطيب الذي يحمل في سجله كذلك النشاط في جهاز مخابرات «الحرس الثوري»، ورئاسة جهاز الأمن في مدينة قم، قبل انتقاله إلى مكتب المرشد الإيراني.



عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
TT

عملية تجسس كبرى: كيف جندت إيران إسرائيليين ضد دولتهم؟

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات
صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لشخصين كتبا شعارات مؤيدة لإيران على سيارات

أثار اعتقال إسرائيل لما يقارب 30 مواطناً، معظمهم يهود، للاشتباه بأنهم تجسسوا لصالح إيران ضمن تسع خلايا سرية، قلقاً داخل الدولة، ويعد أحد أكبر الجهود التي بذلتها طهران منذ عقود لاختراق خصمها الرئيس اللدود، وفقاً لأربعة مصادر أمنية إسرائيلية.

ومن بين الأهداف التي لم تتحقق للخلايا المزعومة كانت اغتيال عالم نووي إسرائيلي ومسؤولين عسكريين سابقين، وجمع معلومات عن قواعد عسكرية ودفاعات جوية، وفقاً لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت).

وذكر جهاز الأمن الداخلي، الذي يعرف أيضاً باسم الشاباك، والشرطة الأسبوع الماضي أن فريقاً مكوناً من أب وابنه نقل تفاصيل عن تحركات لقوات إسرائيلية، بما في ذلك في هضبة الجولان حيث يعيشان.

ونقلت وكالة «رويترز» عن المصادر الأربعة، التي تضم مسؤولين عسكريين وأمنيين حاليين وسابقين، أن الاعتقالات جاءت بعد جهود متكررة من عملاء استخبارات إيرانيين على مدى عامين لتجنيد إسرائيليين من المواطنين العاديين لجمع معلومات استخباراتية وتنفيذ هجمات مقابل المال.

وطلبت المصادر عدم الكشف عن أسمائها نظراً لحساسية الأمر.

وقال شالوم بن حنان وهو مسؤول كبير سابق في الشاباك «هناك ظاهرة كبيرة هنا»، في إشارة إلى ما أسماه العدد المفاجئ من المواطنين اليهود الذين وافقوا عن علم على العمل لصالح إيران ضد الدولة من خلال جمع المعلومات الاستخباراتية أو التخطيط للتخريب والهجمات.

ولم يرد الشاباك ولا الشرطة الإسرائيلية على طلبات للتعليق. كما لم ترد وزارة الخارجية الإيرانية على الأسئلة.

وفي بيان أرسل إلى وسائل إعلام بعد موجة الاعتقالات، لم تقدم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة تأكيداً أو نفياً لسعي طهران إلى تجنيد إسرائيليين، وقالت إنه «من وجهة نظر منطقية» فإن أي جهود من هذا القبيل من جانب أجهزة الاستخبارات الإيرانية ستركز على أفراد غير إيرانيين وغير مسلمين لتقليل الشكوك.

وقالت الشرطة والشاباك إن اثنين على الأقل من المشتبه بهم ينتمون إلى مجتمع اليهود المتزمتين دينياً في إسرائيل.

موتي مامان المتهم بتجنيده من قبل إيران لتنفيذ مخطط اغتيال رئيس الوزراء الإسرائيلي أو وزير الدفاع أو رئيس جهاز الأمن العام (رويترز)

الفئات المستهدفة

وعلى النقيض من عمليات تجسس إيرانية في العقود السابقة تمت من خلال تجنيد رجل أعمال بارز ووزير سابق في الحكومة فإن معظم الجواسيس المشتبه بهم الجدد أشخاص مهمشون في المجتمع الإسرائيلي، ومن بينهم مهاجرون وصلوا حديثاً وهارب من الجيش ومدان بجرائم جنسية، وفقاً للمصادر ولسجلات قضائية وتصريحات رسمية.

وقال جهاز الشاباك إن الكثير من نشاط هؤلاء المشتبه بهم كان يقتصر على نثر شعارات معادية لنتنياهو أو للحكومة على الجدران وإلحاق الضرر بسيارات.

القلق من التوقيت

ومع ذلك فإن حجم الاعتقالات وتورط مثل هذا العدد من اليهود الإسرائيليين بالإضافة إلى المواطنين العرب تسبب في حالة من القلق في إسرائيل وسط استمرار الحرب مع حركة «حماس» المدعومة من إيران في قطاع غزة وهشاشة اتفاق وقف إطلاق النار مع جماعة «حزب الله» في لبنان.

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) قال الشاباك إن أنشطة التجسس الإيرانية تعد «من أخطر الأنشطة التي شهدتها دولة إسرائيل».

كما جاءت الاعتقالات في أعقاب موجة من محاولات القتل والاختطاف التي تم الربط بينها وبين طهران في أوروبا والولايات المتحدة.

وقال بن حنان إن القرار غير المعتاد بتقديم تقارير علنية مفصلة عن المؤامرات المزعومة يشكل خطوة من جانب أجهزة الأمن الإسرائيلية لتحذير إيران وكذلك تحذير المخربين المحتملين داخل إسرائيل بأنه سيتم الوصول إليهم.

وقال «ينبغي تنبيه الجمهور. وينبغي أيضاً تقديم العبرة لمن قد يكون لديهم أيضاً نيات أو خطط للتعاون مع العدو».

صورة وزعتها الشرطة الإسرائيلية لحرق سيارات من قِبل عملاء جندتهم إيران

نجاحات إسرائيل الاستخباراتية

وحققت إسرائيل نجاحات استخباراتية كبيرة على مدى السنوات القليلة الماضية في حرب ظل مع خصمتها الإقليمية، بما في ذلك قتل عالم نووي كبير. وقال مسؤول عسكري إنه مع الاعتقالات الأخيرة أحبطت إسرائيل «حتى الآن» جهود طهران للرد.

وتسببت الهجمات الإسرائيلية على جماعة «حزب الله» اللبنانية، وكيل إيران في لبنان، والإطاحة ذات الصلة بحليف طهران الرئيس السوري السابق بشار الأسد في إضعاف إيران.

أساليب التجنيد

قالت الشرطة الإسرائيلية في مقطع فيديو نُشر في نوفمبر (تشرين الثاني) إن وكالات الاستخبارات الإيرانية غالباً ما تجد مجندين محتملين على منصات التواصل الاجتماعي، محذرة من محاولات تسلل مستمرة.

وتكون جهود التجنيد مباشرة في بعض الأحيان. وتعد إحدى الرسائل المرسلة إلى مدني إسرائيلي والتي اطلعت عليها «رويترز» بتقديم مبلغ 15 ألف دولار مقابل الحصول على معلومات مع بريد إلكتروني ورقم هاتف للاتصال.

وقال أحد المصادر، وهو مسؤول كبير سابق عمل في جهود إسرائيل لمكافحة التجسس حتى عام 2007، إن إيران تتصل أيضاً بشبكات المغتربين من اليهود من دول القوقاز الذين يعيشون في كندا والولايات المتحدة.

وقالت السلطات الإسرائيلية علناً إن بعض المشتبه بهم اليهود هم في الأصل من دول القوقاز.

وقال المسؤول السابق إن الأفراد المجندين يتم تكليفهم أولاً بمهام تبدو غير ضارة مقابل المال، قبل مطالبتهم تدريجياً بمعلومات استخبارية محددة عن أهداف، بما في ذلك عن أفراد وبنية تحتية عسكرية حساسة، مدعومين في ذلك بتهديد بالابتزاز.

صورة نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية لفلاديسلاف فيكتورسون وصديقته آنا بيرنشتاين بعد توقيفهما

قضية فيكتورسون

وأُلقي القبض على أحد المشتبه بهم الإسرائيليين، فلاديسلاف فيكتورسون (30 عاماً)، في 14 أكتوبر مع صديقته البالغة من العمر 18 عاماً في مدينة رامات جان الإسرائيلية قرب تل أبيب. وكان قد سُجن في عام 2015 بتهمة ممارسة الجنس مع قاصرات لا تتجاوز أعمارهن 14 عاماً وفقاً للائحة اتهام للمحكمة منذ ذلك الوقت.

وقالت إحدى معارف فيكتورسون لـ«رويترز» إنه أخبرها أنه تحدث إلى إيرانيين باستخدام تطبيق «تلغرام» للتراسل. وقالت إن فيكتورسون كذب على المتعاملين معه بشأن تجربته العسكرية. ورفض أحد معارفه الكشف عن اسمه بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة.

وقال إيجال دوتان محامي فيكتورسون لـ«رويترز» إنه يمثل المشتبه به مضيفاً أن الإجراءات القانونية ستستغرق وقتاً وأن موكله محتجز في ظروف صعبة. وأوضح دوتان أنه لا يمكنه الرد إلا على القضية الحالية، ولم يدافع عن فيكتورسون في محاكمات سابقة.

أنشطة التخريب

وقال جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) والشرطة إن فيكتورسون كان يعلم أنه يعمل لصالح المخابرات الإيرانية، ويقوم بمهام تشمل الكتابة على الجدران وإخفاء أموال وتوزيع منشورات وحرق سيارات في هياركون بارك بتل أبيب والتي تلقى مقابلها أكثر من 5000 دولار. وأظهرت التحقيقات أنه وافق لاحقاً على تنفيذ اغتيال لشخصية إسرائيلية، وإلقاء قنبلة يدوية على منزل، والسعي للحصول على بنادق قنص ومسدسات وقنابل يدوية.

وقالت الأجهزة الأمنية إنه جنّد صديقته التي كُلفت بتجنيد المشردين لتصوير المظاهرات.