«طالبان» تسيطر على عاصمة ولاية ثانية... وواشنطن ولندن تدعوان مواطنيهما إلى المغادرة

البنتاغون يرفض الكشف عن ضرباته الداعمة للقوات الأفغانية

قوات أمن أفغانية تجوب شوارع هيرات أمس بعد استعادة المدينة من «طالبان» (إ.ب.أ)
قوات أمن أفغانية تجوب شوارع هيرات أمس بعد استعادة المدينة من «طالبان» (إ.ب.أ)
TT

«طالبان» تسيطر على عاصمة ولاية ثانية... وواشنطن ولندن تدعوان مواطنيهما إلى المغادرة

قوات أمن أفغانية تجوب شوارع هيرات أمس بعد استعادة المدينة من «طالبان» (إ.ب.أ)
قوات أمن أفغانية تجوب شوارع هيرات أمس بعد استعادة المدينة من «طالبان» (إ.ب.أ)

أعلنت حركة «طالبان» أمس (السبت)، سيطرتها على عاصمة ولاية ثانية في أفغانستان، الأمر الذي دفع بالسفارة الأميركية في كابل إلى حث المواطنين الأميركيين على مغادرة البلاد فوراً، باستخدام «خيارات السفر المتاحة»، فيما حذرت بريطانيا جميع مواطنيها بضرورة المغادرة على الفور بسبب «تدهور الوضع الأمني» هناك مع اشتداد القتال بين «طالبان» والقوات الحكومية. وبعدما كانت قد سيطرت الجمعة، على مدينة زارنج عاصمة مقاطعة نيمروز في جنوب غربي أفغانستان، أعلنت «طالبان» أمس، سيطرتها على مدينة شبرجان عاصمة ولاية جوزجان. وأوضحت السفارة الأميركية في بيان نشر على موقعها الإلكتروني، أنه بسبب الظروف الأمنية وانخفاض عدد الموظفين، فإن قدرة السفارة على مساعدة المواطنين الأميركيين في أفغانستان محدودة للغاية حتى داخل كابل. وأضافت أن السفارة على استعداد لشراء تذاكر سفر لمن لا يستطيع العودة إلى الولايات المتحدة. وقالت السفارة إن إرشادات السفر لأفغانستان تظل عند المستوى 4، حيث يحظر السفر بسبب الجريمة والإرهاب والاضطرابات المدنية والاختطاف والنزاع المسلح. وقامت وزارة الخارجية البريطانية الجمعة، بتحديث المعلومات المتعلقة بأفغانستان على موقعها الإلكتروني لتنصح بعدم السفر إلى هناك مهما كان السبب. كما ناشدت جميع الرعايا البريطانيين في أفغانستان بضرورة المغادرة، قائلة: «إذا كنتم لا تزالون في أفغانستان ننصحكم بالمغادرة الآن بالوسائل التجارية بسبب تدهور الوضع الأمني». وحذرت الوزارة من الاعتماد عليها في حالات الإجلاء الطارئ، مشيرة إلى أن المساعدة التي يمكن أن تقدمها «محدودة للغاية». وقالت الخارجية البريطانية: «من المرجح جداً أن يحاول الإرهابيون تنفيذ هجمات في أفغانستان باستخدام أساليب خاصة مطورة ومعقدة للهجوم».
ويمثل سقوط تلك المدن تصعيداً كبيراً لهجوم «طالبان»، حيث كان القتال في السابق يقتصر إلى حد كبير على المناطق الريفية في البلاد. لكنها بدأت في الآونة الأخيرة في زيادة الضغط على بعض أكبر المدن في البلاد. وأكد مسؤولون محليون أمس (السبت)، أن مقاتلي الحركة المسلحة استولوا على عاصمة إقليمية ثانية في أفغانستان. فقد سيطرت الجماعة المتمردة على مدينة شبرجان، عاصمة إقليم جوزجان شمال البلاد، طبقاً لما ذكره عضو مجلس الإقليم؛ باسم الله سهل، ونائب حاكم الإقليم؛ عبد القادر لوكالة الأنباء الألمانية. وأضاف سهل أن مقاتلي «طالبان» استولوا على مبانٍ رئيسية، مثل مكتب الحاكم ومقر الشرطة والسجن المركزي بالمدينة. غير أن القوات الموالية للحكومة ما زالت تسيطر على بعض المناطق داخل المدينة، مثل المطار ومكان انتشار لواء في الجيش، طبقاً لمحمد كريم جوزجاني، وهو برلماني، يمثل إقليم جوزجان. وقالت قناة «طلوع نيوز» التلفزيونية الأفغانية أمس، إن حركة «طالبان» أصدرت مقطع فيديو، صباح أمس (السبت)، يظهر فرار السجناء من سجن «جوزجان». وسيطرت «طالبان» على مجمع حاكم الإقليم الجمعة، لكن القوات الأفغانية استعادته من أيدي «طالبان». غير أن مصدراً ذكر أن «طالبان» أعادت السيطرة على مجمع حاكم الإقليم ومبنى البلدية وسجن جوزجان.
ومدينة شبرجان، التي يبلغ عدد سكانها نحو 132 ألف نسمة، تضم واحداً من زعماء الفصائل الأفغانية، وهو عبد الرشيد دوستم وهو نائب رئيس سابق وواحد من الشخصيات الرئيسية في التحالف المناهض لـ«طالبان». وكان المارشال، دوستم، وهو زعيم أوزبكي عرقي، قد عاد إلى كابل يوم الأربعاء الماضي، بعد غياب طويل عن البلاد، للعلاج في تركيا. وشكلت قوات موالية لدوستم المقاومة الرئيسية ضد «طالبان» في الإقليم. كما قتل عضو بسلاح الجو الأفغاني في وقت سابق أمس (السبت)، عندما انفجرت قنبلة مغناطيسية كان قد تم لصقها بمركبته، بمنطقة «تشاهار أسياب» في كابل، طبقاً لمسؤول أمني، طلب عدم الكشف عن هويته. وأصيب خمسة مدنيين في الانفجار.
وجاء الاستيلاء على زارنج، وهي بلدة مزدهرة نسبياً مدعومة بالتجارة الحدودية مع إيران، في الوقت الذي قامت فيه «طالبان» بتوسيع دائرة القتال ضد الجيش الأفغاني المحاصر في مدن هرات وقندهار ولاشكرجاه. وقال مسؤول دفاعي أميركي إن الولايات المتحدة تعتقد أن مقاتلي «طالبان» سيبقون في مدينة لاشكرجاه، على الرغم من العملية العسكرية التي يشنها الجيش الأفغاني منذ أسابيع لإخراجهم منها، حيث تم نشر وحدات من الكوماندوس التي تعد الأفضل تدريباً وتجهيزاً في البلاد.
وندد البيت الأبيض مساء الجمعة، بمقتل داوا خان مينابال، الذي أشرف على عمل وسائل الإعلام الحكومية المحلية والأجنبية، في تفجير وقع الأربعاء، قائلاً إن مثل هذه الهجمات لن تكسب «طالبان» الشرعية الدولية التي تسعى إليها. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين بساكي في مؤتمرها الصحافي مساء الجمعة: «ليس عليهم البقاء على هذا المسار. يمكن أن يختاروا تكريس الطاقة نفسها لعملية السلام مثل حملتهم العسكرية. نحن نحثهم بشدة على القيام بذلك». ودافعت بساكي عن استمرار عملية سحب القوات الأميركية قائلة: «فيما يتعلق بالقرار الذي أعلنّاه منذ البداية، سيكون الرئيس أول من يقول هذا، إن هناك خيارات صعبة يتعين على القائد العام اتخاذها نيابة عن الشعب الأميركي». وأضافت: «الرئيس أعلن بوضوح أنه بعد 20 عاماً من الحرب، حان الوقت لعودة القوات الأميركية إلى الوطن، وهو يعلم أن الحكومة الأفغانية وقوات الدفاع الوطني الأفغانية لديهم التدريب والمعدات والأعداد لتحقيق النصر». ورداً على سؤال حول الدور الذي يمكن أن تلعبه باكستان، أجابت بساكي: «ما زالت وجهة نظرنا أنه من مصلحة جميع دول المنطقة أن تكون هناك عملية سياسية من أجل السلام والاستقرار في المنطقة».
وكانت «طالبان» قد أعلنت أن هجماتها الأخيرة في كابل جاءت رداً على الاستخدام المتزايد للغارات الجوية من قبل الحكومة الأفغانية والولايات المتحدة، واصفة إياها بأنها ترقى إلى «جرائم حرب». وحذرت من قيامها بهجمات إضافية إذا استمرت تلك الضربات الجوية.
ورفض البنتاغون تقديم تفاصيل، بما في ذلك تقييمات استخباراتية عن القتال الدائر في مدينة نمروز، أو ما إذا كانت القوات الأميركية ستشن مزيداً من الغارات الجوية لدعم القوات الأفغانية، أم لا. وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي: «نشعر بأنه من مصلحتنا ومصلحة شركائنا الأفغان، أن نظل منضبطين بشأن كمية المعلومات التي ننشرها». وشكل تقييد المعلومات حول الدعم الأميركي تحولاً في تعامل وزارة الدفاع الأميركية مع التطورات الميدانية في الأسابيع الأخيرة، حيث كان المسؤولون الدفاعيون يكشفون للصحافيين، تفاصيل عدد الضربات الجوية وما استهدفته.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».