بطء حركة التكتلات الاقتصادية يهدد المنافسة في السوق السعودية

مواجهة تحديات الانفتاح الاقتصادي العالمي بالاندماج بين المنشآت

عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في المؤسسات الوطنية أقل أو أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية («الشرق الأوسط»)
عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في المؤسسات الوطنية أقل أو أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية («الشرق الأوسط»)
TT
20

بطء حركة التكتلات الاقتصادية يهدد المنافسة في السوق السعودية

عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في المؤسسات الوطنية أقل أو أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية («الشرق الأوسط»)
عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في المؤسسات الوطنية أقل أو أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية («الشرق الأوسط»)

قاد بطء حركة التكتلات والاندماجات بين الشركات العاملة في السوق السعودية إلى تهديد مستوى المنافسة في السوق المحلية، وسط نداءات متكررة للمضي قدما نحو بناء كيانات اقتصادية كبرى قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في كثير من قطاعات الاقتصاد السعودي.
وخلصت دار «الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية» التي مقرها الرياض إلى أن عملية التكتلات والاندماجات الاقتصادية في المؤسسات الوطنية أقل أو أبطأ مما هو حاصل في الأسواق العالمية. وفي هذا الخصوص، قال لـ«الشرق الأوسط» الدكتور توفيق عبد العزيز السويلم، مدير دار «الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية»، إن عدم التحرك بنفس السرعة التي تتحرك بها الاقتصادات العالمية سيؤدي إلى تراجع مستوى المنافسة في الخدمات والمنتجات الاقتصادية على السواء. ودعا إلى تنفيذ حملة من كل الجهات المختصة للتوعية بأهمية الاندماجات وعمل التكتلات الاقتصادية، خاصة أن الاقتصاد الوطني يعيش تغيرات كثيرة نظرا للانفتاح العالمي وظهور الاندماجات والتكتلات الاقتصادية واستحواذ الشركات الكبيرة على الصغيرة في ظل المنافسة الشديدة الناتجة عن بروز العولمة وانضمام السعودية إلى منظمة التجارة العالمية، وما صاحب ذلك من تحديات عديدة فرضت نفسها على القطاعات الاقتصادية المختلفة ليصبح التكتل والاندماج بين المنشآت ضرورة اقتصادية.
وفي السياق ذاته، أبدى المحلل الاقتصادي عبد العزيز الفهاد رأيا منسجما مع ما ذهب إليه السويلم، بقوله إن تأخر بناء التكتلات من شأنه التأثير سلبا على عجلة النمو الاقتصادي على المديين المتوسط والطويل، وذلك في ظل ارتفاع وتيرة الانفتاح الاقتصادي على المستوى العالمي. وشدد على أهمية العمل على تنفيذ منهج واضح وخطة عمل قابلة للتطبيق في عمليات بناء التكتلات الاقتصادية، وتوحيد الإدارات من ناحية، وتبادل الأفكار من ناحية أخرى، وصولا إلى مرحلة العمل بروح الفريق الواحد الذي سيفضي إلى بناء تكتلات عملاقة، وبالتالي بناء اقتصاد عملاق ومنتج.
وهنا عاد الدكتور توفيق السويلم للتأكيد على ضرورة بناء الاقتصادات الكبرى في كثير من دول العالم وبالذات العربي، مركزا على أن اجتماع رؤوس الأموال، وتوحد الإدارات، وتبادل الأفكار، والعمل بروح الفريق الواحد، وتوحيد الجهود، من شأنها بناء كيانات اقتصادية قادرة في هذه المرحلة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالات عدة. وذهب إلى أن بناء الكيانات القوية سيعالج مشكلات البطالة، على اعتبار أنه سيفتح العديد من فرص العمل بشكل تلقائي، مما يساعد في تنمية مواردها البشرية، والتغلب على مشاكلها الاجتماعية، ويمكّنها في مراحل تالية من الحضور والمنافسة.
وبحسب السويلم فإنه في ظل مؤثرات السوق لا بد أن يتنبه رجال الأعمال إلى خطورة الانفتاح الاقتصادي العالمي والمرحلة المقبلة التي تتطلب تكوين وبناء التكتلات والاندماجات، فالمرحلة المقبلة تبين أنه لا بد من الانتشار الأفقي لهذه الشركات والاستفادة من خدمات توحيد الشراء أو الشراء الموحد، فضلا عن أنه لا بد من الاستفادة من إمكانيات الموارد البشرية. وركز على إمكانية إقامة تكتلات بين الشركات العاملة في القطاع الواحد، بما يساعد على تضافر الجهود وتوحيد الإمكانيات والاستفادة من الخبرات والعلاقات ومواجهة المنافسة الكبيرة الحادثة في السوق المحلية والإقليمية والدولية نتيجة للتغيرات التي تشهدها الساحة الاقتصادية، وذلك لنشر ثقافة تكوين تكتلات وعمل اندماجات بين المؤسسات أو الشركات العامة في القطاعات المختلفة.
وخلص مدير دار «الخليج للبحوث والاستشارات الاقتصادية» إلى أن الراصد للمتغيرات الاقتصادية الحادثة على الساحة العالمية يجد أن اندماج وتكتل المنشآت أصبح ظاهرة واضحة، حيث تتجه تلك المنشآت لاتخاذ استراتيجية قائمة على البحث عن القوة والفعالية حتى تجد لها مكانا في الأسواق على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وذلك إيمانا منها بأن بقاءها بمفردها سيؤدي بها إلى التلاشي عن الخريطة الاقتصادية.
من جهة أخرى، رأى المحلل الاقتصادي فضل البوعينين أنه من الممكن تسريع عمليات الاندماجات من خلال ثلاثة جوانب رئيسة.. أولا: الجوانب التشريعية الداعمة للاندماجات بهدف تشكيل كيانات كبرى قادرة على مواجهة التحديات؛ وتحقيق الأهداف الكبرى؛ ومن ضمنها تسهيل الإجراءات وتوفير الدعم الحكومي، والمحافظة على المحفزات المتاحة لأطراف الاندماج؛ على أساس أن سحب بعض المحفزات الحكومية تحت عذر الاندماج الكلي قد يعوق عمليات الاندماج.
وبين أن ثاني الجوانب الرئيسية يتمثل في ثقافة رجال المال والأعمال المسيطرين على الشركات المساهمة، حيث إن ثقافة الاندماجات قد لا تكون متاحة للغالبية إلا للاستراتيجيين الأكفاء القادرين على وضع رؤية مستقبلية تعظم الربحية وتدعم المنشأة وتحقق أهدافها التوسعية، وأن غياب ثقافة الاندماجات والتكتلات تحت ضغط الملكية الفردية والسيطرة يضيع الفرص الكبرى على القطاع الخاص.
وبحسب البوعينين فإن ثالث الجوانب الرئيسية يتمثل في انتهاج مبدأ الاندماج كعلاج حتمي لمشكلات بعض الشركات من قبل الجهات المنظمة. فعلى سبيل المثال غالبية شركات قطاع التأمين عانت من خسائر متراكمة؛ ويمكن لمؤسسة النقد أن تفرض على تلك الشركات خيار الاندماج لتكوين كيانات ضخمة ولمعالجة مشكلاتها المالية. والأمر نفسه يمكن تطبيقه على الشركات الزراعية وباقي القطاعات.
وذهب إلى أن التكتلات وتوحيد الإدارات يؤثران في بناء كيانات اقتصادية قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في الكثير من القطاعات الاقتصادية من خلال إسهامهما في خفض التكاليف من جهة؛ وتعظيم الربحية من جهة أخرى؛ كما أنهما يسهمان في تحقيق الأهداف الإنتاجية الضخمة التي لا يمكن تحقيقها إلا من خلال التكتلات الكبرى.
وحذر من تأثير تأخر بناء التكتلات مع ارتفاع سرعة وتيرة الانفتاح الاقتصادي العالمي على عجلة نمو الاقتصاد المحلي مستقبلا، مبينا أن «غياب التكتلات الكبرى جعل شركاتنا المحلية منكشفة أمام الشركات الكبرى، وأنه حين فتح الأسواق كليا أمام الشركات العالمية ستكون التنافسية أساس البقاء، ولا يمكن تحقيق التنافسية من قبل الشركات الضعيفة، بل يجب العمل على خلق تكتلات كبرى تحقق التنافسية محليا وخارجيا. كما أن التكتلات الكبرى هي القادرة على قيادة الاقتصاد وخلق الفرص المتنوعة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة».



لماذا ترتفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية؟

سبائك ذهبية معروضة لدى أحد تجار الذهب بالحي الصيني في بانكوك (أ.ف.ب)
سبائك ذهبية معروضة لدى أحد تجار الذهب بالحي الصيني في بانكوك (أ.ف.ب)
TT
20

لماذا ترتفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية؟

سبائك ذهبية معروضة لدى أحد تجار الذهب بالحي الصيني في بانكوك (أ.ف.ب)
سبائك ذهبية معروضة لدى أحد تجار الذهب بالحي الصيني في بانكوك (أ.ف.ب)

أدت الاضطرابات التجارية التي نجمت عن تعريفات جمركية باهظة فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إلى ارتفاع قياسي لأسعار الذهب الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه ملاذ استثماري آمن.

وسجّل المعدن الثمين، الجمعة، أعلى مستوى له على الإطلاق في التداولات ببلوغه 3227.51 دولار للأونصة، وقد حقّق منذ بداية العام مكاسب تخطّت نسبتها 20 في المائة.

فلماذا يقبل المستثمرون بقوة على الذهب عندما تتّسم الظروف الاقتصادية بالصعوبة؟

مع بلوغ أسعار المعدن الثمين مستويات قياسية، شرحت «وكالة الصحافة الفرنسية» سبب بقائه ملاذاً استثمارياً موثوقاً به.

مكاسب إضافية

يقول كبير خبراء شؤون المعادن في منصة التداول «كينيسيس ماني»، فرانك واتسون، في تصريح للوكالة الفرنسية: «إلى الآن ما تزال سبائك المعدن الثمين معفاة من التعريفات الجمركية الأميركية، قد يكون ذلك مردّه عدم اعتبارها منتجات صناعية أساسية».

ترمي التعريفات التي فرضها ترمب إلى دعم الإنتاج الأميركي وتقليص العجز في الميزان التجاري للولايات المتحدة، وهو ما لن يحقّقه فرض رسوم ضريبية على الذهب.

بعد ارتفاع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية في مطلع أبريل (نيسان) حين أطلق ترمب تعريفاته المتبادلة، باع مستثمرون المعدن للحصول على السيولة اللازمة في خضم تدهور للبورصات.

هذا الأمر أضعف الذهب لفترة وجيزة، ثم عاد ليقفز بعدها. مذّاك لم تسجل أسعار المعدن أي تراجع مع إعلان ترمب على نحو مفاجئ تعليق الرسوم الأميركية على عشرات من البلاد، في خطوة استثنى منها الصين.

تراجع الدولار

تراجعت العملة الأميركية بقوة مقابل منافساتها بعد فرض ترمب رسومه، ما عزّز جاذبية الذهب.

يقول واتسون إن الذهب «من الأصول المهمة لإدارة المخاطر التي تحتفظ بها كيانات على غرار المصارف المركزية والمؤسسات المالية والمستثمرين الأفراد».

الأسواق قلقة إزاء ما قد تحمله حرب تجارية شاملة من تداعيات على النمو، وتراهن على إعلان الاحتياطي الفيدرالي (المصرف المركزي الأميركي) خفضاً إضافياً لمعدلات الفائدة لدعم أنشطة أكبر اقتصاد في العالم.

وذلك على الرغم من أن الرسوم قد تؤدي إلى ارتفاع جديد للتضخم، وهو ما من شأنه عادة أن يدفع المصارف المركزية إلى رفع أسعار الفائدة.

تزيد توقعات كهذه بشأن تكاليف الاقتراض، الضغوط على الدولار وكذلك على السندات الحكومية الأميركية التي بدأت تفقد بعضاً من الجاذبية التي تتمتّع بها بوصفها ملاذاً آمناً.

أصل نادر وملموس

مما يعزز مكاسب الذهب هو أنه من الأصول النادرة والمادية. ففي حين أن غالبية الناس لن يمتلكوا سبيكة ذهب، فإن بإمكانهم اقتناء مجوهرات ذهبية.

يقول واضع الاستراتيجيات في مجلس الذهب العالمي جون رايدل إن «الناس يريدون أصلاً ملموساً يمكنهم اقتناؤه».

ويوضح رايدل، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية» أن الذهب أثبت أنه من الأصول التي يسعى مستثمرون ومدّخرون لاقتنائه عند فقدان الثقة بالحكومات والمصارف، حتى وإن كان استثمارهم هذا بحد ذاته لا يعود عليهم بأرباح أو فوائد.

ويلفت واتسون إلى أن «الذهب هو (معدن) نادر جداً ولا يتآكل»، ما يجعله الأعلى قيمة على صعيد التخزين الطويل الأمد.

مساعي المصارف المركزية

يعد الذهب من الأصول التي تسعى إليها المصارف المركزية، مما يسهم في ارتفاع أسعاره من جراء ملء الخزائن بالسبائك تحوّطاً للأزمات، وفي استقرار أسعار العملات واستخدامه ضمانة للقروض والتعاملات.

في عام 2024 عزّزت المصارف المركزية حول العالم احتياطياتها من الذهب بأكثر من ألف طن للعام الثالث على التوالي، وفق مجلس الذهب العالمي.

ووفق تشارلي موريس، المحلل في مجموعة الأبحاث الاستثمارية «بايت تري»، فإن «هذه الخطوة جاءت بسبب غزو أوكرانيا والمصادرة اللاحقة لاحتياطيات روسية».

بعد بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، تم تجميد احتياطيات عملات أجنبية يملكها المركزي الروسي خارج روسيا بموجب عقوبات دولية.

وفاقمت الحرب في أوكرانيا، ومن بعدها النزاع في غزة، حال انعدام اليقين على المستوى الجيوسياسي، ما زاد من جاذبية الذهب.