«وظائف المستقبل»... عشرات المهن لم تخطر على «قلب بشر»

أبرزها جراح تجميل للروبوتات ومدير ثروات رقمية وموظف نقل معادن من الكواكب

طباعة ثلاثية الأبعاد لمبنى سكني في بيكوم بألمانيا (أ.ف.ب)
طباعة ثلاثية الأبعاد لمبنى سكني في بيكوم بألمانيا (أ.ف.ب)
TT

«وظائف المستقبل»... عشرات المهن لم تخطر على «قلب بشر»

طباعة ثلاثية الأبعاد لمبنى سكني في بيكوم بألمانيا (أ.ف.ب)
طباعة ثلاثية الأبعاد لمبنى سكني في بيكوم بألمانيا (أ.ف.ب)

من يتوقع أن يكون لديه بحلول 2025 أول آلة طباعة ثلاثية الأبعاد متداولة؟ من يشعر بأنّه لن يذهب إلى صيدلاني، بل إلى روبوت يمكنه صرف الوصفات الطبية له؟ من يشعر بأنّه سيكون لديه هاتف متحرك قابل للزرع في الجسد؟ من يعتقد أنّه سيكون هناك أول كبد ثلاثي الأبعاد يتم زرعه؟ من يشعر بأنّه قد يكون هناك آلات قادرة على قراءة الأفكار؟ من يتوقع أن يستقل طائرة لا يحلق بها طيار؟
هذه بعض من أسئلة طرحها كلاوس شواب، مؤسس ومدير المنتدى الاقتصادي العالمي، في مؤتمر الحكومات في دبي قبل عامين، قائلاً إنّ «العالم يقف على حافة ثورة تكنولوجية من شأنها أن تحدث تغييراً جذرياً في أنماط الحياة التي نعيشها والعمل الذي نؤديه والطريقة التي نتعامل بها بعضنا مع بعض»، معتبراً أن على الحكومات إعداد أشخاص أكثر استنارة وقدرة على مواكبة التطورات. ومن هذا المنطلق، يبدو أنّ أمر إعداد الأشخاص للغد لا يقتصر على الحكومات، بل على أولياء الأمور المنشغلين بمستقبل أبنائهم؛ إذ عليهم من الآن أن يعرفوا ما هي «وظائف المستقبل» التي لم تخطر على «قلب بشر».
ويحدد تقرير «وظائف المستقبل 2040»، الصادر عن «مؤسسة استشراف المستقبل» في أبوظبي، 157 مهنة في 20 قطاعاً تسيطر على وظائف المستقبل، موضحاً أنّها وظائف فعالة للذين وُلودوا بعد عام 2010 وهو الجيل الذي يعرف بـ«جيل ألفا» (Alpha Generation)، وهي:
الروبوتات: صيانة الروبوتات، مراقبة الروبوتات، تقنيو تشغيل الروبوتات، موردو الروبوتات، مبرمجو الروبوتات، خبراء واجهات وتجارب المستخدمين الخاصة بالروبوتات، استشاريون في مراعاة أخلاقيات بناء الروبوتات، مطورو الأعمال الخاصة بالروبوتات، جرّاح التجميل للرّوبوتات، مطورو مهارات التواصل للروبوتات، وكلاء السفر للروبوتات، منظمو عروض وفعاليات للروبوتات.
البيانات: علماء بيانات، محققو بيانات، مستخرجو بيانات، محللو بيانات، مراقبو بيانات، اختصاصيون في الجانب القيمي أو الأخلاقي لحفظ البيانات واستخدامها، وكلاء الائتمان الخاص بالبيانات، وسطاء بيانات.
الطائرات من دون طيار: موظفو مركز قيادة الطائرات من دون طيار، مهندسو النظم الطائرة، الطاقم الأرضي للتاكسي الطائر (من دون طيار)، صيانة الطائرات من دون طيار وتصليحها، فرق العمل الخاصة بالأمن الجوي، مصممو الطائرات من دون طيار، مبرمجو الطائرات من دون طيار، مشغلو أجهزة الاستشعار، وكلاء مبيعات للطائرات من دون طيار.
الصحة الشخصية: مختصون في مجال مكافحة الشيخوخة، مختصون في تعزيز الصحة العقلية، ممرضون، مساعدو كبار السن، منظمو جينات، اختصاصيو علاج من خلال التخلق المتعاقب (Epigenetic)، اختصاصيون في مجال التحفيز العصبي للدماغ، مصممون ومهندسون في مجال التعديل الجيني.
الذكاء الصناعي: مدربون ومشرفون مستقلون معززون بقدرات الذكاء الصناعي، كتّاب معززون بقدرات الذكاء الصناعي، موسيقيون معززون بقدرات الذكاء الصناعي، فنانون معززون بقدرات الذكاء الصناعي، محاسبون معززون بقدرات الذكاء الصناعي، خبراء في الأمن الإلكتروني معززون بقدرات الذكاء الصناعي، خبراء في الذكاء الصناعي معززون بقدرات الذكاء الصناعي.
النقل ذاتي القيادة: موظفو مركز القيادة، إدارة المدفوعات والمحاسبة، مهندسو الطرق الذكية، التصليح والصيانة، فرق التنظيف، محللو حركة المرور، مركبو محطات الشحن، مصممون لتطوير تجربة الركاب في استخدام المركبات وتحسينها.
تكنولوجيا البلوكتشين: المشرعون المعنيون بالبلوكتشين، مهندسو البلوكتشين، مصممو البلوكتشين، خبراء واجهات وتجارب المستخدمين الخاصة بالبلوكتشين، مديرو التطبيقات السحابية للبلوكتشين، محللو أنظمة البلوكتشين، مديرو منتجات البلوكتشين، مدربون لتطوير الأعمال الخاصة بالبلوكتشين.
الطباعة ثلاثية الأبعاد: المصممون المعماريون للبيوت الرقمية، البناؤون لمنازل ثلاثية الأبعاد، مصممو منتجات ثلاثية الأبعاد، صناع أدوية ثلاثية الأبعاد، اختصاصيو صناعة الأطراف الصناعية المطبوعة، اختصاصيون في الصناعة ثلاثية الأبعاد للجراحة الترميمية، اختصاصيو طباعة ثلاثية الأبعاد للمواد الغذائية، الباحثون في علوم المواد، الحوسبة، التكنولوجيا الحيويّة، فنيّو تشغيل الطابعات ثلاثيّة الأبعاد، مهندسو تصنيع الطابعات ثلاثيّة الأبعاد وصيانتها، اختصاصيو التدقيق والجودة للمُنتجات المطبوعة، مُطورو الشفرات والمُبرمجون.
العملات الرقمية: مشرعون بخصوص العملات الرقمية، مصرفيون للعملات الرقمية، اختصاصيون للمعاملات المتعلقة بالعملات الرقمية، مديرون للثروات الخاصة بالعملات الرقمية، موظفون في القطاع التأميني للعملات الرقمية، موظفون في مجال تعدين العملات الرقمية، موظفون لعمليات تبادل العملات الرقمية، محللون لأداء العملات الرقمية.
أنظمة الاستشعار: مصممو أجهزة الاستشعار وأنظمتها، عمال تركيب أجهزة الاستشعار وأنظمتها، صانعو أقمشة وخياطون يعتمدون في عملهم على أجهزة استشعار، صانعو نماذج للبيانات الخاصة بأنظمة الاستشعار، منظمو نقل البيانات الخاصة بأنظمة الاستشعار، مهندسو إشارة لأنظمة الاستشعار، مصممو أجهزة استشعار وأنظمة خاصة بها، فنيون لإصلاح أعطال أنظمة الاستشعار.
قطاع الفضاء: المخططون للمهام الخاصة بالفضاء، إدارة إطلاق المركبات للفضاء، فرق عمل للتحضر لإطلاق المركبات وتجهيز الحمولة وخبراء في الأرصاد الجوية والفضائية، محللون لحركة المرور في الفضاء، مراقبون لتقديم الإرشادات لقيادة مركبات الفضاء، مصممون لتطوير تجربة زوار الفضاء، خبراء في تقليل الآثار المترتبة على زيارة الفضاء، خبراء في أخلاقيات صناعة الفضاء.
التعدين الفضائي: المستكشفون والمساحون للكويكبات والأجرام السماوية، الطواقم الأرضية لعمليات التعدين من الكويكبات والأجرام السماوية، اختصاصيون في إطلاق عمليات التعدين من الكويكبات والأجرام السماوية، مشغلو روبوتات لعمليات التعدين من الكويكبات والأجرام السماوية، علماء في المواد الموجودة على الكويكبات والأجرام السماوية، موظفون لعمليات النقل من الكويكبات والأجرام السماوية وإليها، عمال لعمليات صهر المعادن على الكويكبات والأجرام السماوية، مديرون لتحليل البيانات الخاصة بالكويكبات والأجرام السماوية.
توليد الطاقة بالاندماج النووي: مصممو مفاعلات توليد الطاقة بالاندماج، مهندسو مفاعلات توليد الطاقة بالاندماج، فنيون لضبط أنظمة الاندماج، خبراء في الشبكات الصغرى الخاصة بعمليات الاندماج، مقاولون لمفاعل توليد الطاقة بالاندماج، مصممون معماريون لمفاعل توليد الطاقة بالاندماج، مخططون لعمليات الاندماج بالفضاء، مديرو مشاريع توليد الطاقة بالاندماج.
الطب الجينومي: مزودو خدمات صحية خوارزمية، باحثون في خدمات الصحة الخوارزمية، خبراء تغذية باستخدام الخوارزميات، فنيون بيولوجيون مختصون بتقنية التعديل الجيني (كريسبر)، مهندسون مختصون بتقنية التعديل الجيني (كريسبر)، مدققون مختصون بتقنية التعديل الجيني (كريسبر)، خبراء في التصنيع البيولوجي، مصممو أعضاء في مجال التصنيع البيولوجي.
الهايبرلوب: مصممو شبكات مترو (تيوب)، عمال بناء لشبكة المترو (تيوب)، مهندسو سلامة لشبكة المترو (تيوب)، مشغلو شبكة المترو (تيوب)، منظمو حركة شبكة المترو (تيوب)، صيانة شبكة المترو (تيوب) وتصليحها، حراس ومراقبون لشبكة المترو (تيوب).
الحوسبة الكمومية: مبرمجون في الحوسبة الكمومية، محللو بيانات كمومية، مراقبون ومديرون في مراعاة الخصوصية في الحوسبة الكمومية، مديرو ائتمان في مجال الحوسبة الكمومية، مشغلو أجهزة كمومية، مراقبة الصحة بخصوص الحوسبة الكمومية، صيدلانيون معتمدون في عملهم على الحوسبة الكمومية، مصممو شخصيات يعتمدون في عملهم على الحوسبة الكمومية.
الواقع الممزوج (الهجين/المختلط): وكلاء سفر يعتمدون في عملهم على الواقع الممزوج، معالجون يعتمدون في عملهم على الواقع الممزوج، مدربون يعتمدون في عملهم على الواقع الممزوج، مشرفون يعتمدون في عملهم على الواقع الممزوج، مصممو ألعاب يعتمدون في عملهم على الواقع الممزوج، منتجو أفلام يعتمدون في عملهم على الواقع الممزوج، مصممون ومشيدون لتجارب معتمدة على الواقع الممزوج، منتجو أخبار يعتمدون في عملهم على الواقع الممزوج.
اللحوم المزروعة مخبرياً: مصممون للمفاعلات الحيوية الخاصة باللحوم المزروعة مخبريّاً، مديرو خلايا جذعية للحوم المزروعة مخبريّاً، مصممو لحوم مزروعة مخبريّاً، استشاريون واختصاصيون للتحقق من الجانب الأخلاقي والمهني في إنتاج اللحوم المصنوعة مخبريّاً، الرقابة على جودة اللحوم المزروعة مخبريّاً، باحثون ومختصون لتطوير منتجات جديدة من اللحوم المزروعة مخبريّاً، مهندسو تغذية مختصون في اللحوم المزروعة مخبريّاً، مديرو عمليات للحوم المزروعة مخبريّاً.
إنترنت الأشياء: اختصاصيو أجهزة مستحدثة تعمل وفقاً لمبدأ إنترنت الأشياء، مركبو أبنية ذكية تعمل وفقاً لمبدأ إنترنت الأشياء، مطورو ملابس ذكية تعمل وفقاً لمبدأ إنترنت الأشياء، مراقبو صحة وفقاً لمبدأ إنترنت الأشياء، علماء وخبراء أنثربولوجيا وفقاً لمبدأ إنترنت الأشياء، اختصاصيو أنظمة إنذار تعمل وفقاً لمبدأ إنترنت الأشياء، خبراء تأمين على البيانات وفقاً لمبدأ إنترنت الأشياء، مقيمون لنقاط العطل وفقاً لمبدأ إنترنت الأشياء.
التعلم الذكي: مصممو واجهات تفاعلية لأنظمة التدريس المعتمدة على الذكاء الصناعي، مطورو برامج تدريسية معتمدة على الذكاء الصناعي، مهندسون لأنظمة التدريس الذكية المعتمدة على الذكاء الصناعي، فنيون لتصليح أنظمة التدريس الذكية المعتمدة على الذكاء الصناعي وصيانتها، مدربون تربويون للعمل على أنظمة الذكاء الصناعي التعليمية، مطورو مهارات شخصية معززة بالذكاء الصناعي، مراقبون شخصيون للحياة المعززة بأنظمة الذكاء الصناعي، مطورو عمليات التعليم الذكية.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.


رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».


ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».