الوضع الوبائي في ليبيا يستفحل وسط مخاوف من «كارثة»

حظر التجول يتسع لمواجهة «كورونا»... و«الصحة» تعلن الطوارئ

استمرار حملة التلقيح الاستثنائية ضد «كورونا» في بلدية عين زارة بالعاصمة طرابلس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
استمرار حملة التلقيح الاستثنائية ضد «كورونا» في بلدية عين زارة بالعاصمة طرابلس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
TT

الوضع الوبائي في ليبيا يستفحل وسط مخاوف من «كارثة»

استمرار حملة التلقيح الاستثنائية ضد «كورونا» في بلدية عين زارة بالعاصمة طرابلس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)
استمرار حملة التلقيح الاستثنائية ضد «كورونا» في بلدية عين زارة بالعاصمة طرابلس (المركز الوطني لمكافحة الأمراض)

تزايدت حدة التحذيرات في ليبيا من «كارثة» بسبب تصاعد منحى الإصابات بفيروس «كورونا»، في ظل عجز كثير من مراكز العزل الطبي عن استقبال حالات جديدة، بينما دخلت مناطق عدة بالبلاد في حظر تجوال جزئي، مع إغلاق كثير من المحال والأسواق التجارية.
وفي استغاثة سريعة، قالت إدارة مركز سبها الطبي أمس (الثلاثاء)، إنه يعاني من نقص حاد في الأكسجين المسال لعدم كفاية ما يُنتج من مصانع المنطقة الجنوبية، مشيرةً إلى أن «هذا سيتسبب في وقوع كارثة تهدد حياة المصابين بفيروس (كورونا)».
ولفتت إلى أن مراكز «الفلترة» تشهد زحاماً كبيراً بأعداد المصابين في ظل وضع «غير مطمئن».
وقال المركز الوطني لمكافحة الأمراض أمس، إن المختبرات المرجعية في ليبيا سجلت 3348 إصابة جديدة بالفيروس منها 2374 إصابة جديدة و974 لمخالطين، بالإضافة إلى 24 حالة وفاة.
وارتفعت الحصيلة الإجمالية في عموم ليبيا إلى أكثر من 240 ألف إصابة، تعافى منهم 187960 وتوفى 3422 حالة، بينما تسعى السلطات لمحاصرة الوباء بزيادة حملات التلقيح ضد الفيروس وخصوصاً في المناطق الغربية التي تشهد تزايداً ملحوظاً في الإصابات.
وقررت حكومة «الوحدة الوطنية» برئاسة عبد الحميد الدبيبة، فرض حظر تجول جزئي لمدة أسبوعين في كل من بلديات المنطقة الوسطى، وطرابلس الكبرى، والساحل الغربي، والجبل الغربي، اعتباراً من أمس، على أن يبدأ في السادسة مساءً حتى السادسة من صباح اليوم التالي، منبهةً على إغلاق جميع الأنشطة التجارية بينما تظل المؤسسات التي تحفظ الأمن العام والتي تقدم الخدمات الطبية مفتوحة.
كما قرر المجلس البلدي بني وليد، فرض حظر تجول جزئي لمدة 10 أيام في البلدية، لمواجهة الموجة الجديدة الفيروس بعد ازدياد حالات الإصابة في المدينة.
وفي إطار تفعيل قرارات السلطات المحلية، قالت وزارة الداخلية أمس، إن الأجهزة الأمنية والتنفيذية في بلدية السائح بغرب البلاد، أغلقت عدداً من الأسواق التجارية والمحال بـ«الشمع الأحمر»، وأمرت بإيقاف أصحاب هذه المحال لمخالفة الإجراءات الوقائية والاحترازية المتعلقة بمكافحة الوباء.
كما أغلق مصرفا «الجمهورية» فرع بني وليد، و«سوف الجين الأهلي»، أبوابهما أمام العملاء، بعد إصابة عدد من الموظفين بالفيروس، لحين تعقيم وتطهير مقرات المصارف بالكامل كإجراء وقائي واحترازي وفقاً لإدارتهما، مطالبتين جميع المترددين بعد استئناف العمل بضرورة ارتداء الكمامات واتّباع الإجراءات الوقائية.
وأمام تسارع وتيرة الوباء أعلنت وزارة الصحة أن ليبيا في حالة طوارئ صحية، مشددةً على ضرورة اتخاذ جميع الإجراءات بمعاقبة المخالفين للحجر الصحي وفقاً للقانون الصحي في البلاد. جاء ذلك عقب اجتماع طارئ لوزير الصحة علي الزناتي، مع لجنة الوبائيات وطب المجتمع والمركز الوطني لمكافحة الأمراض مساء أول من أمس، لبحث زيادة عدد الإصابات بفيروس «كورونا» المستجد، نتيجة انتشار السلالة المتحورة من الجائحة.
ودفعت إدارة الطوارئ الصحية بديوان وزارة الصحة بفريق طبي طارئ لدعم مركز العزل بمدينة زليتن بـ(الساحل الغربي) لتقديم الدعم اللازم للمركز في مواجهة تزايد الإصابات.
واشتكت عضو المجلس البلدي المكلفة متابعة ملف الصحة في بلدية سرت هنية أبو خريص، من أن الوضع الوبائي في البلدية «سيئ»، في ظل إجراءات وصفتها بـ«الضعيفة» في المرافق الطبية.
وخصص رئيس الحكومة نصف مليار دينار ليبي لصالح وزارة الصحة لإنفاقها على الاحتياجات الضرورية والعاجلة، خصماً من الباب الخامس من الموازنة (نفقات طوارئ)، على أن يوزع المبلغ لتجهيز المعامل والمختبرات المرجعية، وتوفير خزانات ومصانع الأكسجين الطبي والمستلزمات التابعة.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».