رجحت مصادر سياسية في الجزائر تنظيم الانتخابات المحلية (البلدية والولائية) بنهاية أكتوبر (تشرين الأول) المقبل كآخر حلقة في «البناء المؤسساتي» الذي يطمح إليه الرئيس عبد المجيد تبَون، لطي فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة التي ترمز إلى تفشي الفساد وسوء التسيير، وضعف الدولة داخلياً وخارجياً.
وبات هاجس «الرفض الشعبي للانتخابات» يؤرق السلطة والأحزاب، بحكم ضعف الإقبال على الصناديق في ثلاثة استحقاقات مضت: انتخابات البرلمان التي جرت في 12 يونيو (حزيران) الماضي، والتي لم تتعد نسبة التصويت بها 20 في المائة، واستفتاء تعديل الدستور الذي نظم في 1 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 وكانت نسبة التصويت فيه 23 في المائة، أما انتخابات الرئاسة التي جرت في نهاية 2019 وسط رفض الحراك الشعبي لها، فكانت في حدود 39 في المائة.
واستقبل تبون أول من أمس (الخميس)، بمقر الرئاسة رئيس «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» محمد شرفي، وبحث معه إمكان تنظيم الانتخابات المحلية قبل نهاية العام. وأفادت مصادر في حزب «جبهة التحرير الوطني» الذي فاز بالريادة في «التشريعيات» الأخيرة (98 مقعداً من 407) لـ«الشرق الأوسط»، بأن قيادييه يتوقعون صدور مرسوم استدعاء الهيئة الانتخابية بنهاية الشهر الجاري، وإذا تم ذلك فستكون الانتخابات بعد ثلاثة أشهر، حسبما ينص عليه قانون الانتخابات.
وسلَم شرفي للرئيس، أثناء لقائهما، تقريراً عن انتخابات البرلمان التي أشرفت «سلطته» على تنظيمها، وذلك وفق ما ينص عليه القانون. وصرَّح للتلفزيون العمومي، أن لقاءه بتبون «يندرج في إطار التحضير للانتخابات المحلية القادمة ومن أجل تثبيت المسار على أسس صحيحة»، في إشارة إلى مشروع الرئيس الذي سمَّاه «الجزائر الجديدة في المائة، والذي يقوم على تنظيم انتخابات برلمانية وبعهدها محلية مبكَرة. وقال أيضاً إنه بحث مع تبون الجوانب القانونية واللوجيستية للاستحقاق المنتظر، «وقد أبديت رأيي في هذا الجانب». يشار إلى أن تبون حل البرلمان في مايو (أيار) الماضي، وسيفعل نفس الشيء بالنسبة للمجالس البلدية والولائية التي تنتهي ولايتها رسمياً في الخريف المقبل.
وأكد شرفي أنه «أحاط الرئيس علماً بمجريات الاقتراع المنصرم المتعلق بانتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني، مع استعراض الآفاق القريبة والمتوسطة للأجندة السياسية التي التزم بها أمام الشعب الجزائري، وتتمثل في إحداث التغيير بتجديد المؤسسات الدستورية برمتها»، مبرزاً أنه بعد الانتهاء من الاستحقاق التشريعي «كان لا بد أن ننطلق نحو المرحلة الموالية، وهي تجديد المجالس المحلية». وتحدث شرفي عن «لقاءات أخرى ستجمعني برئيس الجمهورية، حتى يتم تثبيت مسار تجديد مؤسسات الدولة الجزائرية على أسس صحيحة».
وصرح تبون يوم انتخابات البرلمان، لوسائل إعلام سألته عن توقعاته بشأن نسبة التصويت، بأن أعداد الناخبين لا تهمه بقدر ما يهمه أن الصندوق سيفرز برلمانيين. واستغرب غالبية المراقبين هذا الموقف، وثمة إجماع بأن «المجلس الشعبي الوطني»، كمؤسسة للتشريع لا يملك شرعية شعبية. وأكدت نتائج الاستحقاق أن مترشحة في محافظة تيزي وزو بالقبائل (شرق) حازت على مقعد نيابي، بـ40 صوتاً فقط، قياساً إلى حجم الرفض الشعبي عن الصناديق في المحافظة، والذي لم يصل إلى 1 في المائة.
وستكون «المقاطعة»، وبالأخص في منطقة القبائل، الرهان الأكبر للأحزاب التي ستخوض الاستحقاق المحلي. ويعول قادتها على كون البلدية هي الكيان الإداري الأول الذي يلجأ إليه المواطن طلباً لحل مشاكله اليومية، أملاً في أن تكون نسبة الانتخابات مرتفعة هذه المرَّة. غير أن الملاحظين، يعتبرون العزوف الشعبي عن المواعيد الانتخابية السابقة، يعتبر موقفاً سياسياً من جانب غالبية الجزائريين الذين يعتبرون الاستحقاقات أجندة تخدم النظام ليضمن بها استمراره، ما يتناقض تماماً حسبهم، مع إرادتهم في التغيير التي عبروا عنها في مظاهرات الحراك الشعبي.
الجزائر: توقعات بتنظيم «المحليات» في أكتوبر لـ«طي المرحلة البوتفليقية»
المقاطعة الشعبية للاستحقاقات تظلَ هاجس السلطة والأحزاب
الجزائر: توقعات بتنظيم «المحليات» في أكتوبر لـ«طي المرحلة البوتفليقية»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة