خلافات حادة داخل البرلمان العراقي بعد نشر تفاصيل تقرير «لجنة سبايكر»

نواب وصفوه بـ«البائس» وسط مؤشرات على احتمال إعادة التحقيق

خلافات حادة داخل البرلمان العراقي بعد نشر تفاصيل تقرير «لجنة سبايكر»
TT

خلافات حادة داخل البرلمان العراقي بعد نشر تفاصيل تقرير «لجنة سبايكر»

خلافات حادة داخل البرلمان العراقي بعد نشر تفاصيل تقرير «لجنة سبايكر»

كشف عضو البرلمان العراقي عن محافظة صلاح الدين، مشعان الجبوري، أن رئاسة البرلمان تتجه لتشكيل لجنة أخرى من أجل معرفة ملابسات ما حصل في قاعدة سبايكر خلال شهر يونيو (حزيران) عام 2014 قبيل احتلال تنظيم داعش لمحافظة صلاح الدين والذي نتج عنه مقتل وإخفاء أكثر من 1700 جندي ومتطوع.
وقال الجبوري في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إثر الخلافات التي فجرها تقرير لجنة التحقيق في مجزرة سبايكر الذي تمت تلاوته في البرلمان أمس إن «أحد أعضاء اللجنة أخبرني يأن الكثير من أعضاء اللجنة ليسوا راضين عما ورد في التقرير وأنهم لا يتبنون ما ورد فيه لأنه مملوء بالمغالطات». وأضاف الجبوري أن «رئيس اللجنة حامد المطلك اتهمني بأنني قمت بتسريب التقرير إلى مواقع التواصل الاجتماعي قبل قراءته في البرلمان وأنا أقر بذلك لأنني أريد تشكيل رأي عام ضاغط ضد هذا التقرير الفاشل»، متهما «جماعة صالح المطلك»، نائب رئيس الوزراء، بـ«ممارسة ضغوط لإسكاتي سواء على صعيد ما بحوزتي من معلومات تفصيلية بشأن منفذي جريمة سبايكر وبالأسماء أو على صعيد استجواب المطلك (في مزاعم فساد) وهي قضايا لن أسكت عنها مهما كلفني ذلك»، مؤكدا أن «رئاسة البرلمان ستشكل لجنة أخرى لإعادة التحقيق لأن المطلوب هو الإعلان عن أسماء الجناة لكي لا تتهم محافظة صلاح الدين بكاملها بالوقوف وراء مجزرة سبايكر التي نفذها أفراد يتراوح عددهم بين 50 و60 شخصا وكلهم من أهالي صلاح الدين».
وردا على سؤال بشأن ما إذا كانت قد حصلت عمليات انتقامية من الحشد الشعبي أثناء دخول منطقة البو عجيل التي يتهم أفراد منها بارتكاب المجزرة، قال الجبوري «في الواقع لم تحصل عمليات منظمة أبدا يضاف إلى ذلك أن القوات التي دخلت إلى البوعجيل وغيرها لم تجد أحدا على الإطلاق».
وكانت اللجنة التحقيقية في قضية سبايكر اتهمت مشعان الجبوري بتسريب تقريرها إلى مواقع التواصل الاجتماعي و«الامتناع» عن الإدلاء بشهادته في القضية، فيما عزت السبب إلى «حصانته البرلمانية».
وقال حامد المطلك خلال قراءته تقرير اللجنة أمام البرلمان: إن «النائب مشعان الجبوري كان على مسافة أقل من 5 كيلومترات لدى دخول تنظيم (داعش) لمدينة تكريت والسيطرة عليها». وأضاف المطلك أن «مشعان الجبوري كان يتفرج على عملية الإعدام التي نفذها عناصر (داعش) بجنود قاعدة سبايكر»، متسائلا «ماذا كان يفعل مشعان في المدينة لحظة دخول تنظيم داعش والسيطرة عليها؟».
وكان رئيس لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، حاكم الزاملي، حمل أول من أمس قيادات أمنية مسؤولية وقوع «مجزرة سبايكر»، وأشار إلى أن التحقيق الأولي في الحادثة انتهى وقدم إلى رئاسة البرلمان، وأكد أن اكتمال التحقيق فيه متعلق بتحرير محافظة صلاح الدين.
من جهته انتقد عضو البرلمان العراقي عن التحالف المدني الديمقراطي فائق الشيخ علي بشدة تقرير لجنة سبايكر. وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «أقل ما يمكن أن يقال عن هذا التقرير إنه بائس لأنه ترك السبب الحقيقي الذي نبحث عنه وهو من ارتكب الجريمة ليذهب إلى النتائج وهي ليست القضية الرئيسية»، مشيرا إلى أن «أهالي سبايكر يريدون معرفة تفاصيل عن القتلة وما جرى وما إذا كان هناك أحياء وفي حال وجود أموات أين جثثهم بينما التقرير لم يتطرق إلى هذه القضايا الجوهرية التي هي صلب قضية سبايكر». وأوضح الشيخ علي أن «اللجنة أكدت أنها أرسلت كتبا إلى وزارة الدفاع بينما واقع الحال أن المشكلة تتحملها وزارة الدفاع والقائد العام السابق للقوات المسلحة نوري المالكي وهو ما لم توضحه اللجنة».
وأشار الشيخ علي إلى أن «هذه اللجنة وسواها من لجان البرلمان التي تتشكل وفق المحاصصة لا يمكن أن تكون ذات فائدة وهو ما سوف ينسحب على لجنة الموصل وهو ما يؤدي في النهاية إلى إضعاف ثقة الناس بالبرلمان».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.