الأسد يؤدي اليمين الدستورية لولاية رابعة من 7 سنوات

وزير الخارجية الصيني في دمشق للمرة الأولى منذ 2011

الرئيس بشار الأسد يلقي خطاباً في «قصر الشعب» الرئاسي بعد أدائه القسم أمس (رويترز)
الرئيس بشار الأسد يلقي خطاباً في «قصر الشعب» الرئاسي بعد أدائه القسم أمس (رويترز)
TT

الأسد يؤدي اليمين الدستورية لولاية رابعة من 7 سنوات

الرئيس بشار الأسد يلقي خطاباً في «قصر الشعب» الرئاسي بعد أدائه القسم أمس (رويترز)
الرئيس بشار الأسد يلقي خطاباً في «قصر الشعب» الرئاسي بعد أدائه القسم أمس (رويترز)

أدى الرئيس السوري بشار الأسد اليمين الدستورية لولاية رئاسية رابعة من 7 سنوات، بعد نحو شهرين من إعادة انتخابه، وسط أزمة اقتصادية ومعيشية خانقة تعصف بالبلاد التي تشهد نزاعاً دامياً منذ أكثر من 10 سنوات. وذلك بالتزامن مع وصول وزير الخارجية الصيني إلى العاصمة السورية أمس، في إطار جولة بالمنطقة.
وقالت مصادر سورية لوكالة الأنباء الألمانية إن الوزير الصيني سوف يعقد جلسة مباحثات مع نظيره السوري فيصل المقداد في مبنى وزارة الخارجية، ضمن زيارته التي تشمل لقاء مع الرئيس بشار الأسد عقب أدائه القسم القانوني لولاية رئاسية جديدة.
ووفق المصادر، تتضمن الزيارة توقيع مذكرة تفاهم لإطلاق مشاريع اقتصادية بين الصين وسوريا. وذلك في أول زيارة للوزير الصيني إلى سوريا منذ عام 2011.
وفاز الأسد في الانتخابات الرئاسية التي جرت في مايو (أيار) الماضي، كما كان متوقعاً، بـ95 في المائة من الأصوات، في ثاني استحقاق من نوعه منذ اندلاع النزاع. وشككت قوى غربية وخصومه بنزاهة الانتخابات ونتائجها، حتى قبل حدوثها.
وأدى الأسد (السبت) القسم الدستوري على مصحف والدستور، في احتفالية ضخمة أقيمت في قصر الشعب في دمشق، أمام أعضاء مجلس الشعب، بحضور زوجته أسماء، وأكثر من 600 ضيف، بينهم وزراء ورجال أعمال وفنانون ورجال دين وإعلاميون، وفق دوائر القصر الرئاسي.
وقال في خطاب ألقاه إثر القسم، واستمر لأكثر من ساعة، وقُوطع خلاله مراراً بالتصفيق والهتافات المؤيدة وأبيات الشعر، إن نتائج الانتخابات «أثبتت قوة الشرعية الشعبية التي يمنحها الشعب للدولة، وسفهت تصريحات المسؤولين الغربيين حول شرعية الدولة والدستور والوطن».
ونقلت وسائل الإعلام الرسمية ومنصات الرئاسة كلمة الأسد بينما اتخذت إجراءات أمنية مشددة في دمشق ومحيط القصر الرئاسي.
وعد الأسد (55 عاماً) أنه «خلال 10 سنوات ونيف من الحرب، كانت هواجسنا متعددة، فطغت الأمنية منها، والخوف على وحدة الوطن. أما اليوم، فجلها حول تحرير ما تبقى من الأرض، ومواجهة التداعيات الاقتصادية والمعيشية للحرب».
وبعدما ضعفت في بداية النزاع وخسرت مناطق كثيرة، استعادت القوات الحكومية، بدعم عسكري مباشر من حليفتيها إيران وروسيا، مساحات واسعة. وعلى الرغم من توقف المعارك إلى حد كبير، لا تزال مناطق غنية، تضم سهولاً زراعية وآبار نفط وغاز، خارج سيطرتها.
وجرت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مناطق سيطرة قوات الأسد المقدرة بأقل من ثلثي مساحة البلاد، فيما غابت عن المناطق الخارجة عن سيطرتها، وأبرزها مناطق نفوذ الإدارة الذاتية الكردية (شمال شرقي البلاد)، ومناطق تحت سيطرة هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) وفصائل موالية لأنقرة في شمال وشمال غربي البلاد.
وكرر الأسد دعوته كل «من راهن على سقوط الوطن (...) وعلى انهيار الدولة» إلى أن «يعود إلى حضن الوطن لأن الرهانات سقطت، وبقي الوطن»، مضيفاً: «نقول لكل واحد منهم: أنت مستغل من قبل أعداء بلدك ضد أهلك، والثورة التي خدعوك بها وهم». وجدد تأكيد عزمه على استعادة المناطق الخارجة عن سيطرته، وقال: «تبقى قضية تحرير ما تبقى من أرضنا نصب أعيننا؛ تحريرها من الإرهابيين ومن رعاتهم الأتراك والأميركيين».
وأعاقت اتفاقات تهدئة تركية - روسية في إدلب ومحيطها (شمال غربي سوريا)، ووجود قوات أميركية في مناطق الأكراد (شمال شرقي البلاد)، مضيه حتى الآن في الخيار العسكري.
واتخذ الأسد عبارة «الأمل بالعمل» شعاراً لحملته الانتخابية، في محاولة لتسليط الضوء على دوره المقبل في مرحلة إعادة الإعمار، بعد عقدين أمضاهما في سدة الرئاسة، ولكنه يبدأ ولايته الجديدة اليوم فيما تشهد بلاده أقسى أزماتها الاقتصادية التي خلفتها 10 سنوات من الحرب، وفاقمتها العقوبات الغربية، فضلاً عن الانهيار الاقتصادي المتسارع في لبنان المجاور، حيث يودع رجال أعمال سوريون كثر أموالهم.
وعد الأسد أن «العائق الأكبر حالياً هو الأموال السورية المجمدة في المصارف اللبنانية»، مقدراً قيمتها بعشرات المليارات من الدولارات. ويلي ذلك من ناحية حجم التأثير -على حد قوله- الحصار الذي «سبب اختناقات وخلق صعوبات»، في إشارة إلى العقوبات الدولية التي تثقل كاهل نظامه منذ اندلاع الحرب.
وعلى وقع الانهيار الاقتصادي، رفعت الحكومة خلال الأسابيع الماضية أسعار البنزين غير المدعوم والمازوت والخبز والسكر والرز، فيما تفاقمت في الفترة نفسها مشكلة انقطاع الكهرباء، جراء نقص الغاز المغذي لمحطات توليد الطاقة الكهربائية، بحسب مسؤولين سوريين، ووصلت مدة التقنين في بعض المناطق إلى نحو 20 ساعة يومياً.
ويفاقم رفع الأسعار معاناة السوريين الذين ينتظرون في طوابير طويلة للحصول على البنزين المدعوم، ويشكون من الغلاء واستمرار ارتفاع الأسعار. ويعيش أكثر من 80 في المائة من السوريين راهناً تحت خط الفقر، وفق الأمم المتحدة، بينما يعاني 12.4 مليون شخص من انعدام الأمن الغذائي، بحسب برنامج الأغذية العالمي.
وتسبب النزاع منذ اندلاعه، في مارس (آذار) 2011، بمقتل نحو نصف مليون شخص، وألحق دماراً هائلاً بالبنى التحتية، واستنزف مقدرات الاقتصاد، كما أدى إلى نزوح وتشريد نحو نصف السوريين، داخل البلاد وخارجها.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.