تصدر إحدى دوائر محكمة الجنح في مصر غدا الأربعاء حكمها في القضية التي اشتهرت إعلاميا بقضية «كلب الأهرام»، وهي القضية التي شغلت الرأي العام المصري بمختلف قطاعاته خلال الأسابيع الماضية، بعد بث فيديو لتعذيب كلب مقيد في أحد أعمدة الإنارة ثم ذبحه أمام المارة والسكان بشارع «الأهرام» في أحد الأحياء الشعبية بمنطقة شبرا الخيمة بمحافظة القليوبية.
وقد هيمنت حالة من الصدمة على قطاعات واسعة من المصريين، بسبب وحشية «الفيديو» مما دفع السلطات القضائية لسرعة تداول القضية التي تحولت إلى قضية رأي عام، بين معارض لتعذيب «الحيوان» بهذه الصورة المؤسفة وعبرت عنه مظاهرات محدودة قادتها حركات اجتماعية تهتم بالرفق بالحيوان، ورافض لهذا الاهتمام المبالغ فيه بالقضية بدعوى أن «الجنازة حارة.. والميت كلب».
في كل الأحوال، لفتت الحادثة البشعة الأنظار لأوضاع الحيوانات عامة، والكلاب خاصة، في مصر التي تصنف منذ سنوات بين أسوأ الدول على مستوى العالم من حيث معاملة الحيوانات. وقد بلغ الانتهاك للحيوانات في مصر ذروته فيما سمي بمذبحة الخنازير عام 2009، عندما أقدمت الحكومة، من دون مبرر علمي، حسبما أكدت منظمة الصحة العالمية، على تنفيذ الإبادة الجماعية بطريقة وحشية في جميع الخنازير على مستوى البلاد، التي قدرت أعدادها بـ250 ألف رأس.
وحتى الكلاب، التي تمتعت بمكانة خاصة لدى المصريين، لم تنج من الانتهاكات التي تجاوزت ظروفها القاسية بوصفها حيوانات ضالة، إلى تدخل الحكومة للتعامل معها عبر القتل إما بإطلاق الرصاص أو باستخدام السم.
ولعل المفارقة بين الوضع الراهن وتاريخ مصر القديم يكشف لنا الانحدار الذي وصلت إليه حالة الحيوان في مصر، حيث إنها انفردت قديما بين حضارات العالم القديم بأقسى القوانين في معاقبة منتهكي حقوق الحيوان، لدرجة أن عقوبة قتل قطة كانت الإعدام!
وترجع هذه المكانة الرفيعة التي أولاها المصريون القدماء للحيوانات لمعتقداتهم الدينية؛ حيث أبدوا احتراما كبيرا لكل من العناصر المكونة لها، واعتقدوا أن «الكائن الأسمى» يوجد في كل شيء. وقد نظروا للحيوانات ليس باعتبارها كائنات أدنى مسخرة لخدمة الإنسان، وإنما على أنها شريكة في الكون والحياة.
وتزخر آثار مصر القديمة بعدد لا حصر له من الحيوانات المحنطة، وكثيرا ما كان يحرص المصريون القدماء على تحنيط الحيوانات ودفنها مع أصحابها من البشر.
ومن بين الآلهة المصرية القديمة التي اتخذت شكل حيوان، الإله أنوبيس، إله الموتى، ويتخذ رأسه شكل ابن آوى (من الفصيلة الكلبية)، الذي تولى مسؤولية وزن قلب المتوفى.
ويوضح هيرودوت أنه في المنزل الذي كانت تتوفى به قطة لأسباب طبيعية، كان أهل البيت يحلقون حواجبهم إظهارا للحزن، أما الأسر التي تقتني كلبًا، فلدى وفاته يحلق أفرادها شعر أجسادهم بالكامل، بما فيه شعر الرأس. وفي مصر القديمة، حملت الكلاب أسماء فريدة، وغالبًا ما كانت تدفن بجوار أصحابها. وتضم أبيدوس، على سبيل المثال، جزءا من مقبرة مخصصا للكلاب.
رحلة الكلاب في مصر: من التبجيل إلى التنكيل!
غدًا الحكم في قضية ذبح «ماكس».. كلب الأهرام
رحلة الكلاب في مصر: من التبجيل إلى التنكيل!
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة