أفادت منظمة الصحة العالمية أن تداعيات جائحة «كوفيد - 19» على المنظومات والخدمات الصحية حالت حتى الآن دون حصول 17 مليون طفل في العالم على الجرعة الأولى من اللقاحات ضد الحصبة، وعلى الجرعات الثلاث ضد الدفتيريا والكزاز والسعال الديكي.
وتستند المنظمة في تقديراتها إلى مجموعة من الأبحاث والدراسات التي أجراها خبراء في عدد من الجامعات الأميركية والأوروبية، أظهرت أن الأزمة الصحية الراهنة تسببت في انخفاض المستوى العالمي للحماية ضد هذه الأمراض دون 80 في المائة في العام الماضي، أي أقل بنسبة 7 في المائة من المستوى الذي كان متوقعاً لولا ظهور الجائحة. وكانت دراسة أجراها باحثون من جامعة واشنطن ونشرتها مجلة «لانسيت» في عددها الأخير، قد أفادت أن تدني مستوى المناعة ضد هذه الأمراض من شأنه زيادة مخاطر عودة هذه الأمراض إلى الانتشار والتسبب في وفيات بين الأطفال في البلدان النامية.
وتفيد المنظمة الدولية أنها اعتمدت في تقديراتها، إلى جانب الدراسات المذكورة، إلى بيانات التلقيح الشهرية التي تردها من الدول الأعضاء، وأن 74 في المائة من هذه البلدان اضطرت لوقف أنشطة التلقيح ضد هذه الأمراض خلال الجائحة، وذلك بسبب من تدابير العزل والإقفال التي فرضتها السلطات لاحتواء الوباء، ولأن كل الموارد الصحية سخرت لمكافحة كوفيد، ما همش العناية بجميع الأمراض الأخرى.
وجاء في بيان المنظمة أن الدول الأكثر تضرراً كانت في جنوب آسيا، حيث لم تتمكن الأنظمة الصحية من توزيع 6 ملايين لقاح ضد الأمراض الأربعة، وأن الحماية المناعية ضدها تراجعت بنسبة 17 في المائة.
واللافت أن المنطقة الأقل تضرراً كانت القارة الأفريقية جنوب الصحراء الكبرى، حيث تراجعت الحماية بنسبة 4 في المائة، وذلك بسبب الانتشار المتأخر لكوفيد في تلك المنطقة كما يقول مدير التحليل في المعهد العالمي للصحة رافايل سانجوان، الذي يرجح أن يعود هذا التراجع الطفيف إلى أن كوفيد لم ينتشر في تلك المنطقة قبل أواسط العام الفائت، فضلاً عن أن أنظمة التلقيح متطورة في البلدان الأفريقية التي يشكل الطب الوقائي حجر الزاوية في منظوماتها الصحية منذ سنوات. لكن رغم ذلك، تنبه منظمة الصحة أن الحماية المناعية ضد هذه الأمراض الأربعة في أفريقيا ما زالت دون المستوى المطلوب، وأن ذلك قد يؤدي إلى انتشارها مجدداً.
أما في البلدان المتقدمة، فقد تضاعف عدد الأطفال الذين لم يحصلوا على هذه اللقاحات في العام الفائت، أي ما يزيد عن 1.2 مليون طفل. ويقدر خبراء المنظمة أنه، لولا ظهور الجائحة وما استدعته مكافحتها من تعبئة شاملة للخدمات الصحية، كانت الحماية المناعية في أوروبا ضد هذه الأمراض قد بلغت 96 في المائة، أي ما يعادل السيطرة الكاملة عليها بشكل نهائي.
وتفيد الدراسات أن مستويات التلقيح عادت إلى الارتفاع منذ نهاية العام الفائت إلى أن بلغ المعدل الشهري العالمي المستوى الذي كان متوقعاً، لكن تغطية الأطفال الذين لم يحصلوا على هذه اللقاحات في العام الفائت قد تستغرق حتى نهاية السنة المقبلة. وينبه المعهد العالمي للصحة من أن وصول البلدان الغنية إلى المناعة الجماعية ضد كوفيد سيزيد من كمية اللقاحات المتاحة للبلدان الفقيرة، وأن هذه قد تميل إلى تركيز جهودها على التلقيح ضد كوفيد وإهمال التلقيح ضد الأمراض الأخرى، الأمر الذي دفع بمنظمة الصحة إلى التحذير من عواقب الطوارئ الصحية التي يمكن أن تنشأ عن أمراض أخرى، خاصةً في البلدان الفقيرة والنامية.
ويقول مدير الطوارئ الصحية في المنظمة مايك رايان: «من المهم جداً في الأشهر والسنوات المقبلة عدم الاكتفاء باستعادة مستوى المناعة قبل الجائحة، لأن ذلك من شأنه ترسيخ الفوارق السابقة. بل يجب استخلاص العبرة من هذه الأزمة وإرساء نظم تمنيع روتينية قوية توفر تغطية شاملة للأطفال».
الجائحة تحرم 17 مليون طفل من اللقاحات الدورية
«الصحة العالمية» حذرت من إهمال الوقاية من أمراض أخرى
الجائحة تحرم 17 مليون طفل من اللقاحات الدورية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة