قلق أممي من «الجمود» السياسي والأمني والمالي في ليبيا

في أحد شوارع طرابلس (أ.ف.ب)
في أحد شوارع طرابلس (أ.ف.ب)
TT

قلق أممي من «الجمود» السياسي والأمني والمالي في ليبيا

في أحد شوارع طرابلس (أ.ف.ب)
في أحد شوارع طرابلس (أ.ف.ب)

نبّه مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، اليوم (الخميس)، إلى أن البلاد تشهد «حالة جمود» على الصعد السياسية والأمنية والمالية، علماً بأنها يُفترض أن تنظم انتخابات عامة نهاية السنة، لكنها صارت موضع تساؤلات متزايدة.
وقال المسؤول الأممي خلال الاجتماع الشهري لمجلس الأمن حول ليبيا المنعقد على المستوى الوزاري: «إنني قلق للغاية من التشعّب الواسع لحالة الجمود على الصعيد السياسي الانتخابي».
وفشلت 75 شخصية ليبية من كل الأطياف، اختارتهم الأمم المتحدة في إطار مسار المصالحة، في الاتفاق على شروط الانتخابات التشريعية والرئاسية المعلنة في 24 ديسمبر (كانون الأول).
وأضاف يان كوبيش: «أرجأت اللجنة العسكرية المشتركة التي تسمى (5+5). إعادة فتح الطريق الساحلي لربط شرق البلاد وغربها احتجاجاً على عدم القدرة على اتخاذ قرارات تسهل إجراء الانتخابات في موعدها، واحتجاجاً على الجمود لجهة انسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية»، وفقاً لما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».
وتقدر الأمم المتحدة عدد المرتزقة (لا سيما الروس والسوريين والتشاديين والسودانيين) والقوات الأجنبية (التركية بشكل أساسي) المنتشرين في ليبيا بأكثر من 20 ألفاً.
كما أشار مبعوث الأمم المتحدة إلى عدم اعتماد ميزانية للبلاد، هذا الأسبوع، وأنه لم يتم دفع رواتب قسم من موظفي الدولة.
وخلال الاجتماع، قال رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد دبيبة إن هناك «بارقة أمل»، بعد سنوات من الحرب.

وفي ما يخص المقاتلين الأجانب في البلاد، شدد على أن «استمرار وجود المرتزقة والمقاتلين الأجانب على الأراضي الليبية أمر مرفوض»، داعياً إلى «انسحابها الفوري وبشكل متزامن». كما طالب دبيبة بـ«دعم المجتمع الدولي» لتسوية هذه المسألة، وفق ما نقل المكتب الإعلامي لحكومته.
وليبيا التي يسري فيها وقف لإطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول)، تحاول تجاوز عقد من العنف منذ الإطاحة بمعمر القذافي، ومقتله في خضم ثورة شعبية عام 2011.
وفي مستهل الاجتماع، قدر وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان الذي تترأس بلاده مجلس الأمن في يوليو (تموز) أنه «من الممكن تحقيق تقدم» في ليبيا. وشدد على أنه «من الضروري احترام الجدول الزمني الانتخابي»، مذكراً بأن الأمم المتحدة يمكن أن تفرض عقوبات ضد معارضي مسار السلام.
كما دعا لودريان إلى وضع «جدول زمني» لانسحاب القوات الأجنبية المنتشرة في ليبيا، الذي يمكن أن يبدأ في تقديره بخروج المقاتلين السوريين.

من جهتها، اعتبرت السفيرة الأميركية في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد أن «الحل السياسي في ليبيا ممكن». وأضافت أنه «ضروري وعاجل»، داعية «الأطراف إلى التكاتف» للمضي قدماً معاً، مؤكدة أن «الانتخابات يجب ألا تُؤجّل».
واتفق على هذا الرأي جميع أعضاء مجلس الأمن الذي تبنى إعلاناً بالإجماع (الخميس) يحضّ الأطراف الليبية على إحراز تقدم للوفاء بالموعد النهائي لانتخابات ديسمبر (كانون الأول)، فيما حذر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط من أي تعطيل لمسار السلام في ليبيا.
وطالبت روسيا على لسان سفيرها لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليانسكي، بإجراء الانتخابات في ديسمبر، مطالبة بانسحاب «كل القوات الأجنبية» بطريقة «تدريجية ومتزامنة»، من أجل «ضمان عدم اختلال توازن القوى على الأرض».


مقالات ذات صلة

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

الاقتصاد جانب من المؤتمر الصحافي الختامي لمؤتمر «كوب 16» بالرياض (الشرق الأوسط)

صفقات تجاوزت 12 مليار دولار في مؤتمر «كوب 16»

يترقب المجتمع البيئي الإعلان عن أهم القرارات الدولية والمبادرات والالتزامات المنبثقة من مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16).

عبير حمدي (الرياض)
المشرق العربي صورة ملتقطة في 4 ديسمبر 2020 في جنيف بسويسرا تظهر غير بيدرسن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

مبعوث الأمم المتحدة يندد ﺑ«وحشية لا يمكن تصورها» في سجون نظام الأسد

قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا إن الفظاعات التي شهدها سجن «صيدنايا» ومراكز الاحتجاز الأخرى في سوريا، تعكس «الوحشية التي لا يمكن تصورها» التي عاناها السوريون.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي رجل فلسطيني يحمل جثة طفل قُتل في غارات جوية إسرائيلية ليلية على مدينة غزة أثناء الاستعدادات للدفن في «مستشفى الأهلي العربي» المعروف أيضاً باسم «المستشفى المعمداني» (أ.ف.ب)

«حماس» «ترحّب» بالتصويت الأممي على وقف إطلاق النار في غزة

رحّبت حركة «حماس»، الخميس، بتصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة لصالح وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في غزة.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي قوات إسرائيلية تتحرك داخل المنطقة العازلة بين إسرائيل وسوريا في مرتفعات الجولان (إ.ب.أ)

خبراء: القصف الإسرائيلي ضد مواقع عسكرية سورية يتعارض مع القانون الدولي

أكّد خبراء أمميون، أمس (الأربعاء)، أنّ الغارات الجوية التي شنّتها إسرائيل ضدّ مواقع عسكرية سورية أخيراً تتعارض مع القانون الدولي.

«الشرق الأوسط» (جنيف- دمشق)
العالم من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

صوتت الجمعية العامة للأمم المتحدة بأغلبية ساحقة يوم الأربعاء لصالح المطالبة بوقف فوري وغير مشروط ودائم لإطلاق النار بين إسرائيل ومقاتلي حركة المقاومة الإسلامية.

«الشرق الأوسط» (الأمم المتحدة)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».