قائد «جبهة ثوار سوريا»: نقاتل من دون تسمية تحاشياً من استهداف «القاعدة» لنا

قال لـ («الشرق الأوسط») إنه لم يعتزل عسكرياً ويتنقل بين سوريا وتركيا

جمال معروف ({الشرق الأوسط})
جمال معروف ({الشرق الأوسط})
TT

قائد «جبهة ثوار سوريا»: نقاتل من دون تسمية تحاشياً من استهداف «القاعدة» لنا

جمال معروف ({الشرق الأوسط})
جمال معروف ({الشرق الأوسط})

دحض جمال معروف قائد «جبهة ثوار سوريا» كل المعلومات التي أفادت باعتزاله العمل العسكري وانكفائه في تركيا منذ سيطرة «جبهة النصرة» على المعقل الرئيسي لمجموعاته في ريف إدلب شمال سوريا في أكتوبر (تشرين الأول) 2014، مؤكدا في حديث لـ«الشرق الأوسط» استمراره في قيادة المعارك ووجوده ما بين سوريا وتركيا.
وقال معروف إن «كل ما يحكى في الآونة الأخيرة يندرج في إطار الشائعات التي يبثها النظام السوري و(القاعدة) اللذين ليسا إلا وجهين لعملة واحدة»، مؤكدا أنه سيقاتل النظام في سوريا «حتى آخر رجل وآخر نفس».
وأوضح معروف أن عناصر «جبهة ثوار سوريا» يتوزعون حاليا في الجنوب والشمال، فيقاتلون في الجبهة الأولى تحت لواء «الجيش الأول»، بينما يقاتلون في المنطقة الشمالية من ريف إدلب إلى ريف حماه وريف حلب الجنوبي، من دون تسمية، وبإطار مجموعات مؤلفة من 40 أو 50 عنصرا خوف استهدافهم من قبل مجموعات «القاعدة».
واحتدمت المعارك الصيف الماضي ما بين مقاتلي «ثوار سوريا» و«النصرة» في ريف إدلب حتى نجحت الأخيرة في نهاية شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بالسيطرة على معاقل «ثوار سوريا»، ما أدى إلى انكفائهم تلقائيا.
واعتبر معروف أن الجبهة التي يقودها عالقة ما بين كماشتَي النظام و«القاعدة»، مؤكدا أنه سيعيد تجميع الكتائب المقاتلة تحت اسم «ثوار سوريا» في الوقت المناسب. وقال: «نحن لا نزال نعترف بكيانَي الجيش الحر كمرجعية عسكرية، والائتلاف المعارض كمرجعية سياسية، لكننا لا نتلقى الدعم المطلوب». وأشار إلى أن كل مجموعاته ستشارك في التدريبات العسكرية المرتقبة في تركيا، نافيا أن تكون هذه التدريبات انطلقت بعد.
وأفيد أخيرا باعتزال معروف العمل العسكري وانضمام مقاتليه إلى «الجبهة الشامية» بعدما كانت «جبهة ثوار سوريا» تعتبر القوة العسكرية الأساسية المعتدلة التي يعول عليها الغرب لمواجهة نظام الرئيس السوري بشار الأسد.
وتردد قبل أيام أن ضغوطا تمارس على قادة «جبهة النصرة» في سوريا لحثهم على الانفصال عن تنظيم القاعدة، وأفيد بأن اجتماعات مكثفة تعقد في المناطق السورية المحررة بين شخصيات سياسية وعسكرية في الجيش السوري الحر وجبهة النصرة لتحقيق الهدف المذكور.
وأوضح معروف أن عناصر «القاعدة» الذين يقاتلون في سوريا إن كانوا تحت اسم «النصرة» أو «داعش» هم 3 مجموعات، مجموعة تميل إلى الجيش الحر وهي بصدد الرضوخ لأي ضغوطات للعودة إلى صفوفه، ومجموعة انضمت إلى القاعدة من أجل المال وبالتالي لن تمانع هي الأخرى من الانفصال عن التنظيم المتطرف، أما المجموعة الثالثة فتبايع التنظيم عقائديا وسيكون مصيرها الفرار إلى المناطق النائية مع تفكك كيان «القاعدة» في سوريا.
وانتقد معروف بشدة خطة المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا لوقف القتال في حلب، معتبرا أنها «لا ترتقي إلى مستوى الرد عليها»، وقال: «كيف يطرح تجميد القتال في حي واحد؟ ماذا عن باقي المدنيين المنتشرين في أنحاء سوريا؟». وشدد على أن أي خطة للحل يجب أن تبدأ بإقناع النظام بوقف طلعاته الجوية.
وتشكلت جبهة «ثوار سوريا» في عام 2014 من كتائب من «الجيش السوري الحر»، أبرزها «المجلس العسكري» في محافظة إدلب، وتجمع ألوية وكتائب «شهداء سوريا»، وألوية «النصر القادم»، و«الفرقة التاسعة بحلب»، و«لواء أحرار الشمال»، وكتائب «فاروق الشمال»، وكتائب «رياض الصالحين» في دمشق، وتجمع «أحرار الزاوية»، وألوية «الأنصار»، وكتائب «فاروق حماه»، و«الفرقة السابعة»، وألوية «ذئاب الغاب»، وفوج «المهام الخاصة» بدمشق، ولواء «شهداء إدلب».
وكانت الجبهة قبل شهر أكتوبر الماضي تكتسب قوة ميدانية في المناطق الشمالية، ويقدر عدد مقاتليها بنحو 40 ألفا ينتشرون أيضا في مدن سورية أخرى.
وتخضع مدينة إدلب لسيطرة القوات النظامية، وتستضيف نحو نصف مليون نازح من مدن وبلدات ريف إدلب الخاضعة لسيطرة قوات المعارضة. واتخذت فصائل الجيش السوري الحر قرارا في السابق بتحييد المدينة عن القتال، بهدف حماية النازحين فيها. وتتمتع «النصرة» بنفوذ في المنطقة، تمكنت من توسيعه في يوليو (تموز) الماضي، وطردت مقاتلي معروف من أجزاء في ريف إدلب الغربي إثر المعارك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.