فرض إجراءات أمنية مشددة في ولايتين سودانيتين

حمدوك خلال ترؤسه الاجتماع الطارئ أمس (رئاسة الوزراء السودانية)
حمدوك خلال ترؤسه الاجتماع الطارئ أمس (رئاسة الوزراء السودانية)
TT

فرض إجراءات أمنية مشددة في ولايتين سودانيتين

حمدوك خلال ترؤسه الاجتماع الطارئ أمس (رئاسة الوزراء السودانية)
حمدوك خلال ترؤسه الاجتماع الطارئ أمس (رئاسة الوزراء السودانية)

وجه رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، أمس، وفداً وزاريا من أعضاء حكومته بالمغادرة فوراً إلى مدينة بورتسودان (شرقي البلاد) التي شهدت أحداثاً دامية خلفت عدداً من القتلى والجرحى بتفجير قنابل يدوية، مشدداً على ضرورة فرض إجراءات أمنية صارمة على الأرض لوقف التفلتات كافة، وإلقاء القبض على كل من يثبت تورطه في أحداث العنف.
وأعلن وزير الداخلية أن قوات مشتركة من الجيش والدعم السريع والشرطة ستتوجه إلى ولايتي البحر الأحمر وجنوب كردفان لضبط الأمن وإعادة الأوضاع إلى طبيعتها. وقتل 5 أشخاص وجرح 6 بتفجير عبوة ناسفة في بورتسودان، كما قتل 9 باشتباكات قبلية في مناطق متفرقة من ولاية جنوب كردفان.
وعقد حمدوك اجتماعاً وزارياً طارئاً، أمس، لمناقشة الأحداث الدامية التي شهدتها الولايتان، وشكل وفداً يضم وزراء الداخلية والنقل والصحة، وقادة الأجهزة الأمنية «للتباحث مع قيادات ولاية البحر الأحمر السياسية والأمنية، ومخاطبة القضية بأبعادها كافة مع جميع المكونات المجتمعية».
وذكر بيان لمجلس الوزراء أن رئيسه «ظل خلال الأيام الماضية في تواصل هاتفي مستمر مع واليي البحر الأحمر وجنوب كردفان، لمتابعة الاستجابة الحكومية لهذه التفلتات الأمنية وتتبع احتوائها بصورة مستمرة».
وأكد وزير الداخلية عز الدين الشيخ، في تصريحات صحافية عقب الاجتماع، استعداد القوات لبسط الأمن في المناطق التي تشهد توترات. وأضاف أن قوات مشتركة ستتوجه في الحال إلى الولايتين «للسيطرة على الأوضاع وتحقيق الأمن لكل المواطنين».
ووقع حادث مدينة بورتسودان، مساء أول من أمس، عندما ألقى شخصان على دراجة بخارية قنبلتين يدويتين في باحة أحد النوادي بضاحية سلبونا قرب سوق المدينة، ما أدى إلى مقتل 4 رجال وامرأة، وتم القبض على أحد الجناة بواسطة مارة وتسليمه للشرطة، كما استهدف فندق بوسط المدنية بعبوة ناسفة بالتزامن مع حادثة النادي.
وأكدت اللجنة الأمنية في ولاية البحر الأحمر، أن «الأجهزة الشرطية والعدلية قادرة على ضبط التفلتات التي تعتبر دخيلة على المجتمع، وفرض واقع آمن ومستقر بقوة القانون مع تقديم المتهمين للعدالة»، داعية المواطنين إلى «ضبط النفس وأخذ الحيطة والإبلاغ عن أي متفلتين».
وقالت مصادر محلية لــ«الشرق الأوسط» إن «حالة من الاحتقان تسود بورتسودان وسط مخاوف من تصاعد أعمال العنف والقتل على أساس قبلي، مماثل للأحداث التي شهدتها المدينة في الأشهر الماضية». وأضافت أن «مواطني المدينة صدموا لكونها الحادثة الأولى التي يستخدم فيها قنابل شديدة الانفجار، ولا يعرفون بعد دوافع الجناة واستهدافهم مواطنين في النادي».
وأشارت المصادر إلى أن «الشخص الذي تم إلقاء القبض عليه في تفجير النادي، وتسليمه إلى الشرطة، جرى نقله من قبل قوات تتبع الجيش». وقال شهود لــ«الشرق الأوسط» إن «قوات تتبع الجيش والدعم السريع نفذت حملة تفتيش صارمة في عدد من أحياء المدينة لتجريد المواطنين من الأسلحة النارية والبيضاء تحسباً لتجدد العنف».
وفي موازاة ذلك، نفذ المئات من قاطني بورتسودان، أمس، وقفة احتجاجية أمام النيابة العامة في ولاية البحر الأحمر، منددين بعدم وجود وكلاء نيابات ترافق القوات الأمنية والنظامية خلال تواجدها بمناطق الأحداث لضمان عدم حدوث انتهاكات أو تجاوزات. ودعوا في المذكرة التي دفعوا بها للنيابة إلى الإسراع بالنظر في البلاغات المدونة في أحداث التفلتات السابقة التي شهدتها الولاية في الأشهر الماضية.
وكان والي جنوب كردفان حامد البشير أعلن، أمس، حالة الطوارئ في 6 محافظات، إثر تصاعد أحداث العنف التي أدت إلى اضطرابات أمنية وسقوط عدد من الضحايا. ويوقع أمر الطوارئ عقوبة السجن والغرامة المالية على كل من يخالف الضوابط القانونية.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».