يتوقع أن يقر وزراء المال في مجموعة العشرين المجتمعون، أمس (الجمعة) واليوم (السبت)، في البندقية إصلاحاً ضريبياً طموحاً يطال الشركات متعددة الجنسيات التي تراجعت مساهمتها في ميزانيات الدول في السنوات الأربعين الأخيرة لصالح الملاذات الضريبية، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفيما يأتي بعض العناصر لفهم هذا المفهوم التقني الذي من شأنه وضع حد للتجنب الضريبي الذي تمارسه المجموعات العملاقة في الاقتصاد العالمي.
في عام 2017 كلفت مجموعة العشرين، منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بمكافحة «تآكل الوعاء الضريبي ونقل الأرباح» أي بكلام أبسط استراتيجيات التجنب الضريبي التي تسمح للشركات الكبرى بالإفلات من الجزء الأكبر من الضرائب.
وتم إحياء المفاوضات بفضل اقتراح من إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن يقوم على تحديد حد أدنى للضريبة نسبته 15 في المائة، كذلك أسهمت جائحة (كوفيد - 19) في تنشيطها إذ تسعى الدول إلى تحقيق عائدات جديدة بعدما أقرت خطط تحفيز وإنعاش هائلة.
ويذكر السيناريو الراهن بما حصل خلال أزمة عام 2008 التي دفعت مجموعة العشرين إلى إعلان انتهاء السرية المصرفية، ووضعت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي يومها نظام تبادل بيانات واسعاً يرغم أصحاب الثروات الكبيرة ومصارفهم على إخضاع حساباتهم في سويسرا لتدقيق مصلحة الضرائب.
من خلال منع الشركات من التحجج بـ«الإقامة الضريبية» في هذا البلد أو ذاك الذي يعتمد نسب ضرائب جذابة، وغير المرتبطة بنشاطها الفعلي.
ويرتكز الإصلاح المطروح، على ركنين:
يهدف الركن الأول إلى توزيع عادل بين الدول «لحقوق فرض ضريبة» على أرباح الشركات متعددة الجنسيات مع الإشارة إلى أن شركة «بي بي» النفطية العملاقة لديها نشاط في 85 بلداً على سبيل المثال.
في الاتفاق الذي أبرم الأسبوع الماضي خلال اجتماع منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، اتفقت الدول على إعادة توزيع 20 إلى 30 في المائة من «الربح الفائض» للشركات أي ذلك الذي يتجاوز مستوى معيناً من الربحية، وفقاً للإيرادات المحققة في كل بلد.
أما الركن الثاني فيقوم على فرض ضريبة عالمية دنيا للتحقق من أن الشركة لا تدفع أقل مما ينبغي أينما كانت موجودة.
وينص الاتفاق المبرم برعاية منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي على نسبة فعلية «لا تقل عن 15 في المائة».
ويرى خبيرا الاقتصاد غابرييل زوكمان وتوماس بيكتي أن هذه «النسبة متدنية جداً» وخصوصاً أن المعدل الوسطي للضريبة على الشركات في العالم هو 22 في المائة راهناً في مقابل 50 في المائة في 1985.
والدول التي تعتمد نسبة تقل عن 15 في المائة وفق بيانات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي هي الملاذات الضريبية التي لا تفرض ضرائب بتاتاً مثل جيرزي وغيرنيسي وبهاماس وبرمودا فضلاً عن جزر كايمان.
وفي أوروبا، تفرض بلغاريا ضريبة نسبتها 10 في المائة وآيرلندا 12.5 في المائة والمجر 9 في المائة وهي دول لم تنضم إلى اتفاق منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
في بعض الدول قد تكون نسبة الضريبة المعلنة مرتفعة مثل لوكسمبورغ (25 في المائة) ومالطا (35 في المائة) لكنها عادة ما تكون مرفقة باستثناءات عدة ما يخفض الفاتورة النهائية بشكل كبير.
والشركات الصغيرة والمتوسطة المحلية ليست مشمولة بل الشركات العملاقة التي لديها فروع عدة عبر العالم مع إيرادات هائلة والمؤسسات التي تملك الوسائل لاعتماد شبكات متطورة لخفض كلفتها الضريبية.
وفي البداية كان الركن الأول من الإصلاح يستهدف الشركات الناشطة في المجال الرقمي ومن بينها المجموعات الأميركية العملاقة المعروفة تحت مسمى «غافا» (غوغل وأمازون وفيسبوك وآبل) الأمر الذي لم يرق للولايات المتحدة.
لكن في نهاية المطاف، سيشمل هذا الركن «أكثر من مائة شركة عالمية تحقيقاً للأرباح والتي تحقق وحدها نصف الربح العالمي» على ما أوضح باسكال سانتامان مدير مركز السياسة والإدارة الضريبية في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.
ونصف هذه الشركات أميركي ويشمل «غافا» التي زادت أرباحها أكثر خلال جائحة (كوفيد – 19).
أما فيما يتعلق بالضريبة العالمية الدنيا فستشمل أقل من عشرة آلاف شركة يزيد رقم أعمالها على 750 مليون يورو بحسب المنظمة.
قدرت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي العائدات الضريبية المتوخاة بنحو 150 مليار دولار سنوياً على أساس النسبة الدنيا البالغة 15 في المائة.
ويفيد المرصد الأوروبي للضريبة أنه في حال فرض الاتحاد الأوروبي نسبة 25 في المائة فهو سيزيد بمقدار نصف العائدات السنوية للمعدل الوسطي للضرائب على الشركات.
ولا يمكن القيام بتقديرات على صعيد الشركات إلا لتلك التي تقبل بنشر أرباحها في كل البلدان التي تنشط فيها وهذا ما لا تفعله «غافا».
وقال المرصد الأوروبي للضريبة إنه إذا فرضت نسبة 25 في المائة فستضطر المصارف إلى دفع نسبة 44 في المائة إضافية من الضرائب فيما ستراوح النسبة لشركات مثل شل أو إيبردرولا وأليانز بين 35 و50 في المائة إضافية.