توقف معملين كبيرين لإنتاج الكهرباء ينذر بعتمة شاملة

TT

توقف معملين كبيرين لإنتاج الكهرباء ينذر بعتمة شاملة

دخلت أزمة الكهرباء في لبنان مرحلة جديدة بعد توقف العمل في معملين ضخمين لإنتاج الطاقة تباعاً نتيجة نفاد مادة الغاز أويل، وذلك في وقت تشهد فيه البلاد أزمة حادة في شح مادة المازوت الأمر الذي هدّد عمل قطاعات حيوية ومنها وصول المياه إلى المنازل.
وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان عن توقف معملي الزهراني ودير عمار تباعاً (ينتجان نحو 55 في المائة من التغذية الكهربائية الرسمية) وذلك بعد تعذر تفريغ شحنتين من مادة الغاز أويل بانتظار استكمال الإجراءات المصرفية لدى المصارف الأجنبية المراسلة ومن ثمّ صدور موافقة المورد للمباشرة بالتفريغ.
وأوضحت المؤسسة أنه «إزاء استمرار هذا الوضع الخارج عن إرادتها ستستمر في اتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، للحفاظ على أكبر قدر ممكن من الحد الأدنى في الاستقرار بالتغذية بالتيار الكهربائي لأطول فترة ممكنة، بما يتجانس مع مخزون المحروقات المتبقي لديها».
وتفاقم الوضع مع تراجع التغذية من المعامل الكهرومائية، إذ أعلنت المصلحة الوطنية لنهر الليطاني أنه بعد أن أصبحت كافة معامل مؤسسة كهرباء لبنان خارج الخدمة منذ صباح يوم الجمعة (أمس) وأصبحت كافة شبكات التوتر العالي خارج الخدمة، فإن كافة معامل توليد الطاقة الكهرومائية التابعة للمصلحة أصبحت معزولة عن الشبكة العامة ما أدى إلى توقفها كلياً عن الإنتاج.
وتعود أزمة الكهرباء في لبنان إلى عدم توافر الأموال اللازمة لاستيراد المحروقات اللازمة لتشغيل معامل إنتاج الطاقة. ولا تتجاوز ساعات تغذية كهرباء الدولة في لبنان الساعتين يومياً في معظم المناطق وذلك في وقت يعمد أصحاب المولدات (شبكة الكهرباء البديلة) إلى التقنين لساعات طويلة أيضاً بسبب شح مادة المحروقات.
وكان أصحاب المولدات رفعوا تكلفة الاشتراك الشهري لفاتورة المولد بعدما رفعت الدولة أسعار المازوت بنسبة تزيد على الـ40 في المائة انطلاقاً من قرار الحكومة خفض دعم مصرف لبنان لاستيراد المحروقات من 1500 ليرة للدولار إلى 3900 ليرة.
وتهدد أزمة الكهرباء وصول المياه إلى المنازل ومحطات الصرف الصحي إذ أعلنت مؤسسة مياه لبنان الجنوبي عن انقطاع خطوط الخدمات الكهربائية العامة عن محطاتها ومنشآتها وطال محطات الصرف الصحي التي تديرها في نطاق صلاحياتها، موضحة أنها ستعطي الأولوية في هذه الظروف لاستخدام كميات المازوت التي لديها لتشغيل محطات ومنشآت المياه لتأمين المياه للمواطنين.
كما أعلنت مؤسسة مياه لبنان الشمالي عن حالة الطوارئ القصوى وبرامج تقنين تطال عملية ضخ وتوزيع المياه نظراً للظروف المالية والاقتصادية التي تمر بها البلاد والانعكاس السلبي للارتفاع الفاحش في أسعار المواد وقطع الغيار إضافة إلى التقنين الحاد غير المسبوق في التيار الكهربائي وشح مادتي المازوت والبنزين في الأسواق وتراجع جهوزية وقدرة المولدات الكهربائية على سد العجز في التيار الكهربائي.
وكانت المستشفيات حذّرت من عدم قدرتها على الاستمرار بسبب ساعات التقنين وشح مادة المازوت كما يعمد عدد منها إلى إطفاء المكيفات في الممرات بهدف توفير مادة المازوت.
وفي الإطار نفسه، تستمر تحذيرات أصحاب الأفران من عدم قدرتهم على تأمين الخبز بسبب شح المازوت الذي يؤمنه لهم حالياً الجيش اللبناني. وشكر نقيب أصحاب الأفران في لبنان الشمالي أمس قيادتي الجيش وأمن الدولة لتأمينهما مادة المازوت للأفران في منطقة الشمال وعكار، من احتياطي مادة المازوت لدى الجيش من أجل ضمان استمرارها في عملها لتأمين الخبز للمواطنين.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.