الفصائل العراقية تنهي هدنة قاآني وتهاجم السفارة الأميركية بمسيّرات

واشنطن تحدثت عن تهديد جوي استهدفها

TT

الفصائل العراقية تنهي هدنة قاآني وتهاجم السفارة الأميركية بمسيّرات

في وقت أعلنت فيه السفارة الأميركية في العراق أنها تمكنت من القضاء على ما سمته «تهديد جوي استهدفها» فجر أمس (الثلاثاء)، توعدت الفصائل العراقية المسلحة واشنطن برد مباغت لم تعلن عن طبيعته أو مستواه.
وأكد الجانب الأميركي أن 3 طائرات مسيرة استهدفت محيط السفارة، تم إسقاط واحدة منها بواسطة منظومة الدفاع داخل السفارة (سيرام) والسيطرة على اثنتين إلكترونياً. وعُد هذا الهجوم بمثابة إعلان رسمي عن نهاية الهدنة التي أبرمها قائد «فيلق القدس» الإيراني، إسماعيل قاآني، خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، بعد بدء استئناف المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا بشأن الملف النووي الإيراني.
وعلى الرغم من صمود هدنة المنطقة الخضراء لفترة طويلة، حتى لا تتعكر الأجواء في فيينا، فإن الهجمات ضد المصالح الأميركية في باقي مناطق العراق، مثل محيط مطار بغداد وقاعدة بلد الجوية (شمال بغداد) وقاعدة عين الأسد (غرب العراق) ومطار أربيل (شمال العراق)، لم تتوقف حتى مع الاتفاق بين بغداد وواشنطن على بدء جولة الانسحاب الأميركي من العراق.
وأكد بيان صادر عن السفارة الأميركية التزام واشنطن بمبدأ «الشراكة مع العراق على التحقق»، مبينة أنها «ستواصل اتخاذ التدابير المناسبة اللازمة لحماية سلامة الموظفين والمنشآت»، فيما لم تتعدَّ البيانات العراقية الصادرة الإشارة إلى الحادث، دون الإعلان عن اسم الجهة التي تورطت في هذا العمل، مع التأكيد دائماً على أنها ستتخذ الإجراءات اللازمة ضد المنفذين.
وبالتزامن مع الاستهدافات الغامضة لأبراج الطاقة الكهربائية، والسجالات بشأن الديون الإيرانية الواجبة على العراق مقابل استيراد الكهرباء والغاز، ينوي رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي زيارة الولايات المتحدة في نهاية شهر يوليو (تموز) الحالي لاستئناف الحوار الاستراتيجي مع واشنطن في جولته الرابعة.
وطبقاً لمصدر عراقي، فإن «زيارة الكاظمي إلى واشنطن تهدف إلى بحث الآفاق المستقبلية للعلاقة بين البلدين، في إطار اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين البلدين الموقعة عام 2009، فضلاً عن الحوار الاستراتيجي بين الطرفين المتواصل منذ سنة».
وقال المصدر لـ«الشرق الأوسط»، طالباً عدم الإشارة إلى اسمه أو هويته، إن «الحوار الاستراتيجي في جولته الرابعة سيحدد مسار العلاقات بين الطرفين، بحيث ينهي الجدل بشأن الانسحاب الأميركي من العراق طبقاً للجدولة المتفق عليها لأن العراق لا يريد ولا يحتاج وجوداً أجنبياً على أراضيه».
وأضاف المصدر ذاته أن «سياق العلاقة سيأخذ الطابع الفني طبقاً للاتفاقية الإطارية، وفي مختلف المجالات، بما في ذلك التدريب والتسليح والدعم اللوجيستي للقوات العراقية وهي تواصل حربها ضد تنظيم داعش الإرهابي، وذلك في إطار مهمات حلف الناتو».
إلى ذلك، بحث وزير الدفاع العراقي جمعة عناد مع السفير الأميركي في بغداد المواضيع ذات الاهتمام المشترك بين البلدين. وقال بيان لوزارة الدفاع العراقية إن «وزير الدفاع جمعة عناد استقبل السفير الأميركي في بغداد ماثيو تولر، حيث بحث الجانبان المواضيع ذات الاهتمام المشترك»، من دون أن يعطي مزيداً من التفاصيل.
وتأتي مباحثات الوزير العراقي مع السفير الأميركي عشية استئناف الهجمات بطائرات درون المسيرة على محيط السفارة الأميركية.
ومن جانب آخر، فإن عمليات الاستهداف التي تتعرض لها أرتال التحالف الدولي تجددت هي الأخرى بالتزامن مع الهجوم على السفارة. فطبقاً لبيان عراقي، فإن «عبوة ناسفة استهدفت رتلاً للتحالف الدولي بالقرب من تقاطع البطحاء في محافظة ذي قار، لكن الحادث لم يوقع خسائر بالأرواح».
وفي الوقت الذي يعد فيه الهجوم بالطائرات المسيرة على السفارة الأميركية في بغداد، أمس (الثلاثاء)، هو الهجوم الـ46، سواء بصواريخ الكاتيوشا أو الطائرات المسيرة، التي استهدفت فيها مواقع القوات الأميركية، فإن أرتال التحالف الدولي كانت هدفاً لعشرات الهجمات، لا سيما بالعبوات الناسفة، منذ بداية العام الحالي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.