استعدادات حوثية لتسريح 160 ألف موظف مدني

رفض حزبي ونقابي للخطوة... وتحذيرات من انتفاضة شعبية

ميليشيات الحوثي المسيطرة على العاصمة صنعاء تعدّ لتسريح 160 ألف موظف مدني
ميليشيات الحوثي المسيطرة على العاصمة صنعاء تعدّ لتسريح 160 ألف موظف مدني
TT

استعدادات حوثية لتسريح 160 ألف موظف مدني

ميليشيات الحوثي المسيطرة على العاصمة صنعاء تعدّ لتسريح 160 ألف موظف مدني
ميليشيات الحوثي المسيطرة على العاصمة صنعاء تعدّ لتسريح 160 ألف موظف مدني

أفادت مصادر يمنية برلمانية وأخرى نقابية بأن ميليشيات الحوثي بدأت التحضير لتسريح 160 ألف موظف في جهاز الخدمة المدنية بدعوى الإحالة على التقاعد، حيث منحت الميليشيات رئيس مجلس حكمها الانقلابي حقاً حصرياً في توظيف بدلاء عن هؤلاء الذين لا يتسلمون رواتبهم للعام الخامس على التوالي، وسط تحذيرات للميليشيات من انتفاضة شعبية غير مسبوقة.
وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن رئيس حكومة الميليشيات غير المعترف بها عبد العزيز بن حبتور تلقى أوامر من أحمد حامد القيادي المتحكم بقرار الحكومة في صنعاء بحصر من سيتم إحالتهم على التقاعد لبلوغهم الستين من العمر أو لعملهم 35 عاماً.
وأضافت المصادر أن وزير الخدمة في حكومة الانقلاب سليم المغلس بدأ بتنفيذ المجزرة التي ستطال 160 ألف موظف مدني، ومصادرة حقوقهم المالية عن السنوات الخمس الماضية إلى جانب مصادرة علاواتهم وتسوياتهم الوظيفية المنصوص عليها قانوناً وإغراق الجهاز الإداري للدولة بعناصر الميليشيات بدلاً عنهم.
وقال النائب البرلماني أحمد سيف حاشد في تغريدة على «تويتر»: «سيتم القذف بأكثر من مائة وستين ألف موظف إلى مصير مجهول ليتم بعدها الإحلال بعلم وموافقة (مهدي) المشاط، ما يعني أن أكثر من مائة وستين ألف أسرة ستجد نفسها تعيش ظلماً على ظلم وظلمات فوق ظلمات ومجهول فوق مجهول».
وكان سليم مغلس وزير الخدمة المدنية في حكومة الميليشيات وجّه جميع الدوائر الحكومية بحصر من ينبغي إحالتهم إلى التقاعد خلال مدة زمنية تنتهي بنهاية الأسبوع الجاري، وأكد أن التوجيهات تقضي بعدم إحلال أي موظفين بدلاً عنهم إلا بتوجيهات مباشرة ما يسمى رئيس المجلس السياسي (رئيس مجلس الانقلاب) مهدي المشاط، ما يعني أن مدير مكتبه أحمد حامد هو الذي سيتولى الإشراف على عملية إحلال بدلاء عن هذا العدد الكبير جداً من المسرحين.
من جهته، حذر القيادي فيما تسمى اللجنة الثورية العليا للجماعة الحوثية محمد المقالح من انتفاضة شعبية إذا مضت الميليشيات في هذه الخطوة، وقال: «يمارسون أعمالهم منذ 5 سنوات بلا مرتبات ثم تتم مقاعدتهم قسراً بحجة أنهم استوفوا حقوقهم الوظيفية، أي مهزلة هذه؟». وأضاف «في القضايا السياسية يعارضك القلة من الناس ولكن في القضايا الاجتماعية يعارضك كل الناس». وخاطب الميليشيات قائلاً: «لعبتم في السياسة قلنا لا بأس نحن في حرب، ولكن احذروا أن تعبثوا في القضايا الاجتماعية والوطنية والمصيرية والمعيشية فهذه عابرة للفئات والأطراف وتمس كل الناس، توقفوا خيراً لكم». كذلك، ذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» الخاضع للحوثيين أن وزراءه في حكومة صنعاء يعارضون الخطوة التي أقدمت عليها الميليشيات لتسريح عشرات الآلاف من الموظفين قسراً وأنهم طالبوا بالتروي عند الإقدام على هذه الخطوة، ولكنهم سيتجنبون مواجهتها.
إلى ذلك، أعلن الاتحاد العام لموظفي الدولة الخاضع للجماعة في صنعاء رفضه القرار، وطالب بالعدول عنه فوراً، وقال في بيان، إنه اضطر للصمت عن كثير من التجاوزات حتى لا تستخدم ضد حكومة الميليشيات، مع أنه على يقين بأن هذه الحكومة تمتلك الإمكانات لصرف رواتب الموظفين المتوقفة منذ خمسة أعوام.
ووصفت مصادر نقابية الخطوة الحوثية بأنها انتهاك سافر لحقوق الموظفين وتعدٍ صارخ على اللوائح والأنظمة والقوانين العامة ودستور الجمهورية اليمنية. وحذرت من مخطط لسيطرة الميليشيات الطائفية على الجهاز الإداري للدولة عبر الاستمرار في قرار الاستغناء عن هذا العدد من الموظفين وإحلال بديل عنهم من أتباعها، إذ سيشكل ذلك أكبر عملية تسريح وأكبر عملية إحلال وظيفي في تاريخ البلاد.
وأتت هذه الخطوة الانقلابية متزامنة مع تأكيد مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن قيام الميليشيات بإلغاء أرباح 70 في المائة من الدين الداخلي على الحكومة والذي بلغ أكثر من 30 مليار دولار، في مطلع العام 2015.
وهذه المبالغ في معظمها، بحسب المصادر، أرباح للهيئة العامة للتأمينات والمعاشات عن شرائها طوال السنوات الماضية لسندات أذون الخزانة التي كان البنك المركزي يطرحها للبيع في كل شهر باعتبارها أكثر جهة مستثمرة في هذا المجال، وهو ما سبب عجزاً كبيراً في قدرة الهيئة على دفع رواتب المتقاعدين السابقين وبالتالي من المستحيل أن تستطيع دفع رواتب العدد الكبير الذي يتم التحضير لضمه إلى قوائم المتقاعدين.


مقالات ذات صلة

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.