دول العالم تكافح «دلتا» بالقيود... وبكين تحثّ على التعاون الدولي

روسيا تسجل حصيلة وفيات قياسية جديدة... وجنوب أفريقيا في «عين العاصفة»

أشخاص يتجولون في شوارع شنغهاي بالكمامات يناير الماضي (رويترز)
أشخاص يتجولون في شوارع شنغهاي بالكمامات يناير الماضي (رويترز)
TT

دول العالم تكافح «دلتا» بالقيود... وبكين تحثّ على التعاون الدولي

أشخاص يتجولون في شوارع شنغهاي بالكمامات يناير الماضي (رويترز)
أشخاص يتجولون في شوارع شنغهاي بالكمامات يناير الماضي (رويترز)

حث وزير الخارجية الصيني وانغ يي المجتمع الدولي، أمس، على بناء «سور المناعة العظيم» لمحاربة جائحة (كوفيد - 19). وقال وانغ في منتدى السلام العالمي التاسع الذي عُقد في جامعة «تسينغهوا» بالعاصمة الصينية: «يجب أن نواجه التحديات الوشيكة معاً».
وأضاف، وفق وكالة رويترز، أن «الأولوية الأكثر إلحاحاً هي الإسراع في بناء (سور المناعة العظيم) لدرء الفيروس وتجاوز التمييز السياسي وتنفيذ تعاون دولي لمكافحة الوباء». وقدّمت الصين، حيث ظهر فيروس «كورونا» أول مرة في مدينة ووهان بوسط البلاد في أواخر عام 2019، أكثر من 480 مليون جرعة لقاح لدول أخرى. وقال وانغ إن الصين ستواصل العمل لتحسين إمكانية الحصول على اللقاحات والقدرة على تحمل تكاليفها في البلدان النامية.
من جهتها، سجلت روسيا حصيلة قياسية جديدة من الوفيات بـ(كوفيد - 19) لليوم الخامس على التوالي أمس (السبت)، في وقت تبذل دول في أنحاء العالم جهوداً حثيثة لاحتواء التفشي السريع للمتحورة «دلتا» شديدة العدوى.
وتسببت المتحورة بموجة جديدة من الفيروس الذي أودى بقرابة أربعة ملايين شخص وفق وكالة الصحافة الفرنسية، مجبرة العديد من الدول على إعادة فرض تدابير بعد أكثر من عام على ظهور الوباء واجتياحه العالم.
وفي إندونيسيا، نزل الآف من عناصر الجيش والشرطة إلى الشوارع لمراقبة تطبيق إغلاق جزئي فُرض أمس، في وقت سجلت السلطات حصيلة قياسية يومية من الإصابات بلغت 27.913 حالة إضافة إلى 493 وفاة.
وأُغلقت المساجد والمطاعم ومراكز التسوق في العاصمة جاكرتا وفي أنحاء جاوا، أكبر الجزر، وفي بالي بعد ارتفاع الحصيلة اليومية بأكثر من أربع مرات في أقل من شهر، والتي تنسب في غالبيتها للمتحورة «دلتا».
وتعاني المنظومة الصحية من الضغط، وتقترب من الانهيار فيما المستشفيات المكتظة لا تستقبل مرضى، ما يُحتّم على العائلات اليائسة البحث عن عبوات أكسجين لعلاج المرضى في منازلهم.
وقالت مايا بوبسبيتا ساري، وهي من أهالي جاكرتا إن «تشديد القيود جاء متأخراً»، وأضافت «في السابق، كان الناس الذين يصابون بـ كوفيد غرباء، الآن الناس الأقرب إلينا يصابون أيضاً... الفيروس يقترب كثيراً وهذا مخيف».
وفي مناطق أخرى بجنوب شرقي آسيا، أمرت ميانمار الجمعة مليوني شخص يسكنون مندلاي ثاني أكبر مدن البلاد، بملازمة منازلهم في وقت يواجه هذا البلد الذي يشهد انقلاباً، صعوبة في الحد من الإصابات.
إلى ذلك، فُرضت تدابير جديدة في البرتغال، تشمل حظر تجول بين الساعة 11 مساءً والخامسة صباحاً، يدخل حيز التنفيذ ليلاً ويطال قرابة نصف عدد السكان، في مسعى للحد من الإصابات بالمتحورة «دلتا».
بدورها، استبعدت روسيا حتى الآن فرض حجر لوقف ارتفاع الإصابات بدلتا، حتى مع إحصاء 697 وفاة أمس، في حصيلة قياسية على مستوى البلاد لليوم الخامس على التوالي.
واستضافت سان بطرسبرغ، ثاني أكبر المدن، مباراة ربع النهائي في كأس أوروبا لكرة القدم (يورو 2020) بين إسبانيا وسويسرا مساء الجمعة، وسط مخاوف في أعقاب رصد مئات الإصابات بين المشجعين الذين كانوا يتابعون مباريات في أنحاء القارة.
وكانت روسيا تأمل في أن تتمكن حملة التطعيم لديها في إخماد موجة جديدة، لكنها قوبلت بتشكيك واسع وبطء الوتيرة، إذ تلقى 16 في المائة فقط من سكان روسيا البالغ عددهم 146 مليون نسمة، اللقاح. إلا أن وتيرة التلقيح تتسارع في روسيا، مع تشكل طوابير أمام مراكز تطعيم في أنحاء موسكو. وقالت الطالبة زفيتلانا ستيبيريفا (21 عاماً) في شمال شرقي موسكو لوكالة الصحافة الفرنسية: «أنتظر في الطابور منذ ساعتين تقريباً». وأضافت «أريد أن اتلقى اللقاح وأن أشعر بالأمان».
هذا الأسبوع، حض الرئيس فلاديمير بوتين الروس على «الاستماع للخبراء» وعدم تصديق الشائعات حول الفيروس واللقاحات.
من جانبها، حذرت إيران التي تواجه أسوأ تفشٍّ لفيروس «كورونا» في الشرق الأوسط، من أنها تخشى من موجة وبائية جديدة. وقال الرئيس حسن روحاني في كلمة متلفزة خلال الاجتماع الأسبوعي للجنة الوطنية لمكافحة (كوفيد - 19): «أخشى أن نكون على مسار الموجة الخامسة في كامل البلاد». وأضاف «في الأسابيع الماضية، أعلِن أن متحورة (دلتا) دخلت عبر (مناطق) الجنوب والجنوب الشرقي، ويجب أن نحرص على ألا تنتشر في البلاد»، مشدداً على ضرورة «أن نكون أكثر حذراً في المحافظات الجنوبية لأن متحورة (دلتا) انتشرت»، كما نقلت عنه الوكالة الفرنسية.
والمتحورة (دلتا) التي ظهرت للمرة الأولى في الهند وباتت منتشرة فيما لا يقل عن 89 بلداً، تفشت في أماكن تمكنت في السابق من تجنب أسوأ تداعيات الوباء. وفيجي التي لم تسجل طيلة عام أية إصابة محلية، حتى رصد (دلتا) في أبريل (نيسان)، أحصت أكبر زيادة في أعداد الإصابات أمس. وأفادت السلطات بوفاتين وحذرت من الأسوأ في وقت يهدد الفيروس بالضغط على المنظومة الصحية للدولة الواقعة بجنوب المحيط الهادئ.
كما نجت أفريقيا إلى حد كبير من أسوأ تداعيات الوباء، لكن أعداد الإصابات ارتفعت في القارة خلال الأسابيع الستة الماضية، بسبب المتحورة (دلتا). وارتفع عدد الوفيات 15 في المائة في 38 دولة أفريقية.
وقالت مديرة فرع أفريقيا في منظمة الصحة العالمية، ماتشيديسو مويتي هذا الأسبوع: «لم نر شيئاً من قبل بسرعة وحجم انتشار الموجة الثالثة في أفريقيا». وأحصت جنوب أفريقيا، أكثر الدول الأفريقية تضرراً بالفيروس، حصيلة قياسية بلغت 24 ألف إصابة الجمعة. وقال نائب وزير الصحة جو باهلا: «نحن بالحقيقة... في عين عاصفة الموجة الثالثة».


مقالات ذات صلة

صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))
صحتك أطباء يحاولون إسعاف مريضة بـ«كورونا» (رويترز)

«كورونا» قد يساعد الجسم في مكافحة السرطان

كشفت دراسة جديدة، عن أن الإصابة بفيروس كورونا قد تساعد في مكافحة السرطان وتقليص حجم الأورام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».