طلاب لبنان يرفضون إجراء الامتحانات بسبب الأوضاع الاقتصادية

TT

طلاب لبنان يرفضون إجراء الامتحانات بسبب الأوضاع الاقتصادية

«حتى الشموع لا نستطيع شراءها» بهذه العبارة توجه أحد الطلاب إلى وزير التربية اللبناني طارق المجذوب، ناشراً على «تويتر» صورة تبيّن أنّه يستخدم ضوء «الولاعة» ليكمل درسه ليلاً في ظلّ تقنين تغذية كهرباء الدولة لمدة تتجاوز 17 ساعة.
هذا الطالب هو واحد من مئات الطلاب في لبنان الذين يطالبون وزارة التربية بالتراجع عن قرار إجراء الامتحانات الرسمية المتوسطة والثانوية المقررة الشهر الحالي بسبب الظروف الصعبة التي يعانون منها في ظلّ الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان والتي صنّفها البنك الدولي مؤخراً ضمن أسوأ عشر أزمات عالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر.
كان الطلاب قد أطلقوا أول من أمس، وسم «تراجع يا طارق» (الوزير طارق المجذوب) على وسائل التواصل الاجتماعي، متسائلين إن كان وزير التربية يعرف الظروف الصعبة التي يعانون منها في ظلّ الانهيار الشامل الذي يعصف بالبلاد، وتداعياته التي تضغط عليهم بدءاً من انقطاع الكهرباء لساعات طويلة وغياب التغذية من الشبكة البديلة (المولدات) بسبب شح المازوت وصولاً إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية وعدم توافر مادة البنزين، فضلاً عن الأوضاع الأمنية المتوترة بسبب تكرار الإشكالات على خلفيّة الحصول على البنزين أو قطع الطرقات وغيرها.
وترى رئيسة لجنة الأساتذة المتعاقدين نسرين شاهين، أنّ مطلب إلغاء الامتحانات الرسمية لا سيّما الشهادة المتوسطة هو مطلب محقّ للتلامذة لا سيّما طلاب الشهادة المتوسطة الذين لا تتجاوز أعمارهم 13 سنة ويعيشون تحت ضغوط غير مسبوقة تسبب لهم حالات انهيارات يشهد عليها عدد من الأساتذة، متحدثةً عن حالات بكاء شديد تصيب الأطفال في صفوفهم نتيجة الأوضاع المعيشية الصعبة التي تمرّ بها أسرهم.
وتلفت شاهين في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّ هذه الامتحانات ستظلم بشكل أساسي طلاب المدارس الحكومية الذين لم تُتَح لهم الفرصة خلال العام الحالي للحصول على التعليم اللازم وإنهاء المناهج، وذلك لأسباب عدة منها اعتماد التعليم عن بُعد إثر جائحة «كورونا» والذي لم تكن الظروف مهيأة له، مشيرةً إلى أنّ التعليم عن بُعد لا يمكن أن يؤتي ثماره مع انقطاع الكهرباء المتكرر وارتفاع فاتورة اشتراك المولد التي لا تستطيع جميع الأسر تحملها، فضلاً عن أنّ بعض الطلاب كانوا لا يمتلكون أي جهاز لوحي ويتشاركون هاتفاً محمولاً واحداً مع إخوتهم الذين يدرسون عن بُعد أيضاً.
وبالإضافة إلى اعتماد التعليم عن بُعد من دون توافر الإمكانيات المطلوبة تُذكِّر شاهين بأنّ العام الدراسي تخللته إضرابات لمدة 3 أشهر للأساتذة المتعاقدين في المدارس الحكومية ما يعني أنّ الفرص بين طالب المدرسة الحكومية وطالب المدرسة الخاصة لم تكن متكافئة.
وإضافةً إلى الصعوبات التي ارتبطت مباشرةً بخطة التعليم عن بُعد تلفت شاهين إلى الأوضاع العامة في البلاد ومنها انهيار سعر الليرة ما أفقد عدداً كبيراً من الأهالي قدرتهم الشرائية، الأمر الذي ينعكس على الطلاب وحالتهم الصحية والنفسية، فضلاً عن ارتفاع سعر المحروقات وعدم توافره وغيرها من الأمور.
وكان عدد من الأهالي قد سألوا وزير التربية عن كيفيّة إيصال أولادهم إلى الامتحانات التي تبدأ بعد 10 أيام ومشكلة شح البنزين لا تزال مستمرة.
وكانت وزارة التربية قد قرّرت إجراء الامتحانات الرسمية للتلامذة في مدارسهم وعدم توزيعهم على مدارس أخرى كما كانت تجري العادة في السابق، كما قلّصت المناهج في خطوة تراعي الظروف الاستثنائية للعام الدراسي الحالي.
ومثل الطلاب، يرفض عدد من الأساتذة إجراء الامتحانات الرسمية، إذ أعلن قسم منهم نيّته عدم المشاركة بالمراقبة لا سيما الأساتذة المتعاقدين الذين يشكّلون أكثر من 70% من الكادر التعليمي في المدارس الرسميّة، حسبما توضح شاهين. مضيفةً أنّ الوزارة تحدد أجرة يوم المراقبة بـ50 ألف ليرة (ما كان يساوي 30 دولاراً وأصبحت قيمته في حدود الـ3 دولارات) من دون حتى تخصيص بدل نقل لهم في وقت ارتفع فيه سعر صفيحة البنزين إلى أكثر من 40% خلال اليومين الماضيين لتبلغ 72 ألف ليرة.
وتوضح شاهين أنّ الموضوع ليس فقط موضوع البدلات، ومقاطعة المراقبة لا ترتبط بأسباب مادية فقط، فالمسألة تتعلّق باحترام الأستاذ وعدم استغلاله لا سيما أنّ متوسط الراتب الشهري للأساتذة المتعاقدين والذي يعتمد على الساعات التي يدرّسونها يبلغ 800 ألف ليرة، مذكّرة بأنّ هذا الراتب خسر أكثر من 90% من قدرته الشرائية.



أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
TT

أميركا تخسر أولى مقاتلاتها منذ بدء ضرباتها ضد الحوثيين

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)
حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري إس ترومان» مشاركة في مهمة ضرب القدرات الحوثية (أ.ب)

استمراراً للحملة التي يقودها منذ قرابة عام للحد من قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن، أعلن الجيش الأميركي تدمير منشأة للصواريخ ومنشأة أخرى للقيادة والسيطرة في صنعاء، ليل السبت - الأحد، قبل أن يؤكد تحطم أولى مقاتلاته منذ بدء الحملة، بنيران صديقة ونجاة الطيارين.

وتشن الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، إلى جانب الهجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وأفاد سكان صنعاء، حيث العاصمة اليمنية المختطفة، بدوي انفجارات ضخمة جراء الغارات التي ضربت منطقة عطان التي يعتقد أنها لا تزال تضم مستودعات للصواريخ الحوثية، وكذا معسكر الحفا الواقع بالقرب من جبل نقم شرق المدينة.

وأقرت الجماعة الحوثية بتلقي الضربات في صنعاء، وبتلقي غارة أخرى ضربت موقعاً في جبل الجدع التابع لمديرية الحديدة شمال محافظة الحديدة الساحلية، دون الحديث عن آثار هذه الضربات.

ومع وجود تكهنات باستهداف عناصر حوثيين في منشأة السيطرة والتحكم التي قصفتها واشنطن في صنعاء، أفادت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نفذت غارات جوية وصفتها بـ«الدقيقة» ضد منشأة لتخزين الصواريخ ومنشأة قيادة وسيطرة تديرها جماعة الحوثيين المدعومة من إيران في صنعاء.

وأوضح البيان الأميركي أن القوات نفذت ضرباتها في صنعاء بهدف تعطيل وتقليص عمليات الحوثيين، مثل الهجمات ضد السفن الحربية والسفن التجارية التابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.

إسقاط صاروخ ومسيّرات

خلال العملية نفسها، قالت القيادة المركزية الأميركية إن قواتها أسقطت كثيراً من الطائرات الحوثية من دون طيار الهجومية أحادية الاتجاه وصاروخ كروز المضاد للسفن فوق البحر الأحمر، وأشارت إلى أن العملية شاركت فيها قوات جوية وبحرية، بما في ذلك طائرات من طراز «إف 18».

وتعكس الضربة - بحسب البيان - التزام القيادة المركزية الأميركية المستمر بحماية أفراد الولايات المتحدة وقوات التحالف والشركاء الإقليميين والشحن الدولي.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وفي وقت لاحق، قالت القيادة المركزية الأميركية في بيان نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه تم إسقاط إحدى مقاتلاتها من طراز «إف 18» فوق البحر الأحمر، صباح الأحد (بتوقيت اليمن)، عن طريق الخطأ، ما أجبر طياريها على القفز بالمظلة.

في غضون ذلك زعم الحوثيون أنهم أفشلوا الهجوم الأميركي واستهدفوا حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» وعدداً من المدمرات التابعة لها باستخدام 8 صواريخ مجنحة و17 طائرة مسيّرة. وبحسب ادعاء المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أسفرت العملية عن إسقاط طائرة «إف 18» أثناء محاولة المدمرات التصدي للمسيّرات والصواريخ، كما زعم المتحدث الحوثي أن حاملة الطائرات «يو إس إس هاري إس ترومان» انسحبت بعد استهدافها من موقعها السابق نحو شمال البحر الأحمر، بعد تعرضها لأكثر من هجوم من قبل القوة الصاروخية والقوات البحرية وسلاح الجو المسيّر التابع للجماعة.

وإذ تعد هذه أولى مقاتلة تخسرها الولايات المتحدة منذ بدء غاراتها على الحوثيين في 12 يناير (كانون الثاني) 2024، أكدت القيادة المركزية أنه تم إنقاذ الطيارين الاثنين، وأصيب أحدهما بجروح طفيفة بعد «حالة إطلاق نيران صديقة على ما يبدو»، ولا يزال ذلك قيد التحقيق.

سفينة مدمرة في موقع ضربته القوات الإسرائيلية بميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون (أ.ف.ب)

وذكر البيان أن الطائرة المقاتلة من طراز «إف إيه 18 هورنت» كانت تحلق فوق حاملة الطائرات «هاري إس ترومان»، وأن إحدى السفن المرافقة لحاملة الطائرات، وهي الطراد الصاروخي جيتيسبيرغ، أطلقت النار عن طريق الخطأ على الطائرة وأصابتها.

وكانت واشنطن أنشأت ما سمته تحالف «حارس الازدهار» في ديسمبر (كانون الأول) 2023 للتصدي لهجمات الحوثيين البحرية، وإضعاف قدراتهم على مهاجمة السفن، لكن ذلك لم يحل دون إيقاف هذه الهجمات التي ظلت في التصاعد، وأدت إلى إصابة عشرات السفن وغرق اثنتين وقرصنة ثالثة، إلى جانب مقتل 3 بحارة.

ومع تصاعد الهجمات الحوثية باتجاه إسرائيل، وكان آخرها صاروخ انفجر في تل أبيب، وأدى إلى إصابة 23 شخصاً، يتخوف اليمنيون من ردود انتقامية أكثر قسوة من الضربات السابقة التي كانت استهدفت مواني الحديدة ثلاث مرات، وفي المرة الثالثة (الخميس الماضي) استهدفت إلى جانب المواني محطتي كهرباء في صنعاء.

وفي أحدث خطبه، الخميس الماضي، قال زعيم الحوثيين إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1147 صاروخاً باليستياً ومجنَّحاً وطائرة مسيَّرة، فضلاً عن الزوارق المسيّرة المفخخة.

كما تبنى الحوثي مهاجمة 211 سفينة مرتبطة بمن وصفهم بـ«الأعداء»، وقال إن عمليات جماعته أدّت إلى منع الملاحة البحرية لإسرائيل في البحر الأحمر، وباب المندب، والبحر العربي، وعطّلت ميناء إيلات.