دراسة أميركية: 50 ألف حساب على «تويتر» مؤيدة لـ«داعش»

آلاف الحسابات النشطة تتعلق بجهود الدعاية والتجنيد

دراسة أميركية: 50 ألف حساب على «تويتر» مؤيدة لـ«داعش»
TT

دراسة أميركية: 50 ألف حساب على «تويتر» مؤيدة لـ«داعش»

دراسة أميركية: 50 ألف حساب على «تويتر» مؤيدة لـ«داعش»

نجح تنظيم داعش، الجماعة المتطرفة العنيفة التي تتبنى العودة إلى خلافة القرن السابع، بشكل مذهل في نشر رسالته مستخدما وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة بالقرن الحادي والعشرين، وفقا لدراسة نشرت يوم الخميس.
وعلى الرغم من المحاولات المتكررة من قبل إدارة موقع «تويتر» لإحباط تهديدات «داعش»، فإن جهود الدعاية والتجنيد من قبل الحسابات المعلقة المرتبطة بالتنظيم، وكذلك المتعاطفين معه تحافظ على آلاف الحسابات النشطة على الشبكة الاجتماعية، حسبما خلصت الدراسة. يشتمل المستخدمون على مجموعة مركزية منضبطة تعمل على إرسال الرسائل بصورة متكررة في أحيان كثيرة وتدرك كيفية تعظيم تأثيرها.
يقول جيه إم بيرغر، الخبير في أنشطة التطرف عبر الإنترنت والذي قاد جهود إجراء الدراسة التي جاءت نتيجة للتعاون بين معهد بروكينغز و«غوغل آيدياز»: «يستغل المتطرفون أي نوع من أنواع التقنيات المتاحة التي تخدم مصالحهم». غير أن تنظيم داعش، كما أضاف.. «كان أكثر نجاحا في ذلك من الجماعات الأخرى».
وخلصت الدراسة إلى أن موقع «تويتر» للتواصل الاجتماعي الذي يتخذ من سان فرانسيسكو مقرا له ويضم أكثر من 288 مليون مشترك حول العالم صار أكثر عدوانية في تعليق الحسابات ذات الصلة بتنظيم داعش. والتنظيم، المعروف اختصارا باسم (ISIS) أو (ISIL)، والذي تختبئ عناصره في أجزاء واسعة من سوريا والعراق، استخدم شبكة «تويتر» الاجتماعية لنشر مقاطع إعدام الرهائن، بما في ذلك قطع رؤوس الضحايا وحرقهم، ولتبني الموت والعنف والكراهية ضد كل أعداء التنظيم. وتسببت حملة «تويتر» على التنظيم الإرهابي في انطلاق التهديدات بالقتل ضد قادة الشركة وموظفيها.
حيث قال بيرغر، إن التهديدات ضد «تويتر» تعكس، بدرجة ما، اعتماد «داعش» المتزايد على منتديات التواصل الاجتماعي المفتوحة، وهي المخترع الغربي الذي يبدو على النقيض من رغبات المتشددين في استعادة الخلافة التي حكمت، ذات يوم، مساحات شاسعة من منطقة الشرق الأوسط.
وخلصت الدراسة الأميركية التي جاءت في 92 صفحة إلى أن ما لا يقل عن 46.000 حساب على «تويتر» تعمل لصالح تنظيم داعش. والدراسة التي كان عنوانها «تعداد داعش على (تويتر)»، تعتبر أو محاولة علنية لقياس تأثير أعضاء التنظيم الإرهابي على المتعاطفين معهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وتقول الدراسة: «تمكن (داعش) من ممارسة تأثير كبير على الطريقة التي يتصوره العالم بها».
كما تؤكد الدراسة، أن هناك ما لا يقل عن 1000 حساب داعم لتنظيم داعش، وربما المزيد، تم تعليقهم من قبل إدارة «تويتر» من سبتمبر (أيلول) وحتى ديسمبر (كانون الأول). ويقول المسؤولون التنفيذيون لدى «تويتر»، والذين لم يمدوا يد المساعدة في الدراسة المذكورة، إن الدراسة قللت وبشكل كبير من عدد الحسابات الموقوفة. كما أحجموا عن التعليق على نتائج الدراسة، ولكنهم لم يعترضوا على تقرير صادر عن وكالة «إيه بي سي» الإخبارية الذي يفيد بأنهم أغلقوا مؤخرا نحو 2000 حساب للتنظيم الإرهابي خلال أسبوع واحد.
وقالت الشركة في بيان لها: «إننا نراجع كل المحتويات التي تتعارض مع قواعدنا المعلنة، والتي تحظر الاستخدام غير القانوني، وتوجه التهديدات المباشرة بالعنف ضد الآخرين». وبدأ التنظيم الإرهابي منذ الصيف الماضي في نشر مقاطع إعدام الرهائن وغير ذلك من الفظائع، مما ولد موجة من اهتمام وسائل الإعلام والتكهنات حول الدعاية والدعم عبر الإنترنت التي يتلقاه التنظيم.
وخضعت الحسابات الموقوفة، وفقا للدراسة، للمراقبة منذ سبتمبر وحتى ديسمبر وتم تحليلها بناء على معايير مثل عدد الرسائل، وعدد المتابعين، وعدد الهاشتاغ، وغير ذلك من البيانات المحددة، بما فيها توقيتات الرسائل، واللغة، والإحداثيات الجغرافية للراسل في كثير من الحالات التي استخدمت فيها الهواتف الجوالة في نشر الرسائل على الموقع. وعقب تنقيح وترشيح الممارسات الخادعة، بما في ذلك استخدام القوائم البريدية – وهي البرمجيات الحاسوبية التي توجد أنشطة وهمية على حساب التواصل الاجتماعي – خلص مؤلفو الدراسة إلى وجود عدد من الحسابات يتراوح بين 46 ألفا و70 ألفا، ولكنهم قالوا: «نعتقد أن الحقيقة تكمن في عدد أقل من المجموعة المذكورة».
وفي حين أن تلك الحسابات لديها متوسط 1000 متابع لكل منها، وهي نسبة أعلى بكثير من المستخدم العادي لـ«تويتر»، فإن الكثير من المتابعين أنفسهم لديهم حساباتهم الخاصة، مما يخلق حالة من التكرارية المحصورة فيما يتعلق بإرسال الرسائل.
ويقول بيرغر إن ذلك التأثير من شأنه الاتساع بعدما أوقف موقع «تويتر» الكثير من الحسابات.
وفي حين أنه وآخرين وجهوا الانتقادات إلى «تويتر» للسماح لتنظيم داعش باستغلال منصة الموقع، فإن بيرغر يقول إن الحملة التي شنتها إدارة الموقع كانت «أيسر في الحديث عنها من تنفيذها».
وفي ظل وجود 288 مليون حساب، كما يقول.. «ليست لديك القوة البشرية لمتابعة كل حساب منها وتحديد منشأه».
وتقول الدراسة إن الوصول إلى الحسابات الأكثر شعبية لتنظيم داعش صار باهتا بالمقارنة بالوصول إلى المشاهير أو المسؤولين الغربيين. فالرئيس أوباما، على سبيل المثال، لديه 56.4 مليون متابع على «تويتر». ولدى جون ليجيند، المغني ومؤلف الأغاني الشهير نحو 6.6 مليون متابع. وأفادت الدراسة بأنه «في حين أن الداعمين لـ(داعش) يتسمون بالنشاط البالغ والتصميم، فإنهم عبارة عن بقعة ضئيلة في بحر كبير من قاعدة المستخدمين الشهرية لموقع «تويتر».
وأحجم المسؤولون في مكتب التحقيقات الفيدرالية والمركز القومي لمكافحة الإرهاب عن التعليق على الدراسة. ويقول بيرغر، إن حركة المرور الشهرية لحسابات تنظيم داعش تعبر عن واحدة أو اثنتين من مئات النقاط المئوية لإجمالي نشاط التنظيم. وأضاف: «إننا نمنح أولئك القوم فعليا الكثير من الأكسجين نظرا لحجم وجودهم هناك».
تقول الدراسة إن بعضا من نجاحات التنظيم على «تويتر»، والتي تعكس قدر الاستراتيجيات المنسقة من جانب المستخدمين، تتضمن إعادة التغريدات لمحتويات بعينها من قبل نفس المستخدم خلال فترة وجيزة من الزمن، والتغريد بنفس المحتوى من قبل جماعة مركزية تتكون من نحو 2000 مستخدم. ويستطرد بيرغر قائلا: «إن وجود الكثير من الحسابات بأسلوب منضبط للغاية لتنفيذ نفس الشيء في كل يوم يعتبر من الأدوات القوية للغاية. ولا يبدو الأمر أن المحتوى كبير بحق، ولكن من الصعوبة الحصول على ذلك العدد من الأشخاص على نفس القدر من الالتزام والتصميم». ويوقف «تويتر» الحساب، مثل باقي شركات التواصل الاجتماعية الأخرى، بعد إبلاغ عدد من المستخدمين الآخرين عن وجود انتهاكات أو تهديدات ممنوعة من قبل قواعد الشركة. وتقول إدارة «تويتر» إن الكثير من الشكاوى تصل إليهم الآن، مما يدفع باستعراض ومراجعة الحسابات التي قد تجنبنا التدقيق في أمرها من قبل.
وقال سكوت غالاواي، وهو أستاذ التسويق لدى جامعة نيويورك ومؤسس شركة بحثية تعمل في دراسة تأثير العلامات التجارية على التواصل الاجتماعي، إنه لم يعمل على تقييم نشاط «داعش» على «تويتر»، إلا أن تأثير التنظيم ربما كان أكبر بكثير مما تشير إليه الأرقام. وأضاف غالاواي أنه كما يحدث في كثير من الأحيان يتم إعادة إرسال تغريدة «تويتر» لأحد المشاهير بواسطة مواقع أخرى ووسائل الإعلام الإخبارية، فإن الصور العنيفة التي ينشرها تنظيم داعش تتلقى قدرا كبيرا من الانتشار لما وراء الجمهور الأول المتابع لها.
*خدمة «نيويورك تايمز»



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.