السفير الأميركي ينتقد «انتهاك» حزب الله للنأي بالنفس عن الأزمة السورية

حث الزعماء على انتخاب رئيس للجمهورية وعدم انتظار.. «صفقات خارجية»

ديفيد هيل
ديفيد هيل
TT

السفير الأميركي ينتقد «انتهاك» حزب الله للنأي بالنفس عن الأزمة السورية

ديفيد هيل
ديفيد هيل

أكد السفير الأميركي لدى لبنان ديفيد هيل أنه «يجب ألا تكون هناك أي توقعات لصفقات خارجية لاختيار رئيس للجمهورية»، داعيا الزعماء اللبنانيين لانتخاب رئيس واحترام الدستور ووضع استقرار لبنان قبل السياسات الحزبية. واعتبر كذلك أن الضرر على الاستقرار اللبناني الناجم عن انتهاك «حزب الله» لسياسة النأي بالنفس لا يزال مستمرًا.
وقال هيل بعد زيارته وزير الداخلية نهاد المشنوق للبحث في زيارة الأخير المرتقبة إلى واشنطن وكيفية تعميق التعاون الأمني بين البلدين «يجب ألا تكون هناك توقعات لصفقات خارجية لاختيار رئيس للجمهورية، وبدلا من النظر خارج لبنان للحصول على إجابات فإننا نحث زعماء لبنان على احترام دستورهم وانتخاب رئيسهم من تلقاء أنفسهم».
وأضاف: «لبنان يواجه تحديات وتهديدات جدية، ونحن بحاجة إلى أن نكون يقظين تجاهها. فامتداد الإرهاب والتطرف من سوريا لم ينتهِ بعد. كما أن الضرر على الاستقرار اللبناني الناجم عن انتهاك (حزب الله) لسياسة النأي بالنفس لا يزال مستمرًا. فاستعداد (حزب الله) لانتهاك المعايير الدولية وقرارات مجلس الأمن الدولي بدا جليا في يناير (كانون الثاني) الماضي.. (حزب الله) لا يزال يتخذ قرارات الحياة والموت نيابة عن كل لبنان، فلا يشاور أحدًا، ولا يخضع لمساءلة أي لبناني، ويرتبط بقوى خارجية». وتطرق السفير الأميركي إلى قضية اللاجئين السوريين في لبنان، قائلا: «نحن نعلم جميعا الصعاب المترتبة على لبنان نظرا لوجود هذا العدد الكبير من اللاجئين من سوريا. في حين ساهمت الولايات المتحدة بـ660 مليون دولار أميركي لمساعدة لبنان ليتعامل مع الحاجات الإنسانية للاجئين والمجتمعات المضيفة اللبنانية، ندرك أن العبء هائل. كما أن المؤشرات الاقتصادية في البلاد إلى انخفاض منذ شغور منصب رئاسة الجمهورية».
وفي موضوع الانتخابات الرئاسية رأى هيل أنّ «الخلافات حول انتخاب رئيس للجمهورية أخذت العمل الانتظامي للحكومة إلى طريق مسدود. كل ذلك في وقت يجب أن تعمل كل مكونات الدولة في انسجام لمعالجة هذه المشكلات وغيرها وفقا للدستور والميثاق الوطني. لا يوجد سبب للتأخير وقد حان الوقت لوضع استقرار لبنان قبل السياسات الحزبية. يجب ألا تكون هناك أي توقعات لصفقات خارجية لاختيار رئيس للجمهورية. بدلا من النظر خارج لبنان للحصول على إجابات، فإننا نحثّ زعماء لبنان على احترام دستورهم وانتخاب رئيسهم، من تلقاء نفسهم».
وأثنى السفير الأميركي على مصادر قوة لبنان، قائلا: «في الوقت نفسه، وبينما تواجهون هذه التحديات الأمنية الناجمة عن سوريا، من المهم أن ننظر إلى مصادر قوة لبنان. أولا، الجيش والأجهزة الأمنية لديهما الإرادة والالتزام للدفاع عن لبنان، ويقومان بذلك بشجاعة. ثانيا، إن الأمة اللبنانية متحدة وراء الجهود لمواجهة التطرف العنيف. ثالثا، أنتم لستم وحدكم. يمكنكم الاعتماد على الدعم المستمر والجدي من الولايات المتحدة وغيرها لضمان أن الجيش لديه الوسائل للقتال. رابعا، إن قيمنا المشتركة تميّزنا عن هؤلاء المتطرفين الهمجيين. قيمنا هي أقوى من أي إغراءات زائفة للمتطرفين، وبالتالي فإننا سننتصر. وأخيرا، قد يكون للمجتمع الدولي آراء مختلفة حول شؤون أخرى في المنطقة إلا أنه متحد في رغبته بمساعدة لبنان على عزل نفسه من هذه التهديدات والصراعات الخارجية. إن معالجة التهديدات لن تكون سهلة، لكنني واثق من أننا معا، سوف ننجح».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.