إثيوبيا تسلم السودان اقتراحاً لـ«اتفاق جزئي» بشأن السد

وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس خلال مؤتمر صحافي منتصف الشهر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس خلال مؤتمر صحافي منتصف الشهر الحالي (أ.ف.ب)
TT

إثيوبيا تسلم السودان اقتراحاً لـ«اتفاق جزئي» بشأن السد

وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس خلال مؤتمر صحافي منتصف الشهر الحالي (أ.ف.ب)
وزير الري والموارد المائية السوداني ياسر عباس خلال مؤتمر صحافي منتصف الشهر الحالي (أ.ف.ب)

أكد مسؤول سوداني رفيع تسلم مقترح اتفاق من إثيوبيا، الأسبوع الماضي، بشأن الملء الثاني لـ«سد النهضة»، لكنه أشار إلى أن المسودة «لا تلبي سوى شرط واحد من الشروط الأربعة» التي وضعتها بلاده للقبول باتفاق مرحلي.
وفي إفادة لوسائل الإعلام في الخرطوم، أمس، كشف المسؤول السوداني عن تفاصيل جديدة بخصوص المبادرة الإمارتية لحل النزاع بين الدول الثلاث في ملف السد. وقال إن بلاده على استعداد للقبول بالاتفاق المرحلي «شرط أن تتوافر الضمانات السياسية والقانونية، بإشراف ورعاية المجتمع الدولي، وألا يشمل الاتفاق أي نقاش حول تقاسم المياه، وأن يبنى على ما تم الاتفاق عليه سابقاً، وفق قيد زمني لا يتجاوز 6 أشهر للوصول إلى اتفاق نهائي ملزم لملف السد».
وأضاف أن مسودة الاتفاق الإثيوبي تخضع للتقييم داخل دوائر السلطة والوفد المفاوض، لكنه شدد على ضرورة أن يجري التفاوض حول الاتفاق المرحلي ليشمل مصر. وأشار إلى أن إثيوبيا «تضع شروطاً تعجيزية بتعنتها وإصرارها على طرح مسألة تقاسم المياه ضمن أجندة التفاوض بشأن ملء سد النهضة وتشغيله».
وأوضح أن المبادرة الإمارتية لحل النزاع «عرضت على الأطراف الثلاثة، ووضعت المسودة إطاراً عاماً نحو التوصل إلى اتفاق، لكننا نرى ضرورة توسيعها بوجود وساطة فاعلة».
وأكد أن «السودان ينظر إلى سد النهضة بصفته وسيلة للتعاون بين الدول الثلاث، ويرفض منهج الهيمنة الذي تفرضه إثيوبيا بصفته أمراً واقعاً بإقدامها على مواصلة الملء الثاني من دون اتفاق ملزم».
وشدد المسؤول السوداني على أن اتجاه بلاده ومصر لمخاطبة مجلس الأمن الدولي «تم بتنسيق عالٍ بين الدولتين، لحرصهما على تجاوز الخلافات الحالية باتفاق قانوني ملزم للأطراف كافة». وأوضح أن بلاده «اتخذت تحوطات فنية في منشآتها المائية تحسباً لأي خطوة من إثيوبيا بمواصلة الملء الثاني» الذي عده خرقاً للقانون الدولي.
ومن جهة أخرى، قالت مسؤولة رفيعة في الحكومة إن السودان تقدم، الأسبوع الماضي، بطلب لمجلس الأمن الدولي لعقد جلسة عاجلة لمنع أي تهديد للسلم والأمن الإقليمي والدولي. وأضافت أن «الخطاب حمل توصية لإلزام الأطراف الثلاثة بالقانون الدولي، ووقف أي إجراءات أحادية الجانب، ودعوتها للتأكيد على حل النزاعات عبر الوسائل السلمية».
وأكدت أن «ملف السد قضية قومية، والسودان ملتزم بالقانون الدولي لحل القضايا العالقة، بحيث لا تهدد الأمن والاستقرار الداخلي». وحذرت المسؤولة من «التعبئة والحشد السياسي داخل إثيوبيا تجاه قضية سد النهضة»، مشيرة إلى أن «هذا الاتجاه خطير، ولن يحقق الاستقرار والأمن في المنطقة».
وشددت على أن «السودان لن يغلق الباب في اتجاه حل الأزمة عبر الوسائل السلمية»، لكنه «لن يسمح بوضعه تحت الهيمنة». وحين سُئلت عن اللجوء إلى الخيار العسكري لحل الملف، قالت: «لا نريد الحرب، ولن نذهب إليها».
ودعت المسؤولة السودانية الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي وأميركا إلى «ممارسة مزيد من الضغوط السياسية لحث السودان ومصر وإثيوبيا على التوافق على حل النزاع حول سد النهضة».
وفي ظل ضيق الوقت، مع إعلان إثيوبيا بدء الملء الثاني الشهر المقبل، أبدى السودان موافقته على اتفاق مرحلي، شريطة التوقيع على كل ما سبق التوافق عليه من القضايا الفنية بشأن ملء السد وتشغيله، ووجود ضمانات لاستمرارية التفاوض بعد المرحلة الأولى، على أن تظل الاتفاقية سارية إلى أن تجدد باتفاقية أخرى، وأن تكون هناك رؤية ومنهج واضح للتفاوض.



محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.