تغيرات مناخية وبيئية تهدد بلدان المتوسط

احترار بأكثر من 6 درجات مع نهاية القرن

تغيرات مناخية وبيئية تهدد بلدان المتوسط
TT

تغيرات مناخية وبيئية تهدد بلدان المتوسط

تغيرات مناخية وبيئية تهدد بلدان المتوسط

ساهمت منطقة البحر المتوسط في نشوء وتطور الحضارات الإنسانية الكبرى بفضل طبيعة المناخ، التي كان لها دور كبير في صعود هذه الحضارات، كما في سقوطها. وتأثرت المجتمعات القديمة في المنطقة بحالات المجاعة والمرض والحرب، التي ارتبطت بالجفاف والفيضانات والصقيع والحرائق. ومن الملاحظ أن إمبراطورية الروم شهدت نمواً ديموغرافياً وتوسعاً حضارياً خلال فترة طويلة تميزت بصيف رطب ودافئ، في حين تزامنت التقلبات المناخية الحادة بين سنوات 250 إلى 600 ميلادية مع انهيار الإمبراطورية وزوالها.
ورغم أن الحضارات ما قبل الصناعية كانت شديدة الحساسية للظروف المناخية، فمن الواضح أن المجتمعات الحالية تتأثر أيضاً بالاختلافات في المناخ والبيئة الطبيعية. ويتميز مناخ البحر المتوسط بتنوعه الشديد في نطاق سنوات قليلة، ولذلك يوصف بأنه متقلب مناخياً. وتعد هذه المنطقة واحدةً من المناطق الساخنة عالمياً من حيث تغير المناخ، حيث من المحتمل أن يترك الاحترار العالمي والجفاف أثره الكبير على البيئة والأنشطة البشرية.
المخاطر المناخية على حوض المتوسط
يشير تقرير التقييم المتوسطي الأول، الذي صدر مؤخراً عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة (يونيب) تحت عنوان «التغير المناخي والبيئي في حوض المتوسط، الوضع الراهن والمخاطر المستقبلية»، إلى أن تغير المناخ في حوض المتوسط يحصل بوتيرة أسرع من الاتجاهات العالمية. فالمعدل السنوي الحالي لدرجات الحرارة في البر والبحر في حوض المتوسط أعلى بمقدار 1.5 درجة مئوية مما كان عليه الحال في عصور ما قبل النهضة الصناعية، وقد يرتفع بمقدار 3.8 إلى 6.5 درجات مئوية بنهاية هذا القرن، ما لم تتخذ إجراءات جدية للحد من تغير المناخ. وقد أعد التقرير خبراء «الخطة الزرقاء»، في إطار «برنامج عمل المتوسط»، وتم تقديمه ومناقشته في الاجتماع السنوي التاسع عشر الذي عقدته «لجنة البحر المتوسط للتنمية المستدامة» الأسبوع الماضي، باستضافة «افتراضية» من سلوفينيا.
وينوه التقرير، الذي أعدته الشبكة المستقلة لخبراء البحر المتوسط حول التغير المناخي والبيئي، إلى أن تغير المناخ سيعزز موجات الحر في البر والبحر مدةً وشدةً. ورغم التباينات الإقليمية الواسعة، من المرجح أن يقل معدل الهطول الصيفي بنسبة 10 إلى 30 في المائة في بعض المناطق، مما يؤدي إلى تفاقم شح المياه وزيادة التصحر ونقصان الإنتاجية الزراعية.
ومن المرجح أيضاً أن ترتفع درجة حرارة البحر في المناطق العميقة من البحر المتوسط أكثر مما ترتفع في بحار العالم الأخرى ومحيطاته. كما سيؤدي ارتفاع تركيز ثاني أوكسيد الكربون إلى زيادة حموضة مياه المتوسط السطحية. وفيما كان ارتفاع منسوب البحر بمقدار 6 سنتيمترات في السنوات العشرين الأخيرة، من المرجح أن تصل الزيادة إلى المتر إذا تسارع ذوبان الجليد القطبي الجنوبي.
وتتضاعف آثار تغير المناخ مع التحديات البيئية الأخرى، كتغير استخدامات الأراضي لأغراض التوسع العمراني والسياحة، وتكثيف الإنتاج الزراعي، والصيد المفرط، والتصحر، والتلوث بجميع أشكاله. ومن الملاحظ حصول زيادة في انبعاثات ثاني أوكسيد الكبريت وأكاسيد الآزوت بسبب النقل البحري في المقام الأول، وازدياد تركيز الأوزون الأرضي نتيجة التلوث والاحترار، إلى جانب زيادة عواصف الغبار الآتية من الصحراء الكبرى. ويشهد البحر المتوسط أيضاً تلوثاً شديداً بمواد متعددة منها البلاستيك، والملوثات المستجدة التي لا تنظمها القوانين الحالية، والمعادن الثقيلة، والبكتيريا والفيروسات.
كما غزت البحر المتوسط أنواع حية غير محلية عبر قناة السويس ومضيق جبل طارق، ومن خلال النقل البحري والاستزراع المائي. وعلى البر، توجد أصناف غير محلية، خاصةً في المناطق التي تشهد تطوراً أكبر في البنية التحتية والتجارة، كالآفات العشبية التي تسبب تلف المحاصيل والغابات.
وتعد الزراعة أكبر مستهلك للمياه في حوض المتوسط، التي تتعرض بدورها لتغير المناخ والعوامل السكانية والاجتماعية والاقتصادية. وتؤدي هذه الأسباب مجتمعةً إلى نقص التصريف السطحي، وضعف تجدد المياه الجوفية، وتدني نوعية المياه، مما يعزز الصراعات بين المستهلكين ويلحق ضرراً بالنظام البيئي ويؤدي إلى تملح المياه الجوفية الساحلية.
ومن المتوقع أن يزداد الطلب على مياه الري بأكثر من 70 في المائة بحلول 2100 تحت ضغط التغير السكاني ونمو المراكز الحضرية. ويمكن التكيف مع الطلب المتزايد على المياه من خلال تحسين الكفاءة وإعادة الاستخدام، وتغيير ممارسات الزراعة، والعودة إلى النظام الغذائي المتوسطي التقليدي، والإنتاج المحلي للغذاء، والحد من هدر الطعام.
ويتعرض إنتاج الغذاء البحري للتهديد بسبب ممارسات الصيد غير المستدامة، والأنواع الحية الغازية، وارتفاع درجة حرارة المياه مع زيادة حموضتها وتلوثها. ومن المتوقع أن تؤدي هذه العوامل مجتمعةً إلى انقراض محلي لأكثر من 20 في المائة من الأسماك واللافقاريات البحرية بحلول سنة 2050. ومن الملاحظ أن هذه العوامل تؤثر بشكل عام على النظم البيئية للبحر المتوسط، حيث يسجل تفشي قنديل البحر وازدهار الطحالب ونقص المخزونات السمكية التجارية وفقدان التنوع الحيوي، نتيجة تبدل الخواص الفيزيائية والإيكولوجية لمعظم الكائنات البحرية.
وفي النظم الساحلية المتوسطية، سيؤثر ارتفاع منسوب سطح البحر على معظم البنى التحتية، وطبقات المياه الجوفية، ومحاصيل الأراضي الزراعية الساحلية، ومواقع التراث العالمي، وغير ذلك من المواقع المحمية، خاصةً في دلتات ومصبات الأنهار.
ويتأثر التنوع الأحيائي البري في حوض المتوسط بطرق مختلفة. ففي حين تتسع المساحة الحرجية على حساب الزراعة والرعي في بلدان الضفة الشمالية، لا تزال النظم البيئية في دول الجنوب تواجه خطر التفتت والاضمحلال نتيجة قطع الأشجار والزراعة والرعي. ومن خيارات التكيف في هذا الشأن الحفاظ على التقلبات الطبيعية لجريان الأنهار المتوسطية، وحماية المناطق الساحلية، والحد من سحب المياه، واتباع ممارسات حراجية معدلة، والربط الحكيم مناخياً بين المناطق الطبيعية.
ونتيجة للتغيرات البيئية، تتعرض الصحة العامة في بلدان حوض المتوسط لعدد من المخاطر المتزايدة، مثل موجات الحر، وحالات شح الغذاء والماء، والأمراض المحمولة بالنواقل، والأمراض التنفسية والقلبية الوعائية. وتؤثر هذه المخاطر الصحية بوجه خاص على الفئات السكانية المهمشة أو الضعيفة، لا سيما كبار السن والأطفال والنساء الحوامل وأصحاب الدخل المنخفض. ومن المرجح أن تزداد الصراعات التي تتسبب فيها ندرة الموارد والنزوح الناتج عن الجفاف وتدهور الموارد الزراعية ومصايد الأسماك.
ومن المتوقع أن تكون آثار تغير المناخ كبيرة على المناطق الحضرية الساحلية نتيجة الكثافة السكانية وتركيز الأصول، ولذلك يجب تخطيط المدن وإدارتها من خلال التركيز أكثر على صحة البشر وتعزيز قدرتهم على الصمود في وجه التغير البيئي. ومن المرجح أن تتأثر السياحة بتغير المناخ من خلال تدني مستوى الراحة الحرارية، وتدهور الموارد الطبيعية، بما في ذلك شح المياه العذبة وتآكل الشطآن بسبب ارتفاع منسوب البحر والنمو الحضري.
خيارات التكيف مع التغيرات
يخلص تقرير التقييم المتوسطي الأول إلى أن جميع بلدان البحر المتوسط تملك القدرة على تخفيف تغير المناخ من خلال تسريع التحول في مجال الطاقة، عبر تعزيز الكفاءة وتخفيف الانبعاثات، وتسريع الاعتماد على الطاقات النظيفة والمتجددة. ويتطلب ذلك تحولاً كبيراً في سياسات الطاقة والنماذج الاقتصادية في البلدان المتوسطية، يتجاوز الخطط والأهداف المعلنة من قبل معظم الحكومات وواضعي السياسات.
وفي حين تدفع بلدان الضفة الشمالية هذا التحول قدماً إلى الأمام بفضل التنويع التدريجي لمزيج الطاقة لديها وتحسين كفاءة استغلال الطاقة وزيادة مساهمة الطاقات المتجددة، فإن بلدان الضفتين الشرقية والجنوبية تحتاج إلى دعم وتمويل ونقل للتكنولوجيا وبناء للقدرات في إطار العمل الخاص باتفاقية باريس المناخية. ويعد تحسين التكامل والتعاون في سوق الطاقة المحلي أمراً حاسماً لتخفيف آثار تغير المناخ بصورة فعالة من حيث التكلفة.
ويستلزم تخفيف عوامل التغير البيئي، بما فيها انبعاثات غازات الدفيئة والتكيف مع تغير المناخ، مراجعة شاملة للسياسات والتشريعات، بحيث تصبح أكثر قدرة على مواجهة التغيرات المناخية والبيئية وتحقيق التنمية المستدامة. ويقف الفقر وحالات انعدام المساواة وغياب التكافؤ بين الجنسين حجر عثرة دون تحقيق التنمية المستدامة والتكيف مع تغير المناخ في بلدان المتوسط. كما تلعب الثقافة دوراً حاسماً في نجاح سياسات التكيف في التركيبة الثقافية المتنوعة للبلدان المتوسطية، إذا عالجت مسائل مثل العدالة والمساواة، وتخفيف حدة الفقر، والإدماج الاجتماعي، وإعادة توزيع الدخل.
إن مقاربة التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية واستراتيجيات التكيف في حوض المتوسط ترتبط بالإجابة عن عدد من التساؤلات: ما مدى سرعة اتخاذ القرار لتبني خيارات التكيف؟ وما مدى سرعة اللحاق بالعلوم والتكنولوجيا؟ وهل ستكون هناك إرادة سياسية حقيقية تبحث عن حلول عقلانية ومؤثرة؟



ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
TT

ارتفاع الحرارة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بوتيرة أسرع من مثلي المعدل العالمي

عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)
عامل يقف تحت أشعة الشمس وسط درجات الحرارة المرتفعة (رويترز)

قالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة، في تقرير، إن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سجّلت أكثر الأعوام حرارة على الإطلاق في عام 2024، حيث ارتفعت درجات الحرارة بوتيرة تزيد بمقدار المثلين عن المتوسط العالمي في العقود الأخيرة.

وأصبحت الموجات الحارة في المنطقة أطول وأكثر حدة، وفقاً لأول تقرير للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، يركز على المنطقة.

وقالت سيليست ساولو الأمينة العامة للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية: «ترتفع درجات الحرارة بمعدل مثلي المتوسط العالمي، مع موجات حرّ شديدة ومرهقة للمجتمع إلى أقصى الحدود».

وخلص التقرير إلى أن متوسط درجات الحرارة في عام 2024 تجاوز متوسط الفترة من 1991 إلى 2020، بمقدار 1.08 درجة مئوية، فيما سجّلت الجزائر أعلى زيادة بلغت 1.64 درجة مئوية فوق متوسط الثلاثين عاماً الماضية.

وحذّرت ساولو من أن الفترات الطويلة التي زادت فيها الحرارة عن 50 درجة مئوية في عدد من الدول العربية كانت «حارة للغاية» بالنسبة لصحة الإنسان والنظم البيئية والاقتصاد.

درجات الحرارة المرتفعة سجلت أرقاماً قياسية (أرشيفية - رويترز)

وأشار التقرير إلى أن موجات الجفاف في المنطقة، التي تضم 15 بلداً من أكثر بلدان العالم ندرة في المياه، أصبحت أكثر تواتراً وشدة، مع اتجاه نحو تسجيل موجات حرّ أكثر وأطول في شمال أفريقيا منذ عام 1981.

وخلص التقرير إلى أن مواسم الأمطار المتتالية، التي لم يسقط فيها المطر، تسببت في جفاف في المغرب والجزائر وتونس.

وقالت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إن أكثر من 300 شخص في المنطقة لقوا حتفهم العام الماضي بسبب الظواهر الجوية القاسية، ولا سيما موجات الحر والفيضانات، في حين تضرر ما يقرب من 3.8 مليون شخص.

وأكّد التقرير الحاجة الماسة للاستثمار في الأمن المائي، عبر مشروعات مثل تحلية المياه وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي، إلى جانب تطوير أنظمة الإنذار المبكر للحدّ من مخاطر الظواهر الجوية. ويمتلك نحو 60 في المائة من دول المنطقة هذه الأنظمة حالياً.

ومن المتوقع أن يرتفع متوسط درجات الحرارة في المنطقة بمقدار 5 درجات مئوية، بحلول نهاية القرن الحالي، في ظل مستويات الانبعاثات الحالية، استناداً إلى التوقعات الإقليمية الصادرة عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ.


دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
TT

دراسة جينية تكشف مرحلة فارقة في تاريخ استئناس القطط

قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)
قطة سوداء تظهر بين قطط أخرى في ملجأ للحيوانات بجنوب إسبانيا (أ.ف.ب)

تعيش مع البشر مئات الملايين من القطط في جميع أنحاء العالم، سواء أكانت سيامية أو فارسية أو من سلالة ماين كون أو غيرها. لكن على الرغم من شعبيتها كحيوانات أليفة، ظلّ تاريخ استئناسها وتربيتها بالمنازل سرّاً صعباً يستعصي على العلماء.

وتقدم دراسة جينية جديدة نظرة في هذه المسألة، من خلال تحديد التوقيت الزمني لمرحلة رئيسية في تدجين القطط، عندما استُقدمت القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا.

ووجد الباحثون أن القطط الأليفة وصلت إلى أوروبا منذ ما يقرب من ألفي عام، في أوائل عصر الإمبراطورية الرومانية، ربما من خلال التجارة البحرية.

ويحتمل أن يكون البحارة قد جلبوا بعض هذه القطط لاصطياد الفئران على متن السفن التي كانت تجوب البحر المتوسط حاملة الحبوب من حقول مصر الخصبة إلى الموانئ التي تخدم روما والمدن الأخرى في الإمبراطورية الرومانية مترامية الأطراف.

تتناقض هذه النتائج مع الفكرة السائدة منذ فترة طويلة بأن الاستئناس حدث في عصور ما قبل التاريخ، ربما قبل 6 إلى 7 آلاف سنة، حينما انتقل المزارعون من الشرق الأدنى والشرق الأوسط القديم إلى أوروبا لأول مرة، حاملين القطط معهم.

قطة (أ.ف.ب)

وقال عالم الجينات كلاوديو أوتوني، من جامعة روما تور فيرجاتا، المؤلف الرئيسي للدراسة التي نُشرت اليوم (الخميس)، في مجلة «ساينس»: «أظهرنا أن أقدم جينومات للقطط المنزلية في أوروبا تعود إلى فترة الإمبراطورية الرومانية وما بعدها»، بداية من القرن الأول الميلادي.

استخدمت الدراسة بيانات جينية من بقايا القطط من 97 موقعاً أثرياً في جميع أنحاء أوروبا والشرق الأدنى، وكذلك من قطط تعيش في الوقت الحاضر. قام الباحثون بتحليل 225 عظمة من عظام القطط، الأليفة والبرية، التي ترجع إلى نحو 10 آلاف سنة مضت إلى القرن التاسع عشر الميلادي، وأنتجوا 70 جينوماً قديماً للقطط.

ووجد الباحثون أن بقايا القطط من مواقع ما قبل التاريخ في أوروبا تنتمي إلى القطط البرية، وليس القطط الأليفة القديمة.

كانت الكلاب هي أول حيوان مستأنس من قبل البشر، إذ انحدرت من فصيلة ذئاب قديمة مختلفة عن الذئاب الحديثة. وجاءت القطط الأليفة في وقت لاحق، منحدرة من القط البري الأفريقي.

قال ماركو دي مارتينو، عالم الحفريات بجامعة روما تور فيرجاتا، والمؤلف المشارك في الدراسة: «دخول القطط الأليفة إلى أوروبا مهم لأنه يمثل لحظة مهمة في علاقتها طويلة الأمد مع البشر. فالقطط ليست مجرد نوع آخر وصل إلى قارة جديدة. إنها حيوان أصبح مندمجاً بعمق في المجتمعات البشرية والاقتصادات حتى المعتقدات».

وحدّدت البيانات الجينية مرحلتين لدخول القطط إلى أوروبا من شمال أفريقيا. فمنذ ما يقرب من 2200 سنة، جلب البشر القطط البرية من شمال غربي أفريقيا إلى جزيرة سردينيا، التي تنحدر قططها البرية الحالية من تلك القطط المهاجرة.

لكن هذه القطط لم تكن أليفة. فهناك هجرة منفصلة من شمال أفريقيا بعد نحو قرنين من الزمان، شكّلت الأساس الجيني للقطط المنزلية الحديثة في أوروبا.

تشير نتائج الدراسة إلى أنه لم تكن هناك منطقة أساسية واحدة لترويض القطط، بل لعبت عدة مناطق وثقافات في شمال أفريقيا دوراً في ذلك، وفقاً لعالمة الآثار الحيوانية والمؤلفة المشاركة في الدراسة، بيا دي كوبير، من المعهد الملكي البلجيكي للعلوم الطبيعية.

وقالت دي كوبير: «يتزامن توقيت الموجات الوراثية لإدخال القطط من شمال أفريقيا مع الفترات التي تكثفت فيها التجارة حول البحر المتوسط بقوة. ومن المرجح أن القطط كانت تسافر لصيد فئران على متن سفن الحبوب، لكن ربما أيضاً كحيوانات ذات قيمة دينية ورمزية».

كانت القطط مهمة في مصر القديمة، وكان ملوك مصر يحتفظون بقطط أليفة، وأحياناً يحنطونها لدفنها في توابيت أنيقة.

ولعب الجيش الروماني القديم، الذي انتشرت مواقعه العسكرية في جميع أنحاء أوروبا، وحاشيته، دوراً أساسياً في انتشار القطط الأليفة في جميع أنحاء القارة، وتشهد على ذلك بقايا القطط التي اكتشفت في مواقع المعسكرات الرومانية.

ويرجع تاريخ أقدم قط مستأنس في أوروبا تم تحديده في الدراسة، وهو قط مشابه وراثياً للقطط المنزلية الحالية، إلى ما بين 50 قبل الميلاد و80 ميلادية من بلدة ماوترن النمساوية، وهي موقع حصن روماني على طول نهر الدانوب.

ومع ذلك، لم تكشف الدراسة عن توقيت ومكان التدجين الأولي للقطط.

قال أوتوني: «تدجين القطط أمر معقد، وما يمكننا قوله حالياً هو توقيت دخول القطط المنزلية إلى أوروبا من شمال أفريقيا. لا يمكننا أن نقول الكثير عما حدث قبل ذلك، وأين حدث».


إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
TT

إسطنبول تتجه لحظر الكلاب الضالة في الأماكن العامة

رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)
رجل يحمل كلباً على كتفه (أ.ف.ب)

أصدرت السلطات المحلية في إسطنبول، اليوم (الاثنين)، مرسوماً يقضي بحظر إطعام الكلاب الضالة داخل المدينة في المستقبل، وكذلك منع وجودها في الأماكن العامة بالمدينة.

وقالت السلطات إنه سيتم منع الكلاب الضالة من الوجود على الأرصفة، والمرافق الصحية والتعليمية، والمطارات، ودور العبادة، والمتنزهات، وذلك بهدف منع انتشار الآفات والتلوث البيئي.

ولم يتم تقديم أي تفاصيل حول العقوبات المحتملة، وفقاً لوكالة الأنباء الألمانية.

وتهدف الإجراءات الجديدة أيضاً إلى تسريع عملية الإمساك بالكلاب التي لا مالك لها وتعقيمها، وإيوائها في ملاجئ الحيوانات. وستكون البلديات مسؤولة عن تنفيذ القواعد الجديدة.

وأصبحت هذه القضية محل جدل كبيراً منذ صدور قانون العام الماضي، يسمح في حالات معينة بإعدام الكلاب الضالة. ويمكن الآن إلزام البلديات بإمساك الحيوانات الضالة وإيوائها في ملاجئ خاصة.

وتقوم هذه الملاجئ بالبحث عن مالكين جدد للاعتناء بهذه الحيوانات.