لجنة نيابية تبحث سبل تمويل بطاقة لدعم المواد الأساسية

TT

لجنة نيابية تبحث سبل تمويل بطاقة لدعم المواد الأساسية

مع تفاقم الأوضاع المعيشية في لبنان والتي تمثلت مؤخراً بفقدان المواد الأساسية ولا سيما الدواء والمحروقات بسبب تعذر فتح اعتمادات استيرادها بعدما وصل احتياطي مصرف لبنان إلى أدنى مستوياته، يسعى المعنيون إلى إقرار قانون البطاقة التمويلية كبديل عن الدعم الذي بات بحكم المرفوع عن المواد الأساسية.
وفي الإطار، عقدت اللجنة النيابية الفرعية المشتركة والمكلفة درس مشروع القانون الرامي إلى إقرار البطاقة التمويلية جلسة أمس، ناقشت خلالها آليات تمويل هذه البطاقة حسب ما أكد عضو لجنة المال والموازنة النيابية النائب ياسين جابر. وأشار جابر بعد الجلسة إلى أن هناك أفكاراً تتم مناقشتها على صعيد التمويل منها نقل بعض قروض البنك الدولي من مشاريع لم يبدأ تنفيذها بعد أو الحصول على قروض إضافية أو قد يتم اللجوء بشكل اضطراري إلى الطلب من مصرف لبنان تمويل البطاقة، وهذا ما يزال ضمن المناقشة.
وكان نقيب مستوردي الأدوية، كريم جبارة، أشار إلى أن مخزون مئات الأدوية، ومنها المخصصة للأمراض المزمنة وحليب الرضع، سينتهي بعد بضعة أسابيع وأن آلاف المرضى اللبنانيين لن يجدوا هذه العلاجات الضرورية لهم. وحذر جبارة خلال مؤتمر صحافي من كارثة ستقع في شهر يوليو (تموز) المقبل، قائلاً: «المخزون دقيق واستيراد الأدوية بالسرعة القصوى بات أمراً ملحاً قبل تموز».
واعتبر جبارة أن الخروج من هذا الواقع الدوائي المأزوم، غير ممكن إلا بالاستيراد الذي يحتاج بدوره إلى موافقة مسبقة من وزارة الصحة ومصرف لبنان، في حين أن معظم الشركات لن تقوم بإرسال الأدوية، ما لم يسدد لبنان الديون المتراكمة وتبلغ 600 ألف دولار، وفي المقابل، المخزون المتبقي غير مدعوم. وشدد جبارة على ضرورة تطبيق خطة ترشيد الدعم التي أعدتها وزارة الصحة، وإعطاء موافقات مسبقة لشحنات الأدوية قبل انتهاء المخزون.
وبدوره، أكد رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي على وجوب قيام ورشة عمل تشارك فيها كل المؤسسات الضامنة، مع وزارة الصحة والوزارات المعنية، لدراسة حل مؤقت من أجل التخفيف من الأعباء المادية المترتبة على المرضى لأن الناس تعاني الأمرين.
وكانت الجهات الصحية المعنية توافقت منذ أشهر على خطة ترشيد للدواء يرفع بموجبها الدعم عن الأدوية التي تباع من دون وصفة طبية والمسكنات مع إبقاء الدعم على أدوية الأمراض المزمنة والأمراض السرطانية والمستعصية، وكان من المفترض أن تقلص هذه الخطة كلفة دعم الدواء من نحو مليار و200 مليون دولار إلى نحو 600 مليون دولار إلا أنه لم يتم إقرارها.
وكان مصرف لبنان أعلن منذ شهر تقريبا عن عجزه عن الاستمرار في تأمين الكلفة المالية المطلوبة لدعم استيراد الأدوية والمستلزمات الطبية وحليب الرضع والمواد الأولية للصناعة الدوائية من دون المساس بالتوظيفات المالية الإلزامية للمصارف، وهذا ما يرفضه المجلس المركزي لمصرف لبنان.
وشدد رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر وبعد لقائه وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر على ضرورة وجود البطاقة التمويلية أو أي مشروع بديل آخر لدعم الموظفين والعسكريين والسائقين العموميين وذوي الدخل المحدود قبل رفع الدعم عن المحروقات.
وطالب الأسمر بوقف التهريب الذي يبتلع أموال الدعم وأموال المودعين، وبإجراء حوار جدي ترعاه رئاسة الحكومة ويحضره المعنيون (وزارة الطاقة والمياه، وزارة الأشغال العامة والنقل، الاتحاد العمالي العام واتحاد النقل البري) لوضع خطة مرحلية لحماية الشعب اللبناني مما ينتظره في حال رفع الدعم، لأن أي رفع دعم عن المحروقات بصورة عشوائية سيؤدي إلى تباطؤ الحركة الاقتصادية أو انهيارها بصورة شاملة.
وكان وزير الطاقة أعلن أول من أمس أن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أبلغه إيقاف الدعم مشيراً إلى أن البديل هو البطاقة التمويلية ولكن الأمر يحتاج لموافقة مجلس النواب.
واعتبر عضو نقابة أصحاب المحطات في لبنان جورج البراكس أن ما أعلنه وزير الطاقة والمياه عن استعداد مصرف لبنان لفتح الاعتمادات المطلوبة لاستيراد المحروقات على أساس سعر جديد إلى حين إقرار البطاقة التمويلية هو خطوة إيجابية نحو حل مؤقت لشح المادة في الأسواق ولإنقاذ الموسم السياحي، مشددا على أن المطلوب حاليا استقرار في فتح الاعتمادات لاستيراد كميات تكفي حاجة الأسواق وبصورة مستمرة ومتواصلة وتأمين وصول مادتي البنزين والمازوت إلى جميع المحطات في جميع الأراضي اللبنانية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.