وفد تركي يلتقي الدبيبة والمنفي قبيل مؤتمر «برلين 2» حول ليبيا

سياسيون طالبوا السلطة بتفسير أسبابها «بعدما تسببت في إرباك المشهد»

خلوصي آكار لحظة وصوله إلى مطار معيتيقة أول من أمس (تويتر)
خلوصي آكار لحظة وصوله إلى مطار معيتيقة أول من أمس (تويتر)
TT

وفد تركي يلتقي الدبيبة والمنفي قبيل مؤتمر «برلين 2» حول ليبيا

خلوصي آكار لحظة وصوله إلى مطار معيتيقة أول من أمس (تويتر)
خلوصي آكار لحظة وصوله إلى مطار معيتيقة أول من أمس (تويتر)

بتكليف من الرئيس رجب طيب إردوغان، زار العاصمة الليبية بشكل مفاجئ أول من أمس، وفد تركي كبير، ترأسه وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، وضم وزيري الدفاع خلوصي آكار، والداخلية سليمان صويلو، ورئيس هيئة الأركان يشار غولر، ورئيس المخابرات هاكان فيدان، ورئيس دائرة الاتصال برئاسة الجمهورية فخر الدين ألطون، والمتحدث باسم الرئاسة إبراهيم كالين.
والتقى أعضاء الوفد رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، كما عقدوا لقاءات مع نظرائهم الليبيين. وأكد وزير الدفاع التركي أن بلاده تواصل سعيها في سبيل وصول ليبيا إلى مستوى الاكتفاء الذاتي في المجال العسكري، وأن هدفها ضمان «وحدة هذا البلد وإرساء السلام والاستقرار فيه»، رافضاً اعتبار تركيا «قوة أجنبية في ليبيا».
وقال آكار خلال لقاء مع أفراد الفرقاطة التركية «تي. جي. غاليبولي»، العاملة قبالة سواحل ليبيا في البحر المتوسط ليل الجمعة/ السبت، إن تركيا «ليست قوة أجنبية في ليبيا»، موضحاً أن القوات التركية موجودة فيها بدعوة من حكومة طرابلس، وأنها تقوم بأنشطة التعاون والتدريب والتشاور العسكري، بما يتماشى مع الاتفاقيات الثنائية والقانون الدولي.
ووصل آكار إلى مطار معيتيقة الدولي في العاصمة طرابلس، قادماً من صقلية الإيطالية، حيث كان في استقباله مسؤولون أتراك وليبيون. وزار مقر قيادة القوات التركية العاملة في ليبيا، قبل التوجه إلى الفرقاطة «تي. جي. غاليبولي»، رفقة رئيس الأركان يشار غولر.
وأضاف آكار أن هناك «روابط أخوة تمتد لـ500 عام بين تركيا وليبيا، ونحن نقف إلى جانب أشقائنا الليبيين، ونواصل سعينا بغية وصول ليبيا إلى مستوى الاكتفاء الذاتي، من خلال الاستمرار في تقديم الدعم للقوات الليبية، سواء عبر التدريب أو المساعدة، أو تقديم المشورة، من أجل وصولها إلى المعايير الدولية»، لافتاً إلى أن تركيا ستواصل الوقوف إلى جانب ليبيا وتقديم الدعم، انطلاقاً من مفهوم «ليبيا لليبيين».
وجاءت زيارة الوفد التركي إلى طرابلس في إطار حراك تركي مكثف، يسبق مؤتمر «برلين 2» حول ليبيا، والذي بدأ بزيارة وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش غير الرسمية، ولقائها مع نظيرها مولود جاويش أوغلو في أنقرة الأسبوع الماضي، ثم لقاء السفير التركي لدى ليبيا مع رئيس مجلس الدولة الليبي خالد المشري، واللذين سبقهما لقاء نائبي وزيري الخارجية التركي والروسي، سادات أونال وميخائيل بوغدانوف، مع المبعوث الأممي يان كوبيش في موسكو الاثنين الماضي لبحث الملف الليبي.
لكن هذه الزيارة، التي لم يعلن عنها مسبقاً، طرحت عديد الأسئلة من أطراف سياسية مختلفة في البلاد، لا سيما مع نفي مصادر بمطار معيتيقة الدولي علمها بهذه الزيارة. وأمام حالة الغموض التي اكتنفت الزيارة، طالب كثير من الليبيين والسياسيين السلطة التنفيذية بتفسير أسبابها «بعدما تسببت في إرباك المشهد» بالبلاد، فيما اعتبرها عضو مجلس النواب عن مدينة سبها، مصباح أوحيدة، «إهانة لكل ليبي لم يبع نفسه للخارج».
وذهب أوحيدة في تصريح، أمس، إلى أن «اتفاق تركيا الحدودي والأمني، الذي وقعته حكومة (الوفاق الوطني) مع أنقرة، باطل وفق الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، وقرار 44 لسنة 2013 في شأن حظر التوقيع على الاتفاقيات، وقرار مجلس النواب بعدم اعتماد الاتفاقية التركية».
وتداولت وسائل إعلام محلية صوراً لضباط أتراك يقفون في استقبال وزير الدفاع التركي بالمطار، دون تعقيب من السلطة الرسمية حتى مساء أمس. كما نقلت عن مصادر أن هؤلاء الضباط «كانوا وحدهم على علم بزيارة آكار، وطلبوا من الحراس عدم الوجود بمكان هبوط الطائرة».
واستبقت زيارة الوفد التركي إلى طرابلس، بحسب مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط»، الإعداد النهائي للوثيقة التي ستصدر عن قمة «برلين 2» في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، وما يتعلق بعملية إخراج القوات الأجنبية و«المرتزقة» من ليبيا.
إلى ذلك، أجرى المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يان كوبيش، مباحثات هاتفية مع وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة، تناولت التحضيرات لمؤتمر «برلين 2»، حسبما أعلنت عنه أول من أمس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.
وقال بيان للبعثة إن هذه المحادثات تندرج في إطار سلسلة المشاورات التي يجريها المبعوث الخاص للأمم المتحدة مع «الأطراف الفاعلة على الصعيدين الليبي والدولي»، في إطار التحضيرات لمؤتمر «برلين 2» حول ليبيا، موضحاً أن الطرفين ناقشا «الجهود التكميلية للمضي قدماً في تنفيذ خريطة الطريق التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي، لا سيما إجراء الانتخابات وإحراز التقدم في ملف المناصب السيادية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».