بعد عامين من اندلاعه... ماذا تبقى من الحراك الجزائري؟

تعرض لانتقادات لعدم تقديمه مقترحات سياسية ملموسة... واعتماده «نهجاً متشدداً»

جانب من مظاهرات الحراك الشعبي وسط العاصمة الجزائر (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الحراك الشعبي وسط العاصمة الجزائر (أ.ف.ب)
TT

بعد عامين من اندلاعه... ماذا تبقى من الحراك الجزائري؟

جانب من مظاهرات الحراك الشعبي وسط العاصمة الجزائر (أ.ف.ب)
جانب من مظاهرات الحراك الشعبي وسط العاصمة الجزائر (أ.ف.ب)

منذ حظر النظام الجزائري التظاهرات السلمية في منتصف مايو (أيار) الماضي، بهدف خنق الحراك قبل الانتخابات التشريعية المقررة اليوم السبت، توقفت الحركة الاحتجاجية، باستثناء منطقة القبائل (شمال شرق) الأمازيغية، المعروفة بتمردها على السلطات. لكن بعد مطاردة ناشطي الحراك في الشارع لجأ هؤلاء إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم للاقتراع الذي أراد فرضه النظام، والذي يعتبرونه استبدادياً وفاسداً. لكن هل يمكن للحراك أن يستمر رغم القمع، بعد شيطنته وشرذمته؟ وماذا تبقى من هذا الحراك بعد اندلاعه قبل أكثر من عامين؟
السلطة المدنية، واجهة المؤسسة العسكرية، تبدو مصممة على فرض «خارطة الطريق» الانتخابية، من دون مراعاة لمطالب الحراك، المتمثلة في سيادة القانون، والانتقال الديمقراطي نحو السيادة الشعبية والقضاء المستقل، من أجل استعادة «الاستقرار» بعد الانتفاضة الشعبية التي اندلعت في 22 من فبراير (شباط) 2019. كما تسعى السلطة إلى شرعية جديدة بعد إخفاقها في استحقاقين انتخابيين: الاقتراع الرئاسي لعام 2019، والاستفتاء الدستوري في 2020، اللذان تميزا بمقاطعة غير مسبوقة.
وباعتمادها الحل الأمني، أجبرت وزارة الداخلية منظمي مسيرات الحراك، الذي لا يتمتع بقيادة فعلية، على «التصريح» بالتظاهرات مسبقًا للسلطات، الأمر الذي يعني منعها بحكم الأمر الواقع. فيما يشيد النظام، وعلى رأسه الرئيس عبد المجيد تبون، بانتظام بـ«الحراك المبارك»، معتبرا أنه لبى مطالبه «في وقت قياسي». لكنه ينتقد «الحراك الجديد»، على عكس «الحراك الأصيل»، ويصف نشطاءه بأنهم «خليط معاد للثورة»، وفي «خدمة أطراف أجنبية» معادية للجزائر.
اليوم، بعد أكثر من عامين من ولادته، يواجه الحراك خيارًا صعبًا: إما المشاركة في المسار السياسي، والمخاطرة بالتنازل عن مبادئه لصالح نظام لا يحظى بشعبية، أو الضياع في مطلب «ليرحل الجميع» العقيم. كما أنه ينقسم بين إسلاميين محافظين وعلمانيين ديمقراطيين، وبين المنفتحين على المشاركة السياسية والآخرين الذين لا يريدون ذلك، والذين يعدون الأكثر عددًا.
يرى الصحافي عابد شارف أن «الحراك هز النظام السياسي القديم في الجزائر، لكنه لم ينجح (بعد) في فرض نظام جديد»، وإن كان نجح في وضع حد لحكم الرجل القوي السابق عبد العزيز بوتفليقة.
لكن الحراك المؤيد للديمقراطية تعرض لانتقادات بسبب عدم تقديمه مقترحات سياسية ملموسة أو برنامجا انتخابيا. كما يتهمه بعض المنتقدين بأنه «اعتمد نهجا تشددا»، وانحرف نحو التطرف.
وردا على هذا الاتهام، يقول كريم طابو، أحد الوجوه البارزة في الحراك، إن «السلطة تقف ضد كل المبادرات. هناك جهاز قمعي جاهز لاستخدام كل الوسائل لمنع التغيير». مشيرا إلى أن الحراك هو «أكبر حزب سياسي في الجزائر»، وهو الذي «استطاع أن يهيئ الظروف للتعايش، والعمل المشترك لجميع التيارات الناشطة من أجل التغيير».
يقول طابو لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك سلطة تنظم الانتخابات، وهناك شعب في الشارع». فيما تؤكد أمال بوبكر، الباحثة في المدرسة العليا للدراسات في العلوم الاجتماعية في باريس، أن الحراك «كحركة سياسية وكفكرة ومبادرة للإصلاح، لا يزال حاضرًا وملائمًا».
من جهته، يعتبر الجامعي والمناضل الحقوقي، قدور شويشة، أن «الحراك سيبقى كحركة سياسية. ولهذا السبب لن يضعفه القمع... إنها حركة فردية وجماعية، وهي الوحيدة التي انبثقت عن المجتمع المدني، بدعم من الشباب والطبقات الشعبية».
بدوره، يرى المحلل السياسي منصور قدير أن الحراك «قد يشهد تطورات أخرى، أو يقدم أشكالًا أخرى من الاحتجاج، لكنه سيستمر في نشر الوعي الجماعي، طالما بقي النظام السياسي على حاله». خاصةً في ظل تدهور الوضع الاقتصادي، الذي يزيد منسوب التوترات الاجتماعية، وارتفاع معدلات البطالة (15 في المائة).
تقول داليا غانم، الباحثة في مركز «كارنيغي» للشرق الأوسط، إن «القضية الاجتماعية، التي غابت خلال الموجة الأولى من الحراك في العام 2019، أصبحت جزءا من الاحتجاج السياسي». لكن السؤال الذي يظل مطروحا هو: من سيكون قادرًا على قيادة حركة الاحتجاج الاجتماعي؟
يقول قدير: «في سياق الأزمة الاقتصادية التي تفاقمت بسبب التوترات السياسية، سيبقى الحراك، الحاضن الوحيد لجميع الإحباطات الاجتماعية، والوسيلة الوحيدة للتعبئة الشعبية».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.