لبنان يضع مسار التحويلات النقدية إلى الخارج على سكة التنظيم

إنجاز «الكابيتال كونترول» في لجنة نيابية... وتطابق مع تعاميم «المركزي»

لجنة المال النيابية خلال اجتماعها أمس (الوكالة المركزية)
لجنة المال النيابية خلال اجتماعها أمس (الوكالة المركزية)
TT

لبنان يضع مسار التحويلات النقدية إلى الخارج على سكة التنظيم

لجنة المال النيابية خلال اجتماعها أمس (الوكالة المركزية)
لجنة المال النيابية خلال اجتماعها أمس (الوكالة المركزية)

وضع لبنان مسار التحويلات النقدية إلى الخارج على سكة التنظيم بإقرار مشروع قانون «الكابيتال كونترول» في لجنة المال والموازنة النيابية، لوضع ضوابط استثنائية ومؤقتة على التحاويل المصرفية لمدة عام، على أن تتم مناقشته في اللجان المشتركة، ثم في الهيئة العامة لمجلس النواب، بعد عام ونصف العام على الأزمة المالية والجدل الذي صاحب عمليات التحويل المالي إلى الخارج.
والقانون الذي كانت تبحثه لجنة المال النيابية منذ أشهر، يعد واحداً من أبرز مطالب وشروط صندوق النقد الدولي للحفاظ على ما تبقى من ودائع مصرفية في المصارف اللبنانية، بغياب أرقام حاسمة لحجم الودائع المتبقية بالعملة الأجنبية في المصارف. وظهر أن القانون الذي فتح استثناءات للتحاويل إلى الخارج، مرتبطة بتحويل أموال إلى الطلاب الجامعيين خارج البلاد، أو بصرف ودائع بالعملة الصعبة للمودعين في الداخل بقيمة 800 دولار، أظهر أنها متقاربة مع تعاميم مصرف لبنان المركزي إلى حد كبير، ما يعني تقارباً في الرؤية بين السلطتين التشريعية والمالية بعد تفاوت كبير سُجّل في الأشهر الماضية.
ووصف رئيس لجنة المال والموازنة في البرلمان اللبناني النائب إبراهيم كنعان «الكابيتال كونترول» بأنه «دستوري وحاجة وضرورة رغم انقضاء أكثر من 19 شهراً على بدء الأزمة» لأن «أي تشريع مهما تأخر يبقى أفضل من الفوضى والاستنساب السائدين حالياً». وقال: «الكابيتال كونترول كما أقرته لجنة المال يمنع التحاويل إلى الخارج باستثناء ما له صفة الديمومة والصفة العاجلة كنفقات التعليم والسقف الأعلى لهذه النفقات 50 ألف دولار».
وأشار كنعان إلى أن القانون «يجيز السحب بالعملة الأجنبية بما يعادل 400 إلى 800 دولار شهرياً»، مشيراً إلى أن «البتّ يعود للهيئة العامة وفق المعطيات التي سيقدمها مصرف لبنان وهو مطالب بإرسال الكلف الإجمالية للبنود المالية للحسم».
وجرى نقاش في داخل الجلسة حول أرقام الاستثناءات، وتباينت آراء النواب حولها، كما قالت مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»، وتُرك الأمر في النهاية إلى الهيئة العامة لمجلس النواب للبتّ بها. واتخذ القانون صفة «المؤقت» حيث يتقيد العمل بموجبه بمدة عام، وبعد أن كانت إحدى الصيغ فيه تتمثل في منح الحكومة صلاحية تمديده لعام إضافي، «شُطبت هذه المادة في الجلسة»، بحسب ما قالت المصادر، علماً بأن القانون بعد صدوره يحتاج إلى حكومة تضع المراسيم التنفيذية له.
وأكد عضو لجنة المال الموازنة النائب محمد خواجة «أننا تأخرنا كثيراً في إقراره، لكن الوصول إلى القانون متأخرين أفضل من عدم الوصول أبداً» بهدف «تنظيم التحاويل والحفاظ على ما تبقى من أموال في المصارف اللبنانية»، مشدداً على أن القانون «كان يفترض أن يقر في بدايات الأزمة لمنع التحاويل الاستنسابية إلى الخارج والتي استنزفت احتياطات لبنان المالية وسط تسريبات عن تحويلات استنسابية جرت خلال الفترة الماضية».
وقال خواجة لـ«الشرق الأوسط» إن الغاية من إقراره «الحفاظ على ما تبقى من أموال، وفتحنا باب الاستثناءات لتمويل الطلاب الجامعيين في الخارج»، لافتاً إلى «أننا أنجزنا الهيكل الأولي، وهناك فلتر أساسي للقانون سيجري في اللجان المشتركة والهيئة العامة التي لها القرار الفصل وإعادة تشكيل القانون».
وقال خواجة، وهو عضو كتلة «التنمية والتحرير» إن هذا القانون «استثنائي لظرف استثنائي لمدة سنة»، نافياً أن تكون هناك تباينات بين الكتل النيابية حول إقراره،، لافتاً إلى أن معظم الانتقادات كانت حول التأخر بإقراره عندما كانت الكتلة النقدية في لبنان أكبر والتحويلات أقل.
وتصاعدت الاتهامات في الفترة الماضية للمصارف بإجراء تحاويل مالية إلى الخارج في بلد تتناقص فيه احتياطاته من العملة الصعبة، ويعاني عجزاً في ميزان المدفوعات بالنظر إلى أن 80 في المائة من احتياجاته يستوردها بالعملة الصعبة. وخرج نقاش بين اللبنانيين حول التحاويل ما إذا كانت مخالفة للقانون في ظل عدم صدور قانون تقييد للتحاويل (كابيتال كونترول)، وسط معلومات نيابية عن «استنسابية» في التحاويل، ما يعني «التمييز بين المواطنين»، بحسب ما يقول خواجة الذي يرى أن التمييز يضع القائمين به «في موضع الشبهة القانونية»، رغم أن التحاويل بحد ذاتها لم يكن يترتب عليها جرم جزائي بغياب قانون «الكابيتال كونترول».
وظهر أن هناك تقارباً بين تعاميم مصرف لبنان وصيغة القانون الأخيرة، رغم أن القانون تتم مناقشته منذ أشهر في اللجنة، لجهة مراعاة ظروف بعض المواطنين والطلاب الجامعيين الذين يتلقون تعليمهم في الخارج، مع الحفاظ على الكتلة النقدية ريثما تتغير الأمور وتستأنف عجلة الاقتصاد دورانها. وقالت مصادر مصرفية لبنانية إن القانون «يبرز ضيقاً في التباين بين تعاميم مصرف لبنان ولجنة المال والموازنة»، مشددة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن القانون «ينسجم مع مطالب صندوق النقد الدولي الذي اقترح عدم السماح بتحويلات إلى الخارج إلا للضرورات القصوى».
في غضون ذلك، أكد وزير المال السابق النائب علي حسن خليل «أن موقفنا كان واضحاً وهو تأييد الوصول إلى قانون ينظم عملية التحويل إلى الخارج ويحددها وفق القانون وفي نفس الوقت يسمح بتغطية السحوبات للمودعين». ورأى أن «كل هذه القوانين وكل الذي يجري اليوم لا يمكن أن يؤدي إلى الغاية المرجوة منه من دون أن يكون هناك إطلاق لمسألة تشكيل الحكومة الجديدة التي تشكل نقطة وقاعدة الارتكاز للمشروع الإصلاحي الكامل المطلوب منها في المرحلة المقبلة»، معتبراً أن «كل ما يجري هو أعمال جزئية لن تؤدي إلى الغاية المرجوة منها وهي بداية عملية التلميح لأوضاعنا الاقتصادية والمالية والنقدية».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.