جولة ثانية من الحوار الأميركي ـ الكوبي تركز على إعادة السفارتين

التطبيع الدبلوماسي قد يتم في الربيع.. وهافانا مصممة على طلب شطبها من قائمة «الدول الراعية للإرهاب»

الوفد الكوبي برئاسة جوزفينا فيدال (الرابعة يمين) يجلس قبالة نظيره الأميركي برئاسة روبرتا جاكوبسون (الثالثة يسار) في مقر الخارجية الأميركية بواشنطن أمس (رويترز)
الوفد الكوبي برئاسة جوزفينا فيدال (الرابعة يمين) يجلس قبالة نظيره الأميركي برئاسة روبرتا جاكوبسون (الثالثة يسار) في مقر الخارجية الأميركية بواشنطن أمس (رويترز)
TT

جولة ثانية من الحوار الأميركي ـ الكوبي تركز على إعادة السفارتين

الوفد الكوبي برئاسة جوزفينا فيدال (الرابعة يمين) يجلس قبالة نظيره الأميركي برئاسة روبرتا جاكوبسون (الثالثة يسار) في مقر الخارجية الأميركية بواشنطن أمس (رويترز)
الوفد الكوبي برئاسة جوزفينا فيدال (الرابعة يمين) يجلس قبالة نظيره الأميركي برئاسة روبرتا جاكوبسون (الثالثة يسار) في مقر الخارجية الأميركية بواشنطن أمس (رويترز)

استأنفت الولايات المتحدة وكوبا أمس حوارهما التاريخي في جولة ثانية من المباحثات الهادفة إلى إعادة العلاقات الدبلوماسية وتطبيع كامل ينهي نصف قرن من النزاع. والتقت وفود الحكومتين صباح أمس في مقر الخارجية الأميركية بعد جولة أولى من المحادثات في هافانا في أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي إثر الإعلان المفاجئ في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2014 للرئيسين راؤول كاسترو وباراك أوباما عن انفراج بين البلدين.
وجلست مساعدة وزير الخارجية لشؤون أميركا اللاتينية روبرتا جاكوبسون قبالة مديرة قسم الولايات المتحدة في الخارجية الكوبية جوزفينا فيدال وسط أعضاء الوفدين، فيما كان منتظرًا عقد مؤتمر صحافي في وقت لاحق أمس. ويتمثل الهدف من وراء هذه الجولة في إعادة فتح السفارتين، ربما في الربيع، في عاصمتي البلدين وتعيين سفيرين. والعلاقات الدبلوماسية مقطوعة بين البلدين منذ 1961 لكنهما يقيمان منذ 1977 مكتبين لرعاية المصالح هما بمثابة بعثتين دبلوماسيتين.
وقال مسؤول في الخارجية الأميركية «سيكون رئيسانا (كاسترو وأوباما) ووزير خارجيتنا (جون كيري) سعداء إذا تمكنا من تسوية كل الأمور بحلول قمة الأميركتين» في 10 و11 أبريل (نيسان) المقبل في بنما.
ومن المقرر أن يشارك كاسترو وأوباما في هذه القمة التي تشكل مناسبة للقاء محتمل سيكون تاريخيًا ولإعادة فتح السفارتين. وإذا كان تبادل السفراء أمرًا ممكنا فإن التطبيع الكامل يبدو أكثر تعقيدًا. فبعد أكثر من خمسين عاما من العداء، باتت نقاط الخلاف كثيرة بين البلدين بدءا بالحظر التجاري والمالي الذي تفرضه واشنطن على كوبا منذ 1962. وتطالب كوبا برفع الحظر وأوباما يؤيد ذلك وطلب من الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون، العمل على ذلك لأنه المؤسسة الوحيدة التي تملك الصلاحية الدستورية للقيام بهذا الأمر. ويدعو نواب جمهوريون وديمقراطيون أيضًا إلى إنهاء الحظر لكن الكثيرين في المعسكرين يعارضون الأمر وينددون خصوصًا بكون عملية التطبيع تتم من دون حوار مسبق مع نظام كوبا حول حقوق الإنسان والقمع السياسي.
ورد المتحدث باسم البيت الأبيض جوش ارنست «أنها استراتيجية جديدة نعتمدها». وأكد مجددا أن «الاستراتيجيات السابقة المتبعة خلال أكثر من خمسين عاما والقاضية بعزل كوبا للضغط عليها حتى تغير طريقة تعاملها مع مواطنيها» كانت لها «نتائج متواضعة جدًا». وخففت الإدارة الأميركية في الأسابيع الأخيرة بعض قيود الحظر المفروضة على القطاع الكوبي الخاص وقطاع الاتصالات، لكن القسم الأساسي لا يزال قائما.
وتطالب هافانا أيضًا، قبل إعادة فتح السفارة، بشطب اسمها عن لائحة الخارجية الأميركية للدول «الداعمة للإرهاب». وكوبا مدرجة منذ 1982 مع إيران وسوريا والسودان ضمن هذه اللائحة. وقال أوباما في 17 ديسمبر (كانون الأول) بأنه دفع للمضي قدما في هذا الملف. وقال الدبلوماسي الكوبي غوستافو ماشين بأنه سيكون هناك نوع من «التناقض» في تطبيع العلاقات بشكل كامل مع واشنطن مع إبقاء كوبا على اللائحة السوداء. لكن الدبلوماسية الأميركية ترفض هذا المنطق. وقال المسؤول في الخارجية الأميركية محذرا «ستكون إعادة العلاقات الدبلوماسية أسهل بكثير إذا فصلوا (الكوبيون) بين الأمرين».
وقبيل المباحثات الرسمية الأولى بين البلدين نهاية يناير، أفرجت هافانا عن 53 منشقا بموجب لائحة وضعتها الحكومة الأميركية. وبحسب دبلوماسيين أميركيين، فإن مباحثات أمس التي ركزت على العلاقات الدبلوماسية، يمكن أيضًا أن تتيح تحديد تاريخ لأول لقاء رسمي محتمل حول حقوق الإنسان. وفي الواقع، فإن عملية التطبيع التاريخية بين كوبا والولايات المتحدة بدأت في سرية تامة قبل نحو عامين ضمن مفاوضات سرية جرت من ربيع 2013 إلى خريف 2014 برعاية الفاتيكان وكندا.



ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
TT

ما دلالة تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً»؟

محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)
محاكمة عناصر من «الإخوان» في القاهرة يوليو 2018 (أ.ف.ب)

دفع تصنيف باراغواي «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً» إلى تساؤلات حول تأثير القرار على مستقبل التنظيم وعناصره. يأتي هذا في ظل تصاعد الصراع بين «قيادات (الإخوان) في الخارج» حول قيادة التنظيم. وقال باحثون في الحركات المتطرفة والإرهاب إن «قرار باراغواي أشار إلى ارتباط (الإخوان) بـ(تنظيمات الإرهاب)، وقد يدفع القرار دولاً أخرى إلى أن تتخذ قرارات مماثلة ضد التنظيم».
ووافقت اللجنة الدائمة بكونغرس باراغواي على «اعتبار (الإخوان) (تنظيماً إرهابياً) يهدد الأمن والاستقرار الدوليين، ويشكل انتهاكاً خطيراً لمقاصد ومبادئ الأمم المتحدة». جاء ذلك في مشروع قرار تقدمت به ليليان سامانيغو، رئيسة لجنة الشؤون الخارجية بالكونغرس المكوّن من 45 عضواً. وقال البرلمان في بيان نشره عبر موقعه الإلكتروني (مساء الخميس) إن «تنظيم (الإخوان) الذي تأسس في مصر عام 1928، يقدم المساعدة الآيديولوجية لمن يستخدم (العنف) ويهدد الاستقرار والأمن في كل من الشرق والغرب». وأضاف البيان أن «باراغواي ترفض رفضاً قاطعاً جميع الأعمال والأساليب والممارسات (الإرهابية)».
ووفق تقارير محلية في باراغواي، فإن باراغواي رأت في وقت سابق أن «(حزب الله)، و(القاعدة)، و(داعش) وغيرها، منظمات (إرهابية)، في إطار مشاركتها في الحرب على (الإرهاب)». وقالت التقارير إن «تصنيف (الإخوان) من شأنه أن يحدّ من قدرة هذه الجماعات على التخطيط لهجمات (إرهابية) وزعزعة استقرار الدول». كما تحدثت التقارير عن دول أخرى أقرت خطوات مماثلة ضد «الإخوان» من بينها، روسيا، والمملكة العربية السعودية، ومصر، والإمارات، والبحرين.
وتصنف دول عربية عدة «الإخوان» تنظيماً «إرهابياً». وعدّت هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية التنظيم «جماعة إرهابية منحرفة» لا تمثل منهج الإسلام. وذكرت الهيئة في بيان لها، نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2020، أن «(الإخوان) جماعة إرهابية لا تمثل منهج الإسلام وإنما تتبع أهدافها الحزبية المخالفة لهدي ديننا الحنيف، وتتستر بالدين وتمارس ما يخالفه من الفُرقة، وإثارة الفتنة، والعنف، والإرهاب». وحذّرت حينها من «الانتماء إلى (الإخوان) أو التعاطف مع التنظيم».
كذلك أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي أن كل مجموعة أو تنظيم يسعى للفتنة أو يمارس العنف أو يحرّض عليه، هو تنظيم إرهابي مهما كان اسمه أو دعوته، معتبراً «(الإخوان) تنظيماً (إرهابياً)».
وتحظر الحكومة المصرية «الإخوان» منذ عام 2014، وقد عدّته «تنظيماً إرهابياً». ويخضع مئات من قادة وأنصار التنظيم حالياً، وعلى رأسهم المرشد العام محمد بديع، لمحاكمات في قضايا يتعلق معظمها بـ«التحريض على العنف»، صدرت في بعضها أحكام بالإعدام، والسجن «المشدد والمؤبد».
وحسب الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، منير أديب، فإن «تصنيف باراغواي (الإخوان) يؤكد الاتهامات التي توجَّه إلى التنظيم، بأن تنظيمات العنف خرجت من رحم (الإخوان)، أو أنها نهلت من أفكار التنظيم»، لافتاً إلى أن «قرار باراغواي أشار إلى أن (الإخوان) وفّر الحماية لتنظيمات التطرف التي نشأت في الشرق والغرب». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار بعض الدول العربية في وقت سابق حظر (الإخوان) يعود إلى أمرين؛ الأول أن التنظيم مارس العنف، والآخر أن التنظيم وفّر الحماية لجماعات الإرهاب».
وفي وقت سابق أكدت وزارة الأوقاف المصرية «حُرمة الانضمام لـ(الإخوان)»، مشيرةً إلى أن التنظيم يمثل «الخطر الأكبر على الأمن القومي العربي». وفي فبراير (شباط) 2022 قالت دار الإفتاء المصرية إن «جميع الجماعات الإرهابية خرجت من عباءة (الإخوان)». وفي مايو (أيار) الماضي، قام مفتي مصر شوقي علام، بتوزيع تقرير «موثق» باللغة الإنجليزية على أعضاء البرلمان البريطاني يكشف منهج «الإخوان» منذ نشأة التنظيم وارتباطه بـ«التنظيمات الإرهابية». وقدم التقرير كثيراً من الأدلة على علاقة «الإخوان» بـ«داعش» و«القاعدة»، وانضمام عدد كبير من أعضاء «الإخوان» لصفوف «داعش» عقب عزل محمد مرسي عن السلطة في مصر عام 2013، كما لفت إلى أذرع «الإخوان» من الحركات المسلحة مثل «لواء الثورة» و«حسم».
وحول تأثير قرار تصنيف باراغواي «الإخوان» على «قيادات التنظيم في الخارج»، أكد الباحث المصري المتخصص في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن «قرار باراغواي سوف يؤثر بالقطع على عناصر التنظيم في الخارج، لأن التنظيم يزعم أنه ينتشر في دول كثيرة حول العالم، ومثل هذا القرار يؤثر على عناصر (الإخوان) الموجودة في باراغواي وفي الدول المجاورة لها، كما أن القرار قد يدفع دولاً أخرى إلى اتخاذ قرار مماثل ضد (الإخوان)».
يأتي قرار باراغواي في وقت يتواصل الصراع بين «قيادات الإخوان في الخارج» حول منصب القائم بأعمال مرشد التنظيم. ويرى مراقبون أن «محاولات الصلح بين جبهتي (لندن) و(إسطنبول) لحسم الخلافات لم تنجح لعدم وجود توافق حول ملامح مستقبل التنظيم». والصراع بين جبهتي «لندن» و«إسطنبول» على منصب القائم بأعمال المرشد، سبقته خلافات كثيرة خلال الأشهر الماضية، عقب قيام إبراهيم منير، القائم بأعمال مرشد «الإخوان» السابق، بحلّ المكتب الإداري لشؤون التنظيم في تركيا، وقيامه بتشكيل «هيئة عليا» بديلة عن «مكتب إرشاد الإخوان». وتبع ذلك تشكيل «جبهة لندن»، «مجلس شورى» جديداً، وإعفاء أعضاء «مجلس شورى إسطنبول» الستة، ومحمود حسين (الذي يقود «جبهة إسطنبول»)، من مناصبهم.