غريفيث في مسعى أخير لإقناع الحوثيين بخطته قبل مغادرة «الملف اليمني»

بعد قطيعة مع قادة الجماعة في صنعاء دامت 14 شهراً

غريفيث والمبعوث الأميركي في الأردن مطلع مايو الحالي (مكتب المبعوث الأممي لليمن)
غريفيث والمبعوث الأميركي في الأردن مطلع مايو الحالي (مكتب المبعوث الأممي لليمن)
TT

غريفيث في مسعى أخير لإقناع الحوثيين بخطته قبل مغادرة «الملف اليمني»

غريفيث والمبعوث الأميركي في الأردن مطلع مايو الحالي (مكتب المبعوث الأممي لليمن)
غريفيث والمبعوث الأميركي في الأردن مطلع مايو الحالي (مكتب المبعوث الأممي لليمن)

وصل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث أمس (الأحد) إلى صنعاء المحتلة بعد نحو 14 شهراً من القطيعة مع قادة الجماعة الحوثية، وذلك في مسعى قد يكون هو الأخير له لإقناع الجماعة بخطته الممهدة لإحلال السلام قبل مغادرته للملف اليمني إلى منصبه الجديد في الأمم المتحدة.
وفي حين اكتفت وسائل إعلام الجماعة المدعومة من إيران بإيراد نبأ وصوله إلى مطار صنعاء بشكل مقتضب كان المبعوث الأممي أنهى جولة جديدة شملت العاصمة السعودية الرياض والعاصمة العمانية مسقط في سياق المساعي لدى الأطراف اليمنية والإقليمية للموافقة على خطته التي تشمل وقفاً لإطلاق النار وتدابير إنسانية واقتصادية، قبل الشروع في مفاوضات الحل النهائي بين الشرعية والجماعة الانقلابية.
وسبق أن رفض ممثلو الجماعة ومفاوضوها المقيمون في مسقط لقاء غريفيث، غير أن تغيرات طرأت من بينها الضغوط الأميركية والنصائح الإيرانية والتحفيز العماني يرجح أنها دفعتهم للموافقة على لقائه الخميس الماضي لاستكمال النقاش حول خطته.
وتسود تكهنات في الأوساط السياسية اليمنية أن الجماعة متمسكة بالحصول على مكاسب تحت لافتة البنود الإنسانية والاقتصادية في خطة غريفيث بعيداً عن الموافقة على وقف شامل لإطلاق النار أو التوقف عن مهاجمة مأرب.
كما يرجح سياسيون تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أن مفاوضي الجماعة في مسقط بقيادة متحدث الميليشيات محمد عبد السلام فليتة، أحالوا حسم المحادثات مع غريفيث إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي، ما دفع المبعوث إلى هذه الزيارة التي قد تكون هي الأخيرة إلى صنعاء قبل تركه مهمته إلى منصبه وكيلاً للأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية.
وكان غريفيث أفاد في بيان بأنه التقى في زيارته الأخيرة إلى مسقط كبار المسؤولين العمانيين ومتحدث الميليشيات محمد عبد السلام فليتة وكبير مفاوضيها، وأنه ناقش «خطة الأمم المتحدة لفتح مطار صنعاء ورفع القيود عن موانئ الحديدة لتعزيز حرية حركة الأفراد والسلع من وإلى اليمن، والتوصّل إلى وقف لإطلاق النار على مستوى البلاد، والتزام الأطراف بإعادة إطلاق عملية سياسية لإنهاء النزاع». وهي في مجملها عناوين الخطة التي كان يعمل عليها منذ أكثر من عام دون التوصل إلى أي نتيجة حاسمة.
وقال غريفيث إن اجتماعاته الأخيرة «تظهر بالإضافة إلى الدعم الدولي والإقليمي المستمرين، أنه لا يزال بإمكان الأطراف اغتنام هذه الفرصة وإحراز تقدّم نحو حلّ للنزاع».
متحدث الميليشيات بدوره اكتفى في تغريدة على «تويتر» بأنه ناقش مع المبعوث الأممي «الاتفاق الإنساني والعمل على تسريعه نظراً للوضع الإنساني(...) وبما يُمهد للدخول في نقاشات أوسع لوقف إطلاق نار دائم وتسوية سياسية شاملة».
ومن غير المعروف ما إذا كان غريفيث سينجح في تتويج جهود الثلاث سنوات بانتزاع موافقة الجماعة على خطته، خصوصاً أنها ترهن وقف إطلاق النار الشامل، برفع القيود عن مطار صنعاء وموانئ الحديدة بما يضمن لها تعزيز مواردها المالية وسهولة تنقل قادتها وعناصرها خارجياً.
من جهتها كانت الحكومة الشرعية أكدت على لسان وزير الخارجية أحمد عوض بن مبارك «أن وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب هو أهم خطوة إنسانية سيترتب عليها معالجة جميع القضايا الإنسانية الأخرى، وأن ميليشيا الحوثي في تسييسها للقضايا الإنسانية وخلق الأزمات تتسبب في تعميق حجم الكارثة دون اكتراث للنتائج الوخيمة على الشعب اليمني».
وبحسب ما يرجحه مراقبون للحال اليمنية، فإن موافقة الميليشيات الحوثية أخيراً على لقاء غريفيث والسماح له بزيارة صنعاء، يأتيان في سياق مراوغاتها المستمرة للتهرب من أي اتفاق، خصوصاً وقد تأكد لها أن غريفيث يقضي أيامه الأخيرة في الملف اليمني، ولا تريد له أن يغادره بشهادة أخيرة تصمها بالتهرب من مساعي السلام.
وفي تقدير المراقبين، كانت الميليشيات المدعومة من إيران تطمح ولا تزال لتحقيق إنجاز عسكري بالسيطرة على محافظة مأرب النفطية حيث أهم معاقل الشرعية، للدخول في أي مشاورات بأوراق قوة جديدة على الأرض، وهو الأمر الذي فشلت في إنجازه، كما أنه الأمر ذاته الذي يمنعها حتى الآن من القبول بخطة المبعوث الأممي، التي تحتوي ضمناً في خطوطها العريضة على ما احتوته المبادرة السعودية الأخيرة.
وفي حين لم تتضح بعد ما هي الأدوات التي سيستخدمها المجتمع الدولي والإدارة الأميركية تحديداً للضغط على الجماعة الانقلابية، للقبول بالسلام بخلاف معاقبة بعض قادة الجماعة أو السعي لإعادة تصنيفها على لوائح الإرهاب، يرجح الكثير من المراقبين للشأن اليمني أن السبيل الأمثل لإرغامها على السلام لن يتسنى إلا بكسرها عسكرياً وتجفيف إمدادات الأسلحة والدعم الإيراني.
وكانت واشنطن أعلنت أخيراً فرض عقوبات على اثنين من قادة الجماعة لمسؤوليتهما عن استمرار الهجوم على مأرب وهي العقوبات التي تشكل معنى رمزياً، لكنها قد تدفع الإدارة الأميركية، وفق المراقبين، إلى ما هو أبعد من ذلك إذا استمر تعنت الميليشيات، وفي مقدمة ذلك إعادتها إلى لوائح الجماعات الإرهابية، وتجفيف مواردها المالية.
ومع تلويح الحكومة الشرعية بـأنها لن تقبل بأي سلام مع الميليشيات لا يتوافق مع المرجعيات الثلاث وفي مقدمتها المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني والقرارات الأممية خصوصاً القرار 2216، تراهن في الوقت نفسه على الضغوط الدولية على الجماعة، بالتوازي مع سعيها لحشد المزيد من القوة على الأرض لصد الهجمات على المناطق المحررة، بما فيها مأرب.
يشار إلى أن قادة الجماعة كانوا صرحوا علناً بأنه لا طائل من وجود مبعوث أممي إلى اليمن وأن شرطهم لوقف القتال هو تسليم اليمن لإرادتهم وإلغاء القيود المفروضة على المنافذ الجوية والبحرية الخاضعة لهم، وتخلي تحالف دعم الشرعية عن الحكومة المعترف بها دولياً.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)
TT

الإمارات: «المركزي» يوقف شركة صرافة لانتهاكها قانون غسل الأموال ومكافحة الإرهاب

مصرف الإمارات المركزي (وام)
مصرف الإمارات المركزي (وام)

قرر مصرف الإمارات المركزي تعليق نشاط تحويل الأموال لشركة «الرازوقي» للصرافة العاملة في الدولة، لمدة 3 سنوات، وذلك بسبب انتهاك قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

وبحسب بيان للمصرف المركزي، أرسل نسخة منه لـ«الشرق الأوسط» قال إنه تم إغلاق فرعين للشركة في منطقتي المرر وديرة بدبي، حيث اتُّخذت هذه الإجراءات الإدارية بموجب المادة 14 من قانون مواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب.

ووفقاً للبيان، فإن المصرف المركزي يعمل من خلال مهامه الرقابية والإشرافية، على ضمان التزام جميع شركات الصرافة ومالكيها وموظفيها، بالقوانين السارية في البلاد، والأنظمة والمعايير المعتمَدة من المصرف المركزي، مشيراً إلى أنه يهدف للحفاظ على شفافية ونزاهة النظام المالي للدولة.

وتنص المادة 14 من قانون غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب في الإمارات أنه يجب على جميع المرخص لهم الامتثال للمتطلبات القانونية والتنظيمية الحالية الخاصة بمواجهة غسل الأموال، ومكافحة تمويل الإرهاب المحددة من قِبل المصرف المركزي، والتصدي لمخاطر غسل الأموال، وتمويل الإرهاب من خلال التدابير الوقائية المناسبة لردع إساءة استخدام القطاع قناةً للأموال غير المشروعة، والكشف عن غسل الأموال، وأنشطة تمويل الإرهاب، وإبلاغ وحدة المعلومات المالية في المصرف المركزي عن أي معاملات مشبوهة.