وسط إقبال فاتر على الانتخابات، وجه المدعي العام في طهران إنذاراً إلى مرشحي الانتخابات الإيرانية من تخطي الخطوط الحمراء للنظام في الخطابات الانتخابية. وأقالت الحكومة الإيراني محافظ البنك المركزي، عبد الناصر همتي، الذي ينافس 6 مرشحين على خلافة الرئيس حسن روحاني، في وقت يدرس فيه التيار الإصلاحي إمكانية دعمه في الانتخابات الرئاسية.
وحذر المدعي العام في طهران، علي القاصي مهر، من تجاوز الخطوط الحمر للنظام في الانتخابات. وقال وفق ما نقلت عنه وكالة «ميزان أونلاين» الرسمية التابعة للسلطة القضائية إن المرشحين «يجب ألا يتجاوزوا الخطوط الحمراء للنظام في حملاتهم وخطاباتهم». وأضاف أنه على العكس «سنهتم بهم بحزم»، محذراً خصوصاً من شن أي هجوم على «سمعة» السلطة القضائية التي يُعد رئيسها المرشح إبراهيم رئيسي الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات، وأحد المرشحين المحتملين لخلافة المرشد الحالي.
ومن بين «الخطوط الحمراء» الأخرى التي لم يذكرها مدعي عام العاصمة، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية، التشكيك في مبدأ «الجمهورية الإسلامية»، أو مبدأ «ولاية الفقيه» الذي يمنح «المرشد» الإيراني صلاحيات واسعة ووصاية على السياسة.
واقتبس أمير حسين قاضي زاده هاشمي، مرشح الرئاسة نائب رئيس البرلمان، من تصريحات «المرشد» حول مشكلة التجنيد، للرد على تحذير وجهه المتحدث باسم الأركان المسلحة، الجنرال أبو الفضل شكارجي، لمرشحي الرئاسية، بشأن إثارة النقاش حول التجنيد القسري، والانتقال إلى التجنيد الاحترافي. وكتب في «تويتر»: «قضية التجنيد قضية مطروحة، ومن القضايا المعقدة؛ يجب أن نفكر بأبعادها، وأن نتوصل لقرار صحيح».
وفي البرلمان، قال أبو الفضل عمودي، المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان، لوكالة «إيسنا» الحكومية إن «الأعداء يتابعون مشروع إغضاب الشعب في الانتخابات».
وقدم رئيس الشرطة، الجنرال حسين اشتري، وفريق مساعديه، تقريراً إلى اللجنة حول الإجراءات والتدابير للانتخابات الرئاسية. وقال عمودي إن قادة الشرطة «أكدوا استعدادهم لإقامة انتخابات هادئة آمنة»، مضيفاً أن قوات الشرطة لديها «سيطرة جيدة على التيارات المعارضة»، وأشار ضمناً إلى جماعة مجاهدي خلق، وجماعات وصفهم بـ«الفوضويين».
وحذر قائد الشرطة، أول من أمس، بمواجهة «المخالفين لقواعد الانتخابات»، ومن يحرضون الناس على المقاطعة، معتبراً أن ما قاله «المرشد» الإيراني، عبر خطاب متلفز مع نواب البرلمان الخميس الماضي، قد «أوضح واجبات الجميع»، مضيفاً أن الشرطة والجهاز القضائي «سيلاحقان المخالفين وفقاً للقانون».
وكان الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد أبرز المسؤولين الإيرانيين الذين دعوا إلى مقاطعة الانتخابات، وانضم إليه بعض وجوه التيار الإصلاحي، مثل الناشط مصطفي تاج زاده والمنظر الإصلاحي سعيد حجاريان، إضافة إلى التيارات المعارضة للنظام التي بدأت حملة عبر شبكات التواصل الاجتماعي لحض الإيرانيين على الابتعاد عن صناديق الاقتراع.
ومن جهة ثانية، وصف حسين طيبي فر، نائب ممثل «المرشد» الإيراني في «الحرس الثوري»، الانتخابات الرئاسية بـ«المصيرية»، مضيفاً أنها «دخول إلى التغيير» و«إعادة ترتيب للبيت الداخلي».
وقارن المسؤول في «الحرس» ضمناً بين الأوضاع الحالية والسنوات الثلاث الأولى بعد ثورة 1979، وبداية الحرب الإيرانية - العراقية في 1980. ونقلت أسبوعية «صبح صادق»، التابعة لـ«الحرس الثوري»، عن طيبي فر قوله: «لقد واجهنا عدة محاولات انقلابية في بداية الثورة». وأشار إلى عزل أول رئيس إيراني منتخب، أبو الحسن بني صدر، من منصب الرئاسة بأمر المرشد الأول (الخميني). وقال إن «التغيير وعزل عنصر غير مرغوب فيه، وتولي قيادات شابة من الحرس والجيش شؤون الحرب، السبب الأساسي في الانتصارات بعد بني صدر؛ هذه الانتخابات يمكنها أن تكون سبباً في استمرار انتصارات الثورة والبلاد».
ويتوقع ألا يكون للانتخابات أثر يذكر على المسار السياسي والدبلوماسي، إذ إن الرؤساء المنتخبين يديرون الشؤون اليومية للبلاد فحسب، بينما يدير «المرشد» علي خامنئي القضاء وقوات الأمن والإعلام ومؤسسات تسيطر على جانب كبير من الاقتصاد، حسب «رويترز».
أحمدي نجاد يثير الجدل
واصل الرئيس الإيراني السابق عضو مجلس تشخيص مصلحة النظام، محمود أحمدي نجاد، إثارة الجدل في البلاد، بعد أيام قليلة من رفض طلبه للترشح للرئاسة. وفي أحدث موقف، تناقلت المواقع الإيرانية أمس، أجزاء من مقابلة تبث عبر موقع على الأنترنت، وتعود إلى أسبوع قبل إغلاق باب الترشح بوجهه من قبل «صيانة الدستور».
ووجه أحمدي نجاد لوماً إلى الأجهزة الأمنية بسبب وضعه تحت الرقابة الأمنية والتنصت عليه، مقابل إهمال الوضع الأمني في البلاد، وما تعرضت له منشأة نطنز، وتعرض الأرشيف النووي الإيراني، إضافة إلى وثائق مركز الفضاء الإيراني، للسرقة.
وهذه المرة الأولى التي يكشف فيها مسؤول رفيع عن سرقة وثائق مركز الفضاء الإيراني، مشيراً إلى أن العملية جرت بعد ثقب سقف المركز، دون أن يشير إلى الجهة المسؤولة عن العملية أو طبيعة الوثائق المسروقة من المركز.
ومنتصف الشهر الماضي، أكد أمين عام مجلس تشخيص مصلحة النظام، محسن رضايي، صحة وقوع وثائق نووية إيرانية بيد جهاز الموساد، في عملية كشف تفاصيل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أبريل (نيسان) 2018، قبل أيام قليلة من توقيع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب على مرسوم الانسحاب من الاتفاق النووي.
وفي 11 أبريل (نيسان) الماضي، ألحق انفجار أضراراً جسمية بأجهزة الطرد المركزي ودائرة توزيع الكهرباء في منشأة نطنز. ووجهت إيران أصابع الاتهام إلى إسرائيل. وهو الانفجار الثاني بعد انفجار يوليو (تموز) الماضي الذي لم توجه فيه إيران أصابع الاتهام الصريحة لأي طرف. وقال أحمدي نجاد إن خسائر الانفجار الأخيرة في منشأة نطنز «كلفت 10 مليارات دولار».
التيار الإصلاحي يدرس خيارات جدية
أعلنت الحكومة الإيرانية، أمس، رسمياً، إنهاء خدمات عبد الناصر همتي في منصب رئيس البنك المركزي، نظراً لدخوله الانتخابات الرئاسية، بحسب مواقع رسمية إيرانية.
وجاء الإعلان الرسمي بعد ساعات من تضارب المعلومات عن إقالة همتي، وسط صمت من الحكومة. وذكرت وكالة تابعة للتلفزيون الإيراني إن الحكومة اختارت حميد بور محمد، نائب محمد رضا نوبخت، رئيس منظمة التخطيط والميزانية، لكن وكالة «فارس» نفت ذلك.
وبدورها، نقلت وكالة «رويترز» عن وكالة «تسنيم» التابعة لـ«الحرس الثوري» أن الرئيس الإيراني حسن روحاني أقال همتي الذي يخوض انتخابات الرئاسة في يونيو (حزيران) المقبل.
ويأتي ذلك غداة خطاب لهمتي عبر تطبيق «كلوب هاوس»، قال فيه إن الرئيس حسن روحاني أبلغه بأنه لا يستطيع الاستمرار في منصبه، في حال قرر الاستمرار في خوض الانتخابات الرئاسية «لأن ذاك يؤثر على السياسة النقدية وسياسة سعر الصرف»، حسب ما أوردته رويترز.
وعقدت الحكومة الإيرانية، أمس، اجتماعها الاقتصادي الأسبوعي من دون حضور همتي. ونقلت وكالات رسمية أن أكبر كميجاني، نائب همتي، حضر الاجتماع، وهو ما عزز تكهنات باحتمال تعيينه في منصب رئيس البنك المركزي.
ورداً على تضارب الأنباء عن إقالته، نفى همتي تقديم استقالته من منصبه، مؤكداً في الوقت نفسه نقل صلاحياته لنائبه، وقال إنه رئيساً للبنك المركزي إلى أن يتخذ الرئيس روحاني القرار، وأكد للصحافيين: «أنا من اختاره وكيلاً للبنك المركزي»، لافتاً إلى أنه «يتمتع بصلاحيات رئيسه، لكن إذا كان للرئيس قرار آخر، فهو صاحب الاختيار، وأنا أرحب به»، حسب ما نقلت وكالة «إرنا».
ونقلت مواقع أخرى عن همتي قوله: «إن الأنشطة الانتخابية لا تأثير لها، لكن أنت صاحب القرار، ولن أعترض على قرارك». مشيراً إلى أن الحكومة بدأت مشاورات مع خبراء اقتصاديين لانتخاب بديل له.
وأشار همتي إلى أنه «في زمن التنافس الانتخابي بسبب الفرصة القليلة للنظر في القضايا البنكية، نقلت صلاحياتي للسيد كميجاني». وبعد إقالته رسمياً، أكدت وكالة «إرنا» تعيين كميجاني في منصب محافظ البنك المركزي.
واختار همتي ولي الله فاطمي، عضو الهيئة الإدارة للبنك الوطني (ملي)، رئيساً لحملته الانتخابية، بينما يحاول كسب ثقة الأحزاب الإصلاحية في الانتخابات، وسط انقسام يشهده التيار الإصلاحي حول المشاركة من عدمها، بعدما أعلنت جبهة الإصلاحيات رسمياً أنها لن تخوض الانتخابات بسبب رفض أهلية 9 من مرشحيها إلى الرئاسة.
ويتنافس همتي في التقارب من الإصلاحيين مع المرشح محسن مهر علي زاده، نائب الرئيس الإيراني الأسبق محمد خاتمي في شؤون الرياضة، الذي يميل فصيل الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني إلى دعمه.
وأصبح تحالف مهر علي زاده وفصيل هاشمي رفسنجاني قاب قوسين أو أدنى، بعدما اختار محمد علي حق شناس، عضو مجلس بلدية طهران، رئيساً لحملته الانتخابية. وكان حق شناس من بين المرشحين المرفوضين من قبل مجلس «صيانة الدستور».
لكن محمود علي زاده، عضو اللجنة المركزية في حزب (كاركزاران)، فصيل هاشمي رفسنجاني، قال أمس إن الحزب يجري مشاورات مع «جبهة الإصلاحيين» لدعم همتي، بسبب «تجاربه الناجحة»، وفقاً لوكالة «إرنا».
ورجح علي زاده أن يحظى قرار جبهة الإصلاحات بدعم محمد خاتمي، لكنه قال: «همتي لم يشاورنا لدى ترشحه للانتخابات، ولم نتحدث إليه، لكن إذا قرر الإصلاحيون دعمه سنتبع القرار».
مدعي عام طهران يحذر مرشحي الرئاسة من تجاوز «الخطوط الحمر»
إقالة همتي من «البنك المركزي» والإصلاحيون يدرسون دعمه... وأحمدي نجاد يكشف سرقة وثائق وكالة الفضاء
مدعي عام طهران يحذر مرشحي الرئاسة من تجاوز «الخطوط الحمر»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة