اليمن يتمسك بحل متكامل ينهي الانقلاب

تصعيد للحوثيين في مأرب... والشرعية تؤكد مقتل «خبير» من «حزب الله»

مقاتلون من الشرعية على إحدى جبهات مأرب (إ.ب.أ)
مقاتلون من الشرعية على إحدى جبهات مأرب (إ.ب.أ)
TT

اليمن يتمسك بحل متكامل ينهي الانقلاب

مقاتلون من الشرعية على إحدى جبهات مأرب (إ.ب.أ)
مقاتلون من الشرعية على إحدى جبهات مأرب (إ.ب.أ)

جددت الحكومة اليمنية، أمس (الثلاثاء)، تمسكها بحل متكامل ينهي الانقلاب الحوثي على الشرعية، رافضة تجزئة ملفات الأزمة، كما نددت بالتدخلات الإيرانية التي قالت إنها سبب في إطالة أمد الحرب ومضاعفة معاناة اليمنيين وزعزعة أمن المنطقة والعالم.
التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الخارجية وشؤون المغتربين أحمد عوض بن مبارك خلال زيارته لروسيا، رافقها تأكيد الحكومة مقتل قيادي في «حزب الله» اللبناني في محافظة مأرب، وقالت إنه كان يقاتل إلى جوار الحوثيين الذين يشنون هجمات متواصلة على المحافظة النفطية أملاً في السيطرة عليها.
وذكرت المصادر الرسمية أن الوزير بن مبارك تطرق أثناء ندوة أقامها معهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية إلى جهود إحلال السلام في اليمن وتعامل الحكومة الإيجابي مع المبادرات كافة التي طرحت لإنهاء الحرب وتحقيق السلام، وآخرها المبادرة السعودية وجهود المبعوثين الأميركي والأممي.
ونقلت وكالة «سبأ» اليمنية الرسمية أن وزير الخارجية «استعرض في حديثه جذور المشكلة السياسية في اليمن وخطر توجهات الاستئثار بالسلطة والثروة، مشدداً على أن الصيغة المقبولة للحل تكمن في يمن واحد يتساوى فيه جميع اليمنيين من خلال عقد اجتماعي جديد وفقاً لمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل».
وفي حين رفض بن مبارك ما وصفه بـ«مشروعات التجزئة وتشكيل الميليشيات بعيداً عن مشروع الدولة الوطنية الجامع»، قال إن ذلك «لن ينتج سوى مزيد من الصراعات التدميرية في بلاده، فضلاً عن أن آثاره ستمتد إلى أمن واستقرار المنطقة والعالم».
وأشار إلى «أهمية الاستفادة من الأخطاء التي رافقت اتفاق ستوكهولم ومعالجة مكامن القصور ومواطن الخلل التي حدثت خلال الفترة السابقة»، مؤكداً أن «التعامل الأمثل مع القضية اليمنية يستلزم عدم تجزئة القضايا ووضع حزمة شاملة لسلام دائم وشامل، قائم على أسس ومرجعيات ثابتة».
وبخصوص سياسات الحوثيين في خلق الأزمات الإنسانية؛ خصوصاً في الوقود بهدف تحقيق مكاسب سياسية والحصول على أموال لتمويل حربهم على اليمنيين، أشار بن مبارك إلى التقارير الدولية التي تؤكد أن المستويات السنوية للنفط في المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الحوثيين لم تنخفض، وإلى بيانات الأمم المتحدة التي تؤكد استمرار تدفق الغذاء في اليمن وفقاً لآلية الأمم المتحدة للرقابة والتفتيش.
وتحدث عن الدور الإيراني في إطالة أمد الحرب في بلاده ووقوف طهران خلف المواقف المتشددة لميليشيا الحوثي الرامية إلى عرقلة جهود إحلال السلام، وقال إن «التدخلات الإيرانية في المنطقة العربية باتت سبباً رئيسياً لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة بشكل عام».
وبينما يرتقب أن يلتقي وزير الخارجية اليمني مسؤولين في موسكو، بينهم نظيره الروسي، كثّفت الميليشيات الحوثية من هجماتها على محافظة مأرب استمراراً للحملة البرية المستمرة منذ نحو 4 أشهر والقصف المتواصل بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وذكرت المصادر الرسمية أن 3 مدنيين على الأقل أصيبوا، الاثنين، في مديرية رغوان بالمحافظة، جراء شظايا طائرة مسيرة مفخخة أطلقتها ميليشيات الحوثي مستهدفة سوقاً شعبية في المنطقة.
وبحسب مصدر محلي في المحافظة، فقد استهدف القصف «سوق مرجز بقرية أسداس حيث مركز مديرية رغوان». ونددت الحكومة الشرعية بالهجوم الذي قالت إنه «امتداد لمسلسل استهداف الميليشيات الممنهج للأعيان المدنية وتعمدها الإيقاع بأكبر قدر من الضحايا بين المدنيين، والذي يرقى لمرتبة جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، ويمثل انتهاكاً صارخاً للقوانين والمواثيق الدولية».
في سياق متصل، أكدت الحكومة الشرعية الأنباء التي وردت عن مقتل قيادي من «حزب الله» اللبناني في مأرب كان يقاتل إلى جوار الحوثيين. وقال وزير الإعلام معمر الإرياني في تصريحات رسمية، أمس، إن مقتل القيادي الذي يدعى مصطفى الغراوي وهو أحد قيادات الجناح العسكري لميليشيا «حزب الله» اللبناني إثر غارة جوية لتحالف دعم الشرعية على مواقع الميليشيات في جبهة صرواح بمحافظة مأرب «يعكس حجم ومستوى الانخراط الإيراني في التصعيد العسكري الذي تشنه الميليشيا في مختلف جبهات المحافظة».
وأوضح أن «هذا الانخراط الإيراني في معركة ‎مأرب، عبر نشر مئات الخبراء من (الحرس الثوري) و(حزب الله)، وقيادة العمليات العسكرية ميدانياً، وتهريب الأسلحة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، وتسخير الآلة السياسية والإعلامية، تأكيد لطبيعة المعركة باعتبارها امتداداً للمشروع التوسعي الإيراني في المنطقة».
وطالب المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن بـ«إصدار مواقف حازمة إزاء هذه التدخلات الإيرانية السافرة في الشأن اليمني، ووضع حد لدور طهران في تصعيد العمليات العسكرية وتقويض جهود التهدئة وإحلال السلام».
يُشار إلى أن المساعي الأممية والدولية لحل الأزمة في اليمن وصلت أخيراً إلى طريق شبه مسدودة لجهة تعنت الميليشيات الحوثية ورفضها لمقترحات المبعوث الأممي مارتن غريفيث وللمبادرات الإقليمية، مع تصعيدها عسكرياً في مأرب والساحل الغربي، في حين تعول الحكومة الشرعية على مزيد من الضغوط الدولية لإرغام الجماعة المدعومة من إيران على السلام.


مقالات ذات صلة

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.