الهجمات الإلكترونية المتزايدة في الغرب تسلط الضوء على مكامن الضعف

صورة رمزية للاكواد الرقمية في محاولات الاختراق(رويترز- ارشيفية)
صورة رمزية للاكواد الرقمية في محاولات الاختراق(رويترز- ارشيفية)
TT

الهجمات الإلكترونية المتزايدة في الغرب تسلط الضوء على مكامن الضعف

صورة رمزية للاكواد الرقمية في محاولات الاختراق(رويترز- ارشيفية)
صورة رمزية للاكواد الرقمية في محاولات الاختراق(رويترز- ارشيفية)

سلطت سلسلة من الهجمات الإلكترونية في الدول الغربية الضوء على مكامن الضعف لدى الشركات والهيئات الحكومية، وعلى الرهان الذي يشكله مجال يصعب التحكم به في العقود المقبلة.
أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن قبل فترة قصيرة مرسوما عاجلا يطلب من الإدارات تعزيز الأمن الرقمي بعد سلسلة من الهجمات المقلقة.
فإلى جانب عملية القرصنة التي استهدفت نهاية 2020 شركة سولارويندز لتصميم برمجيات الإدارة المعلوماتية، شهدت الولايات المتحدة الدولة الأولى عالميا في الفضاء الافتراضي قبل فترة قصيرة شللا تاما أصاب شركة «كولونيال بايبلاين» المشغلة لخطوط أنابيب رئيسية في البلاد، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
إلا أن الولايات المتحدة ليست الوحيدة المعرضة لهذه الهجمات. فالمملكة المتحدة تطالب بتحالف دولي ضد الهجمات الإلكترونية، متهمة روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية بالوقوف وراءها. ورأت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي أخيرا أن الهجمات التي تعرضت لها فرنسا زادت أربع مرات في غضون سنة.
لكن ما مرد هذا الضعف؟ تقول سوزان سبولدينغ من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن «لقد شهدنا عددا كافيا من الهجمات الإلكترونية لكي يدرك الجميع خطورة وأهمية» هذه المسألة.
وتضيف «لم تعط هذه المسألة أولوية كافية» مشيرة في الوقت نفسه إلى أنه من الصعب إقناع أصحاب القرار بضرورة الاستثمار لاتقاء تهديد محتمل. وتشير إلى مقولة باتت مستخدمة كثيرا في صفوف المحللين ومفادها «أن ثمة نوعين من الشركات في العالم: تلك التي تعرضت للقرصنة وتلك التي لم تدرك الأمر بعد».
في المقابل هذا الإدراك بات قويا في صفوف الجيوش. فقد استحدثت كل القوى العظمى قيادة للهجمات الإلكترونية. ويقول جوليان نوسيتي الباحث في معهد البحث الرقمي في جامعة باريس 8 «منذ العقد الأخير بات ذلك ضمن مجموعة الأدوات المتوافرة للجيوش وأجهزة الاستخبارات في إطار مواجهة ليست بالضرورة مفتوحة إلا أنها كامنة».
ويضيف «الفضاء الإلكتروني هو في آن عملي جدا وغامض جدا لأنه يسمح بإزالة الحدود نوعا ما بين العالم المدني والعالم العسكري وبين إطار الحرب وإطار السلم وبين الدول والمجموعات التي تشكل شبه دول والقطاع الخاص».
في العقد الأخير حصلت انعطافة في الإدراك الغربي مع التدخلات في الانتخابات الأميركية والهجوم في مقابل فدية نوتبيتيا الذي نسب إلى روسيا والبرمجية الخبيثة «واناكراي». ودفع ذلك الغربيين إلى تعزيز دفاعاتهم وتطوير أساليب الهجوم.
ويرى جوليان نوسيتي «تصنف أوروبا والولايات المتحدة أحيانا كثيرة على أنهما ضحية وأنهما الأخيار في هذه المسألة لكنهما لا تكتفيان بالدفاع. فثمة نقص في التحاليل حول عملياتنا» مشيرا إلى أن «الموضوع يعتبر من المحرمات نوعا ما بسبب الرابط الوثيق مع الاستخبارات».
ورغم إسراع الدول الغربية إلى توجيه أصابع الاتهام إلى المتشبه فيهم المعتادين أي موسكو وبكين وبيونغ يانغ وطهران، لا يمكن لأحد أن يملي دروسا على الآخر. فقد دخل الفضاء الإلكتروني إلى كل أجهزة الاستخبارات. ويقول مسؤول فرنسي رفيع المستوى طلب عدم الكشف عن اسمه «الأمر أشبه بالوضع الذي كان قائما في الغرب الأميركي: فلا أصدقاء لك فيه وكل الضربات مشروعة».
لكن، هل كل الضربات مسموح بها؟ السؤال مطروح. وفي هذا الإطار اجتمع فريق من الخبراء الحكوميين من 25 دولة مرات عدة في العقد الأخير في إطار الأمم المتحدة في محاولة لتحديد الخطوط الحمر.
يمارس الجميع التجسس. لكن سوزان سبولدينغ تؤكد وجود «نشاطات مسؤولة وأخرى غير مسؤولة». وتشير مساعدة وزير الأمن الداخلي الأميركية السابقة إلى روسيا موضحة «لا يمكن قطع التيار الكهربائي عن أوكرانيا في نهاية فصل الشتاء. هذا غير مقبول».
هذه المفاوضات متوقفة راهنا فيما لا يبشر ترجيح الميل الهجومي على الميل الدفاعي بالخير على صعيد التوازن العالمي.
يقول فاديم كوزيولين الباحث في الأكاديمية الدبلوماسية في موسكو لوكالة الصحافة الفرنسية «نعيش في منزل من زجاج. على جميع الدول أن تتذكر أننا جميعا مترابطون. فالنزاع المفتوح سيكون مدمرا ليس فقط للعدو بل للمهاجم أيضا»، آملا في أن يصبح المجال الإلكتروني سلاح ردع فقط.
أما آدم سيغال مدير البرنامج الرقمي والفضاء الإلكتروني في مجلس العلاقات الخارجية وهو مؤسسة بحث أميركية، فيشير إلى أن قلة من الدول قادرة على تصميم برمجية شبيهة بـ«ستاكسنت» وهو فيروس نسب إلى الأميركيين والإسرائيليين أدى في العام 2010 إلى سلسلة من الأعطال في مجمع إيراني لأجهزة الطرد المركزي التي تستخدم في تخصيب اليورانيوم.
ويشير إلى أن السلاح الإلكتروني «ليس من أسلحة الدمار الشامل» إلا أنه يبقى سلاحا ولم يعد أي طرف يستبعد أن يؤدي هجوم تقليدي إلى الرد بهجوم إلكتروني. وسيغال مقتنع بذلك موضحا أن «أحد أسباب عدم تبادل الولايات المتحدة وروسيا والصين قطع الكهرباء في بلدانهم، هو الخوف من ردة الفعل».



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.