المراوغات الحوثية... قصة 16 عاماً من الانقلاب على الاتفاقات

جانب من مراسم توقيع اتفاق استوكهولم اليمني نهاية عام 2018 (غيتي)
جانب من مراسم توقيع اتفاق استوكهولم اليمني نهاية عام 2018 (غيتي)
TT

المراوغات الحوثية... قصة 16 عاماً من الانقلاب على الاتفاقات

جانب من مراسم توقيع اتفاق استوكهولم اليمني نهاية عام 2018 (غيتي)
جانب من مراسم توقيع اتفاق استوكهولم اليمني نهاية عام 2018 (غيتي)

رغم الآمال التي تشكلت حول المبادرة الأممية لوقف الحرب في اليمن والدعم الكبير الذي أظهرته الولايات المتحدة لهذه الخطة، التي عززت بمبادرة سعودية تلتقي معها في كثير من بنودها، فإن تمسك الميليشيات الحوثية باستمرار الحرب وتعظيم المأساة الإنسانية التي يعيشها ملايين اليمنين منذ بدء الانقلاب، يشكل الوجه الآخر للمراوغات وعدم الالتزام بالالتفافات منذ بداية التمرد على السلطة في منتصف العام 2004، وحتى اليوم.
تصم المراوغات تاريخ الحوثيين مع أي محادثات؛ سواء الاتفاقات التي أبرمتها السلطات اليمنية مع الميليشيات منذ بداية التمرد وحتى اتفاق استوكهولم، بشأن الانسحاب من موانئ ومدينة الحديدة مروراً باتفاق السلم والشراكة، فحين أفاق اليمنيون على نبأ تجريد حملة عسكرية للقبض على حسين بدر الدين الحوثي، وحتى مقتله، بعد نحو ثمانين يوماً من المعارك، في مرتفعات منطقة مران غرب محافظة صعدة، حيث اشترطت السلطات حينها انتقال والده بدر الدين الحوثي للعيش في صنعاء، والتوقف عن أي استهداف للقوات. إلا أنه تنصل من الاتفاق وعاد إلى صعدة بعد شهرين معلناً بذلك مرحلة جديدة من التمرد.
ويقول عارف العمري الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الدينية إن عودة بدر الدين الحوثي إلى صعدة كان هدفها قطع الطريق أمام تزعم عبد الله الرزامي للتنظيم السري، ولهذا عمل بهدوء على إيجاد القيادة البديلة في أسرته، واستطاع خلال فترة بسيطة وبعد مشاورات ولقاءات داخل التنظيم السري ولقاءات مع قبائل خولان بن عامر أن ينقل القيادة لابنه، عبد الملك، الذي كان حينها صغيراً في السن، واستمر هو إلى جواره إلى حين وفاته الغامضة.
من جهته، يقول مسؤول رفيع في الحكومة اليمنية حينها إنه ورغم الشكوك بوجود تنظيم سري فلم نتوقع أن عودة الحوثي الأب إلى صعدة كانت بهدف إعادة تنظيم وترتيب صفوف هذا التنظيم تحت قيادة ابنه الآخر، بعد قيادة الرزامي لبقايا الميليشيات، ومع ذلك أصدر الرئيس السابق علي عبد الله صالح، في مايو (أيار) من عام 2005، من جديد عفواً رئاسياً، واشترط أن يسلم المتمردون أنفسهم، ويوقفوا إطلاق النار، لكنهم ردوا بالرفض.
المسؤول الذي يعيش في مناطق سيطرة الحوثيين بعد أن أبعد من عمله ذكر لـ«الشرق الأوسط» (مشترطاً عدم الكشف عن هويته) أنه وبعد هذا الموقف بدأت تتكشف للسلطات العليا ملامح مشروع ميليشيات الحوثي وجاهزيتهم، بعد أن ظل بدر الدين الحوثي يعمل عليه منذ عام 1985، عقب أول زيارة له إلى مدينة قم الإيرانية، ويضيف: «شهدت هذه المرحلة تحولاً في الاستهداف، حيث استهدفت ميليشيات الحوثي زعماء القبائل الذين كانوا يشكلون ركيزة حضور السلطة المركزية في المحافظة، ولكن اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية دفع بالسلطات إلى إعلان وقف جديد لإطلاق النار، وإطلاق سراح مجموعة من المعتقلين الحوثيين».
ومع دخول عام 2007، انتقلت المواجهات إلى الجولة الرابعة، ومعها توسعت مطامع ميليشيات الحوثي، حيث هاجمت نقطة تفتيش قرب الحدود مع السعودية، وقتلت ستة جنود، واستمرت الحرب حتى 16 يونيو (حزيران)، حيث توقفت هذه المرة بوساطة قطرية، أصدر بموجبها يحيى بدر الحوثي بياناً أعلن فيه قبول المتمردين بوقف إطلاق النار، وخروج أخيه عبد الملك الحوثي وآخرين للإقامة في قطر، مقابل الإفراج عن مساجين حوثيين، لكنهم عادوا بعد أيام وتنصلوا من الاتفاق بأكمله.
وفي حين كانت الدوحة تواصل مساعيها لإنجاح اتفاق وقف القتال، بعد استبعاد شرط خروج زعيم الميليشيات من اليمن، جاء الهجوم الإرهابي على مسجد سلمان وسط مدينة صعدة، الذي كان يرتاده كبار ضباط الجيش حينها، حيث انفجرت قنبلة في 2 مايو (أيار) بعد صلاة الجمعة، فقُتل 15 شخصاً، وجُرح 55 آخرون، ليشعل القتال من جديد، لكنه توقف في 17 يوليو (تموز) 2008. واستمرت الوساطة قطرية ومعها لجنة رئاسية يمنية بغرض تطبيع الأوضاع وتنفيذ الاتفاق، واستمرت هناك لعدة أسابيع ولم تحقق شيئاً، حيث كانت الميليشيات تعلن القبول بوقف إطلاق النار وشروط السلطات لكسب المزيد من الوقت وإعادة تنظيم صفوفها والحصول على أسلحة، لتعود المواجهات من جديد، ويتضح هذا بجلاء في 7 من أغسطس (آب) من العام ذاته، حين أعلن عبد الملك الحوثي التزامه الكامل بوقف إطلاق النار وإنهاء المظاهر المسلحة في جميع مديريات صعدة وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة التي بحوزة اتباعه إلى الدولة، والسماح بعودة النازحين إلى قراهم، وعدم التعرض لهم، بالإضافة إلى فتح الطرقات وإزالة الألغام والنزول من الجبال، وبذلك أسدل الستار على الجولة الخامسة من الحرب.
ومن جديد، لم تلتزم الميليشيات بأي اتفاق، حيث بدأت بنصب نقاط تفتيش في مناطق كثيرة من صعدة، بهدف قطع الإمدادات عن القوات هناك، وبلغت الأزمة ذروتها باختطاف ستة أجانب من الجنسية الألمانية كانوا يعملون في إحدى البعثات الطبية.
ومع بداية أغسطس من عام 2009، اندلعت أولى شرارات الحرب في أكثر من منطقة بمحافظات صعدة وعمران والجوف، إذ إن الميليشيات استعلت فترة الهدنة التي قاربت على العام وإعادة ترتيب صفوفها ونشر عناصرها وحشد المنتمين لنفس السلالة في محافظتي عمران والجوف، خلفت المواجهات عشرات القتلى والجرحى، فضلاً عن مئات المشردين.
استمرت المعارك بشكل متقطع إلى أن توقفت في 12 فبراير (شباط) من العام التالي، حيث أعلنت ميليشيات الحوثي مرة أخرى قبولها بالشروط التي وضعتها الحكومة، بعد أن تمركزت في منطقة مطرة الجبلية، واتخذت منها مركزاً للقيادة لما تتمتع به من تضاريس جبلية يصعب استهدافها بالطيران أو اقتحامها دون تضحيات كبيرة، وفي يوليو من العام ذاته، توفي بدر الدين الحوثي. ولم تنفذ الميليشيا أي بند من البنود التي التزمت بها، وأعقب ذلك بداية الأزمة السياسية بين المعارضة ونظام حكم الرئيس السابق حول تعديل الدستور والانتخابات الرئاسية. واستغلّت الميليشيات ذلك، وتوسعت في السيطرة على المواقع والمعسكرات في صعدة، وحتى منطقة حرف سفيان في محافظة عمران.
ويعتقد الباحث العمري ومعه كثيرون أن «الحروب في صعدة تحولت إلى تصفية حسابات داخل السلطة اليمنية»، ويقول إن شروط الحكومة كانت تشكل قارب نجاه للحوثيين، وبالتالي مع أول فرصة يرى الحوثيون أن لديهم من القوة البشرية والمادية ما يكفي يدشنون جولة جديدة من الصراع، وهم مطمئنون أن أي تقدم للجيش سيوقفه إعلان حكومي مشروط لوقف النار.


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.